ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   فتاوى وأحكام منوعة (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=109)
-   -   فضل شهر الله المحرم (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=295053)

ابوالوليد المسلم 27-07-2023 01:02 PM

فضل شهر الله المحرم
 
فضل شهر الله المحرم
محمد أنور محمد مرسال


الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله؛ أما بعد:
لقد فضَّل اللهُ شهرَ المحرم بفضائلَ عديدةٍ؛ ومنها:
أولًا: أضافه الله إلى نفسه:
فهذا الشهر سمَّاه النبي صلى الله عليه وسلم: شهر الله المحرم.

برهان ذلك:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل: أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة؟وأي الصيام أفضل بعد شهر رمضان؟ فقال: ((أفضل الصلاة بعد الصلاة المكتوبة الصلاةً في جوف الليل، وأفضل الصيام بعد شهر رمضان صيام شهر الله المحرم))[1].


وهذا هو الشهر الوحيد الذي أضافه الله إلى نفسه، وإضافته إلى الله تدل على شرفه وفضله؛ فإن الله تعالى لا يضيف إليه إلا خواص مخلوقاته وأشرفها وأعظمها[2].


قال ابن الأثير رحمه الله: إضافته إلى الله تعالى تعظيمًا وتفخيمًا، كقولهم: بيت الله وآل الله، لقريش[3].


قال الطيبي رحمه الله: أضاف الشهر إلى الله تعظيمًا، وعطف المحرم عليه بيانًا؛ تفخيمًا له[4].


ثانيًا: أنه من الأشهر الحرم:
قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [التوبة: 36]، والأشهر الحرم هي: المحرم، ورجب، وذو القَعدة، وذو الحِجَّة.


عن أبي بكرة نفيع بن الحارث رضي الله عنهقال: قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم: ((إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرًا، منها أربعة حُرُم؛ ثلاث متواليات: ذو القَعدة، وذو الحِجَّة، والمحرم، ورجب مضرَ الذي بين جُمادى وشعبان))[5].


ثالثًا: فيه يوم عاشوراء:
وهو يوم من أيام الله العظيمة، مَن صامه غُفر له ذنوب سنة.


عن أبي قتادة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((صيام يوم عرفة إني أحْتَسِبُ على الله أن يكفِّر السَّنَةَ التي قبله، والسنة التي بعده، وصيام يوم عاشوراء إني أحتسب على الله أن يكفِّر السنة التي قبله))[6]، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من صام عاشوراء غُفِرَ له سنة))[7]، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام عاشوراء؛قال ابن عباس رضي الله عنهما:((ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام يوم فضَّله على غيره، إلا هذا اليوم - يوم عاشوراء - وهذا الشهر؛ يعني: شهر رمضان))[8].

رابعًا: أنه يُستحَب فيه الصيام باتفاق العلماء:
اتفق العلماء على استحباب الصيام في شهر المحرم؛ كما صرح بذلك علماء الحنفية[9]، والمالكية[10]، والشافعية[11]، والحنابلة[12].


واستدلوا على ذلك:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل: أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة؟ وأي الصيام أفضل بعد شهر رمضان؟ فقال: ((أفضل الصلاة بعد الصلاة المكتوبة الصلاةُ في جوف الليل، وأفضل الصيام بعد شهر رمضان صيام شهر الله المحرم))[13].


خامسًا: ذهب جمهور العلماء إلى أنه أفضل الشهور للصيام بعد رمضان:
من فضائل هذا الشهر العظيم أن جمهور العلماء قالوا: أفضل الصيام بعد رمضان الصيام في شهر الله المحرم، وقدَّموه على غيره من الشهور[14].


وبهذا قال الحنفية في الجملة؛ حيث قالوا: يُستحَب صيام الأشهر الحرم[15]، وهو مذهب المالكية[16]،والشافعية[17]، والحنابلة[18].


واستدلوا على ذلك: عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة؟ وأي الصيام أفضل بعد شهر رمضان؟ فقال: ((أفضل الصلاة بعد الصلاة المكتوبة الصلاة في جوف الليل، وأفضل الصيام بعد شهر رمضان صيام شهر الله المحرم))[19].


سادسًا: أن بعض العلماء قال: "إنه أفضل الأشهر الحُرُم":
من العلماء من قال: إن شهر الله المحرم هو أفضل الأشهر الحرم؛ وهذا مذهب الحسن[20]، وبه قال بعض الشافعية[21].
وبالله التوفيق.

[1] رواه مسلم (1163).

[2] شرح منتهى الإرادات، البهوتي (1/ 459) ط: (دار الفكر)، بيروت، لبنان، كشاف القناع على متن الإقناع، البهوتي (2/ 411) ط: (إحياء التراث العربي)، بيروت.

[3] النهاية في غريب الحديث والأثر، ابن الأثير (2/ 460)، ط: (دار الكتب العلمية)، بيروت، لبنان،

[4] الكاشف عن حقائق السنن، الطيبي (4/ 213)، ط: (دار الكتب العلمية)، بيروت، لبنان.

[5] رواه البخاري (5550)، ومسلم (1679)، وأبو داود (1947).

[6] رواه مسلم (1162)، وأبو داود (2425)، والترمذي (752)، وابن ماجه (3632).

[7] صحيح لغيره: أصله عند مسلم، وسبق تخريجه، وهذه رواية الطبراني في (الأوسط).

[8] رواه البخاري (2006).

[9] بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، الكاساني (2 ه/ 685) ط: (دار الحديث) القاهرة.

[10] القوانين الفقهية، ابن جزي (ص: 94) ط: (دار الحديث) القاهرة، مواهب الجليل لشرح مختصر خليل، الحطاب (3 / 319) ط: (دار الكتب العلمية) بيروت، لبنان.

[11] المجموع بشرح المهذب، النووي (6/ 438) ط: (دار إحياء التراث العربي) ت: المطيعي، مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج، الشربيني (2/ 201) ط: (المكتبة التوفيقية) القاهرة.

[12] الفروع، ابن مفلح (2/ 67) ط: (دار الكتاب العربي) بيروت، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، المرداوي (1 / 546) ط: (بيت الأفكار الدولية)، شرح منتهى الإرادات، البهوتي (1/ 459) ط: (دار الفكر) بيروت، لبنان، كشاف القناع على متن الإقناع، البهوتي (2/ 411) ط: (دار إحياء التراث العربي) بيروت، لبنان.

[13] رواه مسلم (1163)، وأبو داود (2429).

[14] وفي المسألة خلاف مشهور:
أ- من العلماء من يقدم "شعبان"؛ وهذا قول بعض الشافعية، وبعض الحنابلة.
ب- ومن العلماء من يقدم "رجب"؛ وهذا قول بعض الشافعية.
ج- والجمهور على تقديم "شهر الله المحرم".

[15] بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، الكاساني (2/ 685) ط: (دار الحديث) القاهرة.

[16] مواهب الجليل لشرح مختصر خليل، الحطاب (3/ 319) ط: (دار الكتب العلمية) بيروت، لبنان، التاج والإكليل (3/ 319) مع المواهب، ط: (دار الكتب العلمية) بيروت، لبنان.

[17] المجموع بشرح المهذب، النووي (6/ 438) ط: (دار إحياء التراث العربي) ت: المطيعي، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، الرملي (3/ 243) ط: (دار الفكر) بيروت، لبنان، مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج، الشربيني (2/ 201) ط: (المكتبة التوفيقية) القاهرة، حاشية الشرواني على تحفة المحتاج (3/ 508) ط: (دار الفكر) بيروت، لبنان.

[18] الفروع، ابن مفلح (2/ 67) ط: (دار الكتاب العربي) بيروت، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، المرداوي (1/ 546) ط: (بيت الأفكار الدولية)، شرح منتهى الإرادات، البهوتي (1/ 459) ط: (دار الفكر) بيروت، لبنان، كشاف القناع على متن الإقناع، البهوتي (2/ 411) ط: (دار إحياء التراث العربي) بيروت، لبنان.

[19] رواه مسلم (1163)، وأبو داود (2429).

[20] لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف، ابن رجب (ص: 152)، ط: (مكتبة الصفا) القاهرة.

[21] لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف، ابن رجب (ص 152)، ط: (مكتبة الصفا) القاهرة.
وفي المسألة خلاف مشهور:
أ- من العلماء من قال: "شهر رجب"؛ وهذا قول بعض الشافعية.
ب- ومن العلماء من قال: "شهر ذي الحجة"؛ وهذا قول سعيد بن جبير، وغيره، وقال به بعض الحنابلة.
ج- من العلماء من قال: "شهر الله المحرم"، كما ذكرنا.
والأقرب، والأقوى: أنه "شهر ذي الحجة".
برهان ذلك:
أ- أن فيه الأيام العشر التي أقسم الله بها - على وجه من وجوه التفسير - والعمل الصالح فيها أفضل من غيرها.
ب- وفيه: يوم عرفة، ويوم النحر، وأعمال الحج ومناسكه.






الساعة الآن : 03:24 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 14.74 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 14.64 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.64%)]