ليكن العام الدراسي عام نجاح
ليكن العام الدراسيُّ عامَ نجاح يحيى سليمان العقيلي الحمد لله الكريم المنَّان، علَّم القرآن، خلق الإنسان علمه البيان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، علَّم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، سيد المرسلين، وخاتم النبيين، وإمام المربِّين والمعلمين، صلوات ربي وسلامه عليه، وعلى آله الطاهرين، وصحبه الطيبين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين؛ أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله؛ بها تُفرج الكربات، وتُغفر الزلَّات، وتتنزل البركات؛ ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 282]. معاشر المؤمنين: عام دراسيٌّ جديد بدأ، فيه يُنشر العلم، وتتأدب النفوس، وتزكو الأخلاق، وتزداد المعرفة. العلم الذي رفع الله به أقوامًا ووضع به آخرين، فلا يستوي أبدًا عالم وجاهل؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 9]. وقال تعالى: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾ [المجادلة: 11]. والعلم - معاشر المؤمنين - هو أيسر الطرق، وأحسنها وأوضحها، للوصول إلى رضوان الله وجنته؛ روى مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا، سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ)). والعلم الشرعي واضح في دلالة الحديث على فضله، وتشاركه العلوم الأخرى ذلك الفضلَ بالنية الصالحة والنفع للأمة. معاشر المؤمنين: ولتحقيق غاية التعليم وأهداف العام الدراسي، لا بد من أن يؤدي كل طرف مسؤوليته، ويقوم بواجباته: المعلمون، وأولياء الأمور، والطلبة. فعلى المعلمين أن يعلموا أن رسالة التعليم هي التربية؛ أشرف الرسالات، وأنبل الغايات، فهي رسالة الأنبياء والرسل؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا ﴾ [الأحزاب: 45، 46]. وأن يدركوا أن غاية العلم وثمرته المبتغاة هي بناءُ جيل يجمع بين جوانبه إيمانًا صادقًا، وعلمًا نافعًا، وخُلُقًا حسنًا، ومعرفةً نيرةً، لا سيما وأمتنا اليوم تمر بأخطر تحدٍّ لها في قضيتها الأولى؛ قضية فلسطين وحرب الإبادة التي يشنها الصهاينة على غزة، ومحاولات المتصهينين التشويه والتشويش على الموقف الأصيل والثابت لأهلها الصابرين والمرابطين، في مواجهة حرب الإبادة ومشروع التوسع الصهيوني تجاه الدول العربية. في عصر الذل والهوان أمام الغطرسة الصهيونية؛ ليعلِّم المعلمون أبناءنا أن سبيل العزة والنصر ما ذكره ربنا جل وعلا: ﴿ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ [محمد: 7]، وقوله سبحانه: ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الأنفال: 46]، ويحذرونهم ما حذر منه نبينا صلى الله عليه وسلم بقوله: ((إذا ضنَّ الناس بالدينار والدرهم، وتبايعوا بالعينة، وتبعوا أذناب البقر، وتركوا الجهاد في سبيل الله، أدخل الله تعالى عليهم ذلًّا، لا يرفعه عنهم؛ حتى يراجعوا دينهم))؛ [صحيح الجامع]. علموهم أن كل الأمم والشعوب أدركت أن حقوقها تُؤخذ بالقوة والعزة والكرامة، أما من يلتمس حقوقه على أبواب المنظمات الدولية، فلن ينال إلا الإدانات المنقوصة، التي لا تحفظ أمنًا ولا تسترجع حقًّا. معاشر المؤمنين: إن مسؤولية المعلمين اليوم تجاه الطلاب قد تضاعفت؛ مع تعدد المؤثرات والضغوط النفسية والاجتماعية والفكرية عليهم، ومع تعاظم تأثير وسائل التواصل الاجتماعي التي تنشر الغث والسمين، والنافع والضار؛ فوجب عليهم مضاعفة الجهود في الملاحظة والنظر، والتربية والتوجيه، ومعالجة ما يتعرض له أبناؤنا وبناتنا من التأثيرات السلبية على عقيدتهم وأخلاقهم، وعلى ثقافتهم وهويتهم. معاشر الآباء والأمهات: اغرسوا في قلوب أبنائكم وبناتكم حب العلم وأهله، وإجلال المعلمين والمعلمات وتوقيرهم واحترامهم، وأوصوهم بالجد والاجتهاد، والصبر والمصابرة؛ فإن بلادهم تنتظر منهم خيرًا كثيرًا، فإنما الشباب المتعلم عماد الحضارات، وقِوام المجتمعات، وإن أعظم التحديات اليوم أمام الشباب هو الانشغال بالترف والتُّرهات، وحياة الدَّعة والتفاهات، لا سيما مع أدوات التواصل الاجتماعي، مما يستدعي توجيههم، دون حرمان، لحياة الجد والاجتهاد، والاهتمام بمعالي الأمور. جعله الله عامَ خيرٍ وبركة، وعام توفيق ونجاح، أقول ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم أبناءنا الطلبة: اعلموا - وفقكم الله - أن الغايات والأهداف النبيلة لا تُدرك بالمنام، ولا تُطلب في الأحلام، ولكن بالجد والاجتهاد، والكفاح والصبر. فعليكم بالمذاكرة والمراجعة، وحسن الاستماع والمناقشة، والمثابرة والمواظبة، وتنظيم الأوقات، وأداء الواجبات، فذلك هو سبيل النجاح والتفوق، بعد توفيق الله وعونه. أحسنوا - حفظكم الله - اختيار أصحابكم، فإن الصاحب ساحب؛ وكما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: ((المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل))؛ [صحيح الجامع]. عن المرء لا تسأل وسَلْ عن قرينه https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif فكل قرين بالمقارن يقتدي https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif فاصحب ذوي الأخلاق الحميدة والخِصال الكريمة، والزم ذوي الجد والاجتهاد، وأهل الاستقامة والمثابرة، وذوي النجاح والفلاح؛ تكن منهم. |
الساعة الآن : 12:51 AM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour