ملتقى الشفاء الإسلامي - حكم نسيان الإغتسال من الحيض ( تمت الإجابة عليه )

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بداية عزيزتي ، أرحب بأهل المدينة التي أحبها // الدمام // منورة بيننا ياغالية ، حياكِ الله ، أنا من جدة .

لا أخفيكِ بأنني استغربت من سؤالك الذي طرحتيه ، فنحن معشر النساء ننتظر وقت الإنتهاء والطهر كي نعود لصلاتنا وقرآننا ، أما أن تنسى إحدانا أن تغتسل في يوم فرحتها بطهرها فهذا ما لم أسمع به مسبقا ، وهو السبب الذي أخر جوابي عليكِ.

والظاهر لي في حالتك : كونك استحميتِ ثم توضأتِ لتصلي ، وأنتِ لم تكوني تصلي قبلها من فترة بسبب العذر الشرعي ، هذا يؤكد معرفتك بوجوب الصلاة عليكِ الآن بعد الاستحمام ، وسقوطها عنك قبل ذلك .
( أي أنكِ غير جاهلة بموعد طهرك ، ولكنك نسيتِ الإتيان بالتطهر الكامل)

وعلى ذلك أقول:
إن كانت نيتك قبل الإستحمام هو الإستحمام من أجل التطهر من الحدث والصلاة ، ونسيتِ طريقة التطهر الكاملة فأنتِ أتيتِ بالتطهر المجزئ ، ولا شيء عليكِ ، والله أعلم .

وإن تحممتِ بدون نية رفع الحدث وإنما للنظافة فقط ، فإستحمامك غير مجزئ عند جماهير أهل العلم، وهو الراجح ، والواجب عليكِ إعادة الغسل بنية رفع الحدث الذي هو الحيض، أما بخصوص الصلاة وأنك قد صلَّيت صلوات كثيرة وأنت على هذه الحال : فقد ذهب أهل العلم إلى أن ذلك يعتبر عذراً ، فلا يجب عليك قضاؤها ولكن عليك الاغتسال وإعادة الصلاة التي بلغك الحكم وأنت في وقتها - يعني أعيدي آخر صلاة صليتيها قبل أن تعرفي الحكم ، فلو صليت العصر مثلا وبعدها علمتِ الحكم أعيدي صلاة العصر - واستدلوا على ذلك بعدة أدلة منها:
عن عبد الرحمن بن أبزى قال : جاء رجل إلى عمر بن الخطاب فقال : إني أجنبت فلم أصب الماء ، فقال عمار بن ياسر لعمر بن الخطاب : أما تذكر أنـّا كُنا في سفر أنا وأنت ، فأما أنت فلم تصل ، وأما أنا فتمعكت ( أي : تمرغت في التراب ) فصليت ، فذكرتَ للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إنما كان يكفيك هكذا ، فضرب النبي صلى الله عليه وسلم بكفيه الأرض ، ونفخ فيهما ، ثم مسح بهما وجهه وكفيه ) رواه البخاري ( 331 ) ومسلم ( 368 ) . فقد ترك عمر بن الخطاب رضي الله عنه الصلاة لعدم علمه بوجوب التيمم لمن فقد الماء ، وخالف عمار بن ياسر رضي الله عنه طريقة التيمم لعدم علمه بصفة التيمم الصحيحة ، ولم يأمرهما النبي صلى الله عليه وسلم بقضاء ما تركاه من الصلوات.

ويجب أن تعرفي عزيزتي أن الغسل لمجرد التبرد أو لمجرد النظافة أو لمجرد تعليم السباحة لا يرفع الحدث ، بل لا بد من نية رفع الحدث أو نية التطهر لما لا يصح إلا بالطهارة ، والمؤثر في ذلك النية والقصد ، لأن الأمور بمقاصدها ، والأعمال بنياتها .

أوضح لك طريقة الإغتسال ، وهو المعمول به في الإغتسال من الحيض والنفاس والجنابة.

الغسل نوعان : مجزئ ، وكامل .

أما الغسل المجزئ فيكتفي فيه الإنسان بفعل الواجبات فقط ، ولا يفعل شيئاً من المستحبات والسنن ، فينوي الطهارة ، ثم يعم جسده بالماء بأي طريقة ، سواء وقف تحت (الدوش) ، أو نزل بحراً ، أو حمام سباحة ونحو ذلك ، مع المضمضة والاستنشاق .

وأما الغسل الكامل : فأن يفعل الإنسان كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، فيأتي بجميع سنن الاغتسال .

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين عن صفة الغسل :
فأجاب : " صفة الغسل على وجهين :
الوجه الأول : صفة واجبة ، وهي أن يعم بدنه كله بالماء ، ومن ذلك المضمضة والاستنشاق، فإذا عمم بدنه على أي وجه كان ، فقد ارتفع عنه الحدث الأكبر وتمت طهارته ، لقول الله تعالى : (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا) المائدة/6 .
الوجه الثاني : صفة كاملة ، وهي أن يغتسل كما اغتسل النبي صلى الله عليه وسلم ، فإذا أراد أن يغتسل من الجنابة فإنه يغسل كفيه ، ثم يغسل فرجه وما تلوث من الجنابة ، ثم يتوضأ وضوءاً كاملاً ، ثم يغسل رأسه بالماء ثلاثاً ، ثم يغسل بقية بدنه . هذه صفة الغسل الكامل " انتهى من "فتاوى أركان الإسلام" (ص248) .

وإليكِ خطوات الغسل الكامل :

1- النية برفع الحدث (حيض أو نفاس أو جنابة) ، وتكون نيتك بقلبك ولا تنطقي بها ، لأن ( النية محلها القلب ).

2- تستنجي من الحيض أو النفاس أو الجنابة .
هل تعرفي معنى الإستنجاء؟ أي غسل ما حول الفرج من آثار الدم أو غيره بالماء .

2- تتوضئي وضوئك للصلاة ، والتسمية قبل الوضوء مستحبة.

3-من السنة أن تصبي الماء على رأسك ثلاث مرات بحيث يصل الماء لفروة الشعر، ثم تصبي على الشق الأيمن من جسدك، ثم الأيسر، ثم تكملي إستحمامك ، هذه هي السنة، وهذا هو الأفضل .
ويكون ذلك بأن تصبي الماء على جسدك باستخدام وعاء تملئين فيه الماء وتصبينه على رأسك ثلاث مرات ثم على الشق الأيمن ثم الأيسر من جسدك ، ثم تكملي استحمامك بالشكل الطبيعي.
وإن صببتِ الماء على بدنك مرة واحدة - أي وقفتِ تحت الدش كما الإستحمام العادي - كفى وأجزأ ذلك في الغسل من الجنابة والحيض والنفاس.

ويستحب للمرأة في غسل الحيض والنفاس أن تغتسل بماء وسدر، هذا هو الأفضل وتحصل الطهارة بدونه، ولو تطهرتِ بالشامبو والصابون بدلا عن السدر فلا حرج في ذلك ، أما الجنب فلا يحتاج للسدر، والماء الصافي يكفي.

ويستحب دلك الشعر في غسل الحيض أشد من دلكه في غسل الجنابة - أي أن تغسلي شعرك كما تغسليه للتنظيف في غسلك من الحيض والنفاس ، أما الجنابة فيكفي أن تصبي الماء على الرأس بدون دلك شعر - المهم في الحالتين وصول الماء لفروة الرأس.

ويستحب في الحيض والنفاس أن تتتبعي أثر الدم بالمسك الأسود ، إزالة للرائحة الكريهة ، أما الجنب فلا .

وللعلم: المسك له نوعان أبيض وأسود ، الأبيض مفيد للتطيب ، أما الأسود فله نوعان أيضا : نوع خاص اسمه مسك أسود للطهارة يباع عند العطارين أو محلات بيع العطور ، يستخدم للطهارة وكذلك للإلتهابات والإفرازات المهبليه بقيود تختلف ما بين البكر والثيب .
للبكر :
يكون الاستخدام خارجي بإحدى طريقتين :
الأولى : وضع بضع قطرات من المسك على ماء واستخدامه كتشطيف مهبلي .
الثاني : مسح فتحة المهبل وما حولها من الخارج باستخدام قطنة مبللة بالمسك الأسود .

للثيب :
يمكن للثيب استخدام المسك في فتحة المهبل من الداخل وهو نافع بإذن الله للإلتهابات الخفيفة والإفرازات ، وأما إن كانت الالتهابات شديدة أو يوجد مشاكل أخرى بالرحم .... فالعسل يعتبر هو المفضل في هذه الحالة .

وهذه بعض الأحاديث النبوية مع تخريجها في التطهر بالمسك الأسود

الحديث الأول :
روى البخاري عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت: أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسلها من المحيض . فأمرها كيف تغتسل ، قال : خذي فرصة من مسك فتطهري بها . قالت : كيف أتطهر ؟ قال : تطهري بها قالت : كيف ؟ قال : سبحان الله ، تطهري . فاجتبذتها إلي ، فقلت : تتبعي بها أثر الدم . حديث صحيح
االمصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 314
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
الحديث الثاني:
روى البخاري عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت :أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الحيض ، كيف تغتسل منه ؟ قال : ( تأخذين فرصة ممسكة ، فتتوضئين بها ) . قالت : كيف أتوضأ بها يا رسول الله ؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( توضئي ) . قالت : كيف أتوضأ بها يا رسول الله ؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( توضئين بها ) . قالت عائشة : فعرفت الذي يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم فجذبتها إلي فعلمتها . حديث صحيح
المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 7357
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
الحديث الثالث :
روى الإمام البخاري -رحمه الله - عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : أن امرأة من الأنصار ، قالت للنبي صلى الله عليه وسلم : كيف أغتسل من المحيض ؟ قال : خذي فرصة ممسكة ، فتوضئي ثلاثا . ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم استحيا ، فأعرض بوجهه ، أو قال : توضئي بها . فأخذتها فجذبتها ، فأخبرتها بما يريد النبي صلى الله عليه وسلم .
المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 315
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
الحديث الرابع :
روى الإمام مسلم - رحمه الله -عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت : سمعتُ صفية تحدث عن عائشة ؛ أن أسماء سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسل المحيض ؟ فقال " تأخذ إحداكن ماءها وسدرتها فتطهر [ فتطهر ؟ ؟ ] . فتحسن الطهور . ثم تصب على رأسها فتدلكه دلكا شديدا . حتى تبلغ شؤون رأسها . ثم تصب عليها الماء . ثم تأخذ فرصة ممسكة فتطهر بها " فقالت أسماء : وكيف تطهر بها ؟ فقال " سبحان الله ! تطهرين بها " فقالت عائشة ( كأنها تخفي ذلك ) تتبعين أثر الدم . وسألته عن غسل الجنابة ؟ فقال " تأخذ ماء فتطهر ، فتحسن الطهور . أو تبلغ الطهور . ثم تصب على رأسها فتدلكه . حتى تبلغ شؤون رأسها . ثم تفيض عليها الماء " . فقالت عائشة : نِعْمَ النساءُ نِسَاء الأنصار ! لم يكن يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين . وفي رواية : قال " سبحان الله ! تطهري بها " واستتر . حديث صحيح
المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 332

ففَرَّق صلى الله عليه وسلم بين غسل الحيض وغسل الجنابة ، في دلك الشعر ، واستعمال الطيب.
وقوله : ( شؤون رأسها ): المراد به : أصول الشعر .
(فِرْصَةً مُمَسَّكَةً): أي قطعة قطن أو قماش مطيبة بالمسك .
وقول عائشة : (كأنها تخفي ذلك): أي قالت ذلك بصوت خفي يسمعه المخاطب ولا يسمعه الحاضرون .

أتمنى أن تكون إجابتي قد وضحت لك كل ما أُشْكِلَ عليكِ ، وأسأل الله لنا ولكِ التفقه في الدين .

وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه