ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=81)
-   -   ما يلفظ من قول... إلا لديه رقيب عتيد (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=316910)

ابوالوليد المسلم 07-08-2025 06:14 PM

ما يلفظ من قول... إلا لديه رقيب عتيد
 
ما يلفظ من قول... إلا لديه رقيبٌ عتيد

عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
الخطبة الأولى
الحمدُ للهِ الَّذي لا يَخْفَى عَلَيْهِ لَفْظٌ، ولا يَضِيعُ عِنْدَهُ حَرْفٌ، الحمدُ للهِ الَّذي وَضَعَ الكَلِمَةَ مِيزَانًا، وجَعَلَ السُّكُوتَ أَحْيَانًا عِبَادَةً، وأَشْهَدُ أَنْ لا إِلٰهَ إِلَّا اللهُ، وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ اهْتَدَى بِهُدَاهُ.


أَمَّا بَعْدُ، فَيَا أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ، تَوَقَّفُوا مَعِي هُنَيْهَةً...

وَاسْأَلُوا أَنْفُسَكُمْ بِصِدْقٍ:
كَمْ مَرَّةً تَكَلَّمْنَا؟
وَكَمْ مَرَّةً سَكَتْنَا؟
وَهَلْ كَانَ مَا قُلْنَاهُ لِلَّهِ، أَمْ لِلهَوَى؟
هَلْ نَطَقْنَا بِخَيْرٍ، أَمْ خَلَطْنَا الحَقَّ بِالظَّنِّ، وَالرَّحْمَةَ بِالْفَضْحِ؟
مَنْ مِنَّا يَقِفُ عَلَى مِيزَانِ الكَلِمَةِ قَبْلَ أَنْ يَنْطِقَ؟
مَنْ يُفَكِّرُ فِي الْمَلَكِ الْكَاتِبِ قَبْلَ أَنْ يُرْسِلَ رِسَالَةً؟
مَنْ يَسْمَعُ شَيْئًا فَيَكْتُمُهُ سِتْرًا، أَوْ يَرُدُّهُ نُصْحًا.
عِبَادَ اللهِ؛ إِنَّ اللِّسَانَ سِلَاحٌ ذُو حَدَّيْنِ... قَدْ يَكُونُ مِفْتَاحَ جَنَّةٍ أَوْ طَرِيقَ نَارٍ.


وَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، لَمْ يَتْرُكِ الْكَلِمَةَ دُونَ رَقِيبٍ، فَقَالَ: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق: 18].


الكَلِمَةُ لا تَمُوتُ... وَإِنْ خَرَجَتْ مِنْ فَمِكَ، صَعِدَتْ لِلْسَّمَاءِ، أَوْ سَقَطَتْ فِي قَعْرِ الْخَطِيئَةِ.


دَعُونَا نَتَسَاءَلُ:
هَلَّا سَأَلْنَا أَنْفُسَنَا قَبْلَ أَنْ نَنْطِقَ: هَلْ يَرْضَى اللهُ عَنْ هَذِهِ الْكَلِمَةِ؟
هَلْ هِيَ مِنَ "الطَّيِّبَاتِ"، أَمْ مِنَ "الْخَبِيثَاتِ"؟
أَيُّهَا الْأَحِبَّةُ؛ مَا أَكْثَرَ الْكَلَامَ، وَمَا أَقَلَّ التَّثَبُّتَ!
وَمَا أَكْثَرَ مَا يُنْقَلُ إِلَيْنَا، وَمَا أَقَلَّ مَا يُمَحَّصُ!


وَقَدْ أَمَرَنَا اللهُ بِالْوُقُوفِ، لا بِالْاِنْدِفَاعِ، فَقَالَ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا [الحجرات: 6].
رَوِّدْكَ لا تُلْقِ الْكَلَامَ مُرْسَلًا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فَكَمْ فِتْنَةٍ شَبَّتْ، وَقُودُكَ أَوَّلُهَ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif




لسانُ الفتى نصفٌ ونصفٌ فؤادهُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فلم يَبقَ إلا صورةُ اللحمِ والدمِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فلا تَكُ مُغتابًا ولا تَكُ نمّامًا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ودَعْ ما يُريبُك، واستقمْ في التَّكلُّمِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif



لسانُكَ لا تَذكُرْ بهِ عَورةَ امرئٍ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
‌۞‌فكُلُّكَ عَوراتٌ وللناسِ ألسُنُhttps://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


عِبَادَ اللهِ، إِنَّ الْكَلِمَةَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمَةٌ، وَإِنَّ اللِّسَانَ صَغِيرُ الْجِرْمِ، عَظِيمُ الْجُرْمِ.
تَكَلَّمْتَ وَالْقَوْلُ السَّفِيهُ جِرَاحُهُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
تَرِيقُ دِمَاءَ النَّاسِ وَهِيَ كَلَامُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


فَاحْفَظُوا أَلْسِنَتَكُمْ، وَصُونُوا كَلِمَاتِكُمْ، فَإِنَّهَا تَكْتُبُهَا الْمَلَائِكَةُ، وَتُعْرَضُ عَلَى الْجَبَّارِ يَوْمَ لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ.
إِذَا لَمْ تَخَفْ رَبَّ الْعِبَادِ بِكَلِمَةٍ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فَبِئْسَ لِسَانٌ مَا عَلَيْهِ رَقِيبُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


لا تُطِعْ المغتابَ، ولا تُصْغِ للنمّام، فإنّ السامعَ شريكُ القائل، والمُصدّقَ آثمٌ مع النّاقل.


وَقَالَ جَلَّ شَأْنُهُ: ﴿ وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ [القلم: 10–11].


أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ؛ احْذَرُوا الشَّائِعَاتِ، فَإِنَّهَا تُزْرَعُ فِي الظُّلُمَاتِ، وَتُؤْتِي أُكُلَهَا فِي الْفِتَنِ وَالْخَوْفِ، وَقَدْ حَذَّرَ اللهُ مِنْ تَصْدِيقِهَا، فَقَالَ جَلَّ فِي عُلَاهُ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ [الحجرات: 6].


عِبَادَ اللهِ؛ إِنَّ الْغِيبَةَ خِيَانَةٌ، وَالنَّمِيمَةَ دَنَاءَةٌ، وَالشَّائِعَاتِ سُمٌّ يَسْرِي فِي جَسَدِ الْأُمَّةِ، فَيَقْتُلُ الثِّقَةَ، وَيَهْدِمُ الْأُلْفَةَ.


قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ [الحجرات: 12].


فَلاَ تَكُنْ نَاقِلًا لِكَلاَمٍ لاَ تَعْلَمُ صِحَّتَهُ، وَلاَ تُصْغِ أُذُنَكَ لِمُرَوِّجِيهِ، فَالسَّامِعُ شَرِيكُ الْقَائِلِ، وَالْمُصَدِّقُ لَهُ أَشَدُّ وِزْرًا.


اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِفْتَاحًا لِلْخَيْرِ، مِغْلَاقًا لِلشَّرِّ، نَاصِحِينَ غَيْرَ فَاضِحِينَ، سَاتِرِينَ غَيْرَ شَامِتِينَ.


أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ، وَلِسَائِرِ المُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.


الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى نِعْمَةِ الْإِسْلَامِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى نِعْمَةِ الْبَيَانِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.


أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ؛ احْذَرُوا الْغِيبَةَ وَالنَّمِيمَةَ، فَإِنَّهُمَا دَاءَانِ فَتَّاكَانِ، يُفْسِدَانِ الْقُلُوبَ، وَيُفَرِّقَانِ الْجَمَاعَةَ، وَيُذْكِيَانِ نَارَ الْحِقْدِ وَالْبَغْضَاءِ، يَقُولُ تَعَالَى: ﴿ وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ [الحجرات: 12].


وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ [القلم: 10–11].


وَفِي صَحِيحِ الْأَحَادِيثِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِقَوْمٍ لَهُمْ أَظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ يَخْمِشُونَ وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ، فَسَأَلَ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ فَقِيلَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ، وَيَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِهِمْ.


وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: "لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ نَمَّامٌ"؛ رواه مسلم.


يَا عِبَادَ اللهِ؛ كُنْ حَسَنَ اللِّسَانِ، نَقِيَّ الْكَلِمَةِ، سَلِيمَ الْقَلْبِ، لَا تُخْرِجْ مِنْ فِيكَ إِلَّا مَا يُرْضِي اللهَ، وَذَكِّرْ نَفْسَكَ أَنَّ كُلَّ كَلِمَةٍ مَكْتُوبَةٌ، وَكُلَّ نَفْسٍ مَسْؤُولَةٌ.


وَكُنْ دَاعِيًا إِلَى السَّتْرِ وَالصَّلَاحِ، لَا إِلَى الْفَضِيحَةِ وَالْفَسَادِ، وَذَكِّرْ مَنْ يَغْتَابُ وَيَنِمُّ، أَنَّ رَبَّهُ يَسْمَعُ، وَمَلَائِكَتَهُ تَكْتُبُ، وَيَوْمًا سَيُسْأَلُ عَمَّا قَالَ.


اللَّهُمَّ طَهِّرْ أَلْسِنَتَنَا مِنَ الْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ، وَقُلُوبَنَا مِنَ الْحِقْدِ وَالضَّغِينَةِ، وَاجْعَلْنَا مِمَّنْ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ.


اللَّهُمَّ أَصْلِحْ نِيَّاتِنَا، وَسَدِّدْ أَلْسِنَتَنَا، وَارْزُقْنَا الْقَوْلَ السَّدِيدَ وَالْعَمَلَ الرَّشِيدَ.


اللَّهُمَّ اجعلنا من الذين إذا تَكَلَّمُوا صَدَقُوا، وإذا سَمِعُوا خَيْرًا نَشَرُوه، وإذا سَمِعُوا شرًّا كفُّوه وستروه.


الَّلهُمَّ أعِزَّ الإسْلامَ وَالمُسلِمِينَ، وَاجْعلْ هَذَا البلدَ آمنًا مُطمَئنًّا وَسَائرَ بِلادِ المُسْلِمينَ.


اللَّهُمَّ وَفِّقْ خَادَمَ الحَرَمَينِ الشَرِيفَينِ، وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى.


اللَّهُمَّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا سَخَاءً رَخَاءً وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ.


ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى مَنْ أُمِرْتُمْ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ.


اللّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ،
وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.





الساعة الآن : 10:39 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 18.42 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.33 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.51%)]