ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   رمضانيات (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=23)
-   -   كيف أعرف أنني من المقبولين في رمضان أم لا؟ (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=303073)

ابوالوليد المسلم 08-04-2024 11:33 AM

كيف أعرف أنني من المقبولين في رمضان أم لا؟
 


كيف أعرف أنني من المقبولين في رمضان أم لا؟

د. شريف فوزي سلطان

عن أَبَي بِشْرٍ مُفَضَّلِ بْنَ لَاحِقٍ: سَمِعْتُ عَدِيَّ بْنَ أَرْطَاةَ، يَخْطُبُ بَعْدَ انْقِضَاءِ شَهْرِ رَمَضَانَ فَيَقُولُ: " كَأَنَّ كَبِدًا لَمْ تَظْمَأْ، وَكَأَنَّ عَيْنًا لَمْ تَسْهَرْ، فَقَدْ ذَهَبَ الظَّمَأُ وَأُبْقِيَ الْأَجْرُ، فَيَا لَيْتَ شِعْرِي ‌مَنِ ‌الْمَقْبُولُ ‌مِنَّا فَنُهَنِّئَهُ، وَمَنِ الْمَرْدُودُ مِنَّا فَنُعَزِّيَهُ؟ فَأَمَّا أَنْتَ أَيُّهَا الْمَقْبُولُ فَهَنِيئًا هَنِيئًا، وَأَمَّا أَنْتَ أَيُّهَا الْمَرْدُودُ فَجَبَرَ اللَّهُ مُصِيبَتَكَ، ثُمَّ يَبْكِي وَيَبْكِي"[1]، وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ فِي آخِرِ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُنَادِي: "مَنْ هَذَا الْمَقْبُولُ اللَّيْلَةَ فَنُهَنِّيهِ، وَمَنْ هَذَا الْمَحْرُومُ الْمَرْدُودُ اللَّيْلَةَ فَنُعَزِّيهِ، ‌أَيُّهَا ‌الْمَقْبُولُ هَنِيئًا لِلْهَيْنَا وَأَيُّهَا الْمَحْرُومُ الْمَرْدُودُ جَبَرَ اللَّهُ مُصِيبَتَكَ"[2].

حتى يكون عملُك مقبولًا:
لابد أن يتحقق فيه ثلاثة شروط:
الأول: الإيمان بالله:
فالكافر مهما عمِل من عمَل، مهما واسَى من فقراء، مهما كفل من أيتام، مهما أغاث من ملهوف، مهما تصدَّق، فإنه لا يجد أثر ذلك في الآخرة، إلا إذا أسلم، كما في حديث حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ أَشْيَاءَ كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بِهَا فِي الجَاهِلِيَّةِ مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ عَتَاقَةٍ، وَصِلَةِ رَحِمٍ، فَهَلْ فِيهَا مِنْ أَجْرٍ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "‌أَسْلَمْتَ ‌عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ خَيْرٍ"[3]؛ أي طالما أسلمت، فإن الله تعالى من عظيم كرمه، كتب لك ما سبق وما لحِق.

وعن عائشة رضي الله عنها قالتْ: قلتُ يا رسولَ الله، ابن جُدعَانَ كانَ في الجاهليةِ يصِلُ الرَّحِمَ، ويُطعمُ المِسكِينَ، فهل ‌ذلك ‌نَافعُهُ؟ قَالَ: "لا ينفعُه، إنَّه لم يقُل يومًا: ربِّ اغفر لي خطِيئتِي يومًا الدينِ"[4].

لكن يقتضي كرم الله كذلك أن يجازيه به في دنياه ببركةٍ في ماله، وولده، وصحته، ونحو ذلك، أما في الآخرة، فالإيمان شرطٌ لقبول الأعمال والإثابة عليها، ﴿ أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [النحل: 79].

الثاني: الإخلاص:
فإذا ذهب الإخلاص، حلَّ الرياء، أو الشرك فحبِط العمل.

والإخلاص: أن يكون العملُ موجَّهًا توجيهًا مجردًا إلى الله، لا تشوبه ذرة شرك، ولا تحيط به شبهة رياء؛ قال سبحانه: ﴿ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ﴾ [الزمر: 2، 3]، وقال سبحانه: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ [البينة: 5]، وقال صلى الله عليه وسلم: "إن الله لا يقبلُ من العملِ إلا ما ‌كانَ ‌خالصًا، وابتُغِيَ به وَجْهُهُ"[5].

الثالث: المتابعة:
أن تكون الأقوال والأعمال موافقةً لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، من غير زيادة ولا نقصان؛ قال سبحانه: ﴿ قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ ﴾ [آل عمران: 13].

وقال صلى الله عليه وسلم: "من عمِل عملًا ليس عليه أمرنا، فهو ردٌّ"[6]؛ أي: باطلٌ مردودٌ على صاحبه، وحول الشرطين معًا سُئل الفضيل بن عياض عن قوله تعالى: ﴿ لِيَبلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [هود: 7]، فقَالَ: أَخْلَصُهُ وَأَصْوَبُهُ، ثم قَالَ: إِنَّ الْعَمَلَ إِذَا ‌كَانَ ‌خَالِصًا وَلَمْ يَكُنْ صَوَابًا لَمْ يُقْبَلْ، وَإِذَا كَانَ صَوَابًا وَلَمْ يَكُنْ خَالِصًا لَمْ يُقْبَلْ، حَتَّى يَكُونَ خَالِصًا صَوَابًا، وَالْخَالِصُ إِذَا كَانَ لِلَّهِ، وَالصَّوَابُ: إِذَا كَانَ عَلَى السُّنَّةِ[7].

علامات القبول:
1- أن يجد العبد قلبه إلى الله أقرب.
2- أن يجد العبد نفسه محبًّا للطاعة، مقبلًا مداومًا عليها.

3- أن يجد العبد نفسه قد ابتعد عن المعاصي، وأنِفَ منها:
قال يحيى بنُ معاذ: "ليس بعارفٍ من لم يكن غايةُ أمله من الله العفو، من استغفر بلسانه وقلبُه على المعصية معقود، وعزمُه أن يرجع إلى المعصية بعد الشهر ويعود، فصومُه عليه مردودٌ، وبابُ القبولِ ‌في ‌وجهه ‌مسدود"[8].

4- الشعور بالمنة، والشعور بالخوف:
أما الشعور بالمنة: فكل خيرٍ وفضلٍ وبرٍّ قمتَ به، إنما هو مَحض فضل الله، دلَّك وأعانك، ووفَّقك، ولو شاء لمنعك.

وأما الشعور بالخوف، فهو دأب المؤمن، فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا ‌وَقُلُوبُهُمْ ‌وَجِلَةٌ ﴾ [المؤمنون: 60]، أَهُوَ الَّذِي يَزْنِي، وَيَسْرِقُ، وَيَشْرَبُ الْخَمْرَ؟ قَالَ: "لَا، يَا بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ أَوْ يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ وَلَكِنَّهُ الرَّجُلُ يَصُومُ، وَيَتَصَدَّقُ، وَيُصَلِّي، وَهُوَ يَخَافُ أَنْ لَا يُتَقَبَّلَ مِنْهُ"[9].

قال علي بن أبي طالب: كونوا لقبول العمل أشد اهتمامًا منكم بالعمل، ألم تسمعوا الله عز وجل يقول: ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ الله مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [المائدة: 27][10].

لذلك قال بعض السلف: الخوف على العمل ألا يتقبل أشدَّ من العمل، وقال عبد العزيز بن أبي رواد: "أدركتهم يجتهدون في العمل الصالح، فإذا فعلوه وقع عليهم الهم أيُقبل منهم أم لا"[11].

هذا هو فقه السلف وفَهمهم، فكم من مغرورٍ بعمله وليس له منه شيءٌ، كم من معجبٍ بصلاته وليس له فيها حسنةٌ!!

5- صيام الست من شوال[12]:
فقد قال صلى الله عليه وسلم: "من صام رمضان ثم أتبعه سِتًا ‌من ‌شوال، كان كصيام الدهر"[13].

6- أن يوفِّقك الله تعالى للدعاء بالقبول:
كما حكى ربنا سبحانه عن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وهما يرفعان قواعد البيت: ﴿ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [البقرة: 127]، قرأ وُهَيب بن الوَرد هذه الآية، وقال: "يا خليل الرحمن، ترفع بيت الرحمن، وأنت مشفقٌ ألا يُتقبل منك" [14].

7- المداومة على الطاعة:
إذا داومت على العمل، أو على شيءٍ منه، فاعلم أن الله قد قبلك.

[1] الصيام للفريابي.

[2] مختصر قيام الليل وقيام رمضان وكتاب الوتر: المَرْوَزِي.

[3] رواه البخاري.

[4] رواه مسلم.

[5] رواه أبوداود والنسائي، وصححه الألباني.

[6] رواه مسلم.

[7] حلية الأولياء.

[8] وظائف رمضان: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي الحنبلي النجدي.

[9] صحيح سنن ابن ماجه.

[10] الإخلاص والنية، لابن أبي الدنيا.

[11] محاسبة النفس، لابن أبي الدنيا.

[12] ذكر هذه العلامة: ابن رجب، في لطائف المعارف.

[13] رواه مسلم.

[14] تفسير ابن كثير.






الساعة الآن : 02:51 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 12.16 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 12.06 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.77%)]