6- لكلانسان مستويان من الاتصال الواعي و اللاواعي
اللاواعي
ملياران من المعلومات في الثانية
الواعي
7+أو-2
لكل إنسان على وجه الارض مستويان من الإتصالات العقلية التي تحدد مصيره وتجعله يتصرف بطريقة أو بأخرى .... هذان المستويان هما العقل الواعي والعقل اللاواعي ولكل منهما وظائف محددة يقوم بها بصفه مستمرة وكل منهما يؤثر في الأخر ويتصل به أيضا بصفة مستمرة.
وصرح العالم الفرنسي "جورج. أ. ملر" من جامعة هارفارد في الدراسه التي أجراها عام 1956 ان العقل الواعي قادر على إستيعاب 7+أو -ـ 2 معلومه في وقت بعينه أي أن سعة العقل الواعي محدودة
أما العقل اللاواعي ففي امكانه استيعاب ما يزيد عن ملياران من المعلومات في الثانية
العقل اللاواعي يحتوي على جميع ذكرياتك وبرامجك منذ كنت جنينا في الرحم
أي أن له قدرة على الاستيعاب لامحدودة
فكيفية برمجتك للاتصال خلال فترة الصبا والشباب لازال موجود في عقلك اللاواعي خلال المراحل المتقدمة من العمر وايضا ردود فعلك الاعتيادية تجاه اشياء معينه وتصرفات معينه
ومن هنا نستطيع ترقية الاتصال بأنفسنا وبالآخرين . ويمكن التحدي في تحديات عقلك الواعي ، حيث أنه هو الذي يتولى برمجة عقلك اللاواعي . فالبدء يكون بالتأثير على العقل الواعي و كذلك على تقديرنا و تقيمنا للأشياء التي نقولها لأنفسنا و لغيرنا ، وهو شيء لا مفر منه ، ولذا قم بإلغاء ومحو الأحاديث و الأفكار السلبية واستبدلها بأخرى إيجابية جديدة . مثلاً ، إذا اعتقدت أن فلان شرس و قاسي ، قم بالغاء هذه الفكرة فوراً لأنه في صميم القلب لا وجود لأي شخص شرير . أن ما يقلقك هو السلوك وفيه تجد نية إيجابية . ركز على النوايا الإيجابية و أجد تفسيراً مختلفاً للموقف . حينما تتصرف بهذا الأسلوب ، تقوم بتزويد عقلك الواعي بمعلومات طيبة ونتيجة لذلك يغذى عقلك الواعي عقلك اللاواعي ببرامج طيبة ، والنهاية سوف تجد نفسك تمارس اتصال أفضل من أي وقت مضى .
تأمل معي قصة توبة الفضيل بن عياض رحمه الله لتلحظ كيف غيرت آية من مجرى حياته بعدما أختار التغيير فقد أمضى الشطر الأول من شبابه فاتكاً بطاشاً ، يقطع الطريق ، ويسلب أموال الناس . وكان يتربص بالسابلة و المسافرين ، في مفازة مابين ( أبيورد ) و ( مرو ) ، حتى عرفت تلك المفازة باسمه ، وغدت منطقة رعب في نفوس المجتازين ورجال القوافل ، فكانوا يتواصون بالابتعاد عن ذلك الطريق ، كي لا يقعوا في كمائنه . وكان الفضيل يعمد إلى الأموال التي ينهبها من عمله هذا ، فينفقها على متعه و أهوائه ، ويبددها في سبيل ملاذه . وفي غمرة حياته التائهة هذه ، لقي جارية فأحبها و تعلق بها ، فكان يختلف إليها كلما أمكنته الفرصة ، وقلما كانت تسعفه الفرص السانحة ، فشغله التعلق بها عن جزء كبير من اهتمامه بقطع الطريق ، و متابعة المسافرين و التربص بهم .. و مضى ليله يفكر في الخطة التي ينبغي أن يهتدي إليها للقاء محبوبته و إطفاء غلة اشتياقه الشديد إليها . و اهتدى أخيراً إلى أن عليه أن ينتظر إلى الهزيع الأخير من الليل ، حيث يكون النوم قد حجب عنه أعين الأهل و الرقباء ، ثم يمضى إلى دار حبيبته فيتسور إليها الجدار ، دون ضجيج سؤال أو قرع للأبواب .. و نفذ مخططه .. و قبل أن يهوي ساقطاً داخل الدار ، وقف يلقي السمع إلى أي صوت يمكن أن يبلغ أذنه ، بحثاً عن مزيد من الطمأنينة إلى أنه قد جاء في الوقت المناسب .. وبينما هو كذلك ، إذ سمع قارئاً يرتل في جوف الليل قوله عز وجل : "ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله و ما نزل من الحق و لا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم ... ) الحديد57.
وما أن طرقت سمعه هذه الكلمات الربانية الفياضة بالحب و العتب الرقيق ، حتى سرت منها شعلة إلى قلبه ، فصاح بصوت مجلجل
اخترق سكون الليل من حوله : بلى يارب .. لقد آن . وكانت توبة الفضيل .