التنبيهات على ما في نوادر أبي عمرو الشيباني
التنبيهات على ما في نوادر أبي عمرو الشيباني - رحمه الله - واسمه: إسحق بن مرار بن زرارة قال أبو عمرو: ويقال للبُسر أيضاً الجدال، وأنشد:
يَخِرُّ على أيدي السُّقاة جَدالها
وإنما الجدال: البَلَحُ بإجماع، وقد أتى أبو عمرو بأسماء البلح في نوادره على الاستقصاء؛ ولم يأت بالجدال فيها.
2- وقال: المُصاداة المنع بين الشدة والإرخاء، وهو من المُداراة، قال: وهي المُفاناة والمُساناة والمُدالاة والمُداجاة، قال رجل من غَطَفان:
كلٌّ يُداجي على البَغْضاء صاحبَهُ ... ولن أُعالنهم إلاّ كما عَلَنوا
هذا الرجل الغطفاني - هو قَعْنَب بن أمِّ صاحب، والمداجاة: التغطية والمساترة وليست من المداراة، والأصل فيها: التستر بالدُّجْية - وهي قترة الصائد - وجمعها الدجى، وهي مأخوذة من دُجى الليل، ودجى الليل: ما ستر الأشياء بظلمته فغطى عليها. وفي دجية الصائد يقول الطِّرماح:
مُنطوٍ في مُستوى دُجْية ... كانطواء الحُرِّ بين السِّلامْ
والحر: الأبيض من الحَيّات، والسِّلام: الحِجارة، وفي جمع دُجية دُجىً، يقول أميه بن أبي عائذ الهذلي:
فأسلكها مَرْصداً حافظاً ... به ابنُ الدُّجى لاطئاً كالطِّحال
جعله لكمونه في دُجيته واستتاره ابناً للدُّجى أي القُتر، وقد قال هو في كتاب الجيم: الدُّجية قُترة الرامي، قال كعب:
وهم بوِرْدٍ بالرُّسَيس فصدَّ ... رجال قُعودٌ في الدُّجى بالمعاول
وقول أبي عمرو: هي المُفاناة والمُساناة: يعني المداراة.
وإنما المساناة: المُساهلة، ومنه قول الشاعر:
إذا الله سَنَّى عَقْد شيءٍ تيسّرا
وجمعه بين المساناة والمداراة أقرب من جمعه بينها وبين المُداجاة.