ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   الحدث واخبار المسلمين في العالم (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=17)
-   -   ايها الحاكم حصنها بالعدل...................هدية عيد ميلاده (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=71874)

ابو مصعب المصرى 06-05-2009 11:23 PM

ايها الحاكم حصنها بالعدل...................هدية عيد ميلاده
 
الظلم ظلمات.. والظلم ضياع.. والظلم هلاك.. وقد حكى القرآن الكريم كيف يقود الظلم إلى السقوط والهلاك بانتقام الله سبحانه وتعالي، ومن قوله: ﴿وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا﴾ (الكهف: 59)، ويقول تعالي ﴿وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ﴾ (الأنبياء: 11).

وفي المقابل يقودنا الاستقراء التاريخي إلى الإيمان بـ"العدل" كقيمة إنسانية عظمى, ينطلق منها بقاء المجتمعات ونهوضها وتقدمها وقوتها وعظمتها وشموخها, وسيادة الأمن والطمأنينة والسلام الاجتماعي فيها، لذلك كان العدل من أهم أسس النظام الإسلامي, وهو قاعدة تلزم المسلمين جميعًا كلاًّ في مجاله, وخصوصًا الحكام يقول تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ﴾ (النساء: 58).
والعدل في الإسلام ليس عدلاً سطحيًّا, أو شكليًّا, ولكنه عدل سليم وعميق, ولا يسمح لصاحبه أن يحيد عنه قيد أنملة, أو يسمح لعاطفته أن تغلب عليه, مدفوعًا بحقد أو نقمة أو هوى، يقول تعالى: ﴿وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ (المائدة: 8).
والعدل في الإسلام ذو مفهوم شامل, لا يقف عند حد, ولا يعجز أمام قويّ لقوته, ولا يهوِّن من شأن ضعيف لضعفه, بل القوي في الإسلام- كما قال أبو بكر رضي الله عنه- ضعيف إلى أن يؤخذ الحق منه, والضعيف قوي حتى يؤخذ الحق له".
متى يكون المظلوم كالظالم؟
ومن الفتوح العَقَدية والتربوية للإسلام أنه ساوى في الجُرم والإثم بين الظالم والمظلوم, إذا رضخ الأخير للظلم, ولم يهجر أرض الظلم, ويسع إلى أرض العدل والحرية والعيش الكريم يقول تعالي ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97) إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً (98)﴾ (النساء).
ولذلك لما اشتد إيذاء المشركين للمسلمين في مكة طلب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ممن يستطيع منهم أن يهاجروا إلى الحبشة "لأن فيها ملكًا لا يُظلم عنده أحد" مع بُعٍد الشّقّة واختلاف الدين, مما يؤكد أنَّ الإسلام ينظر إلى "العدل" كقيمة عليا بصرف النظر عن اختلاف الأديان, فالمعروف أنَّ أرض الحبشة ليست أرضًا عربية, وأنَّ أهلها من النصارى, ولا يتكلمون لغة العرب, ومع ذلك كان العدل هو المنشود المرجوّ المطلوب.
حصنها بالعدل
وبالعدل تشتد قلوب الرعية, وتعيش في طمأنينةٍ وسلام, وتحيا صادقة الإخلاص, كاملة الولاء للعقيدة والأرض والراعي, وتسترخص الفداء والتضحية بالنفس, وبكل غالٍ ونفيس.
ومما يرويه التاريخ بفخرٍ واعتزازٍ أنَّ خامس الخلفاء الراشدين عمر بن عبدالعزيز (63- 101هـ) كتب إليه أحد عماله (ولاته) يطلب منه أن يُقطعه مالاً (أي يحدد له ميزانية) لترميم المدينة التي يتولى أمرها, ويبني حولها سورًا يحصّنها به، فكتب إليه الخليفة عمر بن عبد العزيز ردًّا يقول فيه: "... بل حصِّنها بالعدل, ورمّمها بتنقية طرقها من الظلم".
ولم يبالغ عمر- رضي الله عنه- فالسور الحجري سرعان ما ينهار تحت أقدام الأعداء إذا كانت الأمة مظلومة مرعوشة الكيان, لا تستشعر الولاء للوطن بسبب ظلم حكامها, أما "السور البشري" من مواطنين يعيشون العدل بكينونة قوية شامخة فهو الأقوى والأثبت, الذي لا يسقط ولا يهون.
وثمة واقعة أخرى في خلافة عمر, وهي أن "الجراح بن عبدالله" والي خراسان كتب إلى عمر بن عبدالعزيز: "إنَّ أهل خراسان قوم ساءت رعيتهم, وإنه لا يصلحهم إلا السيف والسوط فإن رأى أمير المؤمنين أن يأذن لي في ذلك"، فكتب إليه عمر ".. أما بعد, فقد بلغني كتابك تذكر فيه أنَّ أهل خراسان قد ساءت رعيتهم, وأنه لا يصلحهم إلا السيف والسوط, فقد كذبت, بل يصلحهم العدل والحق, فابسط ذلك فيهم والسلام".
وهو خبر أهديه لحكامنا الذين لا يؤمنون إلا بمنطق الظلم والقهر والقوة الغاشمة, والسجون والمعتقلات للأبرياء, بحجة المحافظة على أمن الأمة وسلامتها.
قانون الطوارئ والضياع
وإني لأسأل.. والحزن يغمر نفسي- أين نحن من هذه السياسة الإنسانية التي خلَّدت على مدار التاريخ؟ أين نحن من كل أولئك- أو من بعضه- ونحن نعيش تحت وطأةِ حكمٍ مستبدٍ مطلق, يتمتع به حاكم هو الدولة والقانون, والمرجعية و"الحصن الحصين", وحوله جوقة.. من المنافقين النفعيين المنهومين الهباشين الهبارين, وليس مهمًّا أن يُطحن الوطن تحت مواطئ أقدامهم, وأن يصبح في نظر الأعداء هينًا خواءً بلا كيان؟!
ربع قرن ونحن نعيش في قانون الشذوذ والخنق وإهدار آدمية الإنسان, سموه "قانون الطوارئ", وقد ذكرنا به "الجراح بن عبدالله" والي خراسان الذي أراد أن يقوِّم الناس بالسيف والسوط، لقد رأينا زوار الفجر كيف يقومون بالغزو الخسيس لبيوت الآمنين, ويفزعون الأطفال والنساء, ويلقون في غيابات الجب- بلا اتهامٍ ولا تحقيقٍ- رجالاً وشبابًا آمنوا بربهم فزادهم الله هدى، وتستضيف السجون والمعتقلات حاليًا أكثر من عشرين ألفًا من خيرة من أنجبت مصر.. وأغلبهم قضى في هذا العذاب أكثر من عشر سنين، ومن عجب أن يمثل عدد هؤلاء أكثر من ثلاثة أضعاف أسرى (إسرائيل) من الفلسطينيين الفدائيين والمدنيين، وقد خاب من افترى.
نانسي عجرم تحارب الإرهاب
وأبادر فأقول إننا ضد الإرهاب بكل أشكاله ومظاهره، ويصدق ذلك أيضًا على "الإرهاب الحكومي" أو الرسمي الذي يستهدف المواطنين الأبرياء، وأقول إنَّ ما حدث في طابا وشرم الشيخ جريمتان بشعتان لا يقرهما عقل ولا دين ولا إنسانية ولا وطنية، فبماذا قابل المسئولون كارثة "الشرم" بصفةٍ خاصة؟! يا عجبًا يا سادة!! فوجئنا بمظاهرة ضخمة قام بها الفنانون الذين "استوردوا" - على عجل- من القاهرة، تلاها استحضار مغنين عالميين للغرض نفسه، وقبلها "توجيه دعوة عاجلة إلى الملوك والرؤساء العرب لعقدِ مؤتمرٍ طارئ لوضع خطة لمكافحة الإرهاب"، وكل أولئك تهريج في تهريج, وإهدار للوقت, ومظاهر منكودة تؤدي إلى نمو ظاهرة العنف والإرهاب.
نكبة يعيشها أهل سيناء ومصر باكملها
مداهمات بالكلاب البوليسية في سيناء

ولكن الأخطر من ذلك إلقاء القبض على ما لا يقل عن ثلاثةِ آلاف من أهل سيناء, وتعذيب كثير منهم تعذيبًا رهيبًا، ومضايقة عشرات الآلاف من سكانِ سيناء في أرزاقهم, وتنقلاتهم، والقيام بحملة كثيفة من ثلاثة آلاف جندي, وألف وخمسمائة كلب بوليسي, ومحاصرة أحد الجبال يقال إنَّ الإرهابيين آووا إليه, ومعروف أنهم تمكنوا من نسف عدد من المصفحات وقتل عدد من الجنود وكبار الضباط.
ولم يحاول أحد أن يدرس الأحداث ومقدماتها ودلالتها ونتائجها دراسة علمية عميقة منصفة, ومن استقرائي للأحداث اعتقد أنَّ أهل سيناء يحكمهم الآن عقدتان متجذرتان: الأولى عقدة الشعور بالظلم الفادح والاضطهاد الثقيل، والثانية: عقدة الشعور بالاغتراب, وهما عقدتان ينسفان في نفوسهم "الولاء الوطني"، مما يذكرنا بقول أبي نواس:
لا أذودُ الطيرَ عن شجرٍ قد بلوتُ المرَّ من ثَمرهْ
اعتقالات عشوائية لآلاف الأبرياء.. واطراد إطلاق اسم "البدو" عليهم, وكأنَّ هناك جنسيتين: جنسية بدوية وجنسية مصرية (اختص بها سكان الوادي كما يقول أهل سيناء)، إنَّ المسألة معقدة, فهي متشابكة الخطوط والخيوط, وهي في حاجةٍ إلى دراسات ميدانية علمية واعية تبدأ من الجذور, ويقوم بها خبراء أمناء, بعيدًا عن "الحزب المسمى بالوطني", وبعيدًا عن الأمن "العادلي", ويسبق ذلك مبادرة بالإفراج عن الآلاف من الأبرياء, حتى نحصنها بالعدل كما قال عمر بن عبدالعزيز.

خديجة 06-05-2009 11:54 PM

رد: ايها الحاكم حصنها بالعدل...................هدية عيد ميلاده
 
صحــ الظلم ظلمات ــوالظلم ضياع ـــوالظلم هلاك.ـيح

وصدق عمر ابن عبد العزيز حين قال:
"... بل حصِّنها بالعدل, ورمّمها بتنقية طرقها من الظلم".

أبو مصعب المصري
جزاك الله خيرا
على الموضوع القيم
بارك الله فيك
وجعله في موازين حسناتك

ابو مصعب المصرى 07-05-2009 01:41 PM

رد: ايها الحاكم حصنها بالعدل...................هدية عيد ميلاده
 
بورك مرورك اختاه
وجزاكى ربى خيرا

سحر على 08-05-2009 10:17 PM

رد: ايها الحاكم حصنها بالعدل...................هدية عيد ميلاده
 
سددنا بطول الصبر منّا صمامه .......فزادت عليه النار, فانفجر القدر.
أظن أن حال أهلنا فى سيناء يوصف فى هذا البيت
اللهم أصلح أحوالنا وأحوال المسلمين فى كل مكان
نسأل الله أن تقبل هديتك أخى الكريم
أبو مصعب المصرى
بارك الله لك

مصطفى المسلم 08-05-2009 11:30 PM

رد: ايها الحاكم حصنها بالعدل...................هدية عيد ميلاده
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو مصعب المصرى (المشاركة 707245)

وهو خبر أهديه لحكامنا الذين لا يؤمنون إلا بمنطق الظلم والقهر والقوة الغاشمة, والسجون والمعتقلات للأبرياء, بحجة المحافظة على أمن الأمة وسلامتها.
قانون الطوارئ والضياع
وإني لأسأل.. والحزن يغمر نفسي- أين نحن من هذه السياسة الإنسانية التي خلَّدت على مدار التاريخ؟ أين نحن من كل أولئك- أو من بعضه- ونحن نعيش تحت وطأةِ حكمٍ مستبدٍ مطلق, يتمتع به حاكم هو الدولة والقانون, والمرجعية و"الحصن الحصين", وحوله جوقة.. من المنافقين النفعيين المنهومين الهباشين الهبارين, وليس مهمًّا أن يُطحن الوطن تحت مواطئ أقدامهم, وأن يصبح في نظر الأعداء هينًا خواءً بلا كيان؟!

السلام عليكم ورحمة الله
صدقت بارك الله فيك فقد تحقق الحديث*وينطق الرويبضة*
بل وأصبح الرويبضات يتحكمون في رؤوس الصالحين
وأنا أسال هل ينبغي للحداثيين الزنادقة أن يتولوا منصبا في
أمتنا العزيزة؟أليس مكان هؤلاء في السجون التي يزج فيها
بأصحاب النوايا الحسنة من المصلحين؟
ولكن للاسف بدأت المنظمات الماسونية تتغلغل في صفوف
القيادات بشكل قد يخفى ولكن هي الحقيقة المرة
جزاك الله خيرا على المقال الرائع
في أمان الله

ابو مصعب المصرى 09-05-2009 01:59 PM

رد: ايها الحاكم حصنها بالعدل...................هدية عيد ميلاده
 
اخى الفاضل
بورك مرورك وتعليقك الطيب
والشكر موصول لاختى الفاضلة

قلب الجزائر 09-05-2009 02:10 PM

رد: ايها الحاكم حصنها بالعدل...................هدية عيد ميلاده
 
موضوع قيم وراائع من أخي داااااائما مواضيعه مميزه
بارك الله فيك أخي أبو مصعب المصري

ابو مصعب المصرى 10-05-2009 02:19 PM

رد: ايها الحاكم حصنها بالعدل...................هدية عيد ميلاده
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قلب الجزائر (المشاركة 709098)
موضوع قيم وراائع من أخي داااااائما مواضيعه مميزه


بارك الله فيك أخي أبو مصعب المصري

حياكى ربى اختاه
وجزيتى خيرا لمرورك


الساعة الآن : 07:54 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 19.40 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.92 كيلو بايت... تم توفير 0.48 كيلو بايت...بمعدل (2.47%)]