عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 31-12-2011, 11:04 AM
*سلفيه مندسه* *سلفيه مندسه* غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
مكان الإقامة: ارض الكنانه
الجنس :
المشاركات: 405
افتراضي رد: مدخل إلى السلفية الجهادية ومشروعها الجهادي د/اكرم حجازي

المحور الثالث: المجاميع الجهادية الكبرى في العراق
يمكن لأي كان من المراقبين أو الباحثين أن يجادل في الشأن العراقي إلا في سرعة تفجر المقاومة السنية ضد القوات الأمريكية وحلفائها بعيد أيام قليلة من سقوط بغداد، ومع أن التكوين الديمغرافي في العراق خليط طائفي وإثني مرعب بما يكفي ليجعله مرشحا، بامتياز، في مثل هذه الحالات إلى انقسامات شديدة إلا أن الساحة العراقية شهدت ولادة العديد من الجماعات المسلحة التي اتخذت من الجهاد، وليس المقاومة، طابعا مميزا لها، ومن العقيدة مرجعية لفعالياتها السياسية والإعلامية والعسكرية والأمنية.
وإذا ما تجاوزنا الحركات السياسية وجماعات المقاومة الوطنية كونها ليست من اهتمامات الدراسة، فمن الممكن أيضا لأي كان أن يجادل في الأطر المرجعية للجماعات الجهادية ابتداء من الإخوان المسلمين ومرورا بالسرورية وانتهاء بالسلفية الجهادية[1].
لكن ما لا يمكن الجدال فيه أن أغلب الجماعات الجهادية انتظمت منذ منتصف العام 2007 في أطر جبهوية
تعكس إلى حد ما تقاربا سياسيا أو أيديولوجيا أو عقديا فيما بينها، على أنه من المهم الإشارة إلى أن التحالف الجبهوي بين بعض الجماعات لا يعني اندماجا فيما بينها بحيث تؤول إلى أمير واحد وقيادات عسكرية وأمنية وإعلامية واحدة. ولم يصدر عن أية جماعة بيان يشير إلى اندماجها مع أخرى، وما نلاحظه حتى الآن هو احتفاظ كل جماعة بأميرها وقيادتها ومقاتليها وإمكانياتها مستقلة عن الأخرى، وكل ما هنالك، فقط، تحالف جبهوي يقتصر الإعلان عنه عبر بيان إعلامي وبرنامج سياسي وناطق رسمي باسم الجبهة المشَكَّلة. أما العلميات العسكرية والإصدارات الإعلامية فغالبا ما تعلن عنها الجماعة باسمها وعبر مواقعها إنْ وجدت. فمن هي القوى المعنية؟
أولا: جبهة الجهاد والإصلاح
ضمت الجبهة حين تشكيلها (2/5/2007) كل من الجيش الإسلامي في العراق وجيش المجاهدين وجماعةأنصار السنة (الهيئة الشرعية)[2]. وإثر ذلك بدأت البيانات تتوالى عن انضمامات أخرى وتحالفات جديدة تبعها انسحابات وانشقاقات سواء عن الجبهة أو عن الجيش الإسلامي.
· فقد أعلن جيش الفاتحين في بيان مقتضب (29/5/2007) انضمامه للجبهة ثم ما لبث أن انسحب منها في 1/1/2008 في بيان صدر عن مكتب الإمارة للجيش قال فيه: "... تبين لنا أن هذا المشروع لن يحقق لنا هدفنا المنشود بسببما وجدنا من اختلاف بين الواقع في الساحة الجهادية وبين ما تم الاتفاق عليه من منهج وثوابت في الجبهة... فنحسب أنفسنا اجتهدنا فيدخول هذا المشروع وقد أخطأنا الاجتهاد".
· في 18/7/2007 بثت قناة الجزيرة نبأ انشقاق جماعة من الجيش أسمت نفسها بـ: "جيش الفرقان". وكان من الممكن أن يمر الخبر مرور الكرام لولا أن توقف المراقبون عند أسباب الانشقاق من"فتن صاغها المحتل وأعوانه وأخرى هي من عند أنفسنا" مبينا إياها بـ (1) "استعجال قطف الثمرة ... " و (2) "انحراف البعض عن المنهج النبوي ... "، وعليه "نعلن انفصالنا منالجيش الإسلامي...".
· وفي 28/7/2007 صدر بيان آخر عن جبهة الجهاد والإصلاح رحبت فيه بانضمام الجماعة السلفية للدعوة والقتال إلى الجبهة. والطريف أن البيان لم يصدر عن الجماعة كما هي حال البيانات الأخرى. والأطرف أن اسمها سقط من بيان إعلان تشكيل المجلس السياسي للمقاومة لاحقا.
· في11/10/2007 أٌعلن عن تأسيس المجلس السياسي للمقاومة العراقية الذي يضم جبهة الجهاد والإصلاح بفصائلها الأربعة (الجيش الإسلامي، جيش المجاهدين، جماعة أنصار السنة - الهيئة الشرعية وجيش الفاتحين) مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس – العراق) والجبهة الإسلامية للمقاومة العراقية (جامع).
ثانيا: أجنحة الإخوان المسلمين
هي أكثر جماعة في العراق متشظية من حيث الموقف السياسي من الاحتلال الأمريكي وما تمخض عنه من عملية سياسية مبررة عند هذا ومرفوضة عند ذاك، وبصيغها الكائنة فهي أقرب إلى أن تكون تيارات من كونها جماعة كما هو حالها في بلدان أخرى[3]. ومن الصعب جدا ضبط الموقف السياسي لأجنحة الجماعة أو من يدور في فلكها، فهناك بعض المواقف الصريحة والواضحة مثلما هناك غموض يلف أغلب النشاطات السياسية والأمنية وحتى العسكرية منها. وأشهر أجنحتها:
· الحزب الإسلامي
الراجح أنه الواجهة السياسية للإخوان المسلمين في العراق، ويتزعمه الآن د. طارق الهاشمي الذي يشغل منصب نائب رئيس الجمهورية في حكومة نوري المالكي. وكباقي أحزاب المعارضة العراقية شارك في مؤتمرات لندن وصلاح الدين قبل غزو العراق، وبعد الاحتلال شارك أمينه العام السابق د. محسن عبد الحميد في عضوية مجلس الحكم تحت ولاية بول برايمر الذي نصبته الولايات المتحدة حاكما مدنيا للعراق بعد سقوط بغداد. وفيما بعد خاض الحزب الانتخابات النيابية بالتحالف مع جبهة التوافق السنية. والحقيقة أن تصريحات الهاشمي غنية عن التعريف حتى أنه ما من قوة جهادية إلا وأدانت تحالفاته وسياساته.
فهو من وافق على الدستور وشرّع لحكومة المالكي الموصوفة بالطائفية وطالب بعدم انسحاب القوات الأمريكية وعقد معاهدات طويلة الأمد معها وشارك في اجتماع الخمسة الكبار الذي أدانته الجماعات الجهادية وهيئة علماء المسلمين وأعلن حربا شرسة على القاعدة؛ فساهم في تشكيل الصحوات ودعمها وطالب بتسليحها وأسس كتائب الحمزة التي هاجمت القاعدة في أكثر من موضع خاصة في القائم ومناطق أبو غريب ودعم مجلس إنقاذ الأنبار وغيره واختراقه لكتائب ثورة العشرين والتسبب بانقسامها.
ومن الملفت أن ملف الحزب الإسلامي لدى هيئة علماء المسلمين وحدها أطول منه لدى الجماعات الجهادية ذاتها. وثمة فرضيتين على طرفي نقيض تتوجهان إلى الحزب، الأولى: ترى فيه أداة من أدوات السياسة الأمريكية أشد خطرا على السنة من الاحتلال الأمريكي ذاته وتحشد من الأدلة والوثائق والشهادات والتصريحات ما لا تتسع لذكره هذه الصفحات. والثانية: تسعى إلى تبرئة الحزب عبر تنزيل نشاطاته في باب الاجتهاد، وعليه فقد يصيب وقد يخطئ.
· جماعتي "حماس – العراق" و "جامع"
ظهرت حماس العراقية على أنقاض كتائب ثورة العشرين في بيان رسمي صدر بتاريخ 9آذار2007وأعلن عنه في26من الشهر نفسه. ووفقا للتاريخ الأول فقد ورد فيما أسمي ببيان الانفصال أن: "المعنيون في قيادة كتائب ثورة العشرين المجاهدة (التقوا) للتداول في الظروف التي تمربها الحركة, وبعد نقاش وتشاور مستفيض توصلوا الى القراراتالآتية: 1- الفصل التام بين التشكيلين اللذين تم الاتفاق على إنشائهما تحتاسمي ( فيلق الجهاد الإسلامي) و( فيلق الفتح الإسلامي).2 - اتفق الطرفان على عدماستخدام اسم (كتائب ثورة العشرين) منفصلا عن اسم الفيلق بحيث تكون الصيغة المستخدمةهي (كتائب ثورة العشرين؛ فيلق)". ويتحدث البيان عن أنه: "يحق لكل فيلق التنسيق والتحالف والاندماجوتغيير الاسم مع أي فصيل آخر عامل في الساحة"، وعن"7 - التزام كل طرف بعدم محاولةالتأثير على الطرف الآخر، والسماح بالعمل لكل فيلق بعملية استحداث عمل جديد في أيقاطع من القواطع"، وعن "8 - تشكيل لجنة مشتركة لحل الإشكالات المتوقعة".
لكن في البيان الأول الذي صدر بتاريخ 26/3/2007 أعلن فيلق الفتح الإسلامي عن تغيير اسمه إلى "حركة المقاومة الإسلامية: حماسالعراق" فما كان من فيلق الجهاد إلا العودة إلى الاسم الأصلي وهو "كتائب ثورة
العشرين"[4].
في وقت لاحق أصدرت الجماعتان (حماس وجامع) بيانا بتاريخ 30/4/2007 قالتا فيه: "... اجتمعت قيادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس- العراق) مع قيادةالجبهة الإسلامية للمقاومة العراقية (جامع)، خلال اليوميين الماضيين، وبعد مشاوراتومداولات مطولة توصلت القيادتان - بفضل الله تعالى- إلى النتائج والتوصياتالآتية:
-1 كتابة مشروع يهدف إلى اندماج الحركتين اندماجا كليا على المستوىالعسكري والسياسي.
-2 أن يعرض هذا المشروع على الجهات المختصة في الحركتين لوضعالآليات التفصيلية لتنفيذ هذا الاتفاق".
ورغم وجود تنسيق ميداني وسياسي بين الجماعتين إلا أننا لم نقع على صدور بيان مشروع الاندماج المنتظر. وكل ما حصل هو الإعلان عن تأسيس المجلس السياسي للمقاومة الذي ضم الجماعتين وجبهة الجهاد والإصلاح في إطار سياسي موحد كما بشر به د. أحمد سعيد الحامد عضو المكتب السياسي لحماس العراق في
وقت سابق[5].
أما فيما يتعلق بنسبة الجماعتين للحزب الإسلامي كما تعتقد تيارات السلفية الجهادية فهناك من يعتبر أن أجندتهما مختلفة عنه وإن كانت مرجعيتهما واحدة، ومن جهته يرى "الحامد" في رده على أسئلة الملتقى: "أن ما اختاره الحزب الإسلامي لنفسه كمنهج يخالف الموقف الصحيح الذي كانعليه أن يقفه؛ فالمحتل أينما كان وكيفما كان لابد له من مقاومة تقارعه، لكن معهذا فهم ليس كمن جاء على دبابة المحتل وساهم في الحكومات والعمليات السياسية فنقول:هم اجتهدوا باجتهاد نراه خاطئاً، وبذلك يكون اختلافنا معهم اختلاف تضاد لا تنوع".
والثابت أن شبهات قوية حامت حول دور الجماعتين في معارك ديالى خاصة فيما يتعلق بحماس، وتكررت التصريحات الأمريكية عديد المرات وهي تزعم أن كتائب العشرين تقاتل إلى جانب الأمريكيين لطرد القاعدة من ديالى، ولأن التصريحات مست الكتائب أكثر من مرة فقد اضطرت إلى إصدار أكثر من بيان نفي وتهديد مشيرة إلى أن الكتائب ليس لديها أي وجود عسكري في ديالى بخلاف حماس العراق، وعلى خلفية ضلوع عدي البهرزاوي في علاقات أمنية مع القوات الأمريكية بهدف محاربة القاعدة في بعقوبة، واستعماله اسم الكتائب بدلا من حماس العراق، انفجرت حرب بيانات مضادة بين الجماعتين لعلها لم تتوقف بعد[6].
وإذا كنا لا نجد صعوبة في علاقة الحزب الإسلامي وجبهة التوافق بقوات الاحتلال الأمريكي والمشاركة في الحكومة العراقية، إلا أننا كثيرا ما نقع على اتهامات خاصة فيما يتعلق بضلوع حماس العراق في: (1) محاربة القاعدة رفقة القوات الأمريكية أو (2) المساهمة في تشكيل الصحوات ومجالس الإسناد والمشاركة فيها، وهي المدعومة من قبل الأمريكيين والحكومة العراقية، ومن هذه الاتهامات خاصة تلك التي عبرت عنها تصريحات د. بشار الفيضي، الناطق باسم هيئة علماء المسلمين لقناة الجزيرة[7]، والتي تتهم، بالإشارة، حماس العراق بالتعاون مع الأمريكيين، أما "جامع" فقد صرح الناطق الرسمي بهاالدكتور سيف الدين محمود (وكالة قدس برس – 3/1/2008): "إن مجالس الصحوة نابعة من العشائر العراقية، وهدفها المعلن هو خدمة المناطق التيقامت فيها ومنع أي نشاط فيه ضرر للناس،وعليها أن تبقى ضمن هذا المسار"[8]، وهو تصريح على النقيض مما يصرح به مشايخ هيئة علماء المسلمين وجبهة الجهاد والتغيير وجيش المجاهدين وكافة الجماعات السلفية حول كون الصحوات مشروعا أمريكيا لا هدف لها إلا ضرب المشروع الجهادي، فعن أية خدمات بالضبط تتحدث جامع والقوات الأمريكية هي من يقرر تشكيلها وتعقد معها اتفاقيات رسمية تحدد لها شروط عملها ومناطق تحركها وهي مزينة بالأوشحة الفسفورية لمنع استهدافها من القوات الأمريكية؟
ثالثا: جبهة الجهاد والتغيير
بعد الإعلان عن جبهة الجهاد والإصلاح والبيان المشترك بين جامع وحماس حول مشروع الاندماج المقترح أعلنت ثمانية جماعات جهادية عن تحالف جبهوي جديد (6/9/2007) أسمته "جبهة الجهاد والتغيير" التي ضمت كل من: كتائب ثورة العشرين وجيش الراشدين وجيش المسلمين في العراق والحركة الإسلامية لمجاهدي العراق وسرايا جند الرحمن وسرايا الدعوة والرباط وكتائب التمكين وكتائب محمد الفاتح وأخيرا (20/1/2008) انضمامجيش التابعين.
ولعل الطابع السلفي الجهادي هو الغالب على الجماعات المشاركة في الجبهة إلا أنها ليست ذات صبغة عالمية، إذ أن أكثرها حضورا على الساحة الجهادية (الكتائب) يؤمن بإقامة دولة إسلامية وتحكيم الشرع والذود عن الإسلام لكنها تؤمن أيضا بالمرحلية، وتصر على أنها في وضعية جهاد الدفع وليس جهاد الطلب، وبالتالي فهدفها الأول هو تحرير العراق. وتبعا لذلك فهي أبعد ما تكون عن السلفية الجهادية اجتهادا وطموحا وأقرب ما تكون إليها في المشروع الجهادي، وإذا كانت ترفض رفضا قاطعا الاحتلال أو مهادنته أو التفاهم معه فهي كذلك ترفض إسباغ الشرعية كليا أو جزئيا أو المشاركة بأي من الأطر السياسية والعسكرية والأمنية التي تمخضت عن الاحتلال من حكومة وبرلمان وجيش وشرطة وسياسات ومؤسسات وما إلى ذلك.
وفي وسائل الإعلام والمراقبين غالبا ما يصنفونها، بالنظر إلى مواقفها وسياساتها، قريبا من هيئة علماء المسلمين باعتبار هذه الأخيرة مرجعيتها الشرعية، وهو تصنيف ينبعث من المواءمة بين الأطروحة الوطنية والأطروحة الدينية. وفيما عدا الخلافات التقليدية بين الكتائب ودولة العراق الإسلامية من جهة وبين الاثنتين وحماس العراق تبدو كتائب العشرين خاصة والجبهة عامة قانعة بدورها وسياساتها بعيدا عن أية صراعات سياسية أو مسلحة مع بقية المجاميع الجهادية لكن، كغيرها، متأملة وحدة الجماعات الجهادية.
__________________
 
[حجم الصفحة الأصلي: 36.00 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 35.38 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (1.73%)]