ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى التنمية البشرية وعلم النفس (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=105)
-   -   تطور إدارة الوقت (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=215907)

ابوالوليد المسلم 04-11-2019 11:14 AM

تطور إدارة الوقت
 
تطور إدارة الوقت


الفريق عبدالعزيز بن محمد هنيدي








ترجع جذور إدارة الوقت إلى مدرسة الإدارة العِلْمِيَّة، ومُحاولات مؤسسها (فردريك تايلور) دراسةَ عامِلَيِ الزمن والحركة؛ أي: الزمن الذي يستغرقه العامل في تأدية عملٍ ما، أو القيام بنشاط معين، وكيفية اختصار هذا الزمن؛ للحصول على عمل في أقلِّ وقت ممكن، وأقل جهد؛ لذا نراه يلجأ إلى أسلوبِ التحكُّم في العمل، عن طريق تَحديد الحركات التي يقوم بها الشخص؛ مثل الدفع والرفع، والانثناء والاستدارة، وغيرها، ولقد استطاع (فردريك تايلور) أنْ يَصِلَ إلى تَحديد ما يقوم به العامل بدقة مُتناهية يشبه في انضباطه الآلة المستخدمة[1].







تلت ذلك محاولات الزوجين (فرانك جلبرت وليليان جلبرت)، فيما يسمى "بدراسات الحركة والوقت"، وهي إكمال لدراسات (فردريك تايلور) للحركات التي يُؤديها العامل ووقت كل حركة، ولقد ذكر أبناؤهما فيما بعد أنَّ والِدَهم كان يطبق الأفكار نفسها داخل المنزل، فقد لاحظ أنَّ إدخالَ (زراير) القميص في العراوي أسرعُ لو حصل من أعلى، ويستغرق (ثلاث ثوانٍ)، كما أنَّه اختصر الوقتَ في حلاقة ذقنه إلى (401 ثانية) عن طريق استخدامه آلتي حلاقة (بدلاً من واحدة)، وبحركات مُعينة، كما ذكروا أنه كان ينفق دقيقتين لتضميد جراحه، وهذا يعني أن أسرعَ طريقة ليس بالضرورة أكفأَها[2]، ويعد كتابُ "إدارة الوقت" (THE time Management) لمؤلفه (جيمس ماكيي) في عام 1958م أولَ مُحاولة للكتابة عن إدارة الوقت بشكل شامل، ومن أشهرِ عباراته، والمعروفة عند المتخصِّصين في الإدارة هي: "إذا كنت تشعر بنقصٍ في الوقت أثناءَ عملك، فهذا مُؤشر بأن مهارتك الإدارية تتجه نَحو العدم".







وعلى أيَّةِ حال، فقد زاد الاهتمامُ بإدارة الوقت بشكل كبير، وظهرت العديد من الدراسات والأبحاث والكتب والمقالات التي تناولت موضوعَ إدارة الوقت، ومن الكتب المشهورة في هذا المجال كتاب "المدير الفعال" للكاتب والباحث المعروف (بيتر دركر)، وكذلك كتاب "المديرون ونشاطاتهم" عام 1967 للباحثة (روزماري ستيوارت)؛ حيث أجرت دراسةً على 16 مديرًا من مستويات إدارية مُختلفة، وتَوصلت إلى بعضِ النتائج الهامة، وكذلك كتاب "مصيدة الوقت" عام 1972 (لماكنزي)، وجاء بعد ذلك العديدُ من المؤلفين الذين قاموا بالعديد من الدِّراسات والأَبْحاث في مَجال إدارة الوقت، منهم (جوزيف كوبر)، و(روس ويبر)[3].







أَمَّا الكتبُ العربية التي تناولت إدارةَ الوقت، فمنها الدراسة التي قام بها مُحمد شاكر عصفور عن "إدارة الوقت في الأجهزة الحكومية في المملكة العربية السعودية" عام 1982م، ودراسة الأستاذين محمد العزة وعبدالرزاق أبو شعرة عن الدوام الرسمي في الأجهزة الحكومية في المملكة العربية السعودية.







مفهوم إدارة الوقت:



على الرغم من صعوبة إعطاء تعريف مُحدد للوقت، إلاَّ أنَّ بعضَ المتخصصين في الإدارة ذكروا أنَّ الوقت يُحدد العلاقة المنطقية لارتباطٍ حدث أو نشاط مُعين بحدث أو نشاط آخر، ويأتي على صيغة الماضي، أو الحاضر، أو المستقبل، والوقت يتجه إلى الأمام دون تقديمٍ أو تأخير، أو تراكم أو توقف، أو إحلال أو تبديل، فالوقتُ وحدة قياس لدوران الأرض حول الشَّمس وحول محورها، وتفيد الساعة وأجزاؤها[4] أنَّ الثواني والدقائق والساعات والأيام والأسابيع والأشهر والسنين الطوال، تُمثل الوقت، فاليوم 24 ساعة، والشهر 30 يومًا، والسنة الواحدة 12 شهرًا، وهكذا... فالوقت إذًا من أهمِّ الموارد المتاحة للإنسان والمنظمات والدول إذا ما أُحْسِنَ استثمارُه بالطريقة الفَعَّالة الصحيحة لجميع الإمكانِيَّات، والموارد الاقتصادية والمالية والإدارية؛ لما يُحقِّق الفعالية في تَحقيق الأهداف المرسومة، وعلى الرَّغم من أهميةِ الوقت القصوى لجوانب كثيرة ومتعددة، إلاَّ أنه من أكثرِ الموارد والعناصر إهدارًا، وأقلها استغلالاً في الإدارة وفي المجالات الأخرى المختلفة.







أمَّا تعريف إدارة الوقت، فقد جاء على أنَّها: "مهارات سلوكية تعني قدرةَ الشخص على تعديل سلوكه، وتغيير بعضِ العادات السلبية التي يُمارِسُها في حياته؛ لتدبير وقته واستغلاله الاستغلال الأمثل"[5]، ولقد وضح ناصر العديلي أنَّ من أهمِّ هذه المهارات لتغيير السلوك هي:



1- مهارة الشخص في استغلال الوقت المتاح في العمل - رغم العوائق الخارجية - والسيطرة عليه.







2- العمل على تعديل بَعضِ العادات السيئة، مثل عدم تحديد بداية الأشياء ونهايتها، وكذلك عدم الالتزام بالوقت، والقضاء على (الروتين)، والرقابة في الممارسات اليومية.







3- الإخلاص والولاء للعمل والمنظمة.







4- قوة الإرادة والعمل على تنفيذ المهمات في أوقاتِها المحددة، ويُعرِّف زهير الكايد الوقت بأنه: "عملية تحديد دقيقة لكيفية استخدام وقتنا في العمل لفترة زمنية مُحددة في المستقبل، قد يكون ليوم أو لأسبوع أو شهر، ويتم ذلك من خلال سجل مكتوب يومي أو أسبوعي أو شهري؛ ليكون دليلاً لنا أثناء قيامنا بالعمل"[6].







كما تعرف إدارة الوقت على أنَّها: "إحدى العمليات التي تستطيع بها أن تنجز المهام والأهداف، التي تُمكِّنك من أن تكون فعالاً في عملك، وتشتمل هذه العملية على مراحلَ ضروريةٍ، تستهدف تحديدَ احتياجاتك ومُتطلباتك الوظيفية حسب أهميتها، ومُطابقتها مع الوقت والمصادر المتاحة أو المحتملة"[7].







وإدارة الوقت من الأمور اللاَّزمة للرفع والارتقاء بالمستويات الإدارية بصفة خاصَّة، وبالمجتمعات بصفة عامة إلى أفضل المستويات، ولقد وجد ارتباط بين الاهتمام بإدارة الوقت وبين تقدُّم وتطور المجتمعات، كما أنَّ مفهومَ الوقت من المفاهيم الشاملة التي لا تُحدد بإداريٍّ دون غيره، أو مكان دون غيره، فهو من المفاهيم التي تدفع إلى نَجاح الإدارات في المنظمات المختلفة؛ لهذا نجد (بيتر دركر) يقول: "إنَّ الشخص الذي لا يستطيع إدارةَ وقته لا يستطيع إدارة شيء آخر"[8].







أهمية إدارة الوقت:



على الرغم من أهمية الوقت كقيمة إنسانية لا تعوَّض ولا تشترى بالمال، فإنَّ أهميتها تبرز في جميع المشروعات على اختلافِ أنواعها كأداةٍ فَعَّالة للاستغلال الأمثل للطاقة الإنسانية، وتوظيفها لتحقيق الفعالية الإدارية، ورفع مستوى الكفاءة والإنتاج، وقدرات العاملين؛ لتحقيق أعلى مُستوى من الإنتاج والخدمات، ويُمكن توضيح أهمية إدارةِ الوقت في النِّقاط التالية[9]:







1- تحقيق الفعالية في الأجهزة والإدارات، فالإسهامات التي تُهيِّئها الجهاتُ المختصة في المنظمات الإدارية من نظامٍ للاتِّصالات والمعلومات، ووضوح الإجراءات، وأساليب طرق التخزين والحفظ، ومن خدمات أخرى، وكذلك دراسات الوقت - تؤثِّر إلى حد كبير على مدى فعالية المنظمات في تَحقيق أهدافها، وكفاءة الموظفين في استغلال وقتهم، وتَحقيقهم مستوى عالٍ من الإنتاجية.







2- معرفة نوعية الإنتاج؛ وذلك لأَنَّ الإنتاج بصفة عامة، سواء كان سلعًا أم موارد أم خدمات، يعتمد اعتمادًا كليًّا على مدى استغلال الوقت الاستغلالَ الأمثل لإنتاج مثل هذه الأشياء.







3- التعرُّف على الفروق الفردية للعمال؛ حيث نَجد أنَّ العاملَ النشيط المنتج والمتميز يَحتاج إلى وقتٍ أطول لتحقيق إنتاجية أفضل، وهذا يُفيد المنظمة في عملية التميُّز بين العاملين، وتقويم الأداء.







4- من خلال دراسة الوقت تتعرَّف المنظمة على الوقت الحقيقي للإنتاج وجميع الأنشطة الأخرى، سواء عن طريق وقت الدوام الرسمي أم الإضافي، الذي يكون عادةً فتراتٍ قصيرةً ومحددة.







5- الاستفادة من إدارة الوقت في التطوير الوظيفي والسلوكي، من حيث تغيير الاتجاهات والمفاهيم والسلوك عن كيفية استغلال الوقت لتحقيق نتائج أفضل.







6- دراسة الوقت تُوضِّح أهمَّ مضيعات الوقت، وإيجاد الحلول الممكنة[10].







أنواع الوقت:



يُمكن التمييز بين أربعة أنواع من الوقت، هي:



1- الوقت الإبداعي (Creation Time):



وهذا الوقت يتمُّ استغلاله للدارسة والبحث والاستقصاء والتخطيط لفَهْمِ العمل وإداراته، وكل ما يرتبط به من أمور أخرى؛ مثل الأولويات، ومضيعات الوقت، ومِنْ ثَمَّ اقتراح الحلول الكفيلة التي تضمن تَحقيق مستوى عالٍ للإنتاج والفعالية الإدارية.







2- الوقت التحضيري (preparatory Time):



وهي الفترة التي تسبق العمل الفعلي؛ حيث يتم فيها جمعُ المعلومات والحقائق، وتَجهيز بيئة العمل؛ بحيث يُمكن إنجازه بأقل تكلفة في الجهد والوقت.







3- الوقت الإنتاجي (productive time):



وهو استخدام الوقت الأمثل في تنفيذ البرنامج الأساسي للإنتاج، على أنْ يكونَ هناك نوع من المواءَمة بين الأوقات الثلاثة؛ لتكونَ الاستفادة أكثرَ فاعلية وإنتاجية.







4- الوقت المباشر أو العام (Overhead Time):



وهذا الوقت هو الذي يستغل للأمور الفرعية، التي لها تأثيرها على المنظمة ككل، منها على سبيل المثال: الأنشطة المرتبطة بمدى ارتباطِ المسؤولين في المنظمة بالأنشطة الثقافية، والاجتماعية، والاقتصادية.










[1] رمضان محمد قذافي، "العلوم السلوكية في مجال الإدارة: الإنتاج"، ص908.




[2] أحمد ماهر، "السلوك التنظيمي، مدخل بناء المهارات"، ص18.




[3] Rosmary Stewart، Managers and their Jobs، PP29 - 49.




[4] سهيل فهد سلامة، "إدارة الوقت منهج متطور للنجاح"، ص16.




[5] ناصر محمد العديلي، "إدارة الوقت دليل للنجاح والفعالية في إدارة الوقت"، ص22.




[6] زهير الكايد، "إدارة الوقت والذات"، ص7.





[7] زهير الكايد، "إدارة الوقت والذات"، ص7.




[8]Harold Koontz enlo Donnel.pp27- 28.




[9] سهيل فهد سلامة، "إدارة الوقت منهج متطور للنجاح"، ص37 - 40.




[10] موسى الذوزي، "التطوير التنظيمي أساسِيَّات ومفاهيم حديثة"، ص175.



الساعة الآن : 09:45 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 16.84 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 16.75 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.56%)]