عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 07-12-2010, 04:55 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,882
الدولة : Egypt
افتراضي رد: يا أبتي رسائل من بعض الأبناء إلى بعض الآباء

القسوة والغلظة
يا أبتي: يا من تحرص كل الحرص على تربيتي والعناية بي، وعدم صدور الخطأ مني والزلل عني.
ألم تعلم- يا أبتي- أنني إنسان معرض للخطأ وكلنا ذوو خطأ.
من ذا الذي ترضى سجاياه كلها كفى بالمرء نبلا أن تعد معايبه
فلماذا- يا أبتي- تكون العصى سبيل المفاهمة، ويكون الضرب طريق العقاب، وتكون الشدة سلم التعلم؟!
فلا سبيل للعتاب، مع أن صائح الحكمة يقول:
تأن ولا تعجل بلومك صاحباً لعل له عذر وأنت تلوم
ولا فرصة لإبداء الرأي، مع أن صائح الحكمة يقول:
لا تحقر الرأي يأتيك الحقير به فالنحل وهو ذباب طائر العسل
ولا أمل في قبول الأعذار، مع أن صائح الحكمة يقول:
اقبل معاذير من يأتيك معتذراً إن بر عندك فيما قال أو فجراً
لقد أطاعك من يرضيك ظاهره وقد أجلك من يعصيك مستتراً
فلماذا- يا أبتي- تسلك الطريق من آخره، ولا تعرف من العلاج إلا الكي؟!
لماذا تنقطع السبل.. كل السبل إلا سبيل القوة والقسوة والغلظة {وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ} (159) سورة آل عمران أين الرفق؟! الذي "لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه " "وما أعطي أهل بيت الرفق إلا نفعهم ".
أين كظم الغيظ؟! و"من كظم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله على رؤوس الخلائق حتى يخيره من الحور العين، يزوجه منها ما يشاء" .
يا أبتي: كن سهلاً في غير تفريط، وقوياً من غير إفراط فإنه "من كان سهلاً هيناً ليناً حرمه الله على النار".
وليست الأمراض جميعاً- يا أبتي- تعالج بعلاج واحد، والعلاج خطوة خطوة. فلماذا نبدأ من الخطوة الأخيرة؟! النظرة منك يا أبتي تعاقبني. الهجر منك يا أبتي يعذبني. العتاب منك يا أبتي يقومني..
فكل داء له دواء، وكل خطأ له عقوبة..
ووضع الندى في موضع السيف بالعلى مضر كوضع السيف في موضع الندى
وليكن لك- يا أبتي- في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة فإنه رحمة الله تعالى للعالمين و"كان أرحم الناس بالعيال والصبيان " وكان يقول: "ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويجل كبيرنا" .
وهو الذي يقول: "علموا، ويسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا، وإذا غضب أحدكم فليسكت " .


سقط المتاع
يا أبتي إن بين جوانحي قلباً يخفق، وتحت مفرق رأسي عقل يفكر..
فلماذا تريدني- يا أبتي- مسلوب الإرادة، منهوب الرغبة، ممسوخ الميول؟!
لماذا تسلبني أهلية التفكير والتدبير..؟!
إنك- يا أبتي- جعلتني في البيت كما مهملاً، ومن سقط المتاع.
فلا قيمة لي ولا اعتبار..
فلا تسألني عن رأي..
ولا تشاورني في أمر..
ولا تأخذ برأي في قضية..
فقولي محكوم عليه بالخطأ ولو لم أقله..
وفكرتي محكوم عليها بالفشل من قبل أن تعمل.. وأصبحت موجوداً بغير وجود..!!
وما للمرء خير في حياة إذا ما عد من سقط المتاع
والله تعالى قد أمر رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم أن يشاور أصحابه {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} (159) سورة آل عمران مع أن الأمر أمر الله والقضاء قضاؤه فلا معقب لحكمه، ولا راد لأمره.
وما هو رأي الصحابة رضي الله عنهم- وهم عرضة للخطأ- مع رأي من لا ينطق عن الهوى ولا يضل ولا يغوى ولكن {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (21) سورة الأحزاب
شاور سواك إذا نابتك نائبة يوماً وإن كنت من أهل المشورات
فالعين تبصر منها ما دنا ونأى ولا ترى نفسها إلا بمرآة
فيا أبتي: من ينمي مداركي- بعد الله- سواك؟!
ومن يعلمني كيف اختار؟ ومتى أصنع القرار إلاك؟!
ومن يفتق ذهني؟ ويحرك عقلي؟ ومن يجعلني أعتمد على نفسي وأثق بها- بعد الله- إلا أنت؟!
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.61 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.98 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.20%)]