ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى الأمومة والطفل (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=16)
-   -   الأسرة المسلمة وتحدّيات المتغيّرات (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=313245)

ابوالوليد المسلم 12-04-2025 06:57 PM

الأسرة المسلمة وتحدّيات المتغيّرات
 
الأسرة المسلمة وتحدّيات المتغيّرات






عبد المجيد البيانوني



الفرد في الإسلام هو الخليّة الحيّة التي يقوم عليها نَسيج المجتمع ، فإذا كان بناءُ الفرد سويّاً سليماً رُجِيَ للمجتمع الخيرُ والسواء ، وإذا كان بناءُ الفرد مختلاًّ لم يتوقّع للمجتمع غير ذلك .. ومن هنا فإنّ الفرد في الإسلام هو محلّ الخطاب والتكليف والمسئوليّة ، وهو منطلق البدء لإصلاح المجتمعات ونهضة الأمم ..

ومهما قيل من تأثير البيئة في الفرد ـ وهي المجتمع بمختلف قواه ومؤثّراته ـ فإنّ الفرد بما يَملك من قُوّة الإرادة ، والقدرة على التغْيير في نفسه يملك القدرة على مقاومة التأثير أوّلاً ، بما يكون عليه من تحصين فكريّ وتربويّ ثمّ يملك القدرة على التأثير فيمن حوله من أسرته ثَانياً ، وفي مجتمعه ثالثاً ..

والفرد الذي تُعطّل طاقاته ، وتُشَلّ فاعليّته ، تتعطّلُ طاقات المجتمع معه ، وتُشَلّ فاعليّته .. لا ينفكّ هذا الأمر عن ذاك .. ومنْ هنا فإنّ جهودَ الإصلاحِ في أيّ مجتمع ، وخطط النهضة والتنمية لابدّ أن تبدأَ من بناء الفرد ، وما تتطلّبه حياته من ضرورات وحاجات وتحسينات ، وبما يتوافق مع مصالح الجماعة ، ولا يتعارض مع ما يحقّق بناءها وتنميتها ..

وهذا لا يعني أن نترك الفرد وحده ، يصارع التيّارات المحيطة به وتصارعه ، فلابدّ أن يخصّ بالرعاية ، منذ نشأته الأولى ، وهي مرحلة الطفولة ، وفي محضن الأسرة ، ومؤسّسات التربية المتنوّعة ..

والأسرة في الإسلام هي الوحدة الطبيعيّة ، والخليّة الحيّة لحضانة الطفولة ورعايتها ، وبناء المجتَمع وتَكوينه ، ولا مثيل لهَا في ذلك ، ولا بديلَ عنها .. إلاّ أن يكون الأطفال سائبين بلا أسر ولا رعاية ..
وإنّ أبرز ما يتّسم به عصرنا أنّه عصر المتغيّرات المتسارعة ، وهذه المتغيّرات لا تقتصر على المنتجات التقنيّة ، والأشياء المادّيّة ، وإنّما تشمل كلّ جوانب الحياة ، وأخطر ما فيها المتغيّرات الفكريّة والثقافيّة ، التي تستهدف فطرة الفرد ، وتكوين المجتمع وعلاقاته ، وهوّيّة الأمّة ومبادئها ، وقيمها وثوابتها
..
لقد هبّت رياح التغيير سموماً دبوراً ، وأصبحت تعصف بكلّ شيء في حياة الإتسان .. تستهدف الثوابت قبل المتغيّرات ، والقيم قبل التقاليد والعادات .. وكثير من الناس عندما يتحدّثون عن المتغيّرات يتحدّثون عنها برؤية الواقع الغربيّ ، الذي لا يعرف شيئاً من الثوابت إلاّ ما كان من قبيل المصلحة المادّيّة أو المنفعة التي تدور حولها .. والموقف المبدئيّ في ذلك أن يميّز الفرد والأمّة بين الثوابت والمتغيّرات ، فما كان من ثوابت الدين وقيمه فإنّه لا يقبل التساهل أو التنازل ، وما كان من المتغيّرات فإنّ سنّة الحياة تفرض عليه التغيير والتبديل ، فقد لا يكون الفرق كبيراً بين أن يأتي التغيير من هنا أو هناك
..
ولكنّ المشكلة التي تبقى قائمة ، أنّ المتغيّرات ليست معزولة عن الثوابت عزلة تامّة ، بحدود فاصلة ، وإنّما تختلط بها ، وتتماهى معها ، فهي تستند إلى بعضها ، وتتّصل بها ، وتنبثق عنها ، بصورة أو بأخرى ، وربّما كانت علاقتها بها خفيّة غير مكشوفة ، لا تظهر لعامّة الناس ، بل قد تلتبس على بعض الخاصّة .. ومن هنا فإنّ على الأسرة المسلمة أن تكون على إحساسٍ دقيق ، ومستوى عالٍ من الوعي ، والاتّصال بأهل العلم ، لتعرف ما هو من الثوابت أو المتغيّرات ، وتكشف مدى العلاقة بين الثوابت والمتغيّرات ، واتّصال بعضها ببعض ، فلا تخدع بمظاهر الأشياء عن حقائقها .. وما يطلق هنا وهناك من دعوات ضبابيّة ، وأفكار عائمة ، لا يسلّم بها لأصحابها ، لأنّها تفتقر إلى التأصيل العلميّ ، والتدقيق المنهجيّ ..
ثمّ إنّ المتغيّرات تفرض على الأسرة والأمّة تحدّيات كثيرة ، وقدرة عالية على المواجهة والتحصين ، ولا تكون الأسرة في مستوى التحدّيات إلاّ إذا أخذت بجملة من المبادئ التربويّة ، ولعلّ من أهمّها :

1 ـ الوعي العميق بالثوابت والمتغيّرات على مستوى المبادئ ، وضوابط كلّ منها وحدوده ، وعلاقاته وآثاره .
2 ـ الاطّلاع الواسع على المستجدّات الاجتماعيّة والعالميّة ، ومعرفة موقف الإسلام منْها .
3 ـ توفير البدائل النافعة النابعة من قيم الحقّ والعدل ، لملء الفراغ وسدّ الخلل .
4 ـ تحصين الطفل والناشئ بغرس قيم الإسلام وآدابه في نفسه منذ سنوات الطفولة الأولى ، وتحبيبه بالإسلام وبكلّ ما جاء به .
5 ـ توفير البيئة الصالحة ، والصحبة الصالحة للطفل ، منذ مرحلة الوعي والتمييز .
6 ـ وكثير من المستجدّات والمتغيّرات هي من نوع الأدوات والوسائل ، فهي سلاح ذو حدّين ، فينبغي أن يدرّب الطفل على حسن التعامل معها ، واستعمالها في الخير دون الشرّ ، والنافع دون الضارّ ..










الساعة الآن : 02:08 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 8.45 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 8.35 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (1.11%)]