ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى النقد اللغوي (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=120)
-   -   التكرار عند المتنبي (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=293150)

ابوالوليد المسلم 10-06-2023 03:58 PM

التكرار عند المتنبي
 
التكرار عند المتنبي
د. ابراهيم عوض

هناك نوعانِ من التكرار في شعر المتنبي:
الأول أن يكرر لفظًا معينًا في البيت الواحد عدة مرات، سواء كرره هو نفسه أو كرره مع مشتقاته.
والثاني أن يكرر لفظًا أو عدة ألفاظ في بيتين أو عدة أبيات متتالية أو متقاربة.

وقد تنبه نقَّاد المتنبي من قديم إلى النوع الأول من التكرير وأخذوه عليه؛ إذ عاب عليه الصاحب بن عباد مثلًا قولَه لسيف الدولة:
وأنت أبو الهيجا بنُ حمدانَ يَا بْنَه https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
تشابَهَ مولودٌ كريمٌ ووالدُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وحمدانُ حمدونٌ، وحمدونُ حارثٌ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وحارثُ لقمانٌ، ولقمانُ راشدُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


وقوله:
جوابُ مُسائِلي: أله نظيرٌ؟ *** ولا لك في سؤالِك لَا ألا لا

وقوله:
عظُمتَ فلمَّا لم تكلَّم مهابةً *** تواضَعْتَ وَهْوَ العُظمُ عُظمًا عن العُظمِ[1]

وقوله:
ولا الضعفُ حتى يتبعَ الضعفَ ضعفُهُ *** ولا ضعف ضعفِ الضعفِ بل مثلُه ألفُ

وقوله:
وكم جاهلٍ بي وهو يجهَلُ جهلَهُ *** ويجهَلُ عِلْمي أنه بيَ جاهلُ[2]
وعاب عليه الحاتميُّ بعض هذه الأمثلة، مضيفًا إليها بعضًا آخر[3]، وزاد الثعالبي على هذه الأمثلة أمثلةً أخرى، فبلغت جميعًا واحدًا وعشرين مثالًا، ووضعها جميعًا مع مآخذ أخرى تحت عنوان كبير، هو (معائب شعره ومقابحه)[4].

تناول ابن رشيق القيرواني هذا الجانب من شعر المتنبي قائلًا: إن المتنبي قد جعل ذلك نصب عينيه حتى مقته وزهد فيه، وحتى خرج به أحيانًا عن حد الشعر، كما في قوله:
أسد فرائسها الأسودُ، يقودها *** أسدٌ تكون له الأسودُ ثعالبا[5]
وقد عقَّب الدكتور شعيب على حكم ابن رشيق هذا بقوله: (ولسنا ندري من أين جاء القيرواني بقوله: إن المتنبي جعل ذلك نصب عينيه حتى مقته وزهد فيه، دون أن يمدنا بإحصاء ما ذكره المتنبي من أبيات تشتمل على هذا العيب، ولم يذكر لنا هذا الإحصاء سواه من النقاد)[6].

والواقع أني كنت قد حاولت هذا الإحصاء من قبل، ووجدت أن الأبيات التي بهذا الشكل من شعر المتنبي قد قاربت الخمسين بيتًا.
وهذه أمثلة أخرى غير التي أوردها من رجعت إليهم:
يُعطِي فتُعطى مَن لُهَى يده اللُّهَى https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وترى برؤيةِ رأيه الآراءُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


فشكري لهم شكرانِ: شكرٌ على الندى https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وشكرٌ على الشكرِ الذي وهبوا بعدُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


أما الأحبة فالبيداءُ دونهمُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فليت دونَك بيدًا دونها بِيدُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


فلا مشاد ولا مشيدُ حمًى https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ولا مشيدٌ أغنى ولا شائدُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


أراه صغيرًا قدرها عظم قدره https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فما لعظيمِ قدره عنده قدرُ


ابوالوليد المسلم 10-06-2023 04:00 PM

رد: التكرار عند المتنبي
 

وَلا وَقَفْتُ بجسْمٍ مُسْيَ ثالِثَةٍ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ذي أرْسُمٍ دُرُسٍ في الأرْسُمِ الدُّرُسِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


إن المعيدَ لنا المنام خياله https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
كانت إعادته خيال خيالِه https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


غثاثةُ عيشي أن تغثَّ كرامتي https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وليس بغثٍّ أن تغث المآكلُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


ملولةٌ ما يدوم ليس لها https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
من مللٍ دائم بها مللُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


لو كنَّ يوم جرين كنَّ كصبرنا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
عند الرحيلِ لكُنَّ غيرَ سجامِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

(الضمير في (كن) يعود على (أرواحنا) التي مرت في البيت السابق على هذا البيت).
♦ ♦ ♦
وأطعمتني في نيلِ ما لا أناله https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
بما نلت حتى صرت أطمع في النجمِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
مَن ليس مِن قتلاه من طلقائه https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
مَن ليس ممن دان ممن حينا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

وأظن أنه بعد هذه الأمثلة (وهي مجرد أمثلة)، والأمثلة التي وردت في كتب السابقين لا ينبغي أن يبقى لدينا شك في أن هذه سمة بارزة في شعر المتنبي، وأن نقَّادنا القدماء لم يتجنوا على الشاعر حين جعلوها كذلك، لكننا مع ذلك نخالفهم في أن المتنبي قد مقتنا بهذه الأبيات في تكرير اللفظ في البيت الواحد، فما من بيت من هذه الأبيات يشكِّل لنا أية صعوبة في نطقه، بل إن اللسان ليجري به جريًا لا يتحقق في أبيات أخرى ليس فيها هذا التكرار، وقد مرت أمثلة من هذه الأبيات الأخيرة في مواضع من هذا الكتاب.

على أن الأمر لا يقف عند هذا الحد، فإني لا أظن المتنبي رحمه الله إلا كان يقصد من وراء هذا التكرير إلى تحقيق قيمة فنية: إنه فيما يبدو لي كان يتلذَّذ في المديح والفخر والغزل بترديد اللفظة، ويريد للسامع والقارئ أن يتلذذا هما أيضًا بهذا الترديد، كما يتلذذ الواحد منا بتقليب قطعة من الحلوى في فمه، خذ هذا البيت مثلًا:
قَبيلٌ أنتَ أنتَ وأنتَ منهُمْ *** وجَدُّكَ بِشْرٌ المَلِكُ الهُمَامُ
ألست ترى أنها تقع من أذنِ الممدوح ونفسه موقع قطعة السكر في الفم؟ ومثله قوله:
وإني وإن كان الدفين حبيبَه *** حبيبٌ إلى قلبي حبيب حبيبي
وقد لمح نصر بن محمد الوزير الجزري، شيخ العكبري، هذا التعليل حين قال ردًّا على من يعيبون بيت المتنبي التالي:
العارض الهتن ابن العارض الهتنِ ابــ *** ــن العارض الهتن ابن العارض الهتنِ
(العارض الهتن: السحاب المدرار).
إذ قال: إنما تكرر الألفاظ لشرف الآباء[7].

كما أنه في بعض الأبيات التي من هذا النوع كان يقصد، فيما أرجح، إلى المبالغة وإبراز المعنى، وذلك كما في قوله:
عظمت، فلما لم تكلم مهابةً *** تواضعت، وهو العظم، عظمًا عن العظمِ
فانظر إلى هذه المراقي من العظمة كل مرقاة ترتفع بالممدوح في أجواز الفضاء إلى المدى الذي نُحِس معه أنه قد بلغ من الرفعة درجة لا تطال، وذلك كله بتكرار ألفاظ (ع ظ م) في البيت، فكأن كل لفظة منها طبقة في الفضاء تسلم إلى ما فوقها.

وقوله:
وكلكمُ أتى مأتى أبيه *** فكل فعالِ كلِّكمُ عجابُ
إن المتنبي هنا قد ضرب أصل الفكرة (وهو تقليد الأبناء لأبيهم في المجد والعظمة) في نفسه ثلاث مرات، فجعله كما يقول الرياضيون مكعبًا: (فكلكمُ... فكل فعالِ كلكمُ)، ومع ذلك لم تركَّ عبارته أو تنشز موسيقاه أو تتعقد ألفاظه، بل إنه قد وشي تكريره بالمخالفة بين نطق (كل) في الحالات الثلاث؛ هكذا: (كلكمُ)، و(كل) من غير كافٍ ولا ميم ولا مد، و(كلكمُ)، (بضمير المخاطبين ومد الميم ثانية).


ابوالوليد المسلم 10-06-2023 04:01 PM

رد: التكرار عند المتنبي
 
ومثله قوله في البيت الثالث من الأبيات التالية:
ولست بدونٍ يرتجي الغيث دونَه https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ولا منتهى الجودِ الذي خلفه خلفُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ولا واحدًا في ذا الورى من جماعةٍ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ولا البعض من كل ولكنك الضعفُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ولا الضعف حتى يبلغ الضعف ضعفه https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ولا ضعف ضعفِ الضعفِ، بل مثله ألفُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أقاضيَنا، هذا الذي أنت أهلُه https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
غلطت، ولا الثلثانِ هذا، ولا النصفُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


فأي براعة هذا الذي يفعله المتنبي بهذه الألفاظ الحسابية!
إن الرجل بهذا كأنه يسبح في الهواء، ولا أدري كيف فات هذا كله المرحوم محمد كمال حلمي، وهو الرجل الذوَّاقة للأدب، والذي أرى أن كتابه عن المتنبي من أمتع ما كتب عن هذا الشاعر؛ إذ قال: (ألا ترى كيف انتقلنا من الشعر والخيال إلى عمليات حسابية ومسائل رياضية، بل وإلى متواليات هندسية لا تحلها كتب اللغة، وإنما تحلها جداول اللوغاريتم)[8].

لقد فاتته رحمه الله هذه البراعة التي حول بها المتنبي هذا الألفاظ الحسابية إلى موسيقا مجلجلة أبرزت لنا تفوُّق ممدوحه الساحق على الناس كل الناس، إن في الكلام مبالغة شديدة، ولكنها مبالغة بارعة.

وفي أحيان أخرى نشعر كأن المتنبي، بتكريره اللفظة في البيت الواحد، كأنه ممسك بإبرة يخزُّ بها من يهجوه، وقد تقوم حروف الكلمة المكررة بوظيفة التجسيد لمعنى البيت، كما تفعل (القاف واللام) في البيت التالي:
فقلقلت بالهمِّ الذي قلقل الحشا *** قلاقل عيس كلهن قلاقلُ
(قلاقل عيس: خفاف إبل).

إن الإنسان ليكاد يشعر بالخضخضة بعد قراءة هذا البيت عدة مرات متتابعة، إنه القلقلة مجسمة، جسمها تكرر القاف واللام متتابعين عدة مرات، ومن مهارة المتنبي أنه - من بين صفات النُّوق التي تدل على السرعة والخفة - قد اختار عمدًا الصفة (قلاقل)، لتوحي بـ(القلقلة) بحروفها، وإن لم تدل عليها بمعناها، فإذا عرَفنا أن هذا البيت من قصيدة قالها في صباه[9]، وهو ما ينطبق على عدة أبيات أخرى بهذا الشكل، تأكد لنا أن المتنبي كان واعيًا لقيمة هذا التكرير في شعره منذ فترة مبكرة من حياته.

ومثل ذلك قوله في بيت آخر:
أرقٌ على أرقٍ ومثلي يأرقُ *** وجوى يزيدُ وعَبرةٌ تترقرقُ
الذي عاب تكرر (القاف) في شطرته الأولى الدكتور صلاح عبدالحافظ[10]، مع أن تكرارها يجسم الأرق تجسيمًا، بل إنه ليطرد النوم عن العيون طردًا.

كذلك لا أحسبني مخطئًا إذا قلت: إن المتنبي قد أراد بهذا التكرير عمومًا أن يلفت أسماع جمهوره وأبصارهم، إنه المتنبي الذي يحب دائمًا شغل الناس به وبشعره!

فهذا عن النوع الأول من التكرير الموجود في شعر المتنبي.

أما النوع الثاني[11] فهو كما قلت تكرير لفظ أو عدة ألفاظ في بيت واحد أو في بيتين وعدة أبيات متتابعة أو متقاربة، تكريرًا متناظرًا، وهو كثير عند المتنبي، ومن أمثلته قوله في مدح سعيد بن عبدالله بن حسن الأنطاكي:
ذاك الجواد وإن قل الجوادُ له https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ذاك الشجاعُ وإن لم يرض أقرانا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ذاك المعدُّ الذي تقنو يداه لنا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فلو أصيب بشيءٍ منه عزَّانا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

(تقنو يداه لنا: تقتني الأموال لتعطيها لنا).

وقوله يمدح علي بن محمد بن سيار بن مكرم التميمي:
بنفسي الذي لا يزدهي بخديعةٍ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وإن كثرت فيها الذرائع والقصدُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ومن بعده فقر ومن قربه غنى https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ومن عرضه حر، ومَن ماله عبدُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


وقوله يصف مهره:
بز المذاكي وهو في العقائقِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وزاد في الساقِ على النقانقِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وزاد في الوقع على الصواعقِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وزاد في الأذن على الخرانقِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وزاد في الحذر على العقاعقِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
يميز الهزلَ من الحقائقِ


ابوالوليد المسلم 10-06-2023 04:03 PM

رد: التكرار عند المتنبي
 
وقوله في مدح أبي العشائر:
وكلما أمن البلاد سرى https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وكلما خيف منزل نزلَه https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وكلما جاهر العدو ضحى https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أمكن حتى كأنه ختَلَه https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


وقوله في مدح سيف الدولة:
فقد ملَّ ضوء الصبحِ مما تغيره https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ومل سواد الليل مما تزاحمه



https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

وكذا تطلع البدور علينا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وكذا تقلقُ البحور العظام https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


أزلِ الوحشةَ التي عندنا يا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
مَن به يأنس الخميس اللهامُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
والذي يشهد الوغى ساكن القلـ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ـبِ كأن القتالَ فيها ذمامُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
والذي يضرب الكتائب حتى https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
تتلاقى الفهاق والأقدامُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وإذا حل ساعة بمكانٍ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فأذاه على الزمان حرامُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
والذي تنبت البلاد سرورٌ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
والذي تمطر السحاب مُدامُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


فهن مع السيدانِ في البر عسَّلٌ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وهن مع النينانِ في الماء عومُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وهن مع الغزلانِ في الوادِ كمن https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وهن مع العقبان في النيق حومُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

(هن: خيل سيف الدولة).

__________________


ابوالوليد المسلم 10-06-2023 04:06 PM

رد: التكرار عند المتنبي
 
تُهاب سيوف الهند وهي حدائدٌ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

فكيف إذا كانت نزارية عُرْبا؟ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

ويُرهب نابُ الليث والليث وحدَه https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

فكيف إذا كان الليوث له صحبا؟ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

ويُخشى عبابُ البحرِ وهو مكانَه https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

فكيف بمن يغشى البلاد إذا عبَّا؟ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


(الأفعال (تهاب، يرهب، يخشى) مبنية للمجهول، والكلام في الأشطر الثانية عن سيف الدولة).
♦ ♦ ♦
ومَن ذا الذي يقضي حقوقك كلَّها؟ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

ومن ذا الذي يرضى سوى مَن تسامح؟ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif



لعلَّك يومًا يا دمستق عائدٌ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

فكم هارب مما إليه يؤولُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

نجوتَ بإحدى مهجتيك جريحة https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

وخلفت إحدى مهجتيك تسيلُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif



وإذا الحربُ أعرضت زعم الهو https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

ل لعينيه أنه تهويلُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

وإذا صح فالزمان صحيحٌ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

وإذا اعتل فالزمان عليلُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

وإذا غاب وجهه عن مكانٍ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

فبه من ثناء وجه جميلُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif



فليت سيوفَك في حاسدٍ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

إذا ما ظهرتَ عليهم كَئِبْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

وليتَ شكاتَكَ في جسمِهِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

وليتَك تجزي ببغضٍ وحُبّْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


(في البيت الثاني إشارة إلى مرض سيف الدولة، والبيتان من قصيدة نظمها المتنبي في العراق بعد فراره من مصر، وهي رد على رسالة كان سيف الدولة قد بعثها إليه يستقدمه إلى حلب ثانية).




ابوالوليد المسلم 10-06-2023 04:07 PM

رد: التكرار عند المتنبي
 
وقوله في رثاء خولة أخت الأمير الحمداني:
فليتَ طالعةَ الشمسينِ غائبةٌ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وليت غائبةَ الشمسينِ لم تغبِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وليتَ عينَ التي آب النهارُ بها https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فداءُ عينِ التي زالت ولم تؤبِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


وقوله من قصيدته في الحمى التي أصابته في مصر:
فإن أمرض فما مرض اصطباري https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وإن أحمم فما حم اعتزامي https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وإن أسلم فما أبقى، ولكن https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
سلمت من الحمام إلى الحمامِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


وقوله:
أما في هذه الدنيا كريمٌ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
تزول به عن القلب الهمومُ؟ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أما في هذه الدنيا مكانٌ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
يسر بأهله الجار المقيم؟ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


وقوله في مدح دلير لشكروز، الذي قدم ليدفع عن الكوفة هجمة القرامطة، وإن كان قد بلغها بعد أن كان سكانها قد ردوهم:
وما دام دلير يهزُّ حسامه فلا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ناب في الدنيا لليث ولا شبلِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وما دام دلير يقلِّب كفَّه فلا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
خلق من دعوى المكارم في حلِّ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


وهكذ، وهكذا...، وهذه مجرد أمثلة، وفي شعر الرجل منها الكثير.
ولا شك أن القارئ قد لاحظ أن المتنبي ينوع في هذا التكرار، فمثلًا قد يكرر اللفظ أو العبارة مرتين في البيت الواحد؛ مرة في أول كل شطرة من شطرتي البيت الذي يليه، وقد يتم التكرار في أبيات بيتين متعاقبين؛ كل مرة في أول الشطرة الأولى من كل بيت، وقد يكرر اللفظ أو العبارة في أول الشطرة الأولى من بيت، وفي أول كل شطرة من شطرتي البيت الذي يليه، وقد يتم التكرار في أبيات بعضها متتالٍ وبعضها غير ذلك، وإن لم يكن متباعدًا، وقد تحوي القصيدة أكثر من لفظٍ أو عبارة، كما رأينا في بعض ما مر من أمثلة، وهكذا...

ومما لا مماراة فيه أن هذا التكرير يحدث نوعًا من الموسيقا الداخلية في القصيدة، كما أنه يصنع تجاوبًا بين أبياتها، فكأنك في مكان عالي الأركان، فسيح البنيان، تتكلم، فإذا الجدران والقباب تردِّد ما قلت مجلجلًا، وقد خلعت عليه حلة من الفخامة والجلال، وربما الرهبة أيضًا.

كذلك فهذا التكرار يقوم بوظيفةِ الربط بين بعض أبيات القصيدة، ويجعلنا نُحِس بها كأنها عقود، وليست، من الناحية الشكلية، حبات منفردة.

ينبغي أيضًا ألا ننسى أن في التكرار تأكيدًا، ثم إن لترديد بعض الألفاظ والعبارات بين الحين والآخر حلاوة في الفم، وهو ما أشرنا إليه في كلامنا عن النوع الأول من التكرار في شعر المتنبي.

[1] وقد قال الصاحب في نقد هذا البيت: (ما أكثر عظام هذا البيت).

[2] انظر: الكشف عن مساوئ المتنبي لابن عباد 237، 240، 243، 245، 247.

[3] انظر: الرسالة الموضحة / 175.

[4] انظر: يتيمة الدهر / 1 / 161، 180، وما بعدها، وانظر: الصبح المنبي / 377 - 379.

[5] العمدة / 1 / 303، نقلا، عن د. عبدالرحمن شعيب / 113.

[6] د. عبدالرحمن شعيب / 114.

[7] انظر: العكبري 4 / 216 - 217 / هـ19، وانظر: ملاحظة شبيهة لابن الأثير في (الاستدراك) / 41، نقلًا عن د. صلاح عبدالحافظ / 75.

[8] ص / 344 من كتابه عن الشاعر.

[9] هي قصيدة: (قفا تريا ودقي فهاتا المخايل).

[10] انظر: رأى الدكتور صلاح عبدالحافظ في كتابه الصنعة الفنية في شعر المتنبي / 234.

[11] لا بد من التنبيه إلى أن أول مَن أشار إلى هذا النوع من التكرير في شعر المتنبي، في حدود انتباهي، هو المرحوم محمد كمال حلمي، وإن كانت الأمثلة التي أوردها قليلة، كما أنه اكتفى في تعليقه على هذه السمة بإدراجها في مقتضيات (الأسلوب الخطابي)، ولم يقل فيها شيئًا أكثر من ذلك؛ انظر: كتاب أبو الطيب المتنبي - حياته وخلقه وشعره وأسلوبه / 332.





الساعة الآن : 09:31 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 48.40 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 48.10 كيلو بايت... تم توفير 0.30 كيلو بايت...بمعدل (0.63%)]