السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في البداية أودُّ أن أقول أن القارئ لهذه الرسالة الجميلة ، والتي لا تخلو من الأسى ، يشعرُ بأن كاتبها يقول ذلك بديهةً وارتجالاً وكأنه الإلهام ، وليس هناك معاناة ولا مُكابدة ، ولا إجالة فكرٍ ولا استعانة ، وغنما صرف همه غلى جملة المذهب ، وإلى العمود الذي يقصد ، فتأتيه المعاني إرسالاً ، وتنثالُ الألفاظُ انثيالاً . هذا من النظرة العامة .
أما القراءة التفكيكية تقول : ثمة تغيير حاصل في حياة المُرسل والمرسل إليه ، فالتغيير كان بالصدمة ، وهذا النوع يولد مردوداُ إيجابياً مع تخوفٍ من المجهول . ومما جاء فيه ملحوظة مهمة وهي أن الطبيب المداوي الذي يعطي جُرعةً عالية التركيز قد يضر بالمُعالَج ، وذلك كمن يضرب بعوضة بقنبلة . والجروح لا تُداوء بالعطور والعود وإنما بغرز الإبر وتحمل مشاق التنظيف ، لأن الذي يغرز افبرة وينظف الجرح يريدُ له البُرء ، أما الذي يضع عليه الإسفنج لمتص الدم ويبقى الجرح وتزدادُ الآلام في المستقبل .
ولربما قال المريض للطبيب ماقاله ذاكَ :
جَسَّ الطبيبُ مفاصلي ليداوني ....... فــرثـى لحـالـي حـيـن جَــــس
فـطلبتُ منه رحمـةً لمُتيمٍ قـال ........هل ترضى الوصال قلتُ : بس
وقد رأيت الأمل مصحوباً بالخوف والألم .
وأما الألم واليأس فقد قيل في اليأس : سُبحان الذي شَجَّ وفَجَّ رأس الياس بفأس قوله تعالى : ( وما يقنط من روح الله إلا القوم الكافرون ) أعاذنا الله وإياكم من اليأس .
أما الأمل فإنه الحياة . وقد قيل : لو الأمل لما غرسَ غارسٌ شجراً ولما أرضعتْ أمٌّ طفلها ، فهذه البذرة الصغيرة يأمل صاحبها أن تكون شجرة ويأكل من ثمارها . ....