ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   الملتقى الاسلامي العام (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=3)
-   -   هل رأى النبي صلى الله عليه وسلم ربه؟ (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=321567)

ابوالوليد المسلم 28-11-2025 12:34 PM

هل رأى النبي صلى الله عليه وسلم ربه؟
 
هل رأى النبي صلى الله عليه وسلم ربه؟

حسين البيضاني

في صحيح مسلم برقم 439:
عن مسروق قال: كنت متكئًا عند عائشة، فقالت: يا أبا عائشة، ثلاث من تكلم بواحدة منهنَّ، فقد أعظَم على الله الفِرية؛ (أي الكذب)، قلت: وما هنَّ؟ قالت: مَن زعَم أن محمدًا صلى الله عليه وسلم رأى ربَّه، فقد أعظم على الله الفرية؛ قال: وكنتُ متكئًا فجلستُ، فقلت: يا أمَّ المؤمنين، أنْظِريني ولا تَعجليني، ألم يقل الله عز وجل: ﴿ وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ ﴾ [التكوير: 23]، ﴿ وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى ﴾ [النجم: 13]؟ فقالت: أنا أوَّل هذه الأمة سأل عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إنما هو جبريل، لم أرَه على صورته التي خُلق عليها غير هاتين المرتين، رأيتُه منهبطًا من السماء، سادًّا عِظمُ خلقه ما بين السماء إلى الأرض، فقالت: أوَلَم تسمع أن الله يقول: ﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الأنعام: 103]، أَولم تسمع أن الله يقول: ﴿ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ﴾ [الشورى: 51]؛ الحديث".

نُلاحظ هنا أن الإقرار مأخوذٌ من فم النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة، ويؤكد ذلك الحديث رقم 443 عند مسلم.

عن عبد الله بن شقيق عن أبي ذر قال: سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل رأيتَ ربك؟ قال: "نور أنَّى أراه"، وفي رواية أخرى: "رأيتُ نورًا"، والنور الذي رآه هو حجاب الرحمن سبحانه وتعالى؛ كما في صحيح مسلم برقم 445.

عن أبي موسى قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس كلمات، فقال: "... حجابه النور (يعني الله تعالى)، وفي رواية أبي بكر: النار، لو كشَفه لأحرقتْ سُبُحات وجهه ما انتهى إليه بصرُه مِن خلقه".

والنبي صلى الله عليه وسلم يؤكد استحالة رؤية الله تعالى في الدنيا؛ كما عند مسلم برقم 7356، عندما حذَّر النبي صلى الله عليه وسلم الناس الدجال، وقال: "تعلَّموا أنه لن يرى أحد منكم ربه حتى يموت".

ومن ثَم فإن مَن قال بأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه بعيني رأسه، فقد خالف المعصوم صلى الله عليه وسلم الذي أنكر ذلك.

وحين نتأمل آيات سورة النجم المتحدثة عن الرؤية نجد أنها تذكر رؤيتيْن:
1- رؤية النبي صلى الله عليه وسلم جبريل وهو بالأفق الأعلى، وهي نفس المذكورة في حديث عائشة في قوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ ﴾ [التكوير: 23].

وقد أثبت سبحانه أنها رؤية صادقة، فقال: ﴿ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ﴾ [النجم: 11]، والذي يدل على أن المرئي جبريل أن الله تعالى وصفه في سورة النجم بقوله: ﴿ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى * وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ﴾ [النجم: 5 - 7]، وجاء في تفسير الآية في كتاب (فتح القدير) للشوكاني أن المِرَّة لها عدة معاني، فمنها:
القوة والشِّدة في الخَلْق.

صحة الجسم والسلامة من الآفات؛ كما في حديث النبي صلى الله عيله وسلم: "لا تَحِل الصدقة لغني، ولا لذي مِرَّة سوي".

حصانة العقل ومتانة الرأي؛ قال الشوكاني: "والتفسير للمِرَّة بهذا أَوْلى؛ لأن القوة والشدة قد أفادها قوله: ﴿ شَدِيدُ الْقُوَى ﴾"؛ انتهى.

لاحظْ أن هذه المعاني جميعًا لا تليق بالله تعالى، لكنها تليق بجبريل.

دعنا نواصل الآيات؛ يقول سبحانه: (وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى)؛ أي: إن جبريل استوى حال كونه بالأفق الأعلى؛ أي: في الجزء الأعلى من ناحية السماء.

ثم يقول سبحانه واصفًا حركة جبريل عليه السلام نحو محمد صلى الله عليه وسلم:
﴿ ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى ﴾ [النجم: 8]؛ أي: إن جبريل كان بعيدًا مستويًا بالأفق الأعلى، ثم اقترب إلى المنطقة التي بها النبي صلى الله عليه وسلم، حتى إذا صار قريبا تدلَّى؛ أي: انساب جسمه إلى الأسفل باتجاه النبي صلى الله عليه وسلم.

(فكان قاب قوسَيْن أو أدنى)؛ أي: تقاصر طوله العظيم حتى صار قَدْر قوسَيْن؛ (يعني حوالي متريْن)، أو أقل من ذلك، أو أن المسافة بين جبريل والنبي صلى الله عليه وسلم صارت قَدْر متريْن أو أقل.

2- رؤية النبي صلى الله عليه وسلم جبريل عند سدرة المنتهى، ﴿ وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ﴾ [النجم: 13، 14]، والنَّزْلة: المرة من النزول؛ أي: رأى جبريل نازلًا نزْلة أخرى، أو رآه مرة أخرى بعد المرة الأولى، وسدرة المنتهى: هي شجرة سِدْر ضخمة موجودة في السماء السادسة، وقيل: في السماء السابعة؛ انظر تفسير الشوكاني.

وواضح أن المقصود جبريل، لاحظ أن ضمير الغائب في (رآه) يعود على المرئي المذكور سابقًا الذي استوى بالأفق الأعلى، ثم دنا فتدلَّى؛ أي: جبريل نفسه.

والآن نأتي إلى تفسيرات الصحابة لآيات سورة النجم المتحدثة عن الرؤية:
أولًا: عبد الله بن مسعود:
ففي صحيح مسلم برقم 432؛ قال الشيباني: سألت زرَّ بن حبيش عن قول الله عز وجل: ﴿ فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ﴾ [النجم: 9]، قال: أخبرني ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى جبريل، له ستُّ مائة جناح.

وعند أحمد برقم 3740 عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله بن مسعود في قوله: ﴿ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ﴾ [النجم: 11]، قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل في حُلَّة من رَفرفٍ، قد ملأ ما بين السماء والأرض، وهذا التفسير موافقٌ للقرآن والسنَّة.

ثانيًا: أبو هريرة:
فعند مسلم برقم 435: عن عطاء عن أبي هريرة: ﴿ وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى ﴾ [النجم: 13]، قال: رأى جبريل، وهذا أيضًا موافقٌ للقرآن والسنَّة.

ثالثًا: عبد الله بن عباس:
ففي صحيح مسلم برقم 436عن عطاء عن ابن عباس قال: رآه بقلبه.

وفي رقم 437 عن أبي العالية عن ابن عباس قال: ﴿ وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى ﴾ [النجم: 13]، قال: رآه بفؤاده مرتين.

لاحظ أن تفسير ابن عباس إن كان يَقصِد به جبريل فلا إشكالَ، أما إن قصَد به أن المرئيَّ هو الله تعالى، فذلك مخالفٌ للقرآن والسنَّة.






الساعة الآن : 02:35 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 10.61 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 10.51 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.88%)]