صفة الصلاة
صفة الصلاة (1) أخطاء محرمة حسام بن عبدالعزيز الجبرين الحمد لله الملك الديان، الرحيم الرحمن، الحمد لله عدد ما خلق وملء ما خلق، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أكرمنا ببعثة سيد المرسلين، وجعلنا من خير أمة أخرجت للعالمين وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله بيّن لأمته طرق الخيرات و حذر من أبواب الآثام والسيئات صلى الله وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله فإنها خير زاد يؤنس في المقابر، وأفضل ما يدخر لليوم الآخر، فاللهم اغفر لنا و اهدنا وأبعد عنّا الغفلة والإعراض وامنن علينا بالتذكرة والإقبال عليك، ﴿ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ ﴾ [الأنبياء: 1]، ولقد أخبرنا نبينا علي الصلاة والسلام أن أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيمة صلاته فإن قبلت قبل سائر عمله وإن ردت خاب وخسر، وغير خاف عظيم منزلة الصلاة وأنها عمود الإسلام، وفيها النصوص القرآنية والنبوية الكثيرة. عباد الله: إن من تعظيم الله وإجلاله الاهتمام بسائر أوامره وبالذات ما عظّمه وكرر أمره! ولقد كان اهتمام نبينا عليه الصلاة والسلام بالصلاة كبيراً، وانتقل هذا الاهتمام إلى أصحابه رضوان الله عليهم، حتى رووا أدق التفاصيل في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ؛ حتى بيّنوا حركات جسمه وأصابعه واضطراب لحيته عند قراءته في الصلوات السرية، كيف وقد قال "وصلوا كما رأيتموني أصلي " كما عند البخاري، وليست العبرة بأداء الصلاة فقط ؛ بل بإقامتها وذلك بالإتيان بشروطها وأركانها وواجباتها وسننها، والجدير بالمسلم أن يتزود من فقه الصلاة وحفظ أذكارها المتنوعة عسى أن يوفق لإقامتها وينال بذلك عظيم أجرها وفضلها وقد تيسرت ولله الحمد وسائل تحصيل العلم المقروءة والمرئية والمسموعة، المختصرة والمطولة. إخوة الإيمان: وإليكم جملة من الأخطاء المحرمة التي تكرر أكثر من غيرها، مما يُنقص بذلك ثواب الصلاة أو ربما يبطله، فأجور المصلين متفاوتة ؛ وذلك حسب متابعة المصلي لصلاة النبي عليه الصلاة والسلام وحضور قلبه وخشوعه ؛ ففي حديث عمار ابن ياسر" إنَّ العبدَ لَيصلِّي الصَّلاةَ ما يُكتُبُ لَهُ منْها إلَّا عُشرُها، تُسعُها، ثمنُها، سُبعُها، سُدسُها، خمسُها، ربعُها، ثلثُها نصفُها ".صححه الألباني. فمن الأخطاء معشر الكرام: مسابقة الإمام وعند البخاري مرفوعاً: " أمَا يخشَى أحدُكُم، أو ألا يخشَى أحَدُكُم، إذا رفعَ رأسَهُ قبلَ الإمامِ، أنْ يجعَلَ اللهُ رأسَهُ رأسَ حمَارٍ، أو يجعَلَ صورتَهُ صورَةَ حمَارٍ ". وفي هذا تنفير شديد من مسابقة الإمام، وبعض المصلين إذا سلم الإمام التسليمة الأولى قام ليأتي بما فاته وهذا منهي عنه، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: " صلى بنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذات يومٍ فلما قضى الصلاةَ أقبلَ علينا بوجهِه، فقال: أيها الناسُ إني إمامُكم فلا تسبقوني بالركوعِ ولا بالسجودِ ولا بالقيامِ ولا بالانصرافِ " أخرجه مسلم. من الأخطاء: قول بعض المصلين " الله وكبر " بل إن الفقهاء اختلفوا هل تنعقد الصلاة أم أنها لا تنعقد فعلى المسلم الحرص والاحتياط لصلاته. من الأخطاء: السجود على الجبهة دون الأنف وكذلك اختلف العلماء في صحة صلاته وبعض الناس ربما رفع رجله وهو ساجد ليحك ساقه فتنتهي السجدة ويرفع ولم تتم أعضاء السجود السبعة ! من الأخطاء: الجهر بتكبيرات الانتقال بين الأركان مما يشوش على الآخرين، وكذا الجهر بالقراءة والأذكار في الصلاة و هذا يشوش ويزعج والأذى محرم كما هو معلوم، وهذا ينطبق أيضا على الجهر بالقرآن في المسجد، فبعض المصلين يذهب إلى طرف الصف فرارا ممن يشوش عليه بسبب رفع صوته، سُئل الشيخ ابن باز السؤال التالي: هل تجوز قراءة القرآن في الجمعة بصوت مرتفع في المسجد؟ فأجاب " لا يجوز للمسلم أن يرفع صوته بالقراءة في المسجد أو غيره إذا كان يشوش على من حوله من المصلين أو القراء، بل السنة أن يقرأ قراءة لا يؤذي بها غيره؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خرج على الناس ذات يوم في المسجد وهم يرفع بعضهم الصوت على بعض بالقراءة فقال: ((أيها الناس كلكم يناجي الله فلا يرفع بعضكم صوته على بعض أو قال: فلا يجهر بعضكم على بعض)) ". اهـ كلامه رحمه الله. و أما الجهر بالذكر بعد الصلاة المفروضة فهو من السنة. اللهم فقهنا في الدين وعلمنا التأويل واغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين الأحياء منهم والميتين يا غفور يا رحيم. • • • الحمد... أما بعد: عبد الله: عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ حَافِظْ فَإِنَّهَا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif لآكَدُ مَفْرُوضٍ عَلَى كُلِّ مُهْتَدِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif فَلا رُخْصَةً فِي تَرْكِهَا لِمُكَلَّفٍ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وَأَوَّلُ مَا عَنْهُ يُحَاسَبُ فِي غَدِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وَمَا زَالَ يُوصِي بِالصَّلاةِ نَبِيُّنَا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif لَدَى الْمَوْتِ حَتَّى كَلَّ عَنْ نُطْقِ مِذْوَدِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif إخوة الإسلام: وعَوداً على ذكر بعض أخطاء المصلين المحرمة: من أخطر الأخطاء الاستعجال في الصلاة وعدم الطمأنينة، في الركوع و الرفع منه وفي السجود والاعتدال منه وفي حديث المسيء صلاته " ارجِع فَصَلِّ فإنَّك لَم تُصَلِّ " كما في الصحيحين. و من الأخطاء التي رجح بعض العلماء أنها تبطل الصلاة الانحناء لحد الركوع حال القيام في الصلاة فلو سقط منك منديل حال القيام فإن احتجت تناوله برجلك، أو اصبر لحين ركوعك أو جلوسك. أيها المصلون: القيام في صلاة الفريضة ركن، ومن عجز عنه لمرضٍ أو كبر سنٍّ فله أن يجلس على الأرض أو على كرسي أما القادر الذي لا يتضرر بقيامه فلا يجوز له الجلوس في الصلاة المفروضة، ومما ينبغي التنبه له: أنه إذا كان معذوراً في ترك القيام فلا يبيح له عذره هذا الجلوس على الكرسي لركوعه وسجوده، وإذا كان معذوراً في ترك الركوع والسجود على هيئتهما فلا يبيح له عذره هذا عدم القيام والجلوس على الكرسي. فالقاعدة في واجبات الصلاة: أن ما استطاع المصلي فعله، وجب عليه فعله، وما عجز عن فعله سقط عنه. ومن أخطاء المصلين: كثرة الحركة في الصلاة، والفقهاء يقولون أن الحركة المتوالية الكثيرة بلا حاجة تبطل الصلاة. أيها الأحبة: أختم بتنبيه حول تكبيرات الانتقال بين الأركان، المشروع أن تكون التكبيرة بين الركنين فمثلا إذا أراد الركوع أو السجود يبدأ تكبيرته من حين الانحناء، ومن الخطأ أن تكون التكبيرة بعد الوصول إلى الركن الآخر فهي تكبيرة انتقال بين الركنين. ونسأل الله أن يمنّ علينا بإقامة الصلاة، اللهم انفعنا بما علمتنا... |
رد: صفة الصلاة
صفة الصلاة (2) حسام بن عبدالعزيز الجبرين سنن قولية الحمد لله العليم خفي الألطاف، المنان بنعم متعددة الألوان والأصناف، الكريم المجيب المؤمِّن لكل من ارتاع وخاف، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تواب غفار ولو كان من العبد إسراف وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، متحل بكمال الأوصاف، صلِّ وسلِّم وبارك عليه وعلى آله وصحبه الأشراف أما بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله وإن من أعظم خصالها إقامة الصلوات ﴿ وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [الأنعام: 72]. إخوة الإيمان: لا يخفى على شريف علمكم أن أعظم عبادة بعد التوحيد هي الصلاة، وقد تكرر في القرآن كثيرا الأمر بإقامة الصلاة. قال السعدي: " فإقامة الصلاة, إقامتها ظاهرا, بإتمام أركانها, وواجباتها, وشروطها. وإقامتها باطنا بإقامة روحها, وهو حضور القلب فيها, وتدبر ما يقوله ويفعله منها..." اهـ. معشر الكرام: من المهم أن نتفقه في هذه الفريضة التي هي أحب الأعمال إلى الله، ونحن ولله الحمد في عصر تيسرت فيه وسائل العلم المرئية والمقروءة والمسموعة فكم من سنن في الصلاة نجهلها، أو نعرفها ونفرط فيها، والأسوأ حين يكون الخطأ في واجبات الصلاة أو أركانها أو شروطها، فتمضي أعوام وربما عشرات الأعوام بصلاة فيها خلل، وفي حديث مالك بن الحويرث " وصَلُّوا كما رأيتُموني أُصَلِّي " [أخرجه البخاري]. إخوة الإيمان: والمسلم المحب لربه يتبع نبيه عليه الصلاة والسلام في أفعاله وأقواله سواء قال الفقهاء أنها واجبة أو مسنونة؛ لأن اتباع النبي عليه الصلاة والسلام دليل على محبة العبد لربه كما قال عز شأنه على لسان رسوله ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾ [آل عمران: 31]، ولأنه أكثر لثوابه، وأخشع لقلبه. إخوة الإسلام: سنتذاكر شيئا من سنن الصلاة القولية، ففي الصلاة أذكار متعددة ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم، والمشروع للمسلم أن ينوع بها، قال الشيخ العثيمين رحمه الله: في التنويع بينها ثلاث فوائد: حفظ السنة، و اتباع السنة، و حضور القلب. معشر الكرام: من سنن الصلاة دعاء الاستفتاح، قد ثبت أدعية استفتاح كثيرة، وكثير من الناس لا يستفتح إلا بـ " سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك " بينما يوجد أدعية استفتاح سهلة مثل: " الحمدُ لله حمدًا كثيرًا طيِّبًا مباركًا فيه" أخرج مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أنَّ رجلًا جاء فدخل الصفَّ وقد حفَزَه النَّفَسُ. فقال: الحمدُ لله حمدًا كثيرًا طيِّبًا مباركًا فيه. فلما قضى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صلاتَه قال: " أيُّكم المُتكلِّمُ بالكلماتِ؟ " فأرَمّ القومُ. فقال " أيُّكم المُتكلِّمُ بها؟ فإنه لم يَقُلْ بأسًا " فقال رجلٌ: جئتُ وقد حفَزَني النَّفَسُ فقلتُها. فقال " لقد رأيتُ اثنَي عشرَ ملَكًا يبتدِرونَها. أيهم يرفُعها ". ومن أدعية الاستفتاح اليسير حفظها: " اللهُ أكبرُ كبيرًا. والحمدُ لله كثيرًا. وسبحان اللهِ بكرةً وأصيلًا " ؛ فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنها قال: بينما نحن نصلي مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذ قال رجلٌ مَن القومُ: اللهُ أكبرُ كبيرًا. والحمدُ لله كثيرًا. وسبحان اللهِ بكرةً وأصيلًا. فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ " من القائلُ كلمةَ كذا وكذا؟ " قال رجلٌ من القومِ: أنا. يا رسولَ اللهِ! قال " عجِبتُ لها. فُتِحَتْ لها أبوابُ السماءِ ". قال ابنُ عمرَ: فما تركتُهنَّ منذُ سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقول ذلك. ومن أدعية الاستفتاح ما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، إذا كبَّر في الصلاةِ، سكتَ هُنَيَّةً قبل أن يَقرأَ. فقلتُ: يا رسولَ اللهِ! بأبي أنت وأمي! أرأيتَ سكوتَك بين التكبيرِ والقراءةِ، ما تقول؟ قال " أقول: اللهمَّ! باعِدْ بيني وبين خطايايَ كما باعدتَ بين المشرقِ والمغربِ. اللهمَّ! نقِّني من خطاياي كما يُنقَّى الثوبُ الأبيضُ من الدَّنَسِ. اللهمَّ! اغسِلْني من خطايايَ بالثَّلجِ والماءِ والبَرَدِ " أخرجه الشيخان. و يسن للمصلي أن يستعيذ بالله من الشيطان ويبسمل قبل قراءته القرآن. أيها المصلون: وإليكم ثلاثة أذكار يستحب قولها في الركوع وفي السجود، فبعد أن يقول في ركوعه سبحان ربي العظيم وبعد أن يقول في السجود سبحان ربي الأعلى يستحب قول " سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي "؛ فعن عائشة رضي الله عنها قالت " كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُكْثِرُ أنْ يقولَ في رُكوعِهِ وسُجودِهِ: سُبحانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنا وبِحَمدِكَ، اللَّهُمَّ اغفِر لي. يَتأوَّلُ القُرآنَ." متفق عليه تقصد أن يمثل أمر ربه " فسبح بحمد ربك واستغفره ".وعنها " أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان يقولُ في ركوعِه وسجودِه " سبوحٌ قدوسٌ ربُّ الملائكةِ والروحِ". رواه مسلم والذكر الثالث مما يستحب قوله في الركوع والسجود: " سبحانَ ذي الجبروتِ والملَكوتِ والْكبرياءِ والعظمةِ " كما حديث عوف بن مالك رضي الله عنه. و صح في ذكر الحمد الواجب لمن رفع من الركوع أربع صيغ " ربنا لك الحمد " أو " ربنا ولك الحمد أو اللهم ربنا لك الحمد " أو " " اللهم ربنا ولك الحمد " ويستحب الزيادة عليها؛ فعن رفاعة بن رافع قال كنا يومًا نصلِّي وراءَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلما رفَع رأسَه من الركعةِ، قال: سمِع اللهُ لمَن حمِدَه. قال رجلٌ وراءَه: ربَّنا ولك الحمدُ، حمدًا كثيرا طيبًا مباركًا فيه. فلما انصرَف، قال: مَنِ المتكلِّمُ. قال: أنا، قال: رأيتُ بِضعَةً وثلاثينَ مَلكًا يبتَدِرونها، أيُّهم يكتبُها أولُ " أخرجه البخاري، و عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسَه من الركوعِ قال: " ربنا لك الحمدُ ملءَ السماواتِ والأرضِ وملءَ ما شِئتَ من شيءٍ بعدُ أهلَ الثناءِ والمجدِ أحقُّ ما قال العبدُ وكلُّنا لك عبدٌ اللهم لا مانعَ لما أعطيتَ ولا معطيَ لما منعتَ ولا ينفعُ ذا الجَدِّ منك الجَدُّ." رواه مسلم عن أبي سعيد وعنده زيادة من حديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع قال بعد ذلك: " اللهم طهّرني بالثلج والبرد والماء البارد، اللهم طهّرني من الذنوب والخطايا، كما يُنقّى الثوبُ الأبيض من الوسخ ". بارك الله لي ولكم... • • • الحمد لله... أما بعد: فأوصي نفسي وإياكم بحفظ أذكار الصلاة والتنويع بينها والتأمل في معانيها، فالصلاة كلها ذكر، في القيام وفي الركوع وفي الاعتدال وفي السجود و في الجلوس، و جدير بالمسلم أن يتقن لفظ الذكر ما استطاع، ففي الصحيحين أن النبي علّم البراء بن عازب ذكرا عند النوم وفيه " آمنتُ بكتابِك الذي أنزلت. وبنبيِّك الذي أرسلتَ قال فرددتهن لأستذكرهن فقلت: آمنتُ برسولِك الذي أرسلت. قال: قلْ: آمنت بنبيِّك الذي أرسلتَ ". وعودا على أذكار الصلاة نعلم أيه الأحبة أن الواجب قول رب اغفر لي بين السجدتين، ووردت زيادة عليه مستحبة؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ كانَ يقولُ بينَ السَّجدَتَينِ: "اللَّهمَّ اغفِر لي وارحَمني واجبُرني واهدِني وارزُقني " رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني. ويسن للمصلي بعد التشهد والصلاة الإبراهيمية أن يستعيذ بالله، في البخاري كان سعدٌ يُعَلِّمُ بَنيهِ هؤلاءِ الكلماتِ، كما يُعَلِّمُ المُعَلِّمُ الغِلمانَ الكتابةَ، ويقولُ: إن رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَتَعَوَّذُ منهن دُبُرَ الصلاةِ: " اللهم إني أعوذُ بك من الجُبنِ، وأعوذُ بك أن أُرَدَّ إلى أرذَلِ العُمُرِ، وأعوذُ بك من فِتنَةِ الدنيا، وأعوذُ بك من عذابِ القبرِ " وفي صحيح مسلم مرفوعا " إذا تشهد أحدُكم فليستعذْ باللهِ من أربعٍ. يقولُ: اللهم! إني أعوذُ بك من عذابِ جهنمَ. ومن عذابِ القبرِ. ومن فتنةِ المحيا والمماتِ. ومن شرِّ فتنةِ المسيحِ الدجالِ ". فحري بالمصلي أن يحفظ هذه الأذكار النبوية وأن ينوع بينها فهو أكمل في اتباع النبي عليه الصلاة والسلام وأدعى للخشوع واستحضار معانيها. وبعد، عباد الله صلوا وسلموا... |
رد: صفة الصلاة
صفة الصلاة (3) حسام بن عبدالعزيز الجبرين سنن فعلية الحمد لله العفوِ الغفور، القديرِ الصبور، الحليمِ الشكور، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له جعل الظلماتِ والنور وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صاحب المقام المحمود يوم البعث والنشور، صلى الله وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيراً. أما بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله سبحانه، فالتقوى طيبة الثمار في الدنيا و في القبر وفي الآخرة قال الحق سبحانه ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ ﴾ [النحل: 30]. إخوة الإيمان: ومن أعظم خصال التقوى وأعظم شرائع الإسلام التعبد لله بالصلاة، فقد خصها سبحانه لما ذكر التقوى فقال ﴿ وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [الأنعام: 72]، وفي موضع آخر ﴿ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [الروم: 31]. الصلاة عباد الرحمن: قرة عين النبي صلى الله عليه وسلم، الصلاة من أبواب الرزق ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾ [طه: 132]. الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، الصلاة عمود الإسلام، الصلاة فيها الذكر بأنواعه ؛ فيها القرآن والتسبيح والتحميد والتوحيد والتكبير والاستغفار والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم والدعاء. عباد الرحمن: إنها عبادة عظيمة تُحلّق بروح الخاشع وتصله بربه جل جلاله، والصلاة حين تبعدنا الغفلة أو الذنوب من أعظم ما يقربنا إلى الله فأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد. إخوة الإيمان: وإن من أعظم ما نذكر به أنفسنا أن نحرص على إقامة الصلاة لا مجرد تأدية لها! ففي القرآن الكريم ﴿ ..وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ.. ﴾ [البقرة: 3] ﴿ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ ﴾ [الأعراف: 170] ﴿ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ ﴾ [إبراهيم: 37] ﴿ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ ﴾ [الحج: 35] ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ﴾ [العنكبوت: 45] ﴿ وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ ﴾ [الأنعام: 72] قال السعدي: " أي: وأمرنا أن نقيم الصلاة بأركانها وشروطها وسننها ومكملاتها ". وحديثنا اليوم عن سنن فعلية في هذه العبادة الجليلة فرضها ونفلها واتباع السنة دليل على محبة العبد لربه سبحانه ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾ [آل عمران: 31]. معشر الكرام: من السنن الفعلية: التجمل للصلاة، قال سبحانه ﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ ﴾ قال ابن كثير: " ولهذه الآية، وما ورد في معناها من السنة، يستحب التجمل عند الصلاة، ولا سيما يوم الجمعة ويوم العيد، والطيب لأنه من الزينة، والسواك لأنه من تمام ذلك. ومن أفضل الثياب البياض..." ومن السنن الفعلية: رفع اليدين حذو المنكبين أو حذو الأذنين ممدودة الأصابع تجاه القبلة في أربعة مواضع: عند تكبيرة الإحرام وعند الركوع وعند الرفع من الركوع وعند القيام من التشهد الأول، ففي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما: " أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، كان يرفعُ يديْهِ حَذْوَ مِنْكَبَيْهِ، إذا افتتحَ الصلاةَ، وإذا كَبَّرَ للركوعِ، وإذا رفعَ رأسَهُ من الركوعِ رفعهما كذلكَ أيضًا، وقال: سمعَ اللهُ لمن حمدَهُ، ربنا ولكَ الحمدُ. وكان لا يفعلُ ذلكَ في السجودِ ". ومن سنن الصلاة الفعلية: قبض اليد اليمنى على اليسرى حال القيام ، و هي من كمال الأدب والتبجيل لله سبحانه، والقبض الثابت على صفتين: الأولى: وضع اليد اليمنى على اليسرى والصفة الثانية: وضع اليد اليمنى على ذراع اليد اليسرى، قال وائل بن حجر رضي الله عنه "رأيتُ رسولَ اللَّهِ إذا كانَ قائمًا في الصَّلاةِ قبضَ بيمينِهِ على شمالِهِ " أخرجه أبو داوود والنسائي، وفي البخاري عن سهل بن سعد الساعدي قال: كان الناسُ يؤمَرون أن يضَع الرجلُ اليدَ اليُمنى على ذِراعِه اليُسرى في الصلاةِ ". ومن السنة في الركوع: أن يستوي ظهُر المصلي قال أبو حميد عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في البخاري: " وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه، ثم هصر ظهره " أي ثناه في استواء من غير تقويس، والرأس معتدل لا يرفعه ولا يخفضه قالت عائشة رضي الله عنها:" وكان إذا رَكَع لم يُشْخِصْ رأسَه ولم يُصَوِّبَه ولكن بين ذلك " رواه مسلم. ويسن أن يمكّن يديه من ركبتيه حال ركوعه ويفرج بين أصابع يديه قال أبو حميد مخبرا عن النبي عليه الصلاة والسلام " فإذا رَكعَ أمْكنَ كفَّيهِ من رُكبتيهِ وفرَّجَ بينَ أصابعِهِ" رواه أبو داوود وصححه الألباني ويجافي مرفقيه عن جنبيه ما لم يكن هناك أذية لمن بجواره. بارك الله لي ولكم... ♦ ♦ ♦ ♦ الحمد لله... أما بعد: فإن الحرص على سنن الصلاة من إقامتها ومما يضاعف أجرها وفضلها. عباد الرحمن: ويسن في السجود أن يجعل كفيه حذو منكبيه أو حذو شحمه أذنيه ويفرج بينهما ما لم يؤذ من حوله، ويفرج بين ركبتيه في سجوده ويمكن أصابع القدمين بحيث تكون جهة القبلة، ومن السنة أن يجافي بطنه عن فخذيه وفخذيه عن ساقيه. لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم. ومن السنة بين السجدتين وفي الجلوس للتشهد في الركعة الثانية: الافتراش بأن ينصب الرجل اليمنى ويستقبل بأصابعها القبلة ويجلس على القدم اليسرى، أخرج النسائي عن وائل بن حجر عن النبي صلى الله عليه وسلم: "وإذا جلس في الركعتينِ أضجَع اليسرَى ونصبَ اليمنَى " صححه الألباني. ومن السنن: الإشارة بالأصبع في التشهد الأول والثاني، قال ابن عمر مخبرا عن النبي عليه الصلاة والسلام: "كان إذا جلَس في الصلاةِ، وضَع كفَّه اليُمنى على فخِذِه اليُمنى. وقبَض أصابعَه كلَّها. وأشار بإصبَعِه التي تلي الإبهامَ. ووضَع كفَّه اليُسرى على فخِذِه اليُسرى " أخرجه مسلم. ومن السنن الفعلية: التورك في التشهد الأخير في الثلاثية والرباعية إذا لم يؤذ من بجواره، وفي البخاري أن أبا حميد الساعدي رضي الله عنه كان جالساً مع نفر من أصحاب النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فذكرنا صلاة النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال أبو حميد الساعدي: " أنا كنتُ أحفظكم لصلاة رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، رأيته إذا كبر جعل يديه حذاء منكبيه، وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه، ثم هصر ظهره، فإذا رفع رأسه استوى، حتى يعود كل فقار مكانه، فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما، واستقبل بأطراف أصابع رجلٌيه القبلة، فإذا جلس في الركعتين جلس على رجلٌه اليسرى، ونصب اليمنى، وإذا جلس في الركعة الآخرة، قدم رجلٌه اليسرى، ونصب الأخرى، وقعد على مقعدته ". وختاما: هذه سنن حري أن يستشعر حين يطبقها التعبد لله سبحانه بالاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم القائل " صلوا كما رأيتموني أصلي " (البخاري) ورضي الله عن صحابته الذين أخبروا بأدق التفاصيل عن صلاته صلى الله عليه وسلم. ثم صلوا وسلموا ... |
الساعة الآن : 01:41 AM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour