عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 23-11-2010, 12:35 AM
الصورة الرمزية بشرى فلسطين
بشرى فلسطين بشرى فلسطين غير متصل
مشرفة ملتقى فلسطين والأقصى الجريح
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
مكان الإقامة: فلسطين ..يوما ما سأعود
الجنس :
المشاركات: 3,319
الدولة : Palestine
افتراضي رد: روائع كتابات الفاضلة بشرى فلسطين

بسم الله الرحمن الرحيم
هل فيكم من يعرف الجواب ؟
عادت ابنتي من مدرستها حزينة الملامح على غير عادتها ، لقد تعودتها باسمة ،ضحكتها تملأ المكان ،ولكن ما بالها اليوم حزينة ؟، تساءلت في نفسي والحيرة تسيطر علي .
اقتربت منها قليلا وقلت لها : ما الذي أحزنك؟
لم تجب ، بل تركتني وذهبت لتبدل ثيابها .
كان ذلك اليوم طويلا يسوده جوٌ لم أعهده من صغيرتي ، فهي لا تتوقف عن الكلام والقفز واللعب هنا وهناك ، أشعر أن هناك أمرًا أحزنها ،
هل يا ترى تشاجرت مع زميلتها؟ ..بل ربما أضاعت مصروفها؟ ..
بدأت أعلل نفسي بأعذار كثيرة ولكن لم تقنعني أيا منها ، ظل هذا حالي وحالها حتى أتى المساء وأسدل الليل علينا غطاءه ، معلنا موعد النوم .
وجدتها فرصة لأعرف ما يجول في عقل صغيرتي ، فقلت لها هيا بنا لأروي لك قصة قبل النوم .
تبسمت صغيرتي ، فتنفست الصعداء وقلت في نفسي الحمد لله هاهي ابتسمت، وأكملت حديثي ..
عن ماذا تُريدُني صغيرتي الجميلة أن أحدثها ، عن سندريلا .. الثعلب المكار .. أم ليلى والذئب .
قاطعتني بصوت حزين : بل عن وطني يا أمي
وإذا بصمتها يتحول إلى عشرات الأسئلة التي انهالت علي كالمطر ..
أين وطني ؟
لماذا نحن هنا ؟
متى سنعود لبلادنا ؟ هل صحيح أننا مشردون بلا وطن ؟وأن اليهود احتلوا بلادنا ؟
أين المسجد الأقصى يا أمي ؟ لماذا لا نذهب لزيارته كما نزور مكة والمدينة ؟
أريد أن أصلي في المسجد الأقصى ...
يا إلهي .. تلعثمت .. لم أجد الجواب .. لأول مرة أشعر بأني مجرم داخل قفص الإتهام ، ولا أعرف بماذا سينطق القاضي ، هل سيحكم ببراءتي ؟ أم يحكم علي بالإعدام ؟
حقا تلك هي الأيام تدور وتدور ...
لقد فعلت ذلك بأمي وأبي لما كنت صغيرة ، لقد سألتهما نفس السؤال
كانت إجابات والداي غير مقنعة لي ، بل لقد حمَّلتهما وزر غربتي وبعدي عن الأوطان .
واليوم كيف لي أن أقنع ابنتي بجواب لم يقنعني في يوم من الأيام ؟
وبينما أنا شاردة الذهن أمسكت بيدي وقبضت عليها برفق وعيناها الناعستين تحملان بداخلهما رجاءً حارا ورغبة ملحة لتعرف الحقيقة .
أي حقيقة مرة سأحدث ابنتي عنها ؟
استجمعت قواي ومسحت دمعة سقطت رغما عني جاهدْتُ لإخفائها عن صغيرتي ولكنها أبت إلا أن تسقط .
رسمت على وجهي ابتسامة هزيلة وضممتها إلى صدري وقلت لها بصوت حنون ..
بلادك يا ابنتي جنة خضراء رائعة الجمال ، أرض الأنبياء ، ومهد الرسالات ، عاش فيها أجدادك بخير وسلام تعطيهم من خيراتها وتسقيهم الماء العذب فهي أرض باركها الله .
حتى جاء ذلك اليوم المشؤوم ، يوم حامت في سمائها غربان الشُوم ، نهبت خيراتها واستولت على مقدساتها واستباحت المال والدم والأرض.
تلونت بلادك الخضراء بدماء الشهداء حتى صار لونها أحمرا قانيا ، فاض الدم ووصل للركب وسال نهرا وواديا ، حتى عزم أهلها على الرحيل وكلهم أمل بيوم يعودون فيه .
ومنذ ذلك اليوم ونحن بلا وطن ، نعيش هنا وهناك ، أعمارنا تمضي وغربتنا الثمن .
ولكن سيأتي يوم وتعود ديارنا ، وينادي المنادي هيا للرحيل ،حتى إذا جاء هذا اليوم الموعود شددنا إليها الرحال ، وسقيناها بدم الأبطال ، وتأكدي أن هذا ليس حلما وإنما حق سينال .
ما إن انتهيت من كلامي وإذا ابنتي تغط في نوم عميق ، تنهدت بحسرة ، وحملتها إلى فراشها
أطفأت المصباح وأغلقت الباب ..
ولكن هل ستصدق ابنتي ما قلته لها؟ أم ستعرف أنها حكاية تتوارثها الأجيال؟ .
والسلام خير ختام
__________________

يا أقصى والله لن تهون
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.93 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.30 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.50%)]