ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   فتاوى وأحكام منوعة (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=109)
-   -   نقاط مهمة في أحكام الخلع (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=235896)

ابوالوليد المسلم 08-07-2020 12:49 AM

نقاط مهمة في أحكام الخلع
 
نقاط مهمة في أحكام الخلع
د. علاء شعبان الزعفراني











أولًا: هل الخلع طلاق؟

اختلف العلماء هل الخلع فسخ أو طلاق؟ وسبب الخلاف: هل اقتران العِوض بهذه الفُرقة يخرجها من نوع فرقة الطلاق إلى نوع فرقة الفسخ أو لا يخرجها؟



القول الأول: أن الخلع يقع طلقة بائنة؛ لأنه لو كان للزوج رجعة عليها في العدة لم يكن لدفع العِوض معنى، فصار طلاقًا بائنًا، وهذا مذهب الجمهور من المالكية، والحنفية، والشافعية في المعتمد، والحنابلة في إحدى الروايتين، والمذهب خلافها[1].



واستدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم: ((اقبل الحديقة، وطلِّقها تطليقة))؛ فالطلاق المأمور به من قِبَله صلى الله عليه وسلم هو عوض المال؛ إذ لا يملك الزوج الفراق من غير الطلاق، فالعوض مدفوع له عما يملكه، ولو كان لا يقع به طلاق ما أمره صلى الله عليه وسلم به؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لا يأمر بالطلاق،كما استدلوا بأن المرأة بذلت العوض للفرقة، والفرقة التي يملك الزوج إيقاعها هي الطلاق دون الفسخ، فوجب أن يكون الخلع طلاقًا.



القول الثاني: أن الخلع فسخ، لا طلاق، بشرط ألا ينوي به الطلاق ولا يوقعه بصريحه، وهذا قول الشافعي في القديم، والحنابلة في أشهر الروايتين، واختارها ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم، وابن كثير[2].



ويترتب على كونه فسخًا أنه لا يحسب من الطلاق، فمن خالع زوجته مرتين، فله أن يرجع إليها بعقد جديد، ولا يحسب عليه شيء من الطلاق.



ومثال ذلك: أن يقول الزوج: خالعت زوجتي على كذا من المال، أو فسخت نكاحها على كذا.



وأما إذا كان الخلع بلفظ الطلاق؛ كقوله: طلَّقت زوجتي على مال قدره كذا - فإنه يكون طلاقًا في قول جماهير أهل العلم[3].



وذهب بعضهم إلى أنه يكون فسخًا أيضًا، ولا يحسب من الطلاق، ولو كان بلفظ الطلاق، وهو مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، وقال: إنه المنصوص عن الإمام أحمد وقدماء أصحابه[4].



واستدلوا بما يلي:

[1] قوله تعالى: ﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 229، 230].



فقوله تعالى: ﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ﴾ [البقرة: 229]، ثم قال في نفس الآية: ﴿ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ﴾ [البقرة: 229]، ثم قال: ﴿ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ ﴾ [البقرة: 230]، فذكر تطليقتين والخلع، ثم ذكر تطليقة بعدهما، ولو كان الخلع طلاقًا لكان المذكور أربعًا، وهذا خلاف الإجماع، وهذا ما فهمه ابن عباس من الآيات؛ فعن طاوس عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: سأل إبراهيم بن سعدٍ ابنَ عباس عن امرأة طلقها زوجها تطليقتين ثم اختلعت منه، أيتزوجها؟ قال ابن عباس: ذكر الله عز وجل الطلاق في أول الآية وآخرها، والخلع بين ذلك، فليس الخلع بطلاق، ينكحها[5].




[2] عن الرُّبَيع بنت معوِّذ بن عفراء: أنها اختلعت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم (فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم، أو أمرت، أن تعتدَّ بحيضة)[6].



وجه الدلالة: أن الاعتداد بحيضة دليلٌ على أنه فسخ؛ لأن هذا غير معتبر في الطلاق؛ إذ لو كان طلاقًا لم يكتفِ بحيضة واحدة للعدة، قال الخطابي: "هذا أدل شيء على أن الخلع فسخ، وليس بطلاق"[7].



[3] عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: جاءت امرأة ثابت بن قيس بن شماس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، ما أنقِم على ثابت في دِين ولا خُلق، إلا أني أخاف الكفر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فتردين عليه حديقته؟))، فقالت: نعم، فردت عليه، وأمره ففارقها[8].



وجه الدلالة قوله: "فردت عليه، وأمره ففارقها"، وفي رواية: ((خذهما ففارقها))[9]، وجاء في حديث حبيبة بنت سهل: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لثابت بن قيس: "خذ منها"، فأخذ منها، وجلست في بيت أهلها،وليس فيه ذكر الطلاق.



هذه أدلة الفريقين، وقد أجاب كل فريق عن أدلة الآخر، فمن قال: إن الخلع طلاق، أجاب عن أدلة القائلين: إنه فسخ بما يلي:

الأول: أما ما ورد عن ابن عباس فعنه جوابان:

1- جواب بالمنع، وهو أنه معارض بما ورد عنه صلى الله عليه وسلم من أن الطلقة الثالثة هي المذكورة في قوله تعالى: ﴿ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ﴾ [البقرة: 229]؛ فعن أنس بن مالك قال: قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: إني أسمع الله يقول: ﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ﴾ [البقرة: 229]، فأين الثالثة؟ قال: ﴿ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ﴾ [البقرة: 229] هي الثالثة[10].



قال الحافظ: والأخذ بالحديث أولى؛ فإنه مرسل حسن، يعتضد بما أخرجه الطبراني من حديث ابن عباس - بسند صحيح - قال: "إذا طلق الرجل امرأته تطليقتين، فليتقِ الله في الثالثة، فإما أن يمسك فيحسن صحبتها، أو يسرحها فلا يظلمها حقَّها شيئًا"[11].



وعلى هذا، ففِراق الخلع المذكور لم يرد منه إلا بيان مشروعية الخلع عند وجود سببه، وتكون الآية قد تضمنت حكم الافتداء على أنه شيء يلحق جميع أنواع الطلاق، لا أنه شيء غير الطلاق؛ لأنه ذكر بعد الطلقة الثالثة، وقوله: ﴿ فَإِنْ طَلَّقَهَا ﴾ [البقرة: 230] إنما كرره ليرتب عليه ما يلزم بعد الثالثة، الذي هو: ﴿ فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ﴾ [البقرة: 230].



2- جواب بالتسليم، وهو أنه لو قلنا: إن الطلقة الثالثة هي المذكورة في قوله تعالى: ﴿ فَإِنْ طَلَّقَهَا ﴾ [البقرة: 230] لم يلزم منه عدم عد الخلع طلاقًا؛ لأن الله تعالى ذكر الخلع في معرض منه الرجوع فيما يعطيه الزوج زوجته، فاستثنى منه صورة جائزة، ولا يلزم من ذلك عدم اعتبارها طلاقًا، كما هو ظاهر سياق الآية.



الثاني: أما الاستدلال برواية العدة بحيضة، فلا ملازمة بين الفسخ والاعتداد بحيضة، ومما يوضح ذلك أن الإمام أحمد يقول - في أشهر الروايتين عنه -: "إن الخلع فسخ لا طلاق"، ويقول - في أشهر الروايتين عنه -: "إن عدة المختلعة ثلاثة قروء كالمطلقة"، فظهر عدم الملازمة عنده.



الثالث: أما ألفاظ المفارقة الواردة في بعض الروايات، فالمراد بها الطلاق في مقابل العوض، بدليل التصريح في الرواية الأخرى بذكر التطليقة، والروايات يفسر بعضها بعضًا.



أما القائلون بأن الخلع فسخ لا طلاق، فأجابوا عن لفظة: ((وطلقها تطليقة)) بأنه لا يحتج بها؛ لقول البخاري بعدها: "لا يتابع فيه عن ابن عباس"؛ أي: لا يتابع أزهر بن جميل على ذكر ابن عباس - رضي الله عنهما - في هذا الحديث؛ لأنه خالف الثقات، وهو يغرب - كما في التقريب - ولأن الحديث مروي عن ابن عباس من طريقين بدون ذكر الطلاق، كما ذكر البخاري في صحيحه بعد ذلك.



ثم إن ابن عباس من القائلين بأن الخلع فسخ؛ لما روى طاوس، عن ابن عباس أنه قال: "الخلع تفريق، وليس بطلاق"[12]،فيبعد أن يذهب ابن عباس إلى خلاف ما يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أخرج عبدالرزاق عن ابن عباس أنه قال: "كل شيء أجازه المال فليس بطلاق"[13].



وقد أجاب القائلون بأنه طلاق: بأن كلمة البخاري لا تسقط الاحتجاج بالحديث؛ لأن مراده أن أزهر بن جميل لا يتابعه غيره في ذكر ابن عباس في هذا الحديث، بل أرسله غيره، ومراده بذلك طريق خالد الحذاء، عن عكرمة، عن ابن عباس؛ ولهذا عقبه برواية خالد الطحان، عن خالد، عن عكرمة مرسلًا، ثم برواية إبراهيم بن طهمان، عن خالد، عن عكرمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "وطلقها"، وعن أيوب موصولًا وفيه: "وأمره ففارقها"[14].



والذي يظهر - والله أعلم - أن الخلع فسخ وليس بطلاق؛ لقوة أدلة القائلين به، فإن رواية: (وطلقها) مرسلة، وقد رواه البخاري بلفظ: "وأمره ففارقها"، والله تعالى جعل الافتداء غير الطلاق، وذلك عام، سواء أكان بلفظه أم بلفظ آخر؛ لأن الحقائق لا تتغير بتغير الألفاظ.



وثمرة الخلاف: أنا إذا قلنا: إن الخلع طلاق فخالعها مرة حسبت عليه طلقة، فينقص بها عدد طلاقه، وإن خالعها ثلاثًا طلقت ثلاثًا، فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجًا غيره.



أما على القول بأنه فسخ، فإنها لا تحرم عليه، ولو خالعها مرارًا، بمعنى أنها لا تَبِينُ منه بينونة كبرى، بل له أن يتزوجها بعقد ومهر جديدين بشرط الرضا.




ثانيًا: الفرق بين الطلاق والفسخ:

الفُرقة بين الزوجين لا تتم إلا بطريقين: الطلاق أو الفسخ.

والفرق بينهما أن الطلاق إنهاء للعلاقة الزوجية من قِبَل الزوج، وله ألفاظ مخصوصة معروفة.

وأما الفسخ: فهو نقض للعقد، وحل لارتباط الزوجية من أصله وكأنه لم يكن، ويكون بحكم القاضي أو بحكم الشرع.



ومن الفروق بينهما:

[1] الطلاق لا يكون إلا بلفظ الزوج، واختياره، ورضاه، وأما الفسخ فيقع بغير لفظ الزوج، ولا يشترط رضاه واختياره.

قال الإمام الشافعي: "كل ما حكم فيه بالفرقة، ولم ينطق بها الزوج، ولم يردها...فهذه فُرقة لا تسمى طلاقًا"[15].



[2] الطلاق أسبابه كثيرة، وقد يكون بلا سبب، وإنما لرغبة الزوج بفراق زوجته.

وأما الفسخ فلا يكون إلا لوجود سبب يوجب ذلك أو يبيحه.



ومن أمثلة ما يثبت به فسخ العقد:

عدم الكفاءة بين الزوجين - عند من اشترطها للزوم العقد.

إذا ارتد أحد الزوجين عن الإسلام ولم يعُدْ إليه.

إذا أسلم الزوج وأبت زوجته أن تسلم، وكانت مشركة غير كتابية.

وقوع اللعان بين الزوجين.

إعسار الزوج وعجزه عن النفقة، إذا طلبت الزوجة فسخ العقد.

وجود عيب في أحد الزوجين يمنع من الاستمتاع، أو يوجب النفرة بينهما.



[3] لا رجعة للزوج على زوجته بعد الفسخ، فلا يملك إرجاعها إلا بعقد جديد وبرضاها.



وأما الطلاق فهي زوجته ما دامت في العدة من طلاق رجعي، وله الحق في إرجاعها بعد الطلقة الأولى والثانية دون عقد، سواء رضيت أم لم ترضَ.



[4] الفسخ لا يُحسَبُ مِن عدد الطلقات التي يملِكها الرجل.

قال الإمام الشافعي: "وكل فسخ كان بين الزوجين فلا يقع به طلاق، لا واحدة ولا ما بعدها"[16].



قال ابن عبدالبر: "والفرق بين الفسخ والطلاق، وإن كان كل واحد منهما فراقًا بين الزوجين: أن الفسخ إذا عاد الزوجان بعده إلى النكاح فهما على العصمة الأولى، وتكون المرأة عند زوجها ذلك على ثلاث تطليقات، ولو كان طلاقًا ثم راجعها كانت عنده على طلقتين"[17].



[5] الطلاق من حق الزوج، ولا يشترط له قضاء القاضي، وقد يكون بالتراضي بين الزوجين.

وأما الفسخ فيكون بحكم الشرع أو حكم القاضي، ولا يثبت الفسخ لمجرد تراضي الزوجين به، إلا في الخلع.

قال ابن القيم: "ليس لهما أن يتراضيا بفسخ النكاح بلا عوض - أي: الخلع - بالاتفاق"[18].



[6] الفسخ قبل الدخول لا يوجب للمرأة شيئًا من المهر، وأما الطلاق قبل الدخول فيوجب لها نصف المهر المسمى.

وأما الخلع: فهو أن تطلب المرأة من زوجها أن يفارقها مقابل عوض مالي، أو التنازل عن مهرها أو جزء منه[19].



ثالثًا: عدة المختلعة:

العدة واجبة على كل امرأة فارقت زوجها، أو فارقها زوجها بطلاق أو فسخ أو وفاة، إلا إن كان الطلاق قبل الدخول، فلا عدة على المرأة؛ لقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا [الأحزاب: 49].


أما عدة الخلع: فالصحيح من أقوال العلماء أنها حيضة واحدة، وعليه تدل السنة.




عن الرُّبَيِّع بنت معوذ بن عفراء: أنها اختلعت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم (فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم، أو أمرت، أن تعتدَّ بحيضة)[20].



وعن ابن عباس: أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت من زوجها على عهد النبي صلى الله عليه وسلم (فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تعتد بحيضة)[21].



قال ابن القيم رحمه الله:

وفي أمره صلى الله عليه وسلم المختلعة أن تعتد بحيضة واحدة دليل على حكمين:

أحدهما: أنه لا يجب عليها ثلاث حيض، بل تكفيها حيضة واحدة، وهذا كما أنه صريح السنة فهو مذهب أمير المؤمنين عثمان بن عفان، وعبدالله بن عمر بن الخطاب، والربيع بنت معوذ وعمها، وهو من كبار الصحابة، لا يعرف لهم مخالف منهم، كما رواه الليث بن سعد، عن نافع مولى ابن عمر، أنه سمع الربيع بنت معوذ بن عفراء وهي تخبر عبدالله بن عمر رضي الله عنه: أنها اختلعت من زوجها على عهد عثمان بن عفان، فجاء عمها إلى عثمان بن عفان، فقال له: إن ابنة معوذ اختلعت من زوجها اليوم: أفتنتقل؟ فقال عثمان: لتنتقل، ولا ميراث بينهما، ولا عدة عليها، إلا أنها لا تنكح حتى تحيض حيضة؛ خشية أن يكون بها حبل، فقال عبدالله بن عمر: فعثمان خيرُنا وأعلمنا.



وذهب إلى هذا المذهب إسحاق بن راهويه والإمام أحمد في رواية عنه اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية.



قال مَن نصَر هذا القول: هو مقتضى قواعد الشريعة؛ فإن العدة إنما جعلت ثلاث حيض؛ ليطول زمن الرجعة، فيتروى الزوج ويتمكن من الرجعة في مدة العدة، فإذا لم تكن عليها رجعة، فالمقصود مجرد براءة رحمها من الحمل، وذلك يكفي فيه حيضة كالاستبراء، قالوا: ولا ينتقض هذا علينا بالمطلقة ثلاثًا؛ فإن باب الطلاق جعل حكم العدة فيه واحدًا بائنةً ورجعيةً[22].



هذا، وقد قال بعض أهل العلم: إن عدة المختلعة ثلاث حِيَض كعدة المطلقة، وقد رد عليهم الإمام ابن القيم أحسن رد فقال:

والذي يدل على أنه - أي: الخلع - ليس بطلاق أن الله سبحانه وتعالى رتب على الطلاق بعد الدخول الذي لم يستوفِ عدده ثلاثة أحكام كلها منتفية عن الخلع:

أحدها: أن الزوج أحق بالرجعة فيه.

الثاني: أنه محسوب من الثلاث، فلا تحل بعد استيفاء العدد إلا بعد زوج وإصابة.

الثالث: أن العدة فيه ثلاثة قروء.



وعليه، فإن عدة المختلعة تبقى على ما دلت عليه السنة من أنها حيضة واحدة.





[1] انظر: الاستذكار (17/ 184)، وبدائع الصنائع (3/ 144 - 151)، وبداية المجتهد (3/ 135)، ومغني المحتاج (3/ 268)، والمغني (10/ 274).



[2] انظر: روضة الطالبين للنووي (7/ 375)، والإنصاف للمرداوي (8/ 392)، والفتاوى (32/ 289)، وتهذيب مختصر السنن (3/ 144)، وتفسير ابن كثير (1/ 405).



[3] انظر: الموسوعة الفقهية (19/ 237).



[4] انظر: الإنصاف (8/ 393)، والمغني (10/ 274 - 275).



[5] أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (15261)،وقال البيهقي عقب روايته عن الإمام أحمد وابن المنذر (7/ 316): إنه أصح ما في الباب.



[6] أخرجه الترمذي (1185)، وقال: الصحيح أنها أمرت أن تعتد بحيضة،وقال البيهقي في الكبرى (7/ 450): هذا أصح،وقال ابن عبدالبر في التمهيد (23/ 374): ليس بالقوي،وقال ابن العربي في عارضة الأحوذي (3/ 131): هذا بابٌ لم يصح فيه شيء،وقال ابن القيم في إعلام الموقعين (2/ 41): له طرق يصدِّق بعضها بعضًا.



[7] معالم السنن (3/ 144).



[8] أخرجه البخاري (5277).



[9] أخرجه أبو داود (2230) من حديث عائشة،وإسناده صحيح.



[10] أخرجه البيهقي في الكبرى (15386)،وقال البيهقي الكبرى (7/ 340): ليس بشيء،وقال ابن عبدالبر في الاستذكار (5/ 213): روي من أخبار الآحاد العدول،وقال ابن القطان في الوهم والإيهام (5/ 390): مرسل صحيح،وقال ابن الملقن في البدر المنير (8/ 74): مرسل،وقال الزيلعي في تخريج الكشاف (1/ 141): روي من طريقين عن أنس، وأحدهما مرسل،وقال ابن حجر في الفتح (9/ 278): إسناده حسن، لكنه مرسل، إلا أن له عاضدًا، وروي موصولًا من وجه آخر عن أنس، لكنه شاذ، والأول هو المحفوظ.



[11] تفسير الطبري (4/ 542)، وفتح الباري (9/ 369).



[12] أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (5/ 112)،وانظر: التمهيد (23/ 377)، وفتح الباري (9/ 403).



[13] أخرجه عبدالرزاق في المصنف (6/ 487).



[14] انظر: فتح الباري (9/ 401).



[15] الأم (5/ 128).



[16] الأم (5 / 199).



[17] الاستذكار (6/ 181).



[18] زاد المعاد (5/ 598).



[19] تم الاستفادة في بيان الفروق من: المنثور في القواعد (3/ 24)، والفقه الإسلامي وأدلته (4/ 595)، والموسوعة الفقهية الكويتية (32/ 107 - 113) (32/ 137)، وفقه السنة (2/ 314).



[20] أخرجه الترمذي (1185) وقال: الصحيح أنها أمرت أن تعتد بحيضة،وقال البيهقي في الكبرى (7/ 450): هذا أصح،وقال ابن عبدالبر في التمهيد (23/ 374): ليس بالقوي،وقال ابن العربي في عارضة الأحوذي (3/ 131): هذا باب لم يصح فيه شيء،وقال ابن القيم في إعلام الموقعين (2/ 41): له طرق يصدق بعضها بعضًا.



[21] أخرجه أبو داود (2229) وقال: رواه عبدالرزاق عن عكرمة مرسلًا،وصححه الألباني.



[22] زاد المعاد (5/ 196 - 197).






الساعة الآن : 05:59 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 38.73 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 38.64 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.24%)]