رد: ملف خاص [ احكام الإبتعاث والمبتعثين ]
السفر إلى الخارج لتعلم اللغة، والدراسة الجامعية المختلطة  السؤال: أنا من بلاد الحرمين الشريفين وعلى وشك السفر إلى كندا والدراسة هناك لتعلم اللغة ومن ثم التفكير في مسألة الدراسة الجامعية أم لا ، وأنا ولله الحمد ملتزم ، ولا أخفيكم بأني رفضت هذه المسألة من البداية بعد أن قرأت بأنه لا يجوز الدراسة بالخارج ، ولكن مع الضغوط من الأهل وأيضاً محاولة إقناعي بأن هناك في كندا لن أواجه مشكلة في إعلان ديني والقيام بكل ما أريد ولكن أواجه مشكلة مثلاً في [ الاختلاط ] حيث إن الدراسة هناك مختلطة . كيف أستطيع أن أواجه هذا الأمر ؟ ، وأيضاً مسألة [ اللحية ] هل أقوم بإعفاء اللحية وهذا الذي أتمناه ، أم أنه من الأفضل حلقها ؟ خصوصاً وأنني باللحية ربما أكون ملفتاً للأنظار هناك ، وأتمنى توجيه بعض النصائح لكل من يسافر لدراسة بالخارج .
الجواب :
الحمد لله
أولا :
سبق لنا في فتاوى متعددة بيان حكم السفر لمثل تلك البلاد ، والإقامة فيها ، وقد بينَّا أن الأصل فيها التحريم ، وأنه يجوز في بعض حالات ، وضمن شروط معينة ، وليس من تلك الحالات أن يذهب المسلم لدراسة علوم تتوفر في بلده ، أو في غيرها من دول الإسلام مع تعريض نفسه للفتن والانحرافات .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله : " وأفيدك بأن الإقامة في بلد يظهر فيها الشرك والكفر , ودين النصارى وغيرهم من الكفرة لا تجوز , سواء كانت الإقامة بينهم للعمل أو للتجارة أو للدراسة , أو غير ذلك ; لقول الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا ) .
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين ).
وهذه الإقامة لا تصدر عن قلب عرف حقيقة الإسلام والإيمان , وعرف ما يجب من حق الله في الإسلام على المسلمين , ورضي بالله ربا , وبالإسلام دينا , وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا .
فإن الرضا بذلك يتضمن من محبة الله , وإيثار مرضاته , والغيرة لدينه , والانحياز إلى أوليائه ما يوجب البراءة التامة والتباعد كل التباعد من الكفرة وبلادهم , بل نفس الإيمان المطلق في الكتاب والسنة , لا يجتمع مع هذه المنكرات , وصح عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه أنه قال : يا رسول الله ، بايعني واشترط ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( تعبد الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتناصح المسلمين ، وتفارق المشركين ) أخرجه أبو عبد الرحمن النسائي ، وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث السابق , وهو قوله عليه الصلاة والسلام : ( أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين ) وقال عليه الصلاة والسلام : ( لا يقبل الله عز وجل من مشرك عملا بعد ما أسلم; أو يفارق المشركين ) والمعنى حتى يفارق المشركين .
وقد صرح أهل العلم بالنهي عن ذلك , والتحذير منه , ووجوب الهجرة مع القدرة , اللهم إلا رجل عنده علم وبصيرة , فيذهب إلى هناك للدعوة إلى الله , وإخراج الناس من الظلمات إلى النور , وشرح محاسن الإسلام لهم , وقد دلت آية سورة براءة : ( قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ) على أن قصد أحد الأغراض الدنيوية ليس بعذر شرعي , بل فاعله فاسق متوعد بعدم الهداية إذا كانت هذه الأمور أو بعضها أحب إليه من الله ورسوله , ومن الجهاد في سبيل الله . وأي خير يبقى مع مشاهدة الشرك وغيره من المنكرات والسكوت عليها , بل وفعلها , كما حصل ذلك من بعض من ذكرت من المنتسبين للإسلام .
وإن زعم المقيم من المسلمين بينهم أن له أغراضا من الأغراض الدنيوية , كالدراسة , أو التجارة , أو التكسب , فذلك لا يزيده إلا مقتا .
وقد جاء في كتاب الله سبحانه وتعالى الوعيد الشديد والتهديد الأكيد على مجرد ترك الهجرة , كما في آيات سورة النساء المتقدم ذكرها , وهي قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ ) الآيات وما بعدها . فكيف بمن يسافر إلى بلاد الكفرة , ويرضى الإقامة في بلادهم , وكما سبق أن ذكرت أن العلماء رحمهم الله تعالى حرموا الإقامة والقدوم إلى بلاد يعجز فيها المسلم عن إظهار دينه , والمقيم للدراسة أو للتجارة أو للتكسب , والمستوطن ,
حكمهم وما يقال فيهم حكم المستوطن لا فرق , إذا كانوا لا يستطيعون إظهار دينهم , وهم يقدرون على الهجرة .
وأما دعوى بغضهم وكراهتهم مع الإقامة في ديارهم فذلك لا يكفي , وإنما حرم السفر والإقامة فيها لوجوه , منها :
1 - أن إظهار الدين على الوجه الذي تبرأ به الذمة متعذر وغير حاصل .
2 - نصوص العلماء رحمهم الله تعالى , وظاهر كلامهم وصريح إشاراتهم أن من لم يعرف دينه بأدلته وبراهينه , ويستطيع المدافعة عنه , ويدفع شبه الكافرين , لا يباح له السفر إليهم .
3 - من شروط السفر إلى بلادهم : أمن الفتنة بقهرهم وسلطانهم وشبهاتهم وزخرفتهم , وأمن التشبه بهم والتأثر بفعلهم .
4 - أن سد الذرائع وقطع الوسائل الموصلة إلى الشرك من أكبر أصول الدين وقواعده; ولا شك أن ما ذكرته في رسالتك مما يصدر عن الشباب المسلمين الذين استوطنوا هذه البلاد هو من ثمرات بقائهم في بلاد الكفر , والواجب عليهم الثبات على دينهم والعمل به , وإظهاره , واتباع أوامره , والبعد عن نواهيه , والدعوة إليه , حتى يستطيعوا الهجرة من بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (9/403).
ثانيا :
لا تجوز الدراسة المختلطة سواء كانت في بلادك أو في بلاد الغرب ، وهي في بلاد الغرب أشد ضررا وإثما وخطرا ، وقد أنعم الله عليك بجامعات غير مختلطة في بلادك فكيف تتركها وتذهب إلى أخرى مختلطة ؟
وكيف تستبدل بنعمة الله عليك المقام في تلك البلدان مع البعد عن أهلك وإخوانك ، ورؤية الكافرين صباحا ومساء ، وما هم عليه من المنكر والباطل (أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ) .
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (12/182) : " اختلاط الرجال والنساء في التعليم : حرام ، ومنكر عظيم ؛ لما فيه من الفتنة ، وانتشار الفساد ، وانتهاك المحرمات ، وما وقع بسبب هذا الاختلاط من الشرِّ والفساد الخلقي لهو من أوضح الدلائل على تحريمه ، وإذا انضاف إلى ذلك كونه في بلاد الكفار : كان أشد حرمةً ومنعاً ..." انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ بكر أبو زيد .
وجاء فيها أيضا (12/173) : " لا يجوز للطالب المسلم أن يدرس في فصول مختلطة بين الرجال والنساء ؛ لما في ذلك من الفتنة العظيمة ، وعليك التماس الدراسة في مكان غير مختلط ؛ محافظة على دينك ، وعِرضك ، ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا )" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ بكر أبو زيد .
ثالثا :
يحرم على الرجل حلق لحيته ؛ للأدلة الآمرة بإعفائها .
وينظر جواب السؤال رقم 110462.
والوصية لك أن تتقي الله تعالى ، وأن تدع السفر إلى تلك البلاد ، سواء كان لتعلم اللغة أو للدراسة الجامعية ، وأن تبين لأهلك حرمة هذا السفر الذي يعرض الإنسان للفتنة ، ويوقعه في الاختلاط المحرم .
ولا يلزمك طاعة أهلك في هذا السفر ؛ فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق . فاحفظ دينك وأمانتك ، واحمد الله على ما أنعم عليك ، واطلب ما تريد من العلم في بلدك ، ولَنَقْصٌ في أمر الدنيا أهون من عذاب في الآخرة .
نسأل الله لك التوفيق والسداد .
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
يعمل في مكان غير طاهر فهل يمسح قدميه ويصلي جالساً ؟!  السؤال: أعمل في مكان غير طاهر مع غير المسلمين ، ولا يوجد مكان للصلاة بالشكل الصحيح ، أو الوضوء ، كغسل القدمين – مثلاً - ، فهل يجوز الصلاة جالساً ، والمسح على القدمين ؟ علماً أني حاولتُ ذلك لكن تمت العملية بدون الخشوع أو حتى اللذة الإيمانية المرجوة ، الأمر الذي أشعر به حين أصلي في البيت ، أو المسجد ! . وما سبب فتور الرغبة في الصلاة حين أكون في البيت ؟ وهل لزوجتي الحق في حثي على الصلاة ؟ . أفيدوني ، جزاكم الله خيراً .
الجواب:
الحمد لله
أولاً:
اعلم أنه ينبغي أن يكون العمل الذي تعمل فيه مباحاً ، فاحذر أشد الحذر من الكسب المحرَّم من عملٍ محرَّم ، وإنما دعانا لقول هذا : ما ذكرتَه من كون المكان غير طاهر ، وإذا كنتَ تعمل في مطعم : فاحذر من طبخ الخنزير ، أو الميتة ، أو أن يكون المطعم يقدِّم الخمور .
وانظر جواب السؤال رقم : (125118) .
ثانيا :
لا يحل لمسلم أن يتيمم مع وجود الماء المقدور على استعماله ، ولا أن يمسح على قدميه مع قدرته على غسلهما .
وعليك أخي السائل أن تحتاط لوضوئك ، وأن لا تفرِّط فيه ، ويمكنك الوضوء قبل مجيئك للعمل ، كما يمكنك مغادرة العمل من أجل الوضوء ، والصلاة ، والمهم : أن عليك بذل الأسباب التي تتمكن من خلالها من القيام بالوضوء .
وإذا كان الأمر يتعلق بغسل الرجلين فقط : فإننا نفيدك بحلَّين شرعيين :
1. المسح على الجوارب ، ويكون ذلك بتوضئك وضوءًا كاملاً في بيتك ، ثم تلبس الجوربين على تلك الطهارة ، ولك أن تمسح عليهما يوماً وليلة ، وهكذا تصنع كل يوم .
2. غسل الرجلين غسلاً خفيفاً ، وهو ـ عند بعض أهل العلم ـ معنى المسح ، على قراءة الجر ، في لفظة ( وَأَرْجلكُم ) الواردة في قوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) المائدة/ من الآية 6 .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :
ولفظ الآية لا يخالف ما تواتر من السنَّة ؛ فإن المسح جنس تحته نوعان : الإسالة وغير الإسالة ، كما تقول العرب : " تمسحت للصلاة " ، فما كان بالإسالة فهو الغسل ، وإذا خص أحد النوعين باسم الغسل فقد يخص النوع الآخر باسم المسح ، فالمسح يقال على المسح العام الذي يندرج فيه الغسل ويقال على الخاص الذي لا يندرج فيه الغسل .
" منهاج السنة " ( 4 / 172 ) .
وقال :
وفي ذِكر المسح على الرجلين تنبيه على قلة الصب في الرجل فإن السرف يعتاد فيهما كثيراً .
" منهاج السنة " ( 4 / 174 ) .
فأصبحت الحلول المتوفرة لديك كثيرة ، وهو ما يقطع عذرك في عدم الوضوء ، أو عدم غسل الرجلين ، فكن على تنبه مما ذكرناه آنفاً .
ثالثا :
لا يجوز لك صلاة الفريضة جالساً مع قدرتك على القيام ؛ فإن القيام من أركان الصلاة المتفق عليها بين أهل العلم ، وصلاتك جالساً مع تلك القدرة : يجعل صلاتك باطلة .
وانظر جواب السؤال رقم : ( 67934 ) .
وعليك ـ أخي المسلم ـ الاهتمام بصلاتك أعظم من اهتمامك بعملك وباقي شئون دنياك ؛ فإن الدنيا لا تغني عن الآخرة شيئاً ، ولا بدَّ لك من العمل على الأسباب التي تمكنُّك من الصلاة قائماً ، ومن الصلاة على بقعة طاهرة ؛ لأن هذا أيضاً من شروط صحة الصلاة ، وإذا لم يوجد مكان طاهر في مكان عملك : فاخرج لغيره من الأماكن الطاهرة ، ولا تفرِّط في أحكام الصلاة ؛ فقد أمرك الله تعالى بإقامتها، ومن إقامتها : القيام بأركانها ، وشروطها ، وواجباتها.
قال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :
لقد شرع الله سبحانه وتعالى الطهارة لكل صلاة ؛ فإن رفع الحدث ، وإزالة النجاسة - سواء كانت في البدن ، أو الثوب ، أو المكان المصلَّى فيه - : شرطان من شروط الصلاة .
" فتاوى الشيخ ابن باز " ( 12 / 235 ) .
رابعاً:
من عادة الناس في بيوتهم أن ينشغل المرء بالأهل والأولاد ، ومتطلبات الحياة ، لذا فإن من يصلي في بيته يشعر بالفرق الكبير العظيم بينه وبين الصلاة في بيت من بيوت الله ، وإنه ليجد من النشاط في المسجد ما لا يجده في البيت ، ومن أسباب ذلك غالباً :
1. الصلاة في المسجد جماعة ، الصلاة منفرداً في البيت .
2. سماع القرآن من غيره في المسجد ، والسماع أبلغ من القراءة في التأثر .
3. عدم وجود ملهيات البيت في المسجد ، من أهل ، وأولاد ، وضوضاء .
4. ولا شك أن من يكون في ضيافة الله تعالى في بيته ، ليس حاله كمن ليس كذلك .
خامساً:
ما تقوم به زوجتك ـ بارك الله فيها ـ من حثك على إقامة الصلاة ، وأدائها في وقتها ، وجماعة في المسجد : ليس فقط حقا لها ، بل هو واجب عليها تجاهك ؛ وقد أثنى نبينا صلى الله عليه وسلم على من توقظ زوجها لصلاة الليل ، فكيف يكون الثناء لو كان ذلك حثّاً على صلاة الفرض ؟! .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ فَصَلَّى وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ ، رَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنْ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا فَإِنْ أَبَى نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ ) .
رواه أبو داود ( 1308 ) والنسائي ( 1610 ) وابن ماجه ( 1336 ) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .
قال شمس الحق العظيم آبادي – رحمه الله - :
والمراد : التلطف معها ، والسعي في قيامها لطاعة ربها ، مهما أمكن ، قال تعالى : ( وتعاونوا على البر والتقوى ) ، وقال ابن الملِك : وهذا يدل على أن إكراه أحدٍ على الخير يجوز ، بل يُستحب .
" عون المعبود " ( 4 / 135 ، 136 ) .
وأخيراً :
نشكر لك اهتمامك بالصلاة عمود الدين ، وحرصك على معرفة أحكامها ، وحرصك على أدائها كما شرعها الله تعالى ، ونوصيك خيراً بها ، وأن تظل على صلة بربك بصلاتك خاصة ، وعموم طاعتك ، واشكر لزوجتك حرصها على دينك ، وعلى عدم التسبب بسخط الله ، فمثل هذا الفعل منها يدل على قوة دين ، ورجاحة عقل .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
مغترب للدراسة ولا ينفق عليه والده فهل يأخذ من الضمان الاجتماعي  أنا شاب عمري 22 سنة طالب جامعي مغترب عن أهلي ولا أستطيع الالتحاق بعمل إضافي بسبب الدراسة ، والدي مرتبه جيد إلا أنه بخيل جداً استطاع الحصول على ضمان (مبلغ مالي) يصرف لي بحجة اضطراب القولون وضعف البصر الذين يعاني منه كثير من الناس . وبهذا المبلغ والدي ليس مسؤلاً عن مصاريفي ، دخلت موقع وزارة الشؤون الاجتماعية ورأيت الشروط ولم أجد شيئاً مخالفاً إلا أنه يشترط الفحص الطبي فقط ، ولم يذكر اشتراط الحضور أم لا ، هل يجوز أخذ هذا الضمان أم لا؟ على الرغم من عدم حضوري لأي موعد أو مراجعة من أجل صرف الضمان ، واستحلفت والدي بأن يبعدني عن هذا المال إن كان فيه حرمة فأجابني : أليست الأمراض المذكورة فيك؟ قلت : نعم فأجابني : إذاً ليست بحرام . ووالدي يهددني بأنه لن يصرف علي إن حاولت إيقاف الضمان بحجة اشتباه الأمر. والحقيقة أني رأيت في نفسي فتوراً بعد أخذي لهذا المال الذي لا مناص لي عنه الآن؟ أفتوني مأجورين .
الحمد لله
إذا كان الأمر كما ذكرت فينبغي أن تحضر إلى الجهة المسئولة وتجري الفحص الطبي ، وبذلك يحل المال ، وتنتفي الشبهة وتسلم من الحرج .
والظاهر من اشتراطهم الفحص الطبي أن يكون ذلك من جهة تابعة أو معتمدة لدى الوزارة .
وإن كان وجودك في الخارج بسبب الدراسة يمنعك من الحضور وإعادة الفحص ، فنرجو ألا يكون عليك حرج في أخذ المال ما دام الوصف منطبقا عليك .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
حكم تهنئة غير المسلمين في مناسبات غير دينية  السؤال : قرأت الفتاوى المتعلقة بعدم جواز مشاركة غير المسلمين في احتفالاتهم ، ولكنني أريد أن أعرف ما حكم الاحتفال معهم في مناسبة مدرسية أو جامعية ؟ .
الجواب:
الحمد لله
أولاً:
تهنئة الكفار بأعيادهم الدينية محرم لا شك في تحريمه ، وقد سبق لنا في فتاوى متعددة بيان ذلك ، والتحذير منه .
( 947 ) و ( 11427 ) و ( 4528 ) و ( 1130 ) .
ثانياً:
وأما مناسباتهم الشخصية الخاصة ، كزواج ، أو نجاح في مدرسة ، أو تعيين في وظيفة ، أو شفاء من مرض ، أو إنجاب ولد ، أو قدوم من سفر ، ونحوه : فهذا مما اختلف فيه العلماء إلى أقوال ثلاثة - وهي أقوال ثلاثة عن الإمام أحمد - : فمنهم من رأى الجواز ، ومنهم من منع ، ومنهم من أجاز بشرط وجود مصلحة شرعية ، كتأليف قلوبهم للإسلام ، أو دعوتهم إلى الدين .
وهذا أرجح الأقوال ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .
قال ابن مفلح الحنبلي – رحمه الله - :
وتحرم العيادة ، والتهنئة ، والتعزية لهم ... ، وعنه – أي : عن الإمام أحمد - : يجوز ، وعنه : لمصلحة راجحة , كرجاء إسلام , اختاره شيخنا – أي : ابن تيمية - ومعناه اختيار الآجري , وأنه قول العلماء : يُعاد ، ويعرض عليه الإسلام ، نقل أبو داود : إن كان يريد يدعوه إلى الإسلام : فنعم .
" الفروع و تصحيح الفروع " ( 10 / 334 ) .
على أننا ننبه إلى شروط أخرى يجب توفرها حتى يقال بالجواز ، ومنها :
1. خلو بيئة التهنئة والزيارة من المنكرات ، كالاختلاط ، والمعازف ، والأطعمة والأشربة المحرمة ، فاحتفالات المسلمين غالباً – وللأسف – لا تخلو من منكرات ، فكيف بغير المسلمين .
وانظر جواب السؤال رقم : ( 3325 ) .
2. أن تخلو عبارات التهنئة من مخالفات شرعية ، كابتدائه بالسلام ، أو الدعاء له بالعز والبقاء .
قال ابن القيم – رحمه الله - :
فصل في تهنئتهم بزوجة ، أو ولد ، أو قدوم غائب ، أو عافية ، أو سلامة من مكروه ، ونحو ذلك ، وقد اختلفت الرواية في ذلك عن أحمد ، فأباحها مرة ، ومنعها أخرى ، والكلام فيها كالكلام في التعزية ، والعيادة ، ولا فرق بينهما ، ولكن ليحذر الوقوع فيما يقع فيه الجهال من الألفاظ التي تدل على رضاه بدينه ، كما يقول أحدهم " متَّعك الله بدينك " ، أو " نيَّحك فيه " – أي : قوَّاك فيه - ، أو يقول له : " أعزك الله " ، أو " أكرمك " ، إلا أن يقول " أكرمك الله بالإسلام ، وأعزك به " ، ونحو ذلك ، فهذا في التهنئة بالأمور المشتركة .
" أحكام أهل الذمة " ( 1 / 441 ) .
3. أن لا يهنَّأ ذلك الكافر – ولا المسلم كذلك – إن كان رجوعه من سفر معصية ، أو حرب على المسلمين ، أو لتولي وظيفة محرمة ، كعمل في بنك ، أو قضاء بين الناس بخلاف الشرع .
قال ابن القيم – رحمه الله - :
فمن هنَّأ عبداً بمعصية ، أو بدعة ، أو كفر : فقد تعرض لمقت الله وسخطه ، وقد كان أهل الورع من أهل العلم يتجنبون تهنئة الظلمة بالولايات ، وتهنئة الجهال بمنصب القضاء ، والتدريس ، والإفتاء ؛ تجنباً لمقت الله ، وسقوطهم من عينه ، وإن بُلي الرجل بذلك فتعاطاه دفعاً لشرٍّ يتوقعه منهم ، فمشى إليهم ، ولم يقل إلا خيراً ، ودعا لهم بالتوفيق ، والتسديد : فلا بأس بذلك .
" أحكام أهل الذمة " ( 1 / 441 ، 442 ) .
4. تجنب تهنئة رؤوس الكفر كالقساوسة ، والأحبار ، وزعماء الكفر ؛ لقطع الطمع في إسلامهم ، ولما في تهنئتهم ومشاركتهم من عزٍّ لهم ، وذل للمسلم ، إلا أن يُطمع بأحد بعينه : فيجوز ، كما في عيادة النبي صلى الله عليه وسلم لعمِّه أبي طالب .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – وسئل عن تهنئة " قس " بوصوله - :
وأما ذهاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لليهودي الذي كان مريضاً : فإن هذا اليهودي كان غلاماً يخدم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فلمَّا مرض عاده النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليعرض عليه الإسلام ، فعرَضه عليه ، فأسلم ، فأين هذا الذي يعوده ليعرض عليه الإسلام من شخص زار قسّاً ليهنئه بسلامة الوصول ، ويرفع من معنويته ؟! لا يمكن أن يقيس هذا على ذاك إلا جاهل ، أو صاحب هوى .
" مجموع فتاوى الشيخ العثيمين " ( 3 / 47 ) .
والخلاصة : أن الراجح في المسألة هو جواز التهنئة ، بالشروط التي قدمناها ، وإن كان الأحوط أن يجتنبهم المرء تماما ، وأن يبتعد عن مخالطتهم .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
هل تدرس في جامعة مختلطة أم تقيم في مدينة بلا محرم وتدرس في جامعة غير مختلطة  السؤال : أنا بين مطرقة البقاء دون محرم في بلد عربي مسلم ، للدراسة في جامعة غير مختلطة (في الحقيقة عمي بالرضاعة في نفس البلد والمدينة والحي ، لكنه مقصر في وصلنا) وبين سندان أن أكون مع أهلي في بلد عربي مسلم (أقل محافظة) للدراسة في جامعة مختلطة ، بها من المنكرات والفظائع ما بها ، فأيهما أختار ؟ للأسف ليس بإمكاني أن أبقى مع أهلي دون أن أذهب للجامعة المختلطة ، لأن كل الجامعات في هذا البلد مختلطة ، كما أن أبي يرفض رفضاً تاما وقطعيا أن أجلس في البيت ، وأترك الدراسة ، حيث إن والداي للأسف ليسوا ملتزمين ، ماذا أفعل جزاكم الله خيراً ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
يحرم الاختلاط في أماكن العمل والدراسة لما يؤدي إليه من مفاسد ومحاذير ، وينظر جواب السؤال رقم (1200) ورقم (103044) .
ولا يجوز لولي الفتاة أن يدعوها لهذه الدراسة المختلطة ، فإن هذا من التفريط وتضييع الأمانة ، بل الواجب أن يمنعها من الحرام ، وأن يجنبها الآثام ، وأن يغار عليه ويصون عرضها .
ثانياً :
لا يجوز للمرأة أن تسافر دون محرم ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (لا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ) رواه البخاري (1862) .
وروى مسلم (1339) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ).
وأما بقاؤها في مدينة بلا محرم ، فليس محظورا ، إذا أمنت على نفسها وراقبت الله تعالى في خروجها ودخولها ، وتجنبت مخالطة الرجال .
وعليه ؛ فإذا سافر معك محرم وأوصلك إلى بلد الدراسة ، وبقيت هناك في مكان آمن ، وتقيدت بالضوابط الشرعية في خروجك للجامعة ، فلا حرج عليك .
ولو فرض امتناع المَحرم من السفر معك ذهاباً وإياباً ، وأصر أهلك على الدراسة في أحد الخيارين المذكورين ولم يكن بد من ذلك ، فالقاعدة : أنه يختار أدنى المفسدتين لدفع أعلاهما .
فعليك أن تختاري أقل الأمرين شراً ، وهذا يحتاج إلى النظر والتأمل في الخيارين ، فقد يكون سفرك أقل شراً ، إذ به تسلمين من الاختلاط ، ولكن فيه من الشر أنك ستكونين منفردة عن أهلك في بلد غريب ، فإن أمكن الاتصال بعمك من الرضاع ، ويقوم هو بالاطمئنان عليك ، ومساعدتك .... إلخ فهو خير .
وينبغي أن تحرصي على زيادة إيمانك ، وتقوية صلتك بالله تعالى ، والبحث عن الرفقة الصالحة ، والانشغال بالأعمال الفاضلة كحفظ القرآن الكريم ، والمداومة على نوافل الصلاة والصوم .
نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
لا حرج من الإحسان إلى غير المسلمين إذا لم يكونوا يقاتلوننا  السؤال : أنا امرأة تعمل وأريد أن أعرف ما إذا كان يجوز لي أن أعطي الماء أو الطعام لغير المسلمين؟ يوجد غلام يهودي في عملي ، وعندما أخرج أو أذهب لأحضر الماء، فإنه يطلب مني أن أحضر له الماء أيضا، فهل يجوز لي ذلك ؟
الجواب :
الحمد لله
لا حرج من الإحسان إلى غير المسلمين بشرط ألا يكونوا معروفين بعداء المسلمين ، أو مساعدة أعدائنا علينا ، قال الله تعالى : (لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ) الممتحنة/8 ، 9 . قال ابن كثير رحمه الله :
"أي : لا ينهاكم عن الإحسان إلى الكفرة الذين لا يقاتلونكم في الدين ، كالنساء والضعفة منهم ، (أَنْ تَبَرُّوهُمْ) أي : تحسنوا إليهم (وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ) أي : تعدلوا (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)" انتهى .
"تفسير ابن كثير" (4/446) .
وقال الشيخ ابن عثيمين في تفسير سورة البقرة (2/294) :
"وأما الكافر فلا بأس من بره ، والإحسان إليه بشرط أن يكون ممن لا يقاتلوننا في ديننا ، ولم يخرجونا من ديارنا ؛ لقوله تعالى : (لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)" انتهى .
ويثاب المسلم على إحسانه إلى هؤلاء ، وله على ذلك أجر ، فقد ذكر الله تعالى من صفات الأبرار الذين هم أهل الجنة : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً) والأسير لا يكون إلا كافراً .
قَالَ قَتَادَةَ رحمه الله ، قَوْلُهُ : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا) . قَالَ : لَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ بِالأُسَرَاءِ أَنْ يُحْسَنَ إِلَيْهِمْ ، وَإِنَّ أَسْرَاهُمْ يَوْمَئِذٍ لِأَهْلُ الشِّرْكِ .
انظر : تفسير الطبري (10/8364) .
وقال النووي رحمه الله في "المجموع" (6/237) :
"فلو تصدق على فاسق أو على كافر من يهودي أو نصراني أو مجوسي جاز , وكان فيه أجر في الجملة . قال صاحب البيان : قال الصيمري : وكذلك الحربي , ودليل المسألة : قول الله تعالى : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً) ومعلوم أن الأسير حربي" انتهى .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
تعليم أطفال المسلمين في المدارس في الدول الغربية  السؤال: سمعنا أنه يحرم تعليم أطفال المسلمين في مدارس الكفار ، أتكلم عن الأطفال الذين يعيشون في أوروبا وأمريكا (دار الكفر) للمعلومية يوجد مدارس للمسلمين ولكن جميعها خاصة وأقساطها غالية جداً ، فما هو الحل بالنسبة للشخص الذي لا يستطيع أن يدفع أقساط لولده في مدارس المسلمين ؟ أرجو أن تجيب على هذا السؤال لأن هذه أصبحت مشكلة عظمى يعاني منها الكثير من المسلمين الذين يهتمون بتدريس أبنائهم .
الجواب :
الحمد لله
إذا ترتب على دراستهم في مدارس الكفار مفسدة كالخوف عليهم من الانحلال واعتناق دين النصارى والزهد في دين المسلمين وتعظيم الكفار واحترامهم ، واحتقار أهل الإسلام وعلومهم ونحو ذلك من الأخطاء ، فنقول: يحرم تدريسهم في تلك المدارس الكفرية ، وبقاؤهم على طبيعة آبائهم أولى من تدريسهم ما يصير سبباً في خروجهم من دين الإسلام ، أم إذا لاحظهم أولياء أمورهم وربّوهم على الإسلام ودرسوهم بمدارس الكفار قدر ما يتعلمون به اللغة الأجنبية وما يتعلمون به الكتابة والقراءة والحساب ونحوه ، فإن هذا جائز ولكن على أولياء أمورهم أن يلاحظوهم كل يوم أو كل أسبوع ، ويتفقدوا معلوماتهم ويحذروهم من العقائد السيئة وينبهوهم على الكلمات الخاطئة ، ويحذرونهم من الانخداع بدعاية الكفار حتى يكونوا سالمين من العقائد السيئة والملل الكفرية ، وكل هذا خاص بمن يعجز عن دفع الأقساط في مدارس المسلمين .
والله أعلم
فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين رحمه الله .
سماحة الشيخ عبد الله بن جبرين رحمه الله
اشترطت عليها الجامعة ألا تعمل خارج الدوام ولو بدون أجر!  السؤال : أعمل في إحدى جامعات الدولة بعقد أجدده كل سنة وقد حدث في إحدى مرات التجديد / أي ليس من أول مرة/ أن طلبوا مني التوقيع علي تعهد بشكل إجباري / أي لن يجددوا عقدي ما لم أوقع التعهد/ ينص بعدم العمل لا داخل ولا خارج نطاق العمل لا بأجر أو بدونه ، في الحقيقة أول ما قرأت العقد شعرت أنه غير منطقي ولقد وقعته مع أني في نفسي غير موافقة عليه / ولقد كنت أشتغل في عمل خاص في نفس الفترة / السؤال هو : بعد فترة انتابني شعور أني أخطأت الحكم وأنه كان علي الالتزام بالتعهد ، فهل هناك كفارة علي للنكث بالتعهد وبخصوص الأشياء التي اشتريتها طول تلك الفترة هل هي حلال أم حرام؟ وما أفعل بها إن كانت حراماً ؟ والأكثر من هذا قمت بشراء شفرة هاتف في تلك الفترة وكنت أعقد عليها صفقات حتى بعد انتهاء فترة التعهد / لأنهم قاموا به مرة واحدة فقط ثم تم إلغاؤه/ لأني كنت أترجم بحوث للطلبة وكانوا يحدثونني عن طريق تلك الشفرة ؟
الجواب : الحمد لله ليس لجهة العمل أن تشترط على الموظف ألا يعمل خارج دوامه ؛ لأن هذا الشرط منافٍ لمقتضى حرية الإنسان وملكه لمنافعه ، ما لم يؤد العمل الثاني إلى عجزه أو ضعفه عن أداء عمله الأول ، فيلزمه حينئذ أن يختار أحد العملين حتى يؤدي المطلوب منه على وجهه الصحيح ، وإلا كان خائناً للأمانة ، غاشاً لجهة العمل . وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم ( 129882) . وعليه ؛ فإذا كنت قد قمت بعملك في الجامعة على الوجه الصحيح ، ولم يؤثر عملك الخارجي عليه ، فلا حرج عليك ولا يلحقك شيء .
الإسلام سؤال وجواب
هل يجوز لوالدها منعها من المسجد لرفضها الدراسة المختلطة في الجامعة ببلاد الغرب ؟  السؤال : هل لوالدي الحق في أن يمنعني من الذهاب إلى المسجد للتدريس وحضور المحاضرات بسبب أني رفضت إكمال دراستي الجامعية في مكان مختلط هنا في إحدى جامعات الغرب؟ يقوم بفعل ذلك كوسيلة ضغط لأعاود دراستي.
الجواب :
الحمد لله
لا شك أن طاعة الوالدين وبرهما من أعظم القربات ، قال الله عز وجل : ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ) الإسراء/23 .
وقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : (سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : الصَّلَاةُ عَلَى مِيقَاتِهَا . قُلْتُ : ثُمَّ أَيٌّ ؟ قَالَ : ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ . قُلْتُ : ثُمَّ أَيٌّ ؟ قَالَ : الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) . متفق عليه .
إلا أن طاعة الوالدين إنما تكون إذا أمرا بمعروف ، لا منكر .
روى الإمام أحمد (1098) عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ) صححه الألباني في "الصحيحة" (179) وأصله في الصحيحين ، ولفظه : (لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ) .
قال أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله :
"أجمع العلماء على أن من أمر بمنكر لا تلزم طاعته ، قال الله عز وجل : (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)" انتهى .
"التمهيد" (23 / 277)
والدراسة في بلاد الغرب في جامعة مختلطة ليست من المعروف الذي يجب أن يطاع فيه الوالدان، وإنما هي من المنكر الذي يجب عدم طاعتهما فيه ، ولكن بسلوك طريق الأدب والرفق والحرص على عدم السخط والغضب .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
هل يجوز للأخوات أن يدخلن ويتعلمن في المدارس والجامعات المختلطة ، حيث لا يوجد في بلاد الغرب إلا التعليم المختلط ، ولكن الأخوات يلتزمن بالزي الإسلامي مع مضايقات الكفار؟
فأجابوا :
"اختلاط الرجال والنساء في التعليم حرام ومنكر عظيم ؛ فما فيه من الفتنة وانتشار الفساد وانتهاك المحرمات ، وما وقع بسبب هذا الاختلاط من الشر والفساد الخلقي لهو من أوضح الدلائل على تحريمه ، وإذا انضاف إلى ذلك كونه في بلاد الكفار كان أشد حرمة ومنعا ، وتعلم المرأة بالمدارس والجامعات ليس من الضرورات التي تستباح بها المحرمات ، وعليها أن تتعلم بالطرق السليمة البعيدة عن الفتن " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (12 / 181-182) .
وسئلوا أيضاً : ما حكم الإسلام في خروج المرأة لتعلم العلم الدنيوي ، مع أنها تتحمل في هذا الخروج بعض المعاصي مثل : خلع النقاب ، والاختلاط بالرجال ، وتضيع الوقت فيما لا ينفع . مع العلم أن والدي يأمرني بالذهاب إلى الجامعة ، فلما أصريت على عدم الذهاب غضبوا علي غضبا شديدا جدا ، فهل علي أن أطيعهم في هذا الأمر ؟ وإذا لم أطعهما فهل في هذه الحالة أأثم ؟ فأجابوا :
"خلع الحجاب محرم ، والاختلاط بالرجال في التعليم محرم ، ولا تجب طاعة الوالدين في معصية الله تعالى ، ولا إثم عليك في ذلك" انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (17 / 262) .
ثانياً :
لا يجوز لولي المرأة أن يمنعها من الخروج إلى المسجد ، ما دامت تخرج ملتزمة بالآداب والأحكام الشرعية ، ولا يترتب على خروجها مفسدة أو فتنة ، وذلك لما رواه البخاري (900) ومسلم (442) أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ) .
ويتأكد هذا النهي إذا كان الأب إنما يمنع ابنته عقاباً لها على فرارها من معصية الله (كالتعليم الجامعي المختلط في بلاد الغرب) .
فهذا عقاب لها على أنها أطاعت الله تعالى ، وهذا لا شك أنه لا يجوز .
والذي ننصحك به هو الرفق ، ومعالجة الأمر بالحكمة والموعظة الحسنة ، مع كمال حسن الأدب حين التحدث إليه ، ولا بأس من الاستعانة بمن يمكنه أن يجلي للوالد حقائق الأمور ، ويبصره بحكم الشريعة في مثل تلك القضايا ، ويذكره بالله تعالى ، من أهل النصح والعقل ممن يمكن للوالد تقبل نصحه وكلامه .
والله يسددكم ويرعاكم ويحفظكم من كل سوء ، إنه سميع قريب .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
|