ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى مشكلات وحلول (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=51)
-   -   كيف ننقذ أنفسنا من زوجة الأب؟! (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=283779)

ابوالوليد المسلم 07-10-2022 09:16 PM

كيف ننقذ أنفسنا من زوجة الأب؟!
 
كيف ننقذ أنفسنا من زوجة الأب؟!
أ. فيصل العشاري


السؤال:

ملخص السؤال:
فتاة تشكو من زوجة أبيها الصغيرة في السن، والتي تعاملها وإخوتها معاملة سيئة، وتتسبب في غضب أبيهم عليهم.

تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة عمري 16 عامًا، لديَّ مشكلة مع زوجة أبي، فهي كثيرة المشكلات معي ومع إخوتي، وتتسبب في حدوث مشكلات مع أبي حتى يطردني ويتشاجر معي.


تزوجها أبي وأنا في السادسة من عمري، وكان عمرها 19 عامًا، لكنها لا تريحنا وأسلوبها صعب جدًّا في معاملتنا، وأخي الكبير - عمره الآن 21 عامًا - يتشاجر معها منذ أن تزوَّجها والدي، وأخاف على أخي الصغير إذا ما ترَكْناه معها.


تحاول بكل جهدها أن تجعل والدنا يتركنا مِن أجْلِها، وتعمل على التفريق بيننا، فأحيانًا تُفْلِح، وكثيرًا ما تفشل.
فما نصائحكم لنعيشَ حياة بلا مشاكل، أو لنَتَخَلَّص منها؟
وجزاكم الله خيرًا

الجواب:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نشكركم على تواصلكم معنا، وثقتكم في شبكتنا.


مشكلتكم أختي الكريمة تتلخَّص في عدم التواؤُم بينكم وبين زوجة أبيكم، والأصلُ أنْ تكون هذه العلاقةُ طبيعيةً، وأن تكونَ هي في مقام الوالدة بدلاً عن أمكم - رحمها الله.

ولو عُدنا قليلاً إلى الخلْفِ مع عبارتك في وصْفِ أخيك الأكبر: "وأخي الكبير يتشاجر معها منذ أن تزوَّجها والدي"! لربما نلتَقِط طرف الخيط الرفيع الذي يُوَضِّح طبيعةَ العلاقة بينكم كإخوة وبين زوجة أبيكم والتي كان عمرها آنذاك 19 سنة وأخوك كان له 11 سنة من عمره تقريبًا، وهما سنان حرِجان؛ فزوجةُ أبيك كانتْ في مرحلة المراهقة الثالثة، بينما أخوك كان في مرحلة المراهقة الأولى، ومن المعلوم أن مرحلة المراهقة عمومًا هي مرحلة حسَّاسة، وتستوجب الكثير مِن الانتباه في التعامُل مع المراهق، فكيف إذا كان الطرفان مراهقين؟! فلا شك أنَّ وُجود مشاكل بينهما سيكون أمرًا طبيعيًّا نظرًا لما تَحْمِلُه هذه السن مِن حساسية زائدةٍ.

وإذا أضفنا إلى ذلك الصورة النمطية لزوجة الأب في ذهن الأبناء، وأنها امرأةٌ شريرةٌ، كما تُصوِّرها الأفلامُ والمسلسلاتُ، فهذا يُضيف بُعدًا آخر من تعقيد المشهد.

الهدَفُ من هذا التحليل هو تفكيكُ البُعد النفسي المتأصِّل في النفور والشجار بينكم وبين زوجة أبيكم، وأن هناك تصوُّرات خاطئة مُسْبَقَة منكم ومنها؛ حيث ينبغي إعادة رسم حدود العلاقة بينكم مرة أخرى بشكل صحيح.

وبناء على قواعدَ شرعيةٍ ومنطقيةٍ كالتالي:
زوجة أبيكم هي في مقام أمكم؛ مِن حيث مكانتُها لدى أبيكم، رغم أن مكانتها عندكم ليست كأمكم الحقيقية، إلا أن رغبة الأب يجب أن تُحتَرَم، وكذا مكانتها في نفسه، وهذا مِن البر بالوالد، بل من أعظم أنواع البِرِّ؛ جاء في صحيح مسلم عن عبدالله بن دينارٍ، عن عبدالله بن عمر، أنَّ رجلاً من الأعراب لقيه بطريق مكة، فسلَّم عليه عبدالله، وحَمَلَهُ على حمارٍ كان يركبه، وأعطاه عمامةً كانتْ على رأسه، فقال ابن دينارٍ: فقلنا له: أصلحك الله، إنهم الأعراب، وإنهم يرضون باليسير، فقال عبدالله: إن أبا هذا كان ودًّا لعمر بن الخطاب، وإني سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إن أبر البر صلة الولد أهل ودِّ أبيه)).

فإذا كانتْ صلة أصدقاء الأب والاهتمام بهم مِن أبر البر، فما بالك بِمَن هي أقرب منهم وهي زوجته الجديدة - مكان أمكم؟ فلا بد مِن أخْذ هذا الأمر في الاعتبار، وألا تُضيعوا على أنفسكم بابًا من أبواب الجنة.

إذا عرَفنا ذلك، وعرَفنا مكانةَ احترامِ زوجة الأب - تبَعًا لاحتِرام الوالد - فإنها لو أساءتْ إليكم فلا ينبغي مُقابلَة الإساءة بالإساءة، بل ينبغي مُقابلة الإساءة بالإحسان، والصبر على ذلك، ومع هذا الصبر والإحسان سوف تتغيَّر معاملتها لكم تدريجيًّا، وتُقابل إحسانكم بإحسان أيضًا، كما قال الله تعالى: ﴿ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴾ [فصلت: 34]؛ أي: بسبب مقابلة السيئة بالإحسان يتحوَّل العدوُّ إلى صديق حميم، جرِّبوا هذا الطريق ولن تندَموا.

إذا وقعتْ بينكم وبينها مُشاجرات فلا ينبغي المسارَعة إلى إخبار الوالد بكل مشكلة، بل يمكن أن تُؤَجِّلوا ذِكْر بعض المشاكل، وتتغاضَوا عن بعضها، إلا إذا كان الأمرُ شديدًا، ويستدعي إخبار الوالد، فلا حرَج حينئذٍ وبطريقةٍ مُهَذَّبة وسليمةٍ.

وفي التقليل مِن إخبار الوالد بالمشاكل فائدتان:
الأولى: حتى لا توغروا قلب الوالد وصدره على زوجته، فيتعكر مَزاجه، وتتعب نفسيته، وربما أُصيب بالاكتئاب لاحقًا.

الثانية: حتى لا تهيجوا زوجة أبيكم عليكم باستمرار، ويظل منسوب العداوة مرتفعًا طالما بقيت الشكاوى مستمرة، فلا بد من إزالة كل ما يستثيرها، ومحاولة التقليل منه.

ننصحكم بأن تُغَيِّروا من إستراتيجيتكم وخططكم في التعامل معها، وتجعلوا الهدف هو (بناء علاقة إيجابية) بدلاً من (إعلان الحرب) عليها.

وبهذا تضمنون أمرين هامين:
الأول: استمرار حياة السكينة والهدوء معها.

الثاني: ضمان مستقبل آمن لأخيكم الأصغر، وكذا علاقتها الإيجابية ستتحسَّن مع الوالد.

حاولوا أن تبذلوا جهودكم في هذا السبيل، وتذكَّروا أنكم لو لَم تنجحوا وأصَرَّتْ هي على تعاملها السيئ معكم - رغم جهودكم في الإصلاح والتعامل بإيجابية - فستكونون بذلك قد أدَّيْتُم ما عليكم تجاه ربكم، وبررتم بوالدكم الحبيب، ولن تخسروا شيئًا، بل ستكسبون تحييدها إن لم تنجحوا في كسْبِها تمامًا.

نسأل الله تعالى أن يُصْلِحَ حالكم، وأن يُؤَلِّف بينكم وبين زوجة أبيكم، وأن يحفظَ لكم والدكم

والله الموفق




الساعة الآن : 04:40 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 11.25 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 11.16 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.83%)]