وقفات فقهية وتربوية مع حديث عظيم
وقفات فقهية وتربوية مع حديث عظيم الداعية عبد العزيز بن صالح الكنهل الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد: فعند مطالعتي لشرح الحديث الآتي، استوقفتني فوائد فقهية وتربوية استنبطها العلماء منه، وأحببت تلخيصها لكم؛ لِما فيها من علم غزير وفوائد جمة: فعن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم؛ فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم))؛ [متفق عليه]. من فوائد هذا الحديث: • النهي يقتضي التحريم يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ((ما نهيتكم عنه فاجتنبوه))، والنهي نوعان: 1- نهي تحريم: وهو ما يثاب تاركه امتثالًا، ويعاقب فاعله. 2- نهي كراهة: وهو ما يثاب تاركه، ولا يعاقب فاعله، ولكن الأولى تركه. • الأوامر تقتضي الوجوب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم))، ولقوله سبحانه: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ﴾ [الأحزاب: 36]، وقوله سبحانه: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63]، والأوامر نوعان: 1- أمر إلزام: وهو ما يثاب فاعله امتثالًا، ويعاقب تاركه. 2- وأمر استحباب: وهو ما يثاب فاعله، ولا يعاقب تاركه. • الأوامر الشرعية مقيدة بالاستطاعة؛ لقوله سبحانه: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ ﴾ [التغابن: 16]، وقوله عز وجل: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾ [البقرة: 286]. • واستدل الجمهور بهذا الحديث على قاعدة: (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح)، ويكون هذا الاستدلال إذا تساوت المصالح والمفاسد. • وفي الحديث الحث على الاعتبار بأحوال الأمم الماضية؛ لنحذر أسباب هلاكهم. • وفي الحديث بذل المسلم الأسباب المؤدية لسلامته في دينه ودنياه. • وفي الحديث مشروعية قراءة التاريخ للاتعاظ بأحوال السابقين. • وفي الحديث النهي عن طرح الأسئلة على وجه التعنت، أو الاعتراض على أحكام الشريعة، أو من أجل الجدال والمراء. - وهناك أنواع من الأسئلة مندوبة شرعًا؛ هي: 1- ما هو فرض عين: كأحكام الطهارة والصلاة. 2- ما هو فرض كفاية: كعلم الفرائض. 3- ما هو مندوب: كأعمال البر والقربات. • وفي الحديث النهي عن التنازع والاختلاف، والاختلاف من طباع البشر، لكن عليهم تعلم آداب الخلاف والحوار، وقد جاءت الشريعة بعدد من الضمانات لإبعاد الناس عن الاختلاف؛ منها: 1- الأمر بتحكيم الأدلة الشرعية؛ كما قال سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [النساء: 59]. 2- أن الشريعة أوجبت طاعة الأئمة في غير المعصية. 3- أن الشريعة جعلت حكم القاضي رافعًا للخلاف. • وفي الحديث الحث على اجتماع الناس وتآلفهم؛ لأنه نهى عن الخلاف الذي يفرقهم. • في الحديث إشارة للاشتغال بالأهم فالأهم. حفظكم الله، ورزقكم العلم النافع والعمل الصالح. (هذه الفوائد منقولة من كتب أهل العلم باختصار؛ مثل: كتاب الشيخ سعد الشثري شرح الأربعين النووية، فجزاه الله خير الجزاء). |
الساعة الآن : 03:38 AM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour