ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى الشباب المسلم (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=94)
-   -   زمن التوبة (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=236010)

ابوالوليد المسلم 10-07-2020 02:33 AM

زمن التوبة
 
زمن التوبة


أنور الداود النبراوي



ولا بد أن تكون التوبة في وقت تقبل فيه التوبة، فإن لم تكن كذلك فلا توبة للإنسان، فعند حضور الأجل تنقطع توبة العبد ولا تقبل منه فعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر".

أي إذا لم تبلغ الروح الحلقوم كما في قوله تعالى: ﴿ فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ * وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ *وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لاَ تُبْصِرُونَ ﴾ [الواقِعَة: 83-85].

قال الشيخ حافظ الحكمي رحمه الله:
وتقبل التوبة قبل الغرغرة https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
كما أتى في الشرعة المطهرة https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif



أي حال الاحتضار عند حشرجة الروح في الصدر إيذانا بالفراق كما قال:﴿ كَلاَّ إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ * وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ * وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ * وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ * إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ ﴾ [القِيَامَة: 26-30].

فمن تاب عند الموت حين ينكشف الغطاء، ويعاين الملائكة، وأمور الآخرة وصار الغيب شهادة، لم ينفعه حينها الإيمان ولا التوبة.

قال ابن عمر رضي الله عنهما: "التوبة مبسوطة ما لم ينزل ملك الموت".
بادر إلى التوبة الخلصاء مبتدئًا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
والموت ويحك لم يمدد إليك يداً https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif



وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن زمن التوبة ينقطع إذا طلعت الشمس من مغربها، فحينها يؤمن الناس أجمعون، ولا ينفعهم ذلك عند الله، ولا يغني عنهم شيئًا.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون، وذلك حين لا ينفع نفسًا إيمانها" .

ثم قرأ قوله تعالى: ﴿ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلاَئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ ﴾ [الأنعَام: 158].

إن التوبة التي يقبلها الله هي التي تصدر من النفس التي هزها الندم من الأعماق حتى استفاقت فثابت وأنابت وهي في فسحة من العمر، وبحبوحة من الأمل رغبة في التطهر وسلوك طريق جديد. هنا تكون التوبة لا تأجيل فيها ولا تسويف.

وذلك بالمبادرة في زمن المهلة، والمجاهدة في طريق الشهوة، والاستعلاء في عالم المادة واللذة.
أسوف توبتي خمسين عامًا https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وظني أن مثلي لا يتوب https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif



قال أبو بكر الواسطي رحمه الله:
"التأني في كل شيء حسن إلا في ثلاث خصال: عند وقت الصلاة، وعند دفن الميت، والتوبة عند المعصية"، وإن كان الدين الإسلامي قد ذم الاستعجال، وجعل العجلة مذمومة في غالب الأمور، إلا أن الاستعجال والمبادرة في التوبة أمر محمود، ومرغب فيه.

قال الله تبارك وتعالى: ﴿ إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [النِّسَاء: 17].

أي: يتوبون من قريب قبل أن يتبين لهم الموت ويدخلوا في سكراته، ويحسوا أنهم على عتباته، فيتوبون توبة ندم وانخلاع عن الخطيئة، ونية على العمل الصالح.

وقد من الله على عباده بأن جعل بعد الذنب فسحة للتوبة، كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن صاحب الشمال ليرفع القلم ست ساعات عن العبد المسلم المخطىء فإن ندم واستغفر الله منها ألقاها، وإلا كتبت واحدة" .

الإساءات منا كثيرة لكن عفو الله أكبر.. والزلل والخطأ منا عظيم لكن مغفرة الله ورحمته أعظم.. فهو الكريم الجواد.. الرحيم بالعباد.

التوبـة النصوح:
وأكمل التوبة وأعظمها هي التوبة النصوح التي أمر الله بها في قوله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لاَ يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [التّحْريم: 8].

والتوبة النصوح من النصح، حيث تنصح القلب، وتخلّصه ثم لا تغشه ولا تخدعه، وهي تنزيه القلب عن الذنوب، فالتوبة النصوح تجمع الندم بالقلب، والاستغفار باللسان، وإضمار عدم العودة إلى الآثام وتجنب خلطاء السوء.

قال الحسن البصري رحمه الله: "التوبة النصوح أن يبغض الذنب الذي أحبه ويستغفر منه إذا ذكره".

وقال الحسن البصري رحمه الله: "التوبة النصوح ما تنصحون به أنفسكم"

وقال سعيد بن المسيب رحمه الله: "أن يكون العبد نادمًا على ما مضى مجمعًا على أن لا يعود فيه".

والتوبة النصوح تجبّ ما قبلها، وتنقل صاحبها بعون الله إلى الهدى، وهي توبة صادقة روحها الإخلاص والخوف من الله، وتبدأ بالندم على ما كان، وتنتهي بالعمل الصالح والطاعة، حينها يتخلص القلب من رواسب المعاصي، وأدران الذنوب والخطايا.

قال القرطبي رحمه الله: "التوبة النصوح هي التي لا عودة بعدها كما لا يعود اللبن إلى الضرع".

وهذه التوبة هي التي تورث صاحبها الفلاح عاجلاً وآجلاً.

ويقول العلامة السعدي رحمه الله: "والمراد بها: التوبة العامة الشاملة للذنوب كلها، التي عقدها العبد لله، لا يريد بها إلا وجه الله والقرب منه، ويستمر عليها في جميع أحواله".

وعلامة التوبة النصوح:
أن يكره العبد المعصية، ويستقبحها فلا تخطر له على بال، ولا ترد في خاطره أصلاً، ولا يبقى على عمله أثر من المعصية سرًا أو جهرًا، ثم الإقبال على الطاعة، والنفور من العصيان والمحرمات.





الساعة الآن : 12:31 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 13.82 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 13.73 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.68%)]