اهل الحق واهل الباطل
﴿وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا﴾ (الإسراء: 81)، ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ﴾ (الأنبياء: من الآية 18)، والمقصود أهل الحق وأهل الباطل. وهل تتصوَّر أن تتحوَّل أنت إلى قذيفةٍ يقذفها الله ويرمي بها أهل الباطل فيزهقون فيندحرون وينزوون ويتوارون عن العيون؛ فلا ترفرف إلا رايتك، ولا تعلو إلا كلمتك، وهي عندئذ كلمة الله؟!. هل تتصور أن كل ما يلحقك أثناء ذلك من خدوشٍ أو جروحٍ هو شهادةٌ لك بأنك أهلٌ لأن تُرمَى وكفءٌ لأن تكون قذيفة، بل إنك لترتقي في الكفاءة وتعلو في الدرجة كلما بَعُد مرماك وزادت قدرتك على تحطيم الباطل وأهله وملاحقته مسيرة شهر، حتى إنك لتبلغ أعلى الدرجات وتحصل على أعظم شهادة عندما تُرمى فلا ترجع، أي عندما تنال الشهادة؟!. ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ﴾ (الأنبياء: من الآية 18). بل هل تتصوَّر أن الأعظم من ذلك أن تحترقَ أنت وتتفجر فتصير مائة قطعة؛ كل قطعة منك تنكأ عدوًّا فتهدم بيته أو تفجِّر خندقه، أو تفقأ عينه أو تُدمي وجهه، أو تكسر عظمه أو تزهق روحه، أو حتى ترغم أنفه؟!. وهل تعتقد أنك تستطيع أن تبلغَ ذلك قبل أن تمرَّ بتلك المراحل التي تمرُّ بها القذيفة قبل أن تكون قذيفةً؛ فتُنقَّى من شوائب الأنانية وحب الرياسة والتعلُّق بالدنيا وشهوة البطن والفرج، ثم تُضاف إليك معادن أخرى من المروءة والنجدة، والشهامة والصبر، والكرم والتواضع، فتزداد صلابتك وقوتك، وبعد كل مرحلة من التنقية أو الإضافة تمرُّ على نارِ السبك، وتدخل أفران المحن، فتُختَبر وتُبتَلى، حتى إذا بلغت من القوة مبلغَها، ومن التماسك مداه، ومن الصلابة أقصاها، وصرت أهلاً لأن تُصنع منك قذيفة.. نلت شرف الرمي؟!. ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ﴾ (الأنبياء: من الآية 18). وهل تعتقد أن "الدفع" أمر هين؟!.. لا يُدفع الشيء إلا بما هو أقوى منه وأقسى؛ فالألمنيوم يَدفع الرصاص وليس العكس، والنحاس يَدفع الألمنيوم وليس العكس، والحديد يَدفع النحاس وليس العكس، والفولاذ يَدفع الحديد وليس العكس، حتى إذا كنتَ في صلابةِ الماس ونقاوته وانتظامه كنت أنت الدافع دائمًا. ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ﴾ (الأنبياء: من الآية 18). هل تتوقَّع أن يقذف الله بك وأنت ما زلتَ في ليونة الرصاص أو هشاشة أعواد القش؟!.. إن هذا لهو الطيش بعينه، تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا. وهل تحسب أنك يمكنك أن تقذف بنفسك وأنت مليء بالشوائب كشوائب الحديد الزهر؟!.. إن هذا لهو الانتحار بعينه. إن أهل الباطل يستمدون من دنياهم وشهواتهم وجاههم وسلطانهم، فانظر أي شيء يستمدون، وبأي قوة- أقصد بأي ضعف- يُمَدُّون. فأنت تستمد من الله وقوته وقدرته وعزته وغناه، فانظر أي شيء تستمد، وبأية قوة تُمَدُّ، ومن هنا كان سر ضعفهم وهشاشتهم وكلاحتهم، حتى صاروا قطعةً من الفحم مهترئة، ومن هنا كان سر نقائك وقوتك وانتظامك حتى صرت قطعةً من الماس إن السرَّ هو إقبالك على الله وإدبار عدوك عنه.. هو فرحك بلقائه وانقباضه عنه، وهو حبك للموت وأخراك وحبه لحياته ودنياه؛ فإن شاركتَه في بعض ما عنده لحقتك الهشاشةُ، وأدركتك الليونةُ، وتخلَّفتَ عن شرف الرمي، وفقدتَ أهليتك في أن تكون قذيفةً يقذف الله بها. وما ذاك إلا لما أصابك من الوهن، وما الوهن إلا حب الدنيا وكراهية الموت ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ﴾ (الأنبياء: من الآية 18). |
رد: اهل الحق واهل الباطل
اللهم اجعلنا نتبين ونستين سبيل الحق واهله
ونعوذ با لله من الظلم وعاقبته |
رد: اهل الحق واهل الباطل
بارك الله فيك اخي
جزاك الله الفردوس على الموضوع القيم يا مبدع سلمت يداك |
رد: اهل الحق واهل الباطل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : جزاك الله خير على طرحك المفيد اخي الفاضل والقلم المبدع ابو مصعب المصري موضوع رائع . |
رد: اهل الحق واهل الباطل
ما شاء الله
موضوعك يُعيد الهمة إلى النفوس لبذلها في سبيل الله بارك الله فيك وحفظك الله |
رد: اهل الحق واهل الباطل
بورك مروركم ايها الاخيار ونسال الله الثبات على الحق
|
الساعة الآن : 11:16 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour