ما حكم انتفاع الراهن بالرهن بإذن المرتهن؟
ما حكم انتفاع الراهن بالرهن بإذن المرتهن د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين: القول الأول: يجوز للراهن الانتفاع بالرهن إذا أذن المرتهن. وهو مذهب الجمهور؛ من الحنفية،[1] والشافعية،[2] والحنابلة[3]. ففي المبسوط: "الراهن لا ينتفع بالمرهون بغير إذن المرتهن عندنا"[4]. وفي مغني المحتاج: "وله - أيّ الراهن - بإذن المرتهن ما منعناه من التصرفات، والانتفاعات من غير بدل"[5]. وفي كشاف القناع: "وليس للراهن الانتفاع بالرهن باستخدام، ولا وطء الأمة... ولا للراهن سكنى المرهون، ولا التصرف فيه بإجارة، ولا إعارة، ولا غير ذلك بغير رضا المرتهن"[6]. واستدلوا بدليلين: الدليل الأول: أن منفعة الرهن ملك للراهن، لكن الانتفاع بها محبوس لحق المرتهن، فإن أذن بذلك جاز؛ لأن المنع كان لحقه، وقد زال بإذنه[7]. والدليل الثاني: أن المنع من انتفاع الراهن بالعين المرهونة، مع إذن المرتهن له بذلك تعطيل لها، فيدخل فيما نهي عنه من إضاعة المال[8]. القول الثاني: لا يجوز للراهن الانتفاع بالرهن، وإن أذن المرتهن، وله أن يولي المرتهن باستيفاء المنافع فيما تمكن فيه الاستنابة. وهو مذهب المالكية[9]. ففي حاشية الدسوقي: "تصرف الراهن في الرهن بإذن المرتهن يبطل الرهن من أصله"[10]. واستدلوا:بأن مقتضى عقد الرهن حبس العين المرهونة عند المرتهن على الدوام؛ فإن أذن المرتهن للراهن بالانتفاع بها، فقد زال الحبس واستمرار القبض، فزال الرهن[11]. ونوقش: بأن الانتفاع بالمرهون لا يتنافى مع عقد الرهن؛ لأن المقصود من الرهن استيفاء الحق منه عند تعذر الاستيفاء، وهو حاصل، ولو انتفع الراهن بالعين المرهونة[12]. القول المختـار: هو القول الأول؛ لصحة أدلته، وانفكاكها من المناقشة. [1] ينظر: المبسوط، للسرخسي، (21/ 106)، بدائع الصنائع، للكاساني، (6/ 146)، البحر الرائق، لابن نجيم، (8/ 298)، حاشية ابن عابدين، (6/ 509) . [2] ينظر: المهذب، للشيرازي، (2/ 100)، مغني المحتاج، للشربيني، (3/ 66) . [3] ينظر: المغني، لابن قدامة، (4/ 271)، المبدع، لبرهان الدين بن مفلح، (4/ 223)، كشاف القناع، للبهوتي، (3/ 336). [4] (21/ 106) . [5] (3/ 66) . [6] (3/ 336) . [7] ينظر: المبسوط، للسرخسي، (21/ 106)، مغني المحتاج، للشربيني، (3/ 66) . [8] ينظر: بدائع الصنائع، للكاساني، (6/ 145)، المبدع، لبرهان الدين بن مفلح، (4/ 223) . [9] ينظر: المدونة، لمالك، (14/ 334)، شرح الخرشي، (5/ 245)، حاشية الدسوقي، (3/ 242) . [10] (3/ 242) . [11] ينظر: شرح الخرشي، (5/ 245) . [12] ينظر: المبسوط، للسرخسي، (21/ 106) . |
الساعة الآن : 10:16 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour