ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=91)
-   -   نماذج من الرواية بالمعنى وحل الاختلاف فيها (3) التزعفر (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=250837)

ابوالوليد المسلم 15-01-2021 09:23 PM

نماذج من الرواية بالمعنى وحل الاختلاف فيها (3) التزعفر
 
نماذج من الرواية بالمعنى وحل الاختلاف فيها (3) التزعفر
محمد فقهاء




وممَّا يتخرَّج على الرواية بالمعنى وسبَّب اختلافًا: قضية "النهي عن التَّزعْفُر"؛ فقد جاء في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه قال: "نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يتَزعْفَر الرجل"[1].

وقد جاءت مختصرة عند النَّسائي من رواية شعبة، قال: حدثني إسماعيل بن إبراهيم عن عبدالعزيز بن صهيب عن أنس بن مالك قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التزعفر"[2]، وقد انفرد شعبة بهذه الرواية المختصرة، التي جاء النهي فيها عامًّا، فيدخل فيه الرجال والنساء.

جاء في "فتح المغيث" قوله: "ألا ترى إلى إسماعيل بن عُلية كيف أنكر على شعبة - مع جلالته وإتقانه - روايتَه بالمعنى عنه لحديث النهي أن يتزعفر الرجل بلفظ "نهى عن التزعفر" الدالِّ على العموم؛ حيث لم يفطن لما فطن له إسماعيل - الذي رواية شعبة عنه من رواية الأكابر عن الأصاغر - من اختصاص النهي بالرجال "[3].

والحافظ ابن حجر ذكر في معرض نفي احتمال الاختصار من شعبة، فقال: "ورواه شعبة عن ابن علية عند النسائي مطلقًا، فقال: "نهى عن التزعفر" وكأنه اختصره، وإلا فقد رواه عن إسماعيل فوق العشرة من الحفَّاظ مُقيَّدًا بالرجال، ويحتمل أن يكون إسماعيل اختصره لما حدَّث به شعبة"[4].

إلا أن هذا التوجيه يُعكِّر عليه ما ورد عن إسماعيل نفسه، والذي يبدو أن ابن حجر لم يقف على كلام إسماعيل وإنكاره على شعبة، وذلك فيما ورد عند الطحاوي قال: حدثنا ابن أبي عمران وابن أبي داود قالا: ثنا علي بن الجعد قال: أنا شعبة قال: حدثني إسماعيل بن إبراهيم عن عبدالعزيز بن صهيب عن أنس رضي الله عنه قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التَّزَعْفُر".

قال عليٌّ - فيما ذكر ابن أبي عمران خاصةً -: ثم لقيتُ إسماعيل فسألتُه عن ذلك، وأخبرتُه أن شُعبة حدَّثَنا به عنه، فقال لي: ليس هكذا حدَّثْتُه؛ إنما حدثتُه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يتَزَعْفَر الرجل"، قال ابن أبي عمران: أراد بذلك أن النهي الذي كان من النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك وقع على الرجال خاصةً دون النساء"[5].

إذًا بعد هذا يتضح أن روايته بالمعنى وقعتْ من شعبة، وثبت إنكار إسماعيل عليه هذه الرواية بهذا اللفظ، فوهم شعبة ورواه بلفظ عام شمل الرجالَ والنساء، والثابت أن النهي فقط للرجال، فكانت الرواية بالمعنى قد أحالتْ الحكم الخاصَّ ليُصبح حُكمًا عامًّا، وبالكشف عن الرواية التي رُويتْ بالمعنى نصل للحكم الصحيح في المسألة، وبهذا تُضبَط الأحكام؛ فلا يُصبح الخاصُّ عامًّا، ولا المقيَّدُ مُطلقًا.


[1] أخرجه البخاري، كتاب: اللباس، باب: التَّزَعْفُر للرجال، (ج 5، ص 2198)، حديث (5508)، ومسلم، كتاب: اللباس والزينة، باب: النهي عن التزعفُر للرجال، (ج 6، ص 155) حديث (5629).

[2] أخرجه النسائي، كتاب: الحج، باب: الزعفران للمحرم، (ج 2، ص341)، حديث (3687).

[3] السخاوي؛ فتح المغيث، (ج 2، ص 241 - 242).

[4] ابن حجر، أحمد بن علي؛ فتح الباري، دار المعرفة، بيروت، (ط: 1379 هـ)، (ت: محب الدين الخطيب) (ج 10، ص 304).


[5] الطحاوي، أبو جعفر أحمد بن محمد (المتوفى: 321هـ)، شرح معاني الآثار، عالم الكتب، لبنان، الطبعة الأولى 1414 هـ، 1994 م، حقَّقه وقدَّم له: (محمد زهري النجار، محمد سيد جاد الحق)، وراجعه ورقم كتبه وأبوابه وأحاديثه: د. يوسف عبدالرحمن المرعشلي، (ج 2، ص 128) حديث (3578).






الساعة الآن : 04:29 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 8.17 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 8.07 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (1.15%)]