حدائق الإيمان في ديوان غرد يا شبل الإسلام للشاعر الفلسطيني محمود مفلح
حدائق الإيمان في ديوان غرد يا شبل الإسلام للشاعر الفلسطيني محمود مفلح محمد شلال الحناحنة (هَتَفَ التَّاريخُ بنا قُولُوا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif إنَّا أشبالُك حِطِّين https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif الفَجْرُ الآتِي يَرْقُبُنا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif إيْمانٌ عَزْمٌ ويَقِين[1]) https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif هذا النشيد الأول لأطفال فلسطين، أطفال الأقصى الذين صنعوا ببطولاتهم ومشاعرهم الغاضبة أمجادًا بعد أمجاد؛ حتى أعلن العدوُّ المحتلُّ اليهودي قبل أشهر قليلة أن القضاء على الانتفاضة سيُكلِّفُه ثمنًا باهِظًا من وجوه كثيرة! ونراه يدعو "أشبال فلسطين" لمعانقة الفجر المضيء بالإيمان والعَزْم واليقين، فلا فَجْرَ بمعزلٍ عن الإيمان، وهنا يرتكِز في دعوته على تاريخنا الإسلامي الأصيل، يَقطِف من حدائقه باقاتٍ مُعَطَّرةً من البطولة والمجد، وكلُّ ذلك يكون بظلِّ الراية الخضراء؛ راية القرآن الكريم: بالجدِّ وبالعِلْمِ البانِي https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif سنُحَقِّقُ حلْمَ الأوطان https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif ستعُودُ الرايةُ خافِقةً https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif خَضْراءَ بظلِّ القُرْآن https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif هكذا ينفُض هذا الشعر الإسلامي غُبارَ الهزائم؛ ليبُثَّ في نُفُوس أطفالنا عِشْقَ الحرية، ولنا في رسولنا صلى الله عليه وسلم الأُسْوة الحسنة؛ حيث كان يُجيزُ بعضَ الشباب الصِّغار للاشتراك في غزواته عليه السلام، وكان يَحْزَن هؤلاء الصغار أن يُرَدُّوا عن المعارك، ففي غزوة أحد ردَّ صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد، والبراء بن عازب، وزيد بن ثابت، وعبدالله بن عمر، وذلك لصِغَر سِنِّهم، بينما أجاز سَمُرة بن جُنْدُب، ورافع بن خديج[2]. وفي نشيده الثاني "غرِّد يا شبل الإيمان"، يَرسُمُ صورة صادقة للطفل المسلم، الطفل الذي ينبغي أن نُربِّيَه على مائدة القرآن، لا الطفل الذي نَسلُبُه هُوِيَّتَه الإسلامية بأفلام "الرسوم المتحركة" المضلِّلة الزائفة، والبرامج المشبوهة التي تُلغِي اعتزازَه بدينه وتاريخه العريق، ونجده في هذا النشيد يُخاطِب الطفل بأسلوب يسير يعتمد على ألفاظ سهلة، ووزن سريع مُتدفِّق، وهو بحر المتدارك: غرِّد يا شِبْلَ الإيمان https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif واصْدَح واصْدَح بالقُرآن https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif فيه الحَقُّ وفيه النُّورُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وفيه اللُّؤلُؤ والمَرْجان https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif غرِّد يا شِبْلَ الإيمان https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif اتْلُ السَّطْرَ وراءَ السَّطْرِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif فالقُرآنُ رَبِيعُ العُمْر https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif والقُرآنُ شِفاءُ الصَّدْر https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif فيه الرَّحْمةُ والغُفْران https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif غرِّد يا شِبْلَ الإيمان https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif إنَّ المنهل الشعري عند محمود مفلح في هذه الأناشيد، وفي شعره كله - هو القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، فهما مَعِينٌ لا يَنضُب لأفكاره، ومعانيه وألفاظه، ويمكن أن نلحَظ ذلك جليًّا في قوله: "فالقرآن ربيع العُمْر"، وقوله: "والقُرآنُ شِفاءُ الصَّدْر = فيه الرَّحمةُ والغُفْران"، وهذا استرشاد واضح لقوله تعالى: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الإسراء: 82]، وما أحوجَنا أن نحاورَ أطفالَنا من خلال كتاب الله، نعِظُهم بالكلمة الطيبة والأسلوب الرقيق: لا تَهجُر أبدًا قُرآنَكَ تطرُد يا ولدي شَيْطانَكَ واجعَلْه دومًا بُستانَكَ وانْعَمْ في هذا البُسْتان غرِّد يا شِبْلَ الإيمان اتْلُ المُصْحَف فَجْرًا عَصْرًا.. تَلْقَ الخَيْرَ وتَلْقَ الأجرَا وتُبدِّد فيه الأحزان غرِّد يا شِبْلَ الإيمان [3] |
رد: حدائق الإيمان في ديوان غرد يا شبل الإسلام للشاعر الفلسطيني محمود مفلح
أما في نشيده "العيد السعيد"، فنراه يجعل هذا العيد دِفئًا وفَرَحًا من خلال أحلام الطفولة، وأشواق الصبا، وهو يربط هذا العيد من خلال فكره النيِّر بحياة أعظم وأسمى من اللَّهْو واللَّذَّة الدنيوية الفانية، فالإسلام أباح لعبَ الأطفال ولهوَهم، ولكنه وجَّه هذا اللهو الوِجْهة الصحيحة، أما المرح في العيد، فهو لا يخرج عن دائرة شُكْرِ الله على نِعَمِه الكثيرة على عباده، وصِلة الأرْحامِ، ودعاء المولى جلَّ وعلا أن يغفِرَ الذنوب، ويحفظ الأوطان، وينشُر الإسلام، لا تخرج أعيادُنا عن التغنِّي بأمجاد الأُمَّة، والتمتُّع بما وهبَنا الله من بلاد خيِّرة خلَّابة، وهكذا يكون أطفالنا صِغارًا في قاماتِهم، كِبارًا في عقولهم وأهدافهم، وليس هذا مستحيلًا، ولكنها تربية الرُّوح على الحُبِّ والعطاء: ألبَسُ أغْلَى ثَوْبٍ عِنْدي https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif يا ثَوْبي يا عُودَ النَّدِّ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif ألثِمُ أُمِّي ألثِمُ جدِّي https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif أَقطِفُ لهما أحْلَى وَرْدِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif يا ربِّي يا ذا الإنْعامِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif طَهِّرْ قَلْبِي من آثامِي https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif واحْفَظْ يا ربِّي أوْطاني https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وانشُرْ راياتِ الإسلام [4]https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif ويتميَّز شاعرُنا في أناشيده بالتقاط المعاني الكبيرة، من خلال الأشياء الصغيرة الموحية عند أطفالنا؛ لذا يُصبِح للقَلَم بين أنامل صِغارِنا دورٌ عظيم مُتجدِّد، ولا شكَّ أن للقَلَم معنًى أصيلًا في قرآننا، فقد خلق قبل خلق السموات والأرض؛ بل إن أول آيات نزلَتْ على رسولنا صلى الله عليه وسلم حضَّته على القراءة والعلم، وذكرت القَلَم وسيلةً ضرورية للكتابة والتعلُّم؛ فقال تعالى: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ [العلق: 1 - 5]، وإن كان القلم يُصاحِب أطفالنا في جدِّهم ولهوهم، وتعلُّمهم ولعبهم، فهو جديرٌ بعون الله أن يُنيرَ بصائرَهم، ويشُدَّهم إلى خالِقِهم، ويُعينَهم على آخِرتِهم، فدعونا نستمِع لشاعرنا محمود مفلح في نشيده "القلم": باسْمِ اللهِ حَمَلْتُ القَلَما https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وكَتَبْتُ به رَقمًا رَقْمَا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif باسْمِ اللهِ رَفَعْتُ العَلَما https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif بِاسْمِ اللهِ حَمَلْتُ القِيَما https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif فاحْذَر فاحْذَر من شَيْطاني https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif يا قَلَمِي يا طَوْعَ بَنانِي https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif لا تكتُبْ غَيْرَ الإحْسانِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif واصْدَحْ في حُبِّ الأوْطان[5] https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif ونقرأ لفتات هادفة مُعبِّرة أخرى في أناشيد؛ مثل: (الشباب المسلم، عصفوري، حقيبتي، إسلامنا، هيَّا إلى الصلاة، البحر، النبع، الفجر، الربيع، أهلًا أهلًا يا رمضان، مدرستي، وغيرها). فتصبح هذه الأناشيد عند محمود مفلح مجالًا خِصْبًا للتأمُّل في سرِّ الكون وجمال الطبيعة، وتُحَبِّب لأطفالنا هذا الدين، وتربطهم بعُراه الثابتة، وإن كان فيها متعة جمالية مُتألِّقة، فهي متعة تأوي إلى عظمة هذا الخالق وحِكْمتِه ولُطْفه ونَعْمائه على عباده، يقول في نشيده "النبع": النَّبْعُ غَزيرٌ فَوَّار https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif والعُشْبُ حواليه سِوار https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif ويظَلُّ الماءُ به صَفْوًا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif مهما قَذَفَتْه الأحْجار https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif |
رد: حدائق الإيمان في ديوان غرد يا شبل الإسلام للشاعر الفلسطيني محمود مفلح
النَّبْعُ غزيرٌ فَوَّار https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif قَدْ قال النَّبْعُ لنا يومًا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif لا أَبخَلُ أبدًا بِعَطائي https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif أسْقِي وَرْدًا أسْقِي شَوْكًا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif أجْرِي حتَّى للأعْداء https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif لا أبخَلُ أبَدًا بِعَطائِي https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif شُكْرًا للهِ على نِعَمِه https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif شُكْرًا للهِ على كَرَمِه https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif فاللهُ تعالى رازِقُنا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif فاللهُ كَريمٌ وَهَّاب https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif واللهُ كريمٌ وهَّاب[6] https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif في هذا النشيد يمكن أن نقف بيسر على جمال الصورة الشعرية في البيت الأول، فنَبْعُ الماء غزيرٌ فوَّارٌ، أما العشب فيحيطه كما يحيط السِّوار المعصم. لقد سخَّر الله الماء ليكون حياةً لكل شيء؛ فقال تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ﴾ [الأنبياء: 30]، فما أعظمَ عطاءَ الله ورِزْقَه وكرَمَه للإنسان الذي كثيرًا ما ينسى هذه النِّعَم! ومن الملحوظات الجديرة بالوقوف عند الشاعر قُدْرته الواضحة على رَبْط أطفالنا بعقيدتهم، وهموم أُمَّتِهم في أناشيده، ولو تدبَّرنا أناشيد؛ مثل: (ونُحيِّيكم بالريحان، نرحب بالحضور الأُمَّهات، جئتم شرفتم نادينا)، لوجدنا أنها تزخَر بالرقائق الإيمانية الصادقة؛ ففي نشيده (ونُحيِّيكم بالريحان) نقرأ: في مدرستي في بُسْتاني أهلًا أهلًا بالإخوانِ بالحُبِّ الصافي نَلْقاكُم ونُحيِّيكم بالريحانِ ونسمعكم أحلى نَغَم في أصْفَى قولٍ وبَيانِ هيَّا نركَبُ في زَوْرَقِنا كي نمضي للشَّطِّ الثاني فالزَّوْرَق يبدأ رِحْلتَه باسم الرحمن المنَّانِ [7] وفي أناشيده الأخيرة (أناشيد الأبطال)، ندخُل إلى تاريخنا بكل رياحينه، بكُلِّ أمجاده وبطولاته، ندخُل إلى معاركه المظفَّرة، ونُحاوِر كُماتَه الميامين، ونُنصِت إلى سيرة أعظم بطل في التاريخ الإنساني على مرِّ العصور، سيرة رسول البشرية كافة، رسولنا محمَّد صلى الله عليه وسلم، رسول الهدى للثقلين، رسول العقيدة الصافية، والأخلاق السامية، ونعيش كذلك مع رَكْب الصحابة: عمر بن الخطاب، سعد بن أبي وقاص، خالد بن الوليد، زيد بن حارثة، صهيب الرومي، زيد بن ثابت رضوان الله عليهم، وما أروع أن نُصغِي مع أطفالنا لنشيده "يا رسول الهدى صلى الله عليه وسلم": يا رسولَ الهُدَى وعِطْرَ الوجود https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif مِنْ سَجايَاكَ لا يَمَلُّ نشيدي https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif يا نَجِيَّ السماء يا مُشْعِل النور https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif ويا مَنْبَعَ العَطاء الفريد https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif الصحاري على خُطاكِ تَنَدَّتْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif واكْتَسَى رَمْلُها بِكُلِّ الوُرُود[8] https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وهكذا يقرأ أطفالنا من خلال هذا الديوان صفحات مشرقة من تاريخنا التليد، فليتَ شعراءنا يمنحون هذه البراعم النديَّة مزيدًا من الحُبِّ والتواصُل والعطاء. [1] ديوان (غرِّد يا شبل الإسلام)، ص8. [2] الفصول في اختصار سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لابن كثير، تحقيق: محمد الخطراوي، ومحيي الدين مستو، (انظر: الكتاب، ص129). [3] ديوان (غرِّد يا شبل الإسلام)، ص9. [4] الديوان السابق، ص10. [5] انظر: ديوان الشاعر، ص14. [6] الديوان السابق، ص21. [7] الديوان السابق، ص36. [8] الديوان السابق، ص41. |
الساعة الآن : 08:36 AM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour