ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=81)
-   -   إمامُ الأخلاق صلى الله عليه وسلم (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=265108)

ابوالوليد المسلم 12-09-2021 06:02 PM

إمامُ الأخلاق صلى الله عليه وسلم
 
إمامُ الأخلاق صلى الله عليه وسلم



وضاح سيف الجبزي




الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا، وï´؟ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ï´¾ [الفرقان: 1-2]، وï´؟ تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا * وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا ï´¾ [الفرقان: 61-62]، وأشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا، وأشهد أن محمدًا عبده و رسوله، اصطفاه و اجتباه، وأحبَّه وارتضاه، وقدمه على من سواه..








مُرْسلٌ نال بآيِ الذٍّكْرِ ما https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لم ينله النجم في عالي مَداه https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


كل ما جاء به من مُعْجِزٍ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
سَحَرَ الألباب قرآنٌ تلاه https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


قوَّةٌ كامنةٌ أخرجها https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
مثل ما يخرج طَلْعٌ من نَوَاه https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif







اللهم صلِّ وسلِّم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، ومَن تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، أما بعد:




فهذه إلياذةُ الأخلاق https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
سائغة الشراب والمذاقِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


نافعةً لسائرِ العبادِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
تهدي إلى الفلاح والرشادِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif









مع إمام الدنيا، وأستاذ الدَّهر، وروح الحياة، ومعلِّم البشرية، وقدوة الإنسانية، وسيد الأنام، وقبةِ الأعلام، ولبنةِ التمام، ومُربِّي الأجيال، ومجمعِ الأخلاق، ومنبع المُثُل، ومؤسس المبادئ، وباني القيم، وهادي البرية إلى الرشد، ودليل الناس إلى الخير.







مع الأُمي الذي علَّم المتعلمين، واليتيم الذي بعث الأمل في قلوب البائسين، والهادي الذي قاد سفينةَ العالمِ الحائرةِ في خِضَم المحيط ومعترك الأمواج إلى شاطئ النجاة، وساحل الفوز، باتباع نهج رب العالمين.








مركبُ الشّعرِ عند شاطيهِ يرسو https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
والمعاني إذا ذكرناهُ أُنسُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


هتف الشّوقُ نحوه فاستنارتْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أحرفٌ تحمِلُ الحنينَ ونفسُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif





هل تتجرأُ النفوس أن تزاحم في محبتها للبشر سواه؟




وهل يمكن أن تشتاقَ لأحد إِلاَّه؟



وهل الفضل بعد الله إلا من نداه؟



الحمد لمن اصطفاه.



الفضل لمن رباه.



الشكر لمن حبَاه.



المنُّ لمن اجتباه.




شُغفتُ بحبِّه مُذْ كنت طفلًا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وشِبتُ وليس للحب انقضاءُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif



والله لو كان لأحدنا ألفُ ألفِ لسان، وألفُ ألفِ بيان، وألفُ ألفِ بنان، وألفُ ألفِ تعبير، وألفُ ألفِ خيال، وألفُ ألفِ موهبةٍ، وألفُ ألفِ قدرة، وألفُ ألفِ كتاب، وألفُ ألفِ قلم - لعجَز عن التعبير، وإبداءِ ما في الضمير، ولو جاء بالعير والنفير، وامتلك النقير والقطمير.








ووالله ما في طاقة متحدِّث ولو ألقت إليه البلاغة أعِنتها، وأرخت إليه الفصاحة زمام الجناس والطباق، أو جاب بصدق مشاعره الآفاق، وبلغ في مجده السبع الطباق، أن يتقصَّى ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من مكارم الأخلاق.







فالمسكُ ما قد شفَّ عن ذاتِه *** لا ما غدا ينعَتُه بائعُهْ





يقول الصِّديق رضي الله عنه: أمَا إذا كلَّفْتمونيأخلاقَرسولاللهصلى الله عليه وسلم؟! فوَاللهِ ما ذاكَ عندي ولا عِنْد أحدٍ[1]، وَقَالَ أَبُو ذَرٍّ رضي الله عنه، لَمَّا بَلَغَهُ مَبْعَثُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ لِأَخِيهِ: ارْكَبْ إِلَى هَذَا الوَادِي فَاسْمَعْ مِنْ قَوْلِهِ، فَرَجَعَ فَقَالَ: «رَأَيْتُهُ يَأْمُرُ بِمَكَارِمِ الأَخْلاَقِ»[2].







كيف؟ وهو المثلُ الأعلى في مكارم الأخلاق والخلال، وكريم السجايا والخصال، وبلغ ذِروة السَّنام في مراق الكمال، ونال منها غاية تنقطع دونها الآمال!




خُلقٌ ما شاهدت في مشرقٍ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
مِثلَه عينٌ ولا في مغربِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif





إنه النبي الهادي، خيرُ من حضر النوادي، وأبرُّ من ركب الخوادي، وفاق الليوث العوادي، ولقد قرن الله ذكره بذكره على لسان كل ذاكر، وشَرُفت برسالته المنائر والمنابر، ولقد رفع الله ذكره، ولا خافض لِما رفعه الله، وجعل اسمَه مقرونًا باسمه، تهتف به ملايين الشفاه، فأين الثرى من الثريا؟ والصحيح من المدرج؟ والأسدُ من القرد؟ والرأس من الرجلين؟ والتاج من النعلين، وجيد الغزال من الذيل؟ وأين الباز من ذنب القط؟



فأخلاقه ومساعيه وسؤددُه صلى الله عليه وسلم، شواهدُ تتحدى كلَّ متحدٍّ.







إنه البشير النذير، والسراج المزهر المنير، النبي المصطفى، والرسول المجتبى، سيد الأولين والآخرين، وقائد الغُر المحجلين، الفاتح لما أغلق، والخاتم لما سبق، أرسله الله شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا.




قَمَرٌ تفرد بالكمالِ كمالُه https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وحَوَى المحاسِنَ حُسْنُه وجمالُهُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif



إنني على يقين أني لن أبلغ في الحديث عن أخلاق خير الخلائق صلى الله عليه وسلم، في هذه الدقائق، وكشف المكنون من الشمائل والحقائق، إلا مقدارَ ما يبلغه واصف الشمس وهو لا يعرف منها إلا أنَّها كوكبٌ ينسخ طلوعُه سوادَ الليل!


ومهما تتبارى القراح والأفهام، وتتزاحم الصحائف والأقلام، ناسجةً أحاديثَ مجدِه، مرتلةً آياتِ شمائله، عازفةً أناشيد عظمته؛ فستظل جميعُها كأن لم تبرح مكانها، ولم تحرك بالقول لسانها.




فَمَنْ يُحْصِي شَمَائِلَهُ اللَّوَاتِي https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لَهَا فِي كُلِّ رَابِيَةٍ ثَنَاءُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif




وحسبنا أن نُنيخَ ركائبنا على ساحل بحر مسك أخلاقه؛ لنظفر منه بدرة، وعلى روض ريحان خلاله؛ لنشتم منها نفحة!





فما برحتْ منه الخلائق تَحتذي https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
شذًا تتهاداه الأنوفُ النواشقُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif




هيا بنا لنغرف من بَحره ونرتوي بدَرِّه، ونشنِّف المسامع بدُرِّه..



فاخلع نعالك في طُوى أكنافه *** وضع العصا في واده القدسان




هذه إيماءات سريعة على استحياء إلى بعض صفحات أخلاقه الناصعة، ومكارمه الفريدة، وفعاله الطاهرة.








إلى بعض سمات تفَوُّقِه وعظمته، وثباته ومنَعَتِه، والتي جعلت أفئدة الناس تهوي إليه، وجذبت نحوه في ولاءٍ - لا نظير له - ثلةً لا مثيل لها ولا شبيه، إنه ابن عبدالله محمد رسول الله إلى الناس في قيظ الحياة، أيُّ سرٍّ توفَّر له فجعل منه إنسانًا يُشَّرف بني الإنسان؟! وأيُّ يدٍ طُولى بسطها شطر السماء، فإذا كل أبواب رحمتها ونعمتها وهداها مفتوحةً على الرِّحاب؟!



أيُّ إيمانٍ أيُّ عزمٍ أيُّ مضاء؟



أيُّ صدقٍ أيُّ طهرٍ أيُّ نقاء؟



أيُّ تواضعٍ أيُّ حبٍّ أيُّ وفاء؟
يتبع

ابوالوليد المسلم 12-09-2021 06:05 PM

رد: إمامُ الأخلاق صلى الله عليه وسلم
 
أيُّ تقديسٍ للحق أيُّ احترامٍ للحياة والأحياء؟




كَمالُ خَلائِقٍ وكمالُ خَلقٍ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ومَا شَغلَ الهواجسَ كالكمالِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif




وصدق الله: ï´؟ لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ ï´¾ [آل عمران: 164].








فإذا كتاب الله أثنى مفصحًا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
كان القصورُ قصارَ كل فصيح https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif




والله، وبالله، وتالله، لا نعرف أحدًا كمَّله الله بكل فضيلة، ونزَّهه عن كل رذيلة، مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم!




فلن ترى في وصفه مثيلًا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
مستوجبًا ثنائي الجميلا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif





ما فضيلةٌ إلا وهي صفته، وإتمام مكارم الأخلاق مـن مَهمة بعثته.



سئلت أُمُّنا عائشة رضي الله عنها عن خُلُقه، فقالت: «كان خلقُه القرآن»[3]، ما خُلٌق سَنِيٌّ دعا القرآن له إلا كان أولَ عامل به، وداع إليه، وما خُلُق سيئٍ حذَّر منه القرآنُ إلا كان أولَ مجتنبٍ له، ومحذرٍ منه، وحالُه: ï´؟ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ï´¾ [هود: 88].



في وجهه قسماتٌ قد دللن على *** ما ضَمَّهُ القلبُ من أخلاقِ قرآن


كان صلى الله عليه وسلم أرجحَ الناس عقلًا، وأفضلَهم رأيًا، وأعظمَهم ذكاءً، ما عقول الأذكياء في جنْب عقله إلا كحبة رمل بين رمال الدنيا، وحسبه قول المولى: ï´؟ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ï´¾ [النساء: 113].


ولقد قرَّبه الله وحباه، واصطفاه واجتباه، وزكَّاه وكفاه، زكَّاه في عقله فقال: ï´؟ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ï´¾ [النجم: 2]، وزكَّاه في نُطقه، فقال:ï´؟ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ï´¾ [النجم: 3]، وفي استقامته، فقال: ï´؟ إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى ï´¾ [النجم: 4]، وفي جليسه، فقال: ï´؟ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ï´¾ [النجم: 5]، وزكَّى فؤاده، فقال: ï´؟ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ï´¾ [النجم: 11]، وزكَّاه في بصره، فقال: ï´؟ مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ï´¾ [النجم: 17]، وزكَّاه في صدره، فقال: ï´؟ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ï´¾ [الشرح: 1]، وفي مكانته، فقال: ï´؟ وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ ï´¾ [الشرح: 2]، وزكَّاه في ذِكره، فقال: ï´؟ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ï´¾ [الشرح: 4]، وزكَّاه في حلمه، فقال: ï´؟ بالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ï´¾ [التوبة: 128]، وزكَّاه كلَّه، فقال: ï´؟ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ï´¾ [الأنبياء: 107]، وتوَّجَه بتاج الكمال، ووسام الشرف، فقال:ï´؟ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ï´¾ [القلم: 4].


فَلَو سُئلَتْ كلُّ الفضائل في الورَى https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لمن تنتمي؟ ما أصلُها؟ أين توجدُ؟ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif



بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا واستغفروا الله العظيم الجليل، لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية



الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه، وسلم تسليمًا كثيرًا.







أما بعد:



فيقول مستشرق لم يَملك نفسَه أمام تلك العظمة: «ما أحوجَنا اليوم إلى رجُلٍ كمحمَّد! يحلُّ مشاكل العالم وهو يَحتسي فنجان قهوة»[4].







نعم، فالشَّمس ليس تجلِّيها بمجحودٍ، فلو لم يكن بالوحي خيرَ الأنبياء، لكان بسيرته وخُلُقه أعظمَ العُظماء، فقد جُمِعَت فيه الخصال المفرَّقة



تفيض كفيْض الديمة المتدفِّقة







تردُّ خليَّات القلوب مشوقةً



وتهمي على فرع الأراك مطوّقة



وما كلِمي إلاَّ إليْها موجَّهٌ



وما هِمَّتي إلاَّ بها متعلقة



وإنِّي وإن أسْهبتُ لستُ ببالغٍ *** مداها ولو نازَعْتُ سَحبانَ منطِقَه



كان صلى الله عليه وسلم عظيمَ الأخلاق، كريم السجايا، مُهَذَّب الطِّباع، نقيَّ الفِطرَة، يقظ المشاعر، مشبوب الفؤاد، جَمَّ الحياء، حَيَّ العاطفة، جميل السِّيرة، طاهر السريرة، أُلبس إِهابَ الهَيبة، وتُوِّج تاجَ السِّيادة، وضُمِّخ بأذكى خَلوقٍ أذكى الأخلاق، وأُحِلَّ دارَ المُدَاراة، وأُعطِيَ لقطع مفازة الدنيا جَوادَ الجُودِ، فهو هلالُ شهرِ الكمال، وأميرُ جيشَ الجود، ورُوحُ جُثمانِ الكون، وحشاشةُ نفسِ الملكة[5].


مكانُك مِن قلبي وعيني كلاهما https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
مكانُ السُوَيدَا من فؤادي وأقربُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


وذِكْرُك في نفسي وإنْ شفَّها الظَّما https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ألذُّ من الماء الزلالِ وأعذبُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif









إي واللهِ، وبالله، وتالله!



دماءٌ مزجناها بحبِّ محمدٍ *** وأكبادُنا من شوقها تتوقدُ





فاللهم ارزُقنا الشوقَ إلى لقياه، وشرفَ محبته والذبِّ عنه، وعن سُنَّتِه في الدنيا، وشرفَ جِواره والقربِ منه والشُّرب من حَوضه في الآخرة.







يقول صلى الله عليه وسلم: «بُعِثْتُ مِنْ خَيْرِ قُرُونِ بَنِي آدَمَ قَرْنًا فَقَرْنًا، حَتَّى كُنْتُ مِنَ الْقَرْنِ الَّذِي كُنْتُ فِيْهِ»[6].







وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَبَّابًا، وَلاَ فَحَّاشًا، وَلاَ لَعَّانًا، كَانَ يَقُولُ لِأَحَدِنَا عِنْدَ المَعْتِبَةِ: «مَا لَهُ تَرِبَ جَبِينُهُ»؟[7].







وَعَنْ عَبْدِالله بْنِ عَمْروٍ رضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَاحِشًا وَلا مُتَفَحِّشًا، وَكَانَ يَقُولُ: «إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أحْسَنَكُمْ أخْلاقًا»[8].








فَأَسْعَدُ أَهْلِ الأَرْضِ تَابِعُ خَطْوِهِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وَمَنْ زَاغَ عَنْهُ هَالِكٌ فِي الهَوَالِكِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif




كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَقٌّ، فَأَغْلَظَ لَهُ، فَهَمَّ بِهِ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا»، فَقَالَ لَهُمْ: «اشْتَرُوا لَهُ سِنًّا، فَأَعْطُوهُ إِيَّاهُ»، فَقَالُوا: إِنَّا لَا نَجِدُ إِلَّا سِنًّا هُوَ خَيْرٌ مِنْ سِنِّهِ، قَالَ: «فَاشْتَرُوهُ، فَأَعْطُوهُ إِيَّاهُ، فَإِنَّ مِنْ خَيْرِكُمْ، أَوْ خَيْرَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً»[9].

وفي رواية: فَطَلَبُوا سِنَّهُ، فَلَمْ يَجِدُوا لَهُ إِلَّا سِنًّا فَوْقَهَا، فَقَالَ: «أَعْطُوهُ»، فَقَالَ: أَوْفَيْتَنِي أَوْفَى اللَّهُ بِكَ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً»[10].


نفسي وما ملكت يدي https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
والوالدان له فدا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif




وعَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، أَنَّ أَبَاهُ مَخْرَمَةَ قَالَ لَهُ: يَا بُنَيِّ، إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدِمَتْ عَلَيْهِ أَقْبِيَةٌ فَهُوَ يَقْسِمُهَا، فَاذْهَبْ بِنَا إِلَيْهِ، فَذَهَبْنَا فَوَجَدْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي مَنْزِلِهِ، فَقَالَ لِي: يَا بُنَيِّ ادْعُ لِيَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأَعْظَمْتُ ذَلِكَ، فَقُلْتُ: أَدْعُو لَكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟! فَقَالَ: يَا بُنَيِّ، إِنَّهُ لَيْسَ بِجَبَّارٍ، فَدَعَوْتُهُ، فَخَرَجَ وَعَلَيْهِ قَبَاءٌ مِنْ دِيبَاجٍ مُزَرَّرٌ بِالذَّهَبِ، وَهُوَ يُرِيهِ مَحَاسِنَهُ، وَهُوَ يَقُولُ: «خَبَأْتُ هَذَا لَكَ خَبَأْتُ، هَذَا لَكَ»، قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: «رَضِيَ مَخْرَمَةُ»[11].

بمديحِهِ العَطِرِ المُنيفِ تَعَطَّرَتْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وتطهَّرَتْ وتنوَّرْتَ أوْزَانِي https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif




كان صلى الله عليه وسلم يعودُ المريض، ويُجيب دعوةَ المملوك، ويجلسُ على الأرض، ويَلبَسُ الخشِن، ويأكلُ البشع، ويَبيتُ اللياليَ طاويًا، يتقلبُ في قفرِ الفقر، ولسانُ الحال يناديه: يا محمد، نحن نَضِنُّ بك عن الدنيا، لا بها عنك.









إذا قيل فيك الشِّعْرُ جاء مُهَذَّبًا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
جَليَّ المعاني ليس فيه عَويصُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif





فهنيئًا لـ ï´؟ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون ï´¾ [الأعراف: 157].



صلى عليه ربُّنا وسلَّما *** ما استقبلتْ أوديةٌ غيثَ السما




ï´؟ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ï´¾ [النور: 54].









فكُن في اتّباع المصطفى مثل عصبةٍ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وراء خبيرٍ في مُلَغَّم بقعةِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


فمن ينحرفْ يردَ ومن يتبعْ يفُزْ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وبين الردى والفوز زحفٌ بخطوةِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif





ï´؟ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ ï´¾ [الأحزاب: 21].








صلاح القدوة صلاح الأتباع، وإن صلَحت العين صلَح سواقيها.



وإنْ رشد المربِّي كان موسى *** وإنْ هو ضل كان السامريا





ربنا اغفر لنا ذنوبنا وكفِّر عنَّا سيئاتنا، وتوفَّنا مع الأبرار.







ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ربنا وسِعت كلَّ شيء رحمةً وعلمًا، فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقِهمْ عذابَ الجحيم.







اللهم أقلْ عثراتنا، واغفِر زلاتنا، وكفِّر عنا سيئاتنا، وتوفنا مع الأبرار.







[1] أخرجه ثعلب في المجالس ص (78).



[2] رواه البخاري في صحيحه، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، باب حسن الخلق والسخاء، وما يُكره من البخل (8/ 13).


[3]أخرجه أحمد في مسنده، من حديث سعد بن هشام (42/ 183، 43/ 15)، قال شعيب الأرنؤوط: حديث صحيح.


[4] موسوعة الغزو الفكري والثقافي وأثره على المسلمين (10/ 218).


[5] موافق المرافق لابن الجوزي ص (91).


[6] رواه البخاري في صحيحه (3557)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم (4/ 189).


[7] رواه البخاري في صحيحه (6031)، باب لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فاحشًا ولا متفحشًا (8/ 13).


[8] رواه البخاري في صحيحه (3559)، باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم (4/ 189).


[9] رواه مسلم في صحيحه (1601)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، باب من استسلف شيئًا، فقضى خيرًا منه، وخيركم أحسنكم قضاءً (3/ 1225).


[10] رواه البخاري في صحيحه (2305)، باب وكالة الشاهد والغائب جائزة (3/ 99).



[11] مجموع الحديث جاء في روايات للبخاري في صحيحه، الأولى (5862)، باب المزرر بالذهب (7/ 155)، والثانية (2657)، باب شهادة الأعمى وأمره ونكاحه (3/ 172)، والثالثة (2599)، باب كيف يقبض العبد والمتاع (3/ 160).


الساعة الآن : 03:31 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 38.23 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 38.09 كيلو بايت... تم توفير 0.14 كيلو بايت...بمعدل (0.36%)]