ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى التنمية البشرية وعلم النفس (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=105)
-   -   المختار في أغلال الوظيفة (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=280978)

ابوالوليد المسلم 24-08-2022 11:28 PM

المختار في أغلال الوظيفة
 
المختار في أغلال الوظيفة



أبو سليمان المختار بن العربي مؤمن






هكذا بدا لي هذا العنوان وأنا أضيع وقتي الثمين، وأنا أقتل خلايا فكري، وأحاول جاهدا مدة سنوات إقناع نفسي أني أعمل ضمن مجال دعوي واسع يعطي الكثير ولا يبخل بالقليل.

نعم إنها أغلال حينما ترسم لك خطواتِك، وتطمر إبداعك تحت كهف ثقيل اسمه الحكمة ومراعاة المصلحة، وتوزع وقتك الغالي إلى وريقات جاهدة إقناعك أنك تصنع الفتح العظيم، فتصدق زعمهم حتى صار منهج عمل ورؤى في أيامنا.

قد لا تجد صادقًا يشاركك همومك وطموحاتك عمليًّا بقدر ما أنك تجد أفواجًا من البشر تدعي أنها على هوى قلبك فيما ترنوا إليه، آه، ما أصعب البشر حينما يمشون معك في جنازة وقتك وهم يزعمون أنها أفراحك التي يشاركونك فيها.

قل لي بربك متى أجد إنسانًا في هذه الحياة يقول لي: قف فمسارك أنت الذي ترسمه، لا أن تكون محراثًا يجره ثور لا يدري من حيث بدأ ولا إلى حيث ينتهي بكما المطاف؟

متى أجد إنسانًا يقول لي: قف على أخطائك فصححها، ثم يتابعني نقدًا بنَّاءً، وتوجيهًا لصرحي المتسامي يشاركني في بنائه فنـتفيأ جميعًا ظلاله.

كم يخدعك الناس، بل كم تخدع نفسك حينما تصدّقهم أنّك المجدّد للمجد، والباني للعهد الجديد، بينما تجد نفسك تنعق في واد سحيق تردّد أصداءك كهوفه المغبرة، ويصدح صوتك يشق العناء كأنه صوت مكبوت يريد الانطلاق، وهي لا تفقه ما تقول، ولا تعرف من أنت، ولا كيف جئت.

آه ثم آه، حينما أحسب أيامي الخوالي التي جلستها على كرسي الوظيفة فأعدّها مئات الأيام، بينما لا تجدني أنجزت ما أرضي به ضميري، بل ضمير أولئك الذين غرتهم المسؤولية والفخفخة فظنوا أنهم هم الذين فتحوا القسطنطينية، وها هم على جبال الألب يتنسمون هواء أرصدتهم الكبيرة، وأتجرع مرارة فقد أيامي الغالية ومتربتي المستمرة، كأنني ما قرأت يومًا: ﴿ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ﴾ [الذاريات: 22] ولا فقهت « تغدو خماصا وتروح بطانا »، آه، ما أضعف اليقين في قلوبنا، فرحماك يا راحمي.

رحم الله العلامة النّخلي عندما قال لطالبه الألمعي ابن باديس إياك والوظيفة، ألم أحفظ أنا هذه الكلمة منهما؟، بلى، ولكنني كنت بليدًا حينما ارتميت في أحضان الوظيفة ذات الصدر الاصطناعي، فشربت لبانها وصعب علي الفطام، وليته كان حولين بل عقدين، وهل رأيتم صبيًّا بلغ الفطام في هذه السن؟! لكن عفوًا أما أنا فلا أبلغ الفطام بعدُ؛ لأنني كبرت على مص ثدييها الناعمتين اللتين تمدني بالمال وتسقطني في حضيض الوبال، لو قارنت ماضي الأيام قبل أن أسكن إدارتها لوجدتني برغم بطئي في إنجاز ما عملته، لكنه كان مباركًا بحمد الله، فهل اختلفت النيات، أظن ذلك، فهل من نفحات من الكريم تغير حياتي على أفضل في العطاء والأخذ فلا غنى لنا عن بركات ربنا سبحانه.








الساعة الآن : 01:27 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 6.20 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 6.11 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (1.51%)]