رد: المصير المخيف: المجاهدون الليبيون قرابين على عتبات الناتو بقلم د. هاني السباعي
التوقع الأول: تكرار سيناريو مأساة المجاهدين في البوسنة:
من منا لا يتذكر اتفاقية دايتون عام 1995م وتعرف باسم اتفاقية دايتون للسلام، التي انتهى بموجبها الصراع المسلح في البوسنة والهرسك من 1992م حتى عام 1995م. وكان قد وقع فيها الأطراف المشاركة في الاتفاقية بالأحرف الأولى في 21 نوفمبر 1995م في قاعدة رايت بيترسن الجوية قرب مدينة دايتون الأمريكية. وقد ترأس الوفود المشاركة كل من سلوبودان ميلوسيفيتش رئيس صربيا، وقد اعتقل فيما بعد ومات في سجنه التابع لمحكمة لاهاي عام 2006م ، وفرانيو توجمان رئيس كرواتيا (مات عام 1999م)، وعلي عزت بيجوفيتش رئيس البوسنة والهرسك (توفي عام 2003م). أدت هذه الاتفاقية إلى تقسيم البوسنة والهرسك إلى جزأين متساويين نسبيا هما: فدرالية البوسنة والهرسك وجمهورية صرب البوسنة كما أدت إلى انتشار قوات حفظ السلام الدولية الإيفور. وشارك في هذه الاتفاقية المجحفة الظالمة بحق مسلمي البوسنة: الولايات المتحدة الأميركية، وروسيا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا.
وكان من أهم بنودها تفكيك كتيبة المجاهدين في البوسنة وتسريحهم!
ونظراً لتعاطف رئيس البوسنة الأسبق عل عزت بيجوفيتش مع المجاهدين وتضحياتهم في الدفاع عن مسلمي البوسنة فإنه طلب من الدول الغربية السماح لهم بمنح المتزوجين منهم بالحصول على الجنسية البوسنية!
لكن ماذا حدث هل أوفوا؟
لقد تم سحب الجنسية لمن أعطيت له! وتم سن قوانين تحرمهم من هذه الجنسية وشنوا حملة ترويع لهؤلاء المجاهدين بعد أن سلموا أسلحتهم!
فلم يرض الغرب أن يعيشوا بين إخوانهم المسلمين مسالمين منزوعي السلاح! حيث أصروا على طردهم نهائياً من البوسنة، ومن بقي منهم كان رهن الاعتقال وترحيل بعضهم إلى جوانتنامو! وكان قادة الغرب يرددون (أوروبا نادي نصراني) فلن يسمحوا بأية كيانات إسلامية ولو كانت على سبيل الهوية القومية!
فلم يرقبوا في هؤلاء المجاهدين وعوائلهم وأطفالهم إلاً ولاذمة! ولم تأخذهم فيهم شفقة ولا رحمة! فكانت مأساة كتيبة المجاهدين في البوسنة مرثية حزينة! وكان قد سبق هذه المأساة أيضاً مأساة المجاهدين غير الأفغان في أفغاستان، وتكالب الأمم على مطارداتهم واعتقالهم وقتلهم ولا يزالون يفعلون!!
أما الوضع في ليبيا فالمجاهدون فيها ليبيون وليسوا من دول إسلامية وعربية أخرى! ولكن نظراً لحملات التغييب المتعمد لهوية الأمة واستئصال شأفة العقيدة الإسلامية من سدة الحكم! فإن المسلم؛ مجرد المسلم الملتزم! بالهدي الظاهر حتى وإن كانت له أفكار يداهن بها الأنظمة! فهو شخص غير مرغوب فيه! في مجتمعه وبين بني جلدته وفي موطن رأسه!
فكيف بالمسلم المجاهد الآمر بالمعروف، الناهي عن المنكر الذي يعتقد أن الهلاك في نصرة الدين والاستمساك بالقرآن الكريم وصحيح السنة والنبوية هو النجاة! فسيكون مثل هذا المسلم المتسم بهذه الأوصاف أشد غربة من غيره! فطالما أعداء الشريعة الإسلامية يحكمون ويتسلطون وإن كانوا يسمون بأسماء إسلامية فهم أعداء هذا المسلم المجاهد وسيظل غريباً وإن كان يعيش في وطنه الذي ولد وترعرع فيه وصدق القائل:
أي اغتراب فوق غربتنا التي ** لها أضحت الأعداء فينا تحكم التوقع الثاني: حرب إعلانية ضروس:
شن حملة إعلامية على بعض قيادات المجاهدين والمطالبة بمحاكمتهم بقتل اللواء عبد الفتاح يونس مع إضافة تهم أخرى خلال فترة الحرب بغية تصفية هذه القيادات وإشغالها بهذه المحاكمات أو تغييبها وراء السجون والارتياح من تواجدها على الساحة وكأن الأصل في المسلم المجاهد السجن أو القبر!!.
التوقع الثالث: سياسة الاحتواء والاختراق:
محاولة احتواء واختراق قيادات المجاهدين بسياسة العصا والجزرة! وإعادة الاسطوانة الإعلامية التي يتقنها الإعلام المعادي للإسلام من تصنيف الإسلاميين إلى معتدل ومتطرف وإرهابي وإلخ!!
فمن يقبل من قيادات هؤلاء المجاهدين الاندماج في الحياة السياسية الجديدة، ونبذ العمل المسلح، والرضا بالعمل مع المنظومة الديمقراطية التي يتزعمها العلمانيون من قيادات المجلس الوطني الانتقالي المعترف به دوليا! فستفتح له أبواب الوظائف العامة ويشار إليه بالوطني المحرر!
كما حدث بعد انقلاب ضباط يوليو سنة 1952م واستقرار جمال عبد الناصر في الحكم وعرضه لجماعة الاخوان بعض الحقائب الوزارية وتمكينهم من الدعوة وكان قد حل كل الأحزاب إبان الملك فاروق بموافقة الاخوان! فرفضوا وأصروا على الحصول على بعض ما يسمى بالوزارات السيادية فنكل بهم عبد الناصرولم يحصلوا إلا على التعذيب في السجن والمعتقلات ومحاكم الثورة!!
وهكذا فإن سياسة ترويض الحركات الإسلامية واستئناسها مجرب في العلم الإسلامي!! كما في الجماعة الإسلامية الباكستانية بقيادة الشيخ أبي الأعلى المودودي الذي شاركت جماعته في تحرير باكستان واستقلالها ثم كافأها العلمانيون الجدد بالحكم على المودودي بالاعدام ثم خفف إلى 17 سنة!! حتى صارت الجماعة الإسلامية الباكستانية تتآكل مع مرور الزمن ومن ثم تحتاج إلى التحالف مع بعض الفصائل العلمانية بغية الحصول على بعض الفتات في حكومات الأقاليم!! وإخوان الأردن الذين يقدسون الملك وينزهونه!! فقد سبر الهالك الملك حسين أغوارهم ومن ثم أسند لهم بعض الوزارات فلم يفعلوا شيئاً مهماً لأن الأمر كله له! لذلك كان يتلاعب بهم حيث كان يسقطهم ويستبدلهم كما يستبدل أحدنا ملابسه! وترك لهم فرصة خوض انتخابات المجالس التشريعة ونجحوا بالفعل، كما فعل معهم المخلوع مبارك ثم يحل هذا المجلس حيث شاء!! فكانوا أقرب لشهود الزور منهم إلى شهود حق وتغيير!.. فكانوا أشبه بحلبة المصارعين في روما القديمة عندما كان يتسلى الامبراطور بصراع هؤلاء السجناء!! لكن الفارق أن السجناء كانوا يتصارعون جبراً .. أما الإسلاميون أنصار المجالس التشريعية فقد دخلوه اختياراً وطواعية!
التوقع الرابع: التلويح باتهامات مستر أوكامبو!
في حالة رفض بعض هذه القيادات الاندماج في الحياة السياسية الجديدة بشروط المجلس الوطني الانتقالي الذي سيوصف قيادته في المستقبل بأبطال التحرير وأوصياء الثورة! فسيتم متابعة هذه القيادات الجهادية وتشويه سمعتها شعبيا وإعلامياً والايعاز للمحكمة الجنائية الدولية بتوجيه الاتهام لبعض هذه القيادات الإسلامية التي شاركت في تحرير ليبيا بزعم ارتكابها جرائم حرب! والادعاء بمخالفتها لاتفاقية جنيف بشأن معاملة الأسرى! فتضاف هذه الأسماء مع قائمة المطلوبين من نظام القذافي البائد!! كما حدث في إضافة بعض الأسماء الإسلامية من قيادات البوسنة واعتقالهم وتقديمهم إلى محكمة لاهاي مع مجرمي الصرب وصرب البوسنة! وهو نفس ما حدث في كردفان بالمطالبة باعتقال أسماء من الحكومة السودانية على رأسهم عمر البشير وأيضاً بعض القيادات المعارضة!! فالذي يرفض الاندماج ووضع السلاح فالمحكمة الجنائية الدولية جاهزة!!
__________________
أنا ضد أمريكا و لو جعلت لنا *** هذي الحياة كجنة فيحاء
أنا ضد أمريكا و لو أفتى لها *** مفت بجوف الكعبة الغراء
أنا معْ أسامة حيث آل مآله *** ما دام يحمل في الثغور لوائي
أنا معْ أسامة إن أصاب برأيه *** أو شابه خطأ من الأخطاء
أنا معْ أسامة نال نصرا عاجلا *** أو حاز منزلة مع الشهداء
|