عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 06-04-2011, 09:42 PM
الصورة الرمزية ام ايمن
ام ايمن ام ايمن غير متصل
مشرفة ملتقى السيرة وعلوم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Apr 2006
مكان الإقامة: العراق / الموصل
الجنس :
المشاركات: 2,056
افتراضي رد: الحديث الرابع عشر/ شرح الأربعين النووية

وأجمع المسلمون على هذا الحكم ، وكان فيما نزل من القرآن ، ثم نسخ لفظه وبقي حكمه : " الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتّة نكالا من الله ، والله عزيز حكيم " فنسخت لفظا ولكن بقى الحكم وهو الرجم. وفيما بقي لفظا وحكما قول الله -جل وعلا-: ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّوَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ)فدلت الآية على عموم أن الزاني يجلد مائة، ودلت الآية التي نسخ لفظها وبقي حكمها أنه يرجم.


ولهذا اختلف العلماء في الزاني الثيب هل يجمع له بين الجلد والرجم؟ يعني: هل يجلد أولا ثم يرجم ؟ أم يكتفى فيه بالرجم ؟ والنبي -عليه الصلاة والسلام- رجم أو أمر برجم ماعز والغامدية، وأمر برجم اليهودي واليهودية، وأشباه ذلك في حوادث تدل على أن الرجم فعل من غير جلد.


وقد قال بعض أهل العلم من الصحابة فمن بعدهم كعلي -رضي الله عنه-: إنه يجلد ثم يرجم، كما ثبت فيصحيح البخاري -رحمه الله- ( أن عليا جلد زانيا ثيبا ثم رجمه فقال: جلدته بكتاب الله ورجمته بسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) يريد -رضي الله عنه- أنه جلده بعموم قوله -جل وعلا-: ( فَاجْلِدُواكُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ) لأن الآية ليس فيها تفصيل هل هو محصن أم غير محصن؟ هل هو ثيب أم بكر ؟


وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه ، ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ..والثيب بالثيب جلد مائة ، والرجم )رواه مسلم


وصفة الرجم هي أن يوقف ويرميه الناس بحجارة لاكبيرة ولا صغيرة، لأن الكبيرة تقتله فوراً فيفوت المقصود من الرّجم ، والصغيرة يتعذّب بها قبل أن يموت ، وسط , فالثيب الزاني يرجم بالحجارة حتى يموت،سواء كان رجلاً أم امرأة.


هذا الحكم الذي شرعه الله تعالى في حق الزاني المحصن ، هو غاية العدل لأن الزنا جريمة في حق الإنسانية ، وإفساد للنسل والذرية ، وسبب في اختلاط الأنساب . ،وتنكَّر لنهي الله عز وجل{ وَلاتَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا} [الإسراء: 32].


و الشريعة وضعت هذا الحد ضمن قيود واضحة, فهذه العقوبة لا تتم إلا عندما يقرّ الزاني بما فعله من تلقاء نفسه ، أو بشهادة أربعة شهود على حصول ذلك منه ، وهذا في الحقيقة قد يكون متعذراً ، كما أن الشريعة دعت من زلت قدمه بهذه الخطيئة أن يستر على نفسه ولايفضحها ، ويتوب إلى الله عزوجل ، ولا داعي لفضح نفسه ، ولهذا كان النبي صلى اللهعليه وسلم يراجع من يعترف بفعله مرات ومرات ، لعله يتراجع عن اعترافه هذا ، ونلمس ذلك جليا في قوله صلى الله عليه وسلم : ( لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت ) البخاري


و هذه العقوبة ليست غاية أو هدفا في حد ذاتها ، ولكنها وسيلة لاستئصال هذه الظاهرة والقضاء عليها.


وقد يسأل البعض كيف تقتلون بهذه الطريقة ، لماذا لا يقتل بالسيف وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : "إذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا القِتْلَةَ"[


نقول أنه ليس المراد بإحسان القتلة سلوك الأسهل في القتل ، بل المراد بإحسان القتلة موافقة الشريعة، كما قال الله عزّ وجل: (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً )(المائدة: الآية50) فرجم الزاني من القتلة الحسنة،لموافقة الشريعة.


ثم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أمرا آخر يحل به دم المسلم وهو :


( النفس بالنفس ) : مامعنى النفس بالنفس؟


أى بقتلها ظلما وعدوانا أى أن القاتل الذى قتل نفسا متعمدا ظلما وعدوانا قد هتك عصمة النفس وهى عظيمة , لأن الله جل وعلا قد عصم هذه النفس , فعندما هتكت العصمه هذه اخذت فى مقابلها نفسه المعصومه - اى نفس القاتل المعصومه - واخذ هذه النفس مصلحه عظيمه ،لمـــاذا ؟


لان الله عز وجل قال(ولكم فى القصاص حياة ياأولى الالباب لعلكم تتقون )توضح لنا هذه الآية الحكمة من القصاص .


لماذا قال ( ولكم فى القصاص حيوة ) ؟لأن في القصاص حياة للأمم والشعوب ، فالقاتل إذا علم أن حياته ستكون ثمنا لحياة الآخرين،أي أنه أذا قتل سيقتل فسوف يشكّل ذلك أكبر رادع له عن فكرة القتل ، وبهذا تستقيم الحياة ، وتعيش المجتمعات في أمن وطمأنينة . فاصبح في هذا حياة للمجتمع.


فالنفس بالنفس المقصود به القصاص أي : قتل العمد ، إذا قتل إنسانٌ إنساناً عمداً. وقدأجمع العلماء أن قاتل النفس المعصومة عمدا مستحق للقتل إذا انطبقت عليه الشروط ، انطلاق امن قوله تعالى : { وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس } ( المائدة، وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواكُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى)البقرة:178. وهذا يشمل أن يكون المقتول أوالقاتل ذكرا أم أنثى ، وهذا العموم مفهوم من الآية السابقة ، يؤيد ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم صح عنه أمر بقتل يهودي قصاصا من امرأة .


وممن يباح دمه: "النَّفْسُبالنَّفسِ"أي إذا قتل الإنسان شخصاً مكافئاً له في الدين والحرية والرّق قتل به.


وعلى قولنا: في الدين وهو أهم شيء لايقتل المسلم بالكافر، لأن المسلم أعلى من الكافر، ويقتل الكافر بالمسلم لأنه دونه.


والذي عليه جهور أهل العلم أن قوله: (النفس بالنفس) هذا يقيد بأن النفس تكون مكافئة للنفس بدلالة السنة على ذلك، كما قال -جل وعلا-: (الْحُرُّ بِالْحُرِّوَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى).


والسنة دلت على أن المسلم لا يقتل بكافر، وعلى أن الحر لا يقتل بعبد،فإذن لا بد من وجود المكافأة من جهة الدين، ومن جهة الحرية .


متى يسقط القصاص؟ إذا عفى أولياء المقتول اى اذاسامحوا الرجل الذى قتل وعفوا عنه .


ويؤكد نبينا صلى الله عليه وسلم عصمة دم المسلم بقوله (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام ,كحرمة يومكم هذا ( يقصد يوم عرفة) في شهركم هذا في بلدكم هذا ) كل هذه مؤكدات لحرمة دم المسلم , ثم يشهدهم على البلاغ بقوله ( اللهم إني قد بلغت , اللهم فاشهد ) .


والله عز وجل لم يذكر فى القرآن الكريم توعد بالخلود فى النار لمعصيه من المعاصى سوى القتل عمدا بعدالشرك , بقوله تعالى ( ومن قتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها ) النساء


وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ"يعني بذلك المرتدّ بأي نوع من أنواع الرّدة.أي الخارج من الدين بالارتداد، والمراد بالدين: الإسلام


أجمع المسلمون على أن الرجل إذا ارتد، وأصر على الكفر، ولم يرجع إلى الإسلام بعد الاستتابة، أنه يُقتل، فالذى يرتد عن دينه يستحق القتل ولكن متى يقتل ؟ يستتاب ثلاثا فإن تاب وإلاقتل عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من بدل دينه فاقتلوه ) . والرده افحش انواع الكفر.


والردة قد تكون بالقول الصريح : كأن يكفر بالله صراحة .


أو بالاعتقاد : كأن يجحد شيئا معلوما من الدين بالضرورة .


أوإنكار النبوة أو البعث ، أو تكون باستحلال ما حرم الله ، أو تحريم ما أحل الله .


"المفارق للجماعة":التارك لجماعة المسلمين بالرِّدَّة .و المفارق للجماعة هو وصف عام للتارك لدينه لمــاذا ؟ لانه إذا ارتد عن دين الاسلام فقد يخرج عن دين جماعتهم أى فارق الجماعة وهنا يدخل فى هذا الوصف ( المفارق للجماعة ) كل من خرج عن الجماعه مثل بعض الفئات التى ظلت فى الاسلام ولم يخرجوا عن الاسلام كالخوارج واهل البدع فقد خرجوا عن جماعه المسلمين ولكنهم بقواعلى دين الإسلام.


اذن المرتد يقاتل حتى يرجع الى دينه والخارج عن الجماعة يقاتل حتى يرجع إليها.


وقلنا الذى يزنى يرجم والقاتل يقتل وقلنا النفس بالنفس , إذن هذه احكام فمن الذى ينفذ هذه الاحكام ( احكام الحد والقصاص ) ؟


الذى ينفذ هذه الاحكام القاضى الشرعى أو الوالى ولا يجوز لأحد من الرعيه أو من الناس ان يقوم بهذا الحكم فلو كان لكل إنسان أن يقتل هذا الزاني لأن دمه هدر لحصل من الفوضى والشر مالا يعلمه إلا الله عزّ وجل، ولهذا قال العلماء: لاتجوز إقامة الحدود ولا التعزيرات إلا للإمام أو نائبه. , فالله جل وعلا جعل هذه الاحكام فيها حدود قاطعه وحدود كبيرة ,لذا نجد ان من قتل نفسا بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعا . هذا يدل على أنه من تعامل بهذه المعاملات من اعتداء على النفس او العرض او المال , استحق العقوبة الشديدة , وكلما زادت هذه الاعتداءات زادت العقوبة مثلا نرى المفسدون فى الأرض ينهبون ويغتصبون ويقتلون ويسرفون فالله - جل وعلا - هنا اعطى الحكم مطلق للإمام فقال تعالى فى كتابه العزيز( إنما جزاّء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فسادا ان يقتلوا او يصلبوااو تقطع ايديهم وارجلهم من خلاف او ينفوا من الأرض ذلك لهم خزى فى الدنيا ولهم فى الآخرة عذاب عظيم )


فهنا الحكم يكون على القاضى الشرعى هو الذى يختار الحكم المناسب لهذه الجريمة لان الذى يعتدى قد جرمن اعتدائه اضرار وخيمة فمنها مثلا :


نشر الخوف بين الناس ونشر الرعب , والخوف والرعب فى حد ذاته يعتبر جريمة , ايضا كم يتم من طفل , ،وكم اعتدى على المال.


اذا يجب على المسلم ان يأخذ بالأسباب التى تحجزه عن كل هذه الجرائم ومن هذه الاسباب : عدم التهاون بالمعاصى الصغيرة , فالتهوان بالمعاصى الصغيره تجر للمعاصى الكبيرة وعليه الا يغتر بنفسه ولا برأيه وعليه ان يرجع الى من هو افضل منه واعقل .


وقد ورد في أحاديث أخرى القتل بغير هذه الثلاث ، فقد ورد قتل اللوطي ، في حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط ، فاقتلوا الفاعل والمفعول به ) رواه الإمام أحمد في مسنده ، وأبوداود و الترمذي ، كما ورد الأمر بقتل الساحر


ملا حظة :-


القاتل الذى يقتل عمدا ان تاب تصح توبته لان الكافر إذا تاب تصح توبته فمن باب اولى القاتل .


ماذا نستفاد من الحديث ؟


1- التحذير من الوقوع فى جرائم ثلاث وهى القتل والزنى والرده .


.2- احترام دماء المسلمين، لقوله: "لايَحِلُّ دَمُ امرِئٍ مُسلمٍ" وهذا أمر مجمع عليه دلَّ عليه الكتاب والسنة والإجماع،قال الله تعالى في القرآن الكريم: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) (النساء: 93)


فقتل المسلم المعصوم الدم من أعظم الذنوب، ولهذا أول ما يقضى بين الناس في الدماء.


3- تربية المجتمع وتربية الفرد المسلم على الخوف من الله تعالى والاستشعار بعظمة الله والاستشعار برقابته فى السر والعلن .


4- الالتزام بجماعة المسلمين وعدم ترك الجماعة والشذوذ عنهم .


5- ان الحدود فى الاسلام او القصاص رادعة تردع الناس عن الجرائم ويقصد من القصاص او الحدود حماية وحياة الناس والمجتمع .


والقصاص عند المذهب الحنفى لا يكون إلا بالسيف


اما الشافعية : يقولون يقتل القاتل بما قتل به وللولى ان يعدل عن ذلك للسيف .


6- جواز القصاص لكن الإنسان مخيّر - أعني من له القصاص - بين أن يقتص أو يعفو إلى الدية أو يعفو من غيردية.


7- وجوب قتل المرتد إذا لم يتب.


__________________
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 46.43 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 45.80 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.36%)]