الموضوع: أهمية الإسناد
عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 06-12-2011, 02:56 PM
الصورة الرمزية ام ايمن
ام ايمن ام ايمن غير متصل
مشرفة ملتقى السيرة وعلوم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Apr 2006
مكان الإقامة: العراق / الموصل
الجنس :
المشاركات: 2,056
افتراضي رد: أهمية الإسناد

رواية الحديث
السماع بأن يقرأ الشيخ الحديث من حفظه أو من كتابه والحضور يسمعون لفظه ، أو يقرأ أحدهم على الشيخ وهو يصغي لقراءته والحضور يستمعون له .


أوأن يجيز الشيخ لشخص أوأشخاص معينين ممن وثق بأهليتهم للتحمل أن يرووا عنه ما أجازهم به ، ويسمى ذلك إجازة.


أو أن يعطي التلميذ حديثاً أو أحاديثاً أو كتاباً ويقول له أرو عني هذا ويسمى ذلك مناولة .


أو أن يكتب العالم بخطه أو يكلف من يكتب عنه لمن يثق بأهليته للتحمل ويأذن له بالرواية عنه ويسمى ذلك كتابة .


أو يوصي قبل سفره أو قبل موته بكتاب من مروياته لشخص يرويه عنه ويسمى ذلك الوصية .


أو أن يجد شخص كتاباً بخط من عاصره وعرف خطه ووثق بصحة نسبة الكتاب إليه فرواه عنه ويسمى ذلك وجادة .


فهذه أنواع طرق التحمل .


وقد وضع العلماءوالمحدثون قواعد وضوابط لنقل الأحاديث والأخبار كما وضعوا شروطا يجب أن تتوفر في الراوي كالضبط والعدالة حتى يقبل خبره واشترطوا اتصال السند وسلامة الخبر من الشذوذوالعلة، لما جمع الإمام مسلم في كتابه الصحيح جملة عظيمة من الأحاديث الصحيحة وضع له مقدمةطيبة نافعة وذكر فيها آثارا واقوالاً لبعض أئمة الإسلام والمسلمين الذين بينوا أهمية الأسانيد قال رحمه الله تعالى:باب بيان أن الإسناد من الدين وأن الرواية لا تكون إلا عن الثقات وأن جرح الرواة بما هو فيهم جائز بل واجب وأنه ليس من الغيبة المحرمة بل من الذب عن الشريعة المكرمة.


فالكلام في الشريعة وبيان حكمها واستنباطها وتمييز ضعيفها من صحيحها ليس من قبيل الثقافة العامة التي يتناولها الكتاب والمفكرون والمثقفون والشعراء بالنقد والتعليق كما يتناولون نقد القصيدة والمقالة، هي مسألة علمية تتعلق بدين الله عز وجل، لايجوز أن يتكلم أحد بدين الله عز وجل إلا بعلم، لذلك الله عز وجل لما ذكر المحرمات جعل من أشد المحرمات القول على اللهبغير علم،ولإبن القيم كلام جميل يقول فيه:وقد حرّم الله القول عليه بغير علم في الفتياوالقضاء وجعله من أعظم المحرمات، بل جعله في المرتبة العليا منهاكما قال تعالى: قل إنما حرّم ربي الفواحش ما ظهر منهاوما بطن والإثم والبغي بغير حق وأن تشركوا بالله ما لم ينـزّل به سلطانا وأنتقولوا على الله ما لا تعلمون.


فوائد التخريج ودراسة الأسانيد

وأهم فوائد التخريج هو دراسة الأسانيد، لوسمعنا حديثا يُروى عن النبيصلى الله عليه وسلم:حدثنا يعقوب بن كعب الأنطاكي ومؤمل بن الفضل الحراني قالاحدثنا الوليد عن سعيد بن بشير عن قتادة عن خالد قال يعقوب بن دريك عن عائشة رضي الله عنها أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "يا أسماء إن المرأة إذ بلغت المحيض لم تصلح أن يري منها إلا هذاوهذا" وأشار إلى وجهه وكفيه. ؛أخرجه أبو داود في سننه،كتاب اللباس، باب: فيما تبدي المرأة من زينتها (4/62 رقم 4104) :
نريد أن نعرف هل هذا الحديث صحيح أو غير صحيح، لو بحثنا في الكتب التسعة لوجدنا أن الذي رواه هو أبو داود فقط أخرجه في سننه دون بقية أصحاب الكتب التسعة، ورأينا أن الإمام أبو داود – رحمه الله – لما روى هذاالحديث بيّن علّته، فقال: هذا مُرسلٌ خالد بن دُريْك لم يدرك عائشة رضي الله عنها.فهو منقطع والمنقطع عند أهل العلم لا يحتج به يسمى ضعيفاً، وفي إسناده رجل ضعيف يقال له سعيد بن بشير لا يحتج به أيضاً.


والمرسل الذي ما فيه صحابي ورواة التابعين عن النبي -صلى الله عليه وسلم- يسمى مرسلاً وهو ضعيف لا يحتج به، إلا إذا كان مراسيل إثنين فإكثر تكون من باب الحسن، يعوض بعضها بعضاً، أما مرسل واحد فلا يحتج به ضعيف، كأن يروي الحسن البصري عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو سعيد بن جبير عن النبي -صلى الله عليه وسلم- يعني بعض التابعين عن النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا يسمى مرسل، وقيل أن هناك عللا أخرى منها أن سعيد بن بشيرراوي عن قتادة خالفه هشام الدستوائي وهشام الدستوائي هو من أوثق طلاب قتادة بندعامة السدوسي.


وقال الحافظ ابن حجر عنه : " ضعيف "


وقيل أيضا أن سعيد بن بشيرعنده ضعف ومنكرات نص عليها النقاد كأحمد وغيره، وهناك علة رابعة: قيل أن الذي يروي الحديث عن سعيد بن بشير هو الوليد بن مسلم وهو معروف بالتدليس وهنا لم يصرح بالتحديث، والمدلِّس لا بد أن يصرّح بالتحديث، فهنا عنعنة الوليدبن مسلم هذه علة.


التدليس في اللغة من الدلسة وهي الظلمة ، بمعنى المخادعة بكتمان شيءوإظهار شيء ، والدلس اختلاط الظلام بالنور.


ولكن في مصطلح الحديث أن يحدّث الرجل عن شيخ قد لقيه وأدرك زمانه ، وأخذ عنه ، وسمع منه ، وحدث عنه بما لم يسمع منه ، بلفظ يوهم السماع كـ " عن فلان " أو " قال فلان " ، وسُمي هذا بالتدليس لاشتراكه مع المعنى اللغوي في الخفاء في كل منهما . عندما يوصف المحدث بالتدليس قد لايقصد به بالضرورة تعمد المخادعة وكتمان الصواب ، وإن كان قد يحصل ذلك من بعض الرواه عمدا .


وهناك علة أخرى وهي أن هذا الحديث لو صح لكان محمولاً على ما كان قبل الحجاب؛ لأن المرأة قبل الحجاب كانت تبدي وجهها وكفيها ثم نسخ ذلك بقوله تعالى: وَإِذَاسَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُلِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ..(الأحزاب: من الآية53)، وبقوله سبحانه-: يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلايُؤْذَيْنَ.. (الأحزاب:59)، وبقوله سبحانه- في سورة النور: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ...الآية(النور: من الآية31) فليس لهن إبداء الزينة لغير المحارم، والوجه من أعظم الزينة.


والعلة الأخيرة وهي أن مثل هذا العمل لا يظن بأسماء -رضي الله عنها- فإنها امرأة صالحة فقيهة معروفة وهي أخت عائشة الكبرى، وهي زوجة الزبير بن العوام حواري الرسول -صلى اللهعليه وسلم- وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، فلا يليق منها بعد الحجاب أن تدخل على النبي -صلى الله عليه وسلم- في ثياب رقيقة أو مكشوفة الوجه واليدين، فهذا ممايبين عدم صحة هذا الحديث وأنه ضعيف جداً من وجوه كثيرة ولا أساس له، وأنه معلول بعلل متعددة، وأن الواجب على من يذكره في أي كتاب أن يبين ضعفه، وأنه لا يصلح أن يحتج به لأن في سنده انقطاعاً وضعفاً يوجب عدم الاحتجاج به وعدم الاعتماد عليه.


والله تعلى أعلى وأعلم.


الشاهد هنا، أن هذا المثال أبرز لنا فوائد التخريج،فمن ثمار التخريج ودراسة الأسانيد مايلي:-


تمييز الصحيح في الأحاديث من ضعيفها، وهذا أمر مهم جدا،كيف نبني أحكاما فقهية على حديث ضعيف أو موضوع أومنكر، كيف نفسر آية من كتاب الله عز وجل لحديث ضعيف أو منكر؟ كيف نذكر حكما عقديا لحديث ضعيف أو موضوع؟! فتمييز الحديث صحيحه من ضعيفه هذا من أهم ثمار التخريج.

ودراسة الأسانيد هي روح التخريج،لأن التخريج الآن اصبح الأمر السهل، في هذا الزمان فالبرامج الحاسوبية كفت المؤونة على الناس فاستطاع أي واحد الصغار والكبار والرجال والنساء أن يخرّجوا، ولكن دراسة الأسانيد التي هي روح التخريج هذه التي لا يتقنها إلا طالب العلم المتخصص ، فهي مهمة جدا ، دراسة الأسانيد مع التخريج، لا ينفكان عن بعضهما البتة.


الحث على الرحلة وطلب علو الإسناد


أصبح طلب علو الإسناد سنة عند علماء السلف ولهذا حرصوا على الرحلة إليه واستحبوها، وحثوا طلاب العلم على ذلك:


فعن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سمعت أبي يقول: طلب علو الإسناد من الدين.


وعن أبي العالية قال: كنا نسمع بالرواية عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة بالبصرة، فما نرضى حتى أتيناهم فسمعنا منهم.


وعن عامر الشعبي قال: لو أن رجلاً سافر من أقصى الشام إلى أقصى اليمن فحفظ كلمة تنفعه فيما يستقبله من عمره رأيت أن سفره لا يضيع.


وقيل ليحيى بن معين في مرض موته: ما تشتهي؟ قال: بيت خالي وإسناد عالي.


ولله در القائل: والأسانيد متى خفيت اختلط صادق الأنباء بكذبها،وصحيح الأخباربضعيفها،والتبس الحق بالباطل،فَصُوِّرَ في الأذهان مالم يكن،ومُثل في العقول مالم يقع،وأخطأ اللاحق سنة السابق،وضل الآخر سبيل الأول،وتشعب الرأي،وافترق النظر،وكثرتالمذاهب،فشاع الخلاف،وعمَّت الفرقة،لايذهل عن ذلك عاقل،ولا يرتاب فيه عالم.

والإسناد في هذه الأمة لا يتعلق بالقرآن الكريم والحديث الشريف بل تعداه إلى أسانيد الكتب فهناك الأسانيد لكتب العلم مثل كتب التفاسير وكتب الفقه وكتب العقيدة والتوحيد وكتب اللغة وما إلى ذلك في سائر العلوم والفنون وهذه الأسانيد كانت أنساب الكتب كما قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في شرح صحيح البخاري وبقاء هذه السلسلة باق ما بقيت هذه الأمة ولله الحمد والمنة .

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين


سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إاله إلا أنت نستغفرك ونتوب اليك



إن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان وإن أصبت فمن فضل الله وحده


والحمد لله الذي هدانا لهذا وماكنا لنهتدي لولا أن هدانا الله


والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات


اللهم اجعل عملي خالصا لوجهك الكريم


ولاتجعل لأحد شيئا منه سواك


اللهم إني أعوذ بك من عمل فيه رضاك والتمس فيه أحد سواك



إعداد وتقديم


الفقيرة الى رحمة ربها


مفيدة محمد زكي البكر


أم أيمن


2/12/ 2011 الموافق 7/1/1433


ألقيت في صالة ليالي الشرق بمناسبة حفل تخريج طالبات إجازة صحيح مسلم والأربعين النووية وثلاثيات البخاري والشمائل المحمدية


عمان / الأردن
__________________
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 35.71 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 35.08 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.77%)]