ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   الملتقى الاسلامي العام (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=3)
-   -   منثورات (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=226271)

ابوالوليد المسلم 16-02-2020 09:35 PM

منثورات
 
منثورات

الشيخ طه محمد الساكت

إرضاع اليائس:
أنهى إلينا بعض أهل العلم "بالمنزلة" أن نزاعًا شديدًا وقع في تحريم إرضاع اليائس من النساء ومن لا زوج لها، وتتلخَّص إحدى هذه المسائل في أن جدة أرضعت ابن بنتها، ولما كبر الرضيع رغب أن يتزوج بنت خاله، ثم رجا من مجلة الإسلام الغراء أن تحسم هذا الخلاف.

وكلمة الإسلام في هذا الموضوع: أن لا خلاف بين العلماء قاطبة في تحريم هذه البنت؛ لأنها بنت أخي الرضيع؛ لأن جدته أصبحت أمَّه من الرضاع كذلك، وقد جاء في حديث الشيخين وغيرهما عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أُرِيدَ على ابنة حمزة[1] فقال: ((إنها لا تحل لي؛ إنها ابنة أخي من الرضاعة))، ((يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب))، ثم لا عبرة بكبر المرضعة ولا بصغرها، ولا بحملها ولا بعدمه، ولا بأنها متزوجة أو غير متزوجة، بل إن لبن المرأة كائنة ما كانت محرِّم بدون تفصيل عند الأئمة جميعًا كما نفهم من الحديث الصحيح، نعم إنهم اختلفوا في لبن الميِّتة، وممن قال بتحريمه مالك رضي الله عنه، ولعل الشبهة بعد هذا الإيضاح قد انماعت كما ينماع الملح في الماء.

القرآن الكريم والإلهام:
وجاء من مجلس فاضل من مجالس الإسكندرية العلمية هذا السؤال:
هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم بعض آيات من القرآن الكريم بطريق الإلهام؟
والجواب أن شيئًا من هذا لم يرد في الكتاب ولا في السنة، بل القرآن نفسه صريح في أنه نزل به الروح الأمين على قلبه، وأنه كان يعجل بالقرآن من قبل أن يُقضى إليه وحيه؛ فكان كلما قال جبريل آية، قالها معه؛ من شدة حرصه على القرآن، ومخافة أن يتفلَّت منه شيء، فوعده الله تعالى بأن عليه أن يجمعه في صدره، وأن ييسره لأدائه على الوجه الذي ألقاه إليه، وأن يبينه ويوضحه له، فلو أنه صلى الله عليه وسلم كان يلهم شيئًا من القرآن، لما خاف هذا الخوف، ولما وعده الله هذا الوعد، بل لما كان هناك حاجة إلى نزول جبريل عليه السلام في كل آية وكل سورة.

والإلهام قسم من أقسام الوحي في غير القرآن الكريم، أما هو فإنه من باب التلقي عن الروح الأمين عن رب العالمين حرفًا حرفًا، ولفظًا لفظًا، وكلمة كلمة، لا مدخل للإلهام في شيء منه ألبتة، وتفصيل هذا كله في تفسير سورة طه وسورة القيامة وفي كتب السنة، فلا نطيل فيه.

ومما يناسب هذا المقام أن فريقًا ممن ينتسبون إلى الصوفية يزعم أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ القرآن في اللوح المحفوظ، يريد بهذا أن يدفع شبهة تفضيل جبريل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا إفك مبين؛ لأنه لو كان صلوات الله وسلامه عليه يقرأ من اللوح المحفوظ لم تكن به حاجة إلى نزول جبريل وتعليمه، وقد صرَّح القرآن بهما معًا ﴿ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ .. ﴾ [الشعراء: 193، 194]، ﴿ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ﴾ [النجم: 5]، والتعليم لا يثبت الفضل في كل حال؛ فكم من تلميذ أفضل من معلِّمه! وفي الحديث الصحيح: ((فربَّ مبلَّغٍ أوعى من سامع))، على أن الذي علَّمه في الحقيقة هو الله عز وجل، وليس جبريل إلا معلمًا بطريق الوساطة، ومبلِّغًا عن ربه، وسفيرًا بين المَلِك الأعلى والنبي الأعظم صلى الله عليه وسلم ﴿ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ﴾ [النساء: 113]، وبعد هذا كله، فلن يبلغ الذي أكرمه الملِك بسفارته، مبلغَ الذي شرفَّه الملِك بخلافته، ﴿ وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ ﴾ [الصافات: 164].


اسم ملك الموت:
وسأل بعض الفضلاء عن تسمية ملك الموت بعزرائيل وسندها من السُّنة.
والجواب أن هذه التسمية مشتهرة ذائعة في كتب الكلام والمواعظ، وجاءت في كثير من كتب التفسير التي يعتد بها، نقل الألوسي في قوله تعالى: ﴿ قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ ﴾ [السجدة: 11] أنه واحد كما قال الجمهور، وهو عزرائيل، ومعناه عبدالله فيما قيل، وقال ابن كثير: الظاهر من هذه الآية أن ملَك الموت شخص معين من الملائكة، وقد سُمِّي في بعض الآثار بعزرائيل، وهو المشهور، قاله قتادة وغير واحد، وله أعوان كما ورد في الحديث ينتزعون الأرواح من سائر الجسد، حتى إذا بلغت الحلقوم تناولها ملَك الموت، قال مجاهد: طُويَت له الأرض فجعلت مثل الطست يتناول منها متى شاء.

هذا، وليس اعتقاد هذه التسمية أمرًا لازمًا، ما دمنا نعتقد أن للموت ملَكًا، وأن له أعوانًا، وأنهم لا يُفرِّطون.

مجلة الإسلام: العدد 20 - 17 جماد أول 1363 - 12 مايو 1944


[1] هو عم النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أرضعتهما ثويبة مولاة أبي لهب، والذي عرضها عليه هو علي رضي الله عنه، ولم يكن يعلم بهذا الرضاع أو ظن الخصوصية.





الساعة الآن : 02:03 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 8.45 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 8.35 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (1.11%)]