ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى الحج والعمرة (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=75)
-   -   الحج هو عبادة الموحدين لله (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=219350)

ابوالوليد المسلم 14-12-2019 02:58 AM

الحج هو عبادة الموحدين لله
 
خوف إبراهيم عليه السلام على نفسه وذريته من الشرك

وأن الحج هو عبادة الموحدين لله

وبه تتم أركان الإسلام الخمسة


إيمان بنت محمد القثامي



قال الله تعالى:
﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ * رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ * رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ * رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ * رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ ﴾ [إبراهيم: 35 - 41].

يذكر تعالى في هذا المقام محتجًّا على مشركي العرب بأن البلد الحرام مكة، إنما وضعت أول ما وضعت على عبادة الله وحده لا شريك له، وأن إبراهيم - الذي كانت عامرةً بسببه آهلةً - تبرَّأ ممن عبَد غيرَ الله، وأنه دعا لمكة بالأمن فقال: ﴿ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا ﴾، وقد استجاب اللهُ له فقال تعالى: ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا ﴾ [العنكبوت: 67] الآية.

وقال في هذه القصة:
﴿ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا ﴾، فعرَفه؛ لأنه دعا به بعد بنائها؛ ولهذا قال: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ ﴾ [إبراهيم: 39]، ومعلوم أن إسماعيل أكبر من إسحاق بثلاث عشرة سنة، وقوله: ﴿ وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ ﴾ [إبراهيم: 35]، ينبغي لكل داعٍ أن يدعو لنفسه ولوالديه ولذريته، ثم ذكر أنه افتتن بالأصنام خلائق من الناس، وأنه تبرأ ممن عبدها، ورد أمرهم إلى الله؛ إن شاء عذَّبهم، وإن شاء غفر لهم؛ كقول عيسى عليه السلام: ﴿ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [المائدة: 118]، ثم دعا بدعاء ثانٍ: ﴿ رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ ﴾ [إبراهيم: 37]؛ أي: إنما جعلته محرمًا ليتمكَّن أهله من إقامة الصلاة عنده ﴿ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ ﴾ [إبراهيم: 37]، قال ابن عباس - وهو قول مجاهد وسعيد بن جبير وغيرهما -: لو قال: أفئدة الناس، لازدحم عليه فارسُ والروم، واليهود والنصارى، والناس كلهم، ولكن قال: ﴿ مِنَ النَّاسِ ﴾، فاختص به المسلمون.

وقوله: ﴿ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ ﴾؛ أي: ليكون ذلك عونًا لهم على طاعتك، وكما أنه وادٍ غير ذي زرع، فاجعل لهم ثمارًا يأكلونها، وقد استجاب الله ذلك؛ كما قال تعالى في سورة القصص: ﴿ أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا ﴾ [القصص: 57]، وهذا من لُطفه تعالى وكرمه ورحمته وبركته، أنه ليس في البلد الحرام (مكة) شجرة مثمرة، وهي تجبى إليها ثمرات ما حولها؛ استجابة لدعاء الخليل عليه السلام.

قال ابن جرير: يقول تعالى مخبرًا عن إبراهيم خليله أنه قال: ﴿ رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ ﴾؛ أي: أنت تعلم قصدي في دعائي، وما أردت بدعائي لأهل هذا البلد، وإنما هو القصد إلى رضاك، والإخلاص لك؛ فإنك تعلم الأشياء كلها، ظاهرها وباطنها، لا يخفى عليك منها شيء في الأرض ولا في السماء، ثم حمِد ربه عز وجل على ما رزقه من الولد بعد الكِبَرِ فقال: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ ﴾ [إبراهيم: 39]؛ أي: إنه يستجيب لمن دعاه، وقد استجاب لي فيما سألته من الولد، ثم قال: ﴿ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ ﴾؛ أي: محافظًا عليها مقيمًا لحدودها ﴿ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ﴾؛ أي: واجعَلْهم كذلك مقيمين لها (يعني بذريته: بني إسماعيل الذين تناسلت فيهم عرب الحجاز، وقيل أيضًا: عرب اليمن، وذريته اثنا عشر رجلاً وامرأة)، ﴿ رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء ﴾؛ أي: فيما سألتك فيه، ﴿ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ ﴾، وكان هذا قبل أن يتبرأ من أبيه لَمَّا تبيَّن عداوته لله عز وجل، ﴿ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ﴾؛ أي: كلهم ﴿ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ ﴾؛ أي: يوم تحاسب عبادك فتجازيهم بأعمالهم، إن خيرًا فخيرٌ، وإن شرًّا فشرٌّ؛ مختصر تفسير ابن كثير (2 /301 - 302).


الخلاصة:
تدل هذه الآيات على فضل الدعاء في الحج، ووجوب الإكثار منه، وتخصيص النفس والأولاد والذرية، وعلى رأس الأدعية: سؤال الله الثباتَ على الدين، والموت على التوحيد والإسلام ﴿ وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ ﴾ [إبراهيم: 35].

تخصيص الأبناء بالدعاء والعطف بهم في كل مسألة ودعاء للعبد، هي سنة أبينا إبراهيم عليه السلام: ﴿ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ ﴾ [إبراهيم: 40]، وأيضًا يستنبط من الآية أن الدعاءَ من حقوق الأبناء على الآباء.

أن الحمدَ لله والثناء عليه من موجبات قَبول الدعاء ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ ﴾ [إبراهيم: 39].

أن جميع أنبياء الله عليهم السلام كانوا يخافون من الشرك، وهم خيرُ الخَلْق وصفوة العباد؛ فهذا إبراهيم عليه السلام يستعيذ بالله من عبادة الأصنام ﴿ وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ ﴾ [إبراهيم: 35]، ويعقوب عليه السلام كان آخر ما وصى به أبناءه التوحيد وعبادة الله ﴿ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 133]، ويوسف عليه السلام سأل الله تعالى الموت على الإسلام: ﴿ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴾ [يوسف: 101] وغيرهم.







الساعة الآن : 06:56 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 11.09 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 11.00 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.85%)]