ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   رمضانيات (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=23)
-   -   من آداب الصيام: تحري ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من شهر رمضان (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=291297)

ابوالوليد المسلم 18-04-2023 03:38 PM

من آداب الصيام: تحري ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من شهر رمضان
 
من آداب الصيام: تحري ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من شهر رمضان

الشيخ ندا أبو أحمد

وليلة القدر خير من ألف شهر، كما أخبر بهذا رب العالمين في كتابه الكريم؛ قال تعالى:﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾[القدر: 1 - 5]؛ قال ابن جرير الطبري رحمه الله في "تفسيره: 30/167": "عمل في ليلة القدر خيرٌ من عمل ألف شهر، ليس فيها ليلة القدر"، وهذا الذي صوَّبه ابن كثير رحمه الله في تفسيره.

وقال الإمام القرطبي رحمه الله في تفسير قوله تعالى: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْر): وفضيلة الزمان إنما تكون بكثرة ما يقع فيه من الفضائل، وفي تلك الليلة يقسم الخير الكثير الذي لا يوجد مثله في ألف شهر، وقال كثير من المفسرين: أي العمل فيها خيرٌ من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر، وقال أبو العالية رحمه الله: ليلة القدر خير من ألف شهر لا تكون فيه ليلة القدر؛ (الجامع لأحكام القرآن:10 /369).

فالعمل في ليلة القدر خيرٌ من ألف شهر ليس فيها ليلة القدر، فمَن حُرِمَ خيرها فهو المحروم، هكذا أخبر المعصوم صلى الله عليه وسلم، فقد أخرج الإمام أحمد والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أَتَاكُمْ شهر رَمَضَانُ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ، فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الجنة، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ وفِيهِ لَيْلَةٌ هي خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ"؛ (صحيح الجامع: 55).

وأخرج ابن ماجه عن أنس رضي الله عنه قال: "دخل رمضان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلة خيرٌ من ألف شهر، مَن حُرِمَها فقد حُرِمَ الخير كله، ولا يُحْرَم خيرها إلا محروم"؛ (صحيح الجامع: 2247).

ومَن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه، فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه، ومَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"، ولذلك أمرنا النبي بتحري ليلة القدر وعدم فوات هذه الفرصة، فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ فِي الوِتْرِ مِنَ العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ".

وأخرج الإمام أحمد عن عُمَرُ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُلْتَمِسًا لَيْلَةَ الْقَدْرِ، فَلْيَلْتَمِسْهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ وِتْرًا".

وأخرج البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَعْتَكِفُ فِي العَشْرِ الأَوْسَطِ مِنْ رَمَضَانَ، فَاعْتَكَفَ عَامًا، حَتَّى إِذَا كَانَ لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، وَهِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي يَخْرُجُ مِنْ صَبِيحَتِهَا مِنَ اعْتِكَافِهِ، قَالَ:" مَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعِي، فَلْيَعْتَكِفِ العَشْرَ الأَوَاخِرَ، وَقَدْ أُرِيتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا، وَقَدْ رَأَيْتُنِي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ مِنْ صَبِيحَتِهَا، فَالْتَمِسُوهَا فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ، وَالتَمِسُوهَا فِي كُلِّ وِتْرٍ"، فَمَطَرَتِ السَّمَاءُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَكَانَ المَسْجِدُ عَلَى عَرِيشٍ، فَوَكَفَ المَسْجِدُ، فَبَصُرَتْ عَيْنَايَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى جَبْهَتِهِ أَثَرُ المَاءِ وَالطِّينِ، مِنْ صُبْحِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ".

والحكمة في إخفائها أن يجتهد الناس في طلبها، ويجدُّوا في العبادة؛ طمعًا في إدراكها، كما أخفيت ساعة الإجابة يوم الجمعة، وأُخفي اسمه الأعظم في أسمائه، ورضاه في الحسنات، إلى غير ذلك؛ (الفقه الإسلامي وأدلته للدكتور وهبه الزحيلي: ٣/ ١٦٢٤).

ويكون إحياء ليلة القدر: بالصلاة، وقراءة القرآن، والذكر، والدعاء، وغير ذلك من الأعمال الصالحة، وأن يكثر من دعاء: "اللهم إنك عفو تحب العفو، فاعفُ عني"، لحديث عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مَا أَدْعُو؟ قَالَ: "تَقُولِينَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ، فَاعْفُ عَنِّي"؛ (أخرجه الإمام أحمد وابن ماجه والنسائي).

وصدق القائل حيث قال:
أما قد خصَّنا الله https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
بشهر أيَّما شهر https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
روينا عن ثقات https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أنها تُطْلَب في الوتر https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ففيها تَنَزَّل الأملاك https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
بالأنوار والبرِّ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ألا فادَّخِرها إنها https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
من أنفس الذخر https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
فكم من مُعتَقٍ فيها https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
من النار ولا يدري https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


[1] ومعنى" تحرّوا"؛ أي: اطلبوا، قال في "النهاية": أي: تعمدوا طلبها فيها، والتحري: القصد والاجتهاد في الطلب والعزم على تخصيص الشيء بالفعل والقول؛ (النهاية لابن الأثير :1/ 376).




الساعة الآن : 04:52 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 12.46 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 12.37 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.75%)]