الدرس الخامس: آية الكرسي والتوحيد
الدرس الخامس: آية الكرسي والتوحيد محمد بن سند الزهراني بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ.آيَةُ الْكُرْسِيِّ وَالتَّوْحِيدِ؛ قَالَ اللَّهُ - جَلَّ وَعَلَا -: ﴿ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ﴾ [البقرة:255]؛ بَدَأَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ بِلَفْظِ الْجَلَالَةِ (اللَّهِ)، وَاخْتُتِمَتْ بِالْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، وَهَذِهِ أَعْظَمُ كَلِمَةٍ لِلتَّعْرِيفِ بِاَللَّهِ، فَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ، فَهِيَ مُنْطَلَقُ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ وَالْإِحْسَانِ كَلِمَةُ الْإِخْلَاصِ (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ)، هِيَ عُنْوَانُهُ الْجَامِعُ، وَحْدَّهُ الْمَانِعُ، وَهِيَ الْهُوِيَّةُ وَالْقَضِيَّةُ وَالرَّايَةُ وَالشِّعَارُ، وَهِيَ أَصْلُ الْأُصُولِ، وَأُسُّ الِاعْتِقَادِ، وَأَعْظَمُ الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ، وَخَيْرُ مَا وَرَدَ فِي التَّسْبِيحَاتِ وَالْأَذْكَارِ عَبْرَ كُلِّ الْأَزْمِنَةِ وَالْأَعْصَارِ. فَقَدْ حُدِّدَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الْمُبَارَكَةُ بِكَلِمَةِ التَّوْحِيدِ الْخَالِدَةِ: ﴿ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ﴾؛ وَهِيَ كَلِمَةٌ عَظِيمَةٌ، بَلْ هِيَ أَعْظَمُ الْكَلِمَاتِ، قَامَتْ بِهَا الْأَرْضُ وَالسَّمَاوَاتُ، وَخُلِقَتْ لِأَجْلِهَا جَمِيعَ الْمَخْلُوقَاتِ، وَبِهَا أَرْسَلَ اللَّهُ الرُّسُلَ، وَأَنْزَلَ الْكُتُبَ، وَلِأَجْلِهَا نُصِبَتْ الْمَوَازِينُ، وَوُضِعَتْ الدَّوَاوِينُ، وَقَامَ سُوقُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَبِهَا انْقَسَمَتْ الْخَلِيقَةُ إِلَى مُؤْمِنِينَ وَكُفَّارٍ. وَعَلَيْهَا: نُصِبَتْ الْقِبْلَةُ، وَأُسِّسَتْ الْمِلَّةُ، وَهِيَ حَقُّ اللَّهِ عَلَى جَمِيعِ الْعِبَادِ، وَهِيَ كَلِمَةُ الْإِسْلَامِ، وَمِفْتَاحُ الْجَنَّةِ دَارُ السَّلَامِ، وَهِيَ كَلِمَةُ التَّقْوَى وَالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَهِيَ كَلِمَةُ الْإِخْلَاصِ، وَشَهَادَةُ الْحَقِّ، وَدَعْوَةُ الْحَقِّ، وَالْبَرَاءَةُ مِنْ الشِّرْكِ، وَهِيَ أَعْظَمُ النِّعَمِ، وَأَجَلُّ الْعَطَايَا وَالْمِنَنِ. يَقُولُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: (مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ مِنَ الْعِبَادِ نِعْمَةً أَعْظَمُ مِنْ أَنَّ عَرفهُم لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَعَنْهَا يُسْأَلُ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)، فَلَا تَزُولُ قَدَمَ عَبْدٍ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ حَتَّى يَسْأَلَ عَنْ مَسْأَلَتَيْنِ: • ماذا كنتُم تعبدون؟ • وبماذا أجبتُم المرسلين؟ فَجَوَابُ الْأُولَىبِتَحْقِيقِ كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ)؛ عِلْمًا وَإِقْرَارًا وَعَمَلًا، وَجَوَابُ الثَّانِيَةِ بِتَحْقِيقِ شَهَادَةِ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ عِلْمًا وَإِقْرَارًا وَانْقِيَادًا وَطَاعَةً. فَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَعْلَمَ أَمَامَ هَذِهِ الْحَقَائِقِ الْعُظْمَى أَمَرًا عَظِيمًا جَسِيمًا، هُوَ لُبُّ هَذَا الْأَمْرِ، وَأَسَاسُهُ؛ أَلَا وَهُوَ أَنَّ لِهَذِهِ الْكَلِمَةِ مَدْلُولًا لَا بُدَّ مِنْ فَهْمِهِ، وَمَعْنًى لَا بُدَّ مِنْ اعْتِقَادِهِ؛ إذْ غَيْرُ نَافِعٍ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ النُّطْقَ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ مِنْ غَيْرِ فَهْمِ مَعْنَاهَا، وَلَا العمل بِمُقْتَضَاهَا، وَلَعَلَّ هَذَا يَكُونُ فِي الدَّرْسِ الْقَادِمِ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. |
الساعة الآن : 02:19 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour