ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   فتاوى وأحكام منوعة (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=109)
-   -   الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=202628)

ابوالوليد المسلم 25-08-2020 04:24 AM

رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله
 
(20) الحنابلة والمالكية - قالوا: ايحل أكل السلحفاة البحرية "الترسة" بعد ذبحا أما السلحفاة البرية فالراجح عند الحنابلة حرمتها.
(21) المالكية - لهم في الكلب قولان: قول بالكراهة وقول بالتحريم، والثاني هو المشهور ولم يقل يحل أكله أحد،
وقالوا: يؤدب من نسب حله إلى مالك.
(22) المالكية - قالوا: يشترط في حل المنخنقة والموقوذة وما معها أن لا يصل إلى حال لا ترجى لها الحياة بعدها وذلك بأن ينفذ الخنق أو التردي مقتلها بأن يقطع نخاعها، "وهو المخ في عظام الظهر أو العنق" فإن كسر العظم ولم يقطع النخاع تحل بالذبح لأنه يمكن حياتها: وكذا إذا نثر دماغها بأن خرج شيء من المخ أو مما تحويه الجمجمة، فإنها في هذه الحالة لا ترجى لها حياة وكذا إذا نثرت حشوتها بأن خرج شيء مما حوته البطن من كبد وقلب وطحال ونحو ذلك بحيث لا يمكن إعادته إلى موضعه، وكذا إذا خرج أحد الأمعاء أوقطع فإنها في هذه الحالة تكون كالميتة لا تعمل فيها الذكاة وإن بقيت فيها حركة.
وإذا ذبح غير هذه الأشياء من الحيوانات التي تؤكل فلا يخلو، إما أن يكون مريضاً أو صحيحاً فإن كان مريضاً مرضاً لا يرجى منه برء صحت ذكاته بشرطين:
الأول: أن لا يكون منفوذ المقاتل بأن نثر دماغه أوقطع نخاعه الخ ما تقدم.
الثاني: أن يتحرك بعد الذبح حركة قوية أو يشخب دماً وعلى كل حال لا يحل أكله إلا إذا كان غير ضار. أما إذا كان صحيحاً فلا يشترط فيه شخب الدم بل يكفي سيلانه مع الحركة القوية، كمد رجل وضمها أما مدها فقط فإنه لا يكفي ارتعاش أو فتح بمين أو ضمها أو نحو ذلك.
الحنفية - قالوا: المنخنقة وما معها إذا ذبحت وفيها حياة ولوخفية حل أكلها وإذا ذبح شاة مريضة فلا يخلو، إما أن تعلم حياتها قبل الذبح أولا، فإذا علمت حياتها حلت مطلقاً ولولم تتحرك أو يخرج الدم، وإذا لم تعلم حياتها وقت الذبح تحل إن تحركت أو خرج منها الدم. فإن لم تتحرك أو يخرج الدم، فإن فتحت فاها لا تؤكل، وإن ضمته أكلت، وإن فتحت عينها لا تؤكل، وإن ضمتها أكلت، وإن مدت رجلها لا تؤكل، وإن قبضتها أكلت، وإن نام شعرها لا تؤكل، وإن قام أكلت، وإنما يحل أكلها إذا كانت لا تضر، وإلا حرم على أي حال.
الشافعية - قالوا: الشرط لحل الحيوان وجود الحياة المستقرة ولوظناً قبل الذبح وقد تقدم تفصيل مذهبهم في الشرط الثالث من شروط الذكاة في الجزء الأول.
الحنابلة - قالوا: المنخنقة وما معها يحل أكلها إذا ذبحت وفيها حياة مستقرة، ولووصلت إلى حال يعلم أنها لا تعيش معه إن تحركت بيد أو برجل أو طرف عين، أو حركت ذنبها ولوحركة يسيرة بشرط أن تكون هذه الحركة زائدة عن حركة المذبوح، فإن وصلت إلى حركة المذبوح فإن ذكاتها لا تنفع حينئذ وكذا إذا قطع حلقومها أوانفصلت حشوة ما في داخل بطنها من كبد أو طحال ونحوهما لأنها في هذه الحالة تكون في حكم الميتة
(23) الحنفية - قالوا: لا يحل أكل حيوان البحر الذي ليس على صورة السمك، فلا يحل أكل إنسان البحر وخنزيره وفرسه ونحوها إلا الجريث والمارما هي "سمك في صورة الحية" فإنه يحل، وكذا جميع أنواع السمك إلا الطافي "وهو الذي مات حتف أنفه في الماء ثم انقلب بأن صارت بطنه من فوق وظهره من تحت" فإنه لا يحل أكله.
المالكية - قالوا: جميع حيوانات البحر يباح أكلها ولم يستثنوا منها شيئاً أبداً
(24) الحنابلة - قالوا: لا يحل أكل حية السمك لأنها من الخبائث عندهم
(25) الحنابلة - قالوا: تحرم الجلالة وهي التي أكثر علفها النجاسة، يحرم لبنها ويكره ركوبها لأجل عرقها، وتحبس ثلاثة أيام بلياليها لا تطعم فيها إلا الطاهر حتى يحل أكلها.
المالكية - المشهور عندهم إباحة أكل الحيوان الذي يتعذى بالنجاسة بخلاف لبنه فإنه مكروه
(26) الحنفية - يظن بعض شاربي البيرة ونحوها أن قليلها في مذهب الحنفية، والواقع أن قليلها وكثرها حرام في مذهب الحنفية كسائر المذاهب على الصحيح المفتى به، بل هي حرام عند الحنفية بإجماع آرائهم، وذلك لأن الخلاف وقع في ثلاثة أمور،
أولاً: المثلث، وهوما يطبخ من العنب حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه، ويسكر كثيره لا قليله ويسمى "طلاً".
ثانياً: نبيذ التمر، وهوما يطبخ طبخاً يسيراً ويسكر كثيره لا قليله.
ثالثاً: ما يؤخذ من الشعير والحنطة ونحوهما مما ذكر إذا أسكر كثيره لا قليله.
فأبوحنيفة وأبويوسف يقولون: إن الذي يحرم هوكثير هذا لا قليله. ومحمد يقول: إن كثير هذا وقليله حرام كغيره، وهوقول الأئمة الثلاثة، وقول محمد هو الصحيح المفتى به في المذهب، فمذهب الحنفية هومذهب محمد حينئذ، على أنهم أجمعوا على أن القليل الذي لا يسكر إذا كان يؤخذ للهو والتسلية، كما يفعل هؤلاء الشاربون، لا لتقوية البدن الضعيف فهو حرام كالكثير تماماً ولوقطرة واحدة.
فالبيرة وجميع أنواع الخمور محرمة، قليلها وكثيرها، على الوجه المشروع عند جميع أئمة الدين وجميع المسلمين
(27) الشافعية - قالوا: يحرم التداوي بالخمر إذا كانت صرفاً غير ممزوجة بشيء آخر تستهلك فيه كالترياق الكبير ونحوه، وكذا إذا كانت صرفاً قليلة غير مسكرة، فيجوز بمرجوحية التداوي بها بشرط أن تتعين للدواء ولا يوجد ما يقوم مقامها من الطاهرات بشرط أن يكون ذلك بوصف الطبيب المسلم العدل، وكذا يجوز في مواضع أخرى كإساغة اللقمة، وقد تجب في هذه الحالة، وكذا التداوي بغير الخمر من الأشياء النجسة، فإنه يجوز إذا خلط بشيء غيره يستهلك فيه، ولم يوجد شيء طاهر يقوم مقامه، وإلا حرم التداوي به
(28) المالكية - قالوا: يباح شرب ماء العنب المعصور أول عصرة دون أن يشتد أو يسكر وكذا شرب الفقاع - بضم الفاء وتشديد القاف - وهوشراب يتخذ من قمح وتمر، وقيل: ماء جعل فيه زبيب ونحوه حتى انحل فيه.
كما يباح شراب السوبيا، وهي ما يتخذ من الأرز بطبخه شديداً حتى يذوب في الماء، ويصفى ويوضع في السكر ليحلوبه، وعقيده وهوماء العنب المغلي حتى يعقد ويهذب إسكاره الذي حصل في ابتداء غليانه، ويسمى الرب الصامت "المربة" ولا يحد غليانه بذهاب ثلثيه مثلاً وإنما المعتبر زوال إسكاره.
ولا تباح هذه الأشياء إلا إذا أمن سكرها، فإذا لم يأمن حرم الأخذ منها.
الحنابلة - قالوا: يباح شرب عصير العنب ونحوه بشرط أن لا يشتد ويسكر وأن لا تمضي عليه ثلاثة أيام وإن لم يشتد ويغلي "يفور" فإذا قذف بزبده "وفار" قبل ثلاثة أيام حرم ولولم يسكر، فإذا طبخ قبل التحريم حل إن ذهب ثلثاه بشرط أن لا يسكر، فإن أسكر فكثيره وقليله حرام كما تقدم، وقال بعضهم: ذهاب الثلثين ليس بشرط بل المعول على ذهاب الاسكار.
ويباح الخشاف، ويسمى النبيذ، وهوما يلقى من التمر أو الزبيب في الماء ليحلو. بشرط أن لا يمضي عليه ثلاثة أيام ولولم يشتد ويغلي، أو يغلي ويشتد قبل ذلك وإلا حرم إن مضت عليه ثلاث وإن لم يسكر، فإذا طبخ قبل أن يفور ويغلي أو تمضي عليه ثلاثة أيام حتى صار غير مسكر كشراب الخروب وغيره والمربة فلا بأس به وإن لم يذهب بالطبخ ثلثاه.
وإذا اشتد العنب قبل عصيره وغلا لم يسكر ولم يضر فيحل أكله.
الحنفية - قالوا: تباح هذه الأشياء المذكورة عند المالكية والحنابلة بشرط عدم الإسكار وقد علمت أن المعتمد قول محمد في تحريم قليل المسكر وكثيره.
الشافعية - قالوا: ويباح من الأشربة ما أخذ من التمر أو الرطب أو الشعير أو الذرة أو غيرها ذلك إذا أمن سكره ولم تكن فيه شدة مطربة، فإن كان فيه شدة مطربة، بأن أرغة وأزبد ولو"الكشك" المعروف فإنه يحرم ويحد به ويصير نجساً
(29) المالكية - قالوا: لم ينسخ النهي عن الانتباذ في هذه الأشياء، إلا أن المعتمد عندهم أنه نهي كراهة فيكره الانتباذ فيها سواء كان الانتباذ فيها بصنف واحد، أو بصنفين كوضع الزبيب مع التمر، أما في غيرها من الأواني فكيره انتباذ شيئين فيها ويسمى بالخليطين، وذلك أن يكسر التمر والعنب مثلاً وبعد هرسهما أو دقهما معاً يصب عليهما الماء، ومحل النهي عن ذلك إذا طال زمن الانتباذ لا إن قصر بحيث لا يتصور وقوع إسكار منهما، وإلا جاز بلا كراهة، ويدخل فيه ما ينبذ للمريض من الزبيب والقراصية والمشمش في إناء واحد فإنه لا كراهة فيه ما لم يطل حتى يتوقع منه إسكار
(30) الشافعية - قالوا: يحرم على الرجال لباس الحرير وهونوعان نوع يسمى إبريسماً وهو الحرير الذي يخرج من الدودة بعد أن تموت فيه. ونوع يسمى قزاً وهوما يؤخذ من الدودة وتخرج منه حية فالحرير يعم الاثنين وهما محرمان على الرجال لبساً واستعمالاً إلا في أحوال ستذكر بعد، فلا يجوز للرجال أن يجلسوا على الحرير ولا أن يسندوا إليه من غير حائل، أما إذا كان بحائل كأن فرش فوق الحرير ملاءة من قطن ونحوه فإنه يحل الجلوس عليه ولولم تخلط به، أما لبسه إذا كان مبطناً بقطن أو صوف ونحوهما فإنه يحل إذا كانت البطانة محيطة به، وكذلك إذا كان الحرير بطانة لغيره فإنه يحل لبسه إذا كان مخيطاً به، وإنما جاز ذلك لأن الحرير في هذه الحالة حشواً لغيره وحسوالحرير جائز.
ولا يحل أن يلبس حريراً لأجل أن يدفأ به أو يجلس عليه أو يستند إليه إلا إذا كان ببطانة مخيطة في الأول وحائل ولوغير مخيط في الثاني، ويحرم أيضاً على الرجل أن ينام في "ناموسية" مأخوذة من الحرير بدون بطانة ولو مع امرأته، كما يحرم عليه أن يدخل تحت خيمة مأخوذة من الحرير، وأن يدخل مع امرأته في ثوبها الحرير، أما مخالطتها وهي لابسة ثوبها الحرير فجائزة، ويحرم أن يكتب الرجل على الحرير أو يرسم عليه أي نقش، كما يحرم ستر الجدران به في أيام الفرح والزينة إلا لعذر، نعم يحل ستر الكعبة بالحرير إن خلا عن الذهب والفضة، ولا يحل على الراجح إلباس الدواب الحرير كما يجوز إلباسه للصبي والمجنون قولاً واحداً.
ويحرم على الرجل أن يتخذ منديلاً من الحرير ويستعمله، أما إذا استعملته امرأة في مسح شيء على بدنه فإنه يجوز.
ويستثنى من استعمال الحرير أمور: منها كيس المصحف بخلاف كيس الدراهم فإنه يحرم على المعتمد ومنها علاقة المصحف "وهي ما يعلق به" وعلاقة السكين والسيف. وخيط الميزان والمفتاح وخيط السبحة وشراريبها إن كان من أصل خيطها وإلا حرمت الشرابة إن كانت خارجة عن الخيط على المعتمد، ومنها غطاء القلل والأباريق والكيزان فإن اتخاذها من الحرير جائز، وأما غطاء عمامة الرجل فإنه لا يجوز اتخاذه من الحرير لكن إذا استعملته المرأة جاز ومنها ليقة الدواة، ومنها تكة اللباس، ومنها زر الطربوش.
ويحل للرجل أن يلبس الحرير للضرورة أو الحاجة، فيجوز لبسه لدفع جرب ودفع قمل وستر عورة في الصلاة وستر عورة عن أعين الناس ونحو ذلك إذا لم يجد غيره، وكذلك في الخلوة إذا لم يجد غيره، فإن وجد غيره حرم عليه استعماله. ويحل للرجل أن يلبس ثوباً بعضه حرير وبعضه قطن أو كتان أو صوف أو نحو ذلك، بشرط أن يكون الحرير مساوياً أو أقل أما إن كان كثر فلا يحل، وكذا يحل للرجل السجاف وهو التطريف والطراز من الحرير على ألا يزيد الطراز عرضاً عن أربعة أصابع وأن لا يزيد التطريف عن العادة لحديثين رواهما مسلم بالإباحة واستعماله النبيّ صلى الله عليه وسلم اللباس المشتمل عليهما، أما النساء فيحل لهن لبس الحرير وفرشه واستعماله بسائر أوجه الاستعمال. وكذلك الصبي الذي لم يبلغ والمجنون، أما الخنثى المشكل فهوملحق بالرجل.
وأيضاً يحرم لبس مصبوغ بالزعفران بشرط أن يكون مصبوغاً كله أو جزءاً كبيراً منه بحيث يصح إطلاق المزعفر عليه عرفاً، بخلاف ما فيه نقط الزعفران فإنه يحل، ويكره الثوب المعصفر وهو المصبوغ بالعصفر "نبت أصفر معروف" بشرط أن يكون مصبوغاً به كله أو جزءاً منه بالقيد المتقدم بخلاف ما فيه نقط من العصر فإنه لا يكره، وما بعد ذلك من الألوان لا يحرم ولا يكره. سواء كان أسود أو أبيض أو أصفر أو أحمر أو مخططاً أو غير ذلك.
ويحرم أيضاً لبس نجس أو متنجس بغير معفوعنه في الصلاة ونحوها من كل عبادة يشترط لها طهارة الثوب.
الحنابلة - قالوا: يحرم على الرجل استعمال الحرير من لبس وغيره ولو كان الحرير بطانة لغيره أو مبطناً بغيره، وكذا يحرم اتخاذه تكة سراويل أو خيط سبحة أو نحو ذلك إلا الزر أو الشرابة التي تكون تابعة لغيرها فإنها تحل.
وكذا يحرم الجلوس عليه والاستناد إليه وتوسده وتعليقه وستر الجدران به إلا الكعبة فإنه لا يحرم سترها بالحرير.
ويحل للرجل أن يلبس ثوباً بعضه حرير وبعضه صوف أوقطن أو كتان أو غير ذلك بشرط أن يكون الحرير أقل أو مساوياً، أما إذا كان غالباً فإنه لا يحل إلا إذا كان الحرير أكثر وزناً وغيره أكثر ظهوراً منه في الثوب فإنه يحل حينئذ، وأما إذا كانت السدوة حريراً واللحام غيره فالمشهور أنه حرام عندهم أيضاً وأجازه بعضهم، ومثل الحرير الديباج.
ومثل الرجل في ذلك الخنثى وكذلك الصبي والمجنون فيحرم إلباسهما الحرير، ويباح لبس الحرير للرجل لحاجة كإزالة القمل ولمرض ينفع فيه لبس الحرير، وفي حرب مباح ولولغير حاجة ولبطانة خوذة ودرع، ويباح لبسه لاتقاء حر أو برد أو تحصن من عدوونحو ذلك ويباح للرجل أن يكون طراز ثوبه حريراً بشرط أن لا يزيد عن أربع أصابع ويباح له أن يرقع ثوبه بالحرير إذا كانت الرقعة لا تتجاوز أربع أصابع معتدلة مضمومة لا متفرقة "أربعة قراريط" وكذلك لبة الطوق الذي يخرج منه العنق. واللبة هي الزيق المحيط بالعنق فإن اتخاذها من الحرير جائز إذا كانت لا تتجاوز أربع أصابع. وكذلك يباح اتخاذ كيس المصحف من الحرير وأن يخاط بالحرير واتخاذ الأزرار منه.
ويباح حشو الجباب به وكذا حشو الفرش، لأنه ليس لبساً له ولا فرشاً وهو بالحشو يكون خفياً عن الأعين فلا فخر فيه ولا خيلاء.
ويكره للرجل لبس المزعفر والأحمر المصمت "الخالص الحمرة" أما الأحمر الذي يخالطه لون آخر فلا كراهية فيه ولو كان الأحمر المصمت بطانة، ويكره له أيضاً لبس المعصفر والطيلسان وهو المقور الذي على شكل الطرحة ويرسل من فوق الرأس، أما المرأة فيباح لها لبس الحرير واستعماله بجميع أنواع الاستعمال، وكذا لبس المصبوغ بأي لون بدون كراهة.
الحنفية - قالوا: يحرم على الرجال لبس الحرير المأخوذ من الدودة إلا لضرورة، أما فرشه والنوم عليه واتخاذه وسادة أي مخدة فالمشهور أنه جائز كما يجوز أن يستعمل من الحرير قدر أربع أصابع عرضاً وإن كان أطول من الأصابع فيحل أن يكون طراز الثوب من الحرير وزر الطربوش من الحرير إذا لم يزد عرضه على أربع أصابع، وكذا يجوز وضع قدر عرض أربع أصابع في أطراف الثوب ويسمى بالطرف. وكذا ما يجعل في طوق الجبة أو ذيل القفطان فإنه يحل إذا لم يزد عن أربع أصابع، ومثله بيت تكة السراويل إذا صنعت من الحرير وكانت لا تتجاوز أربع أصابع فإنها تحل، أما التكة فإنه يحل أخذها من الحرير مع الكراهة على الصحيح وإذا جعل الحرير حشواً للرداء فلا بأس به ولوجعل بطانة فهومكروه.
والمشهور من المذهب أن الحرير حرام على الرجال ولولبسوه بحائل على البدن، ونقل عن أبي حنيفة أنه إنما يحرم إذا لامس البدن، أما إن كان بحائل فإنه لا يحرم وهذه رخصة عظيمة. ويحل للرجل اتخاذ الناموسية من الحرير الخالص ويسمى الديباج فيحل النوم فيها.
ويكره اتخاذ القلنسوة "وهي ما يلبس على الرأس" وكذلك "الطاقية" المأخوذة من الحرير أو المنقوش عليها أكثر من أربع فإنها مكروهة.
ويحل اتخاذ كيس النقود من الحرير، أما كيس التمائم ونحوها الذي يعلقه الرجل فإنه يكره اتخاذ من الحرير.
وتحل الصلاة على سجادة مصنوعة من الحرير بلا كراهة كما يحل خيط السبحة وخيط الساعة الذي تعلق به وخيط الميزان والمفاتيح وليقة الدواة فإن كل هذا جائز.
وكذا تحل الكتابة في ورق الحرير وأن يتخذ منه كيس المصحف، وكذا يحل اتخاذ الستر التي توضع على الأبواب والنوافذ من الحرير على المشهور وكذا لا يكره وضع ملاءة الحرير على سرير الصبي أو محل نومه، أما اتخاذ اللحاف من الحرير فإنه مكروه.
المالكية - قالوا: يحرم على الذكور البالغين الحرير أما الصغار فقيل: يحل إلباسهم الحرير وقيل يحرم، وقيل يكره.
ولا يباح عندهم لبس الحرير للجرب أوللقمل أو الحكة ونحو ذلك. كما لا يباح في الحرب، وكذلك يحرم الجلوس عليه على المعتمد ولو كان زوجاً جالساً على فرش امرأته تبعاً له وهي معه، وقيل: يجوز للزوج أن يجلس تبعاً لزوجه وهي معه، ولا ترفع حرمة الجلوس على الحرير فرش ملاءة ونحوها عليه.
ولا يحل لبس المبطن بالحرير والمحشو بالحرير ولا المرقوم بالحرير إلا إذا كان يسيراً أقل من قدر الأصبع، فإن زاد على ذلك بأن كان في عرض أصبع إلى أصابع كان مكروها وقيل بجوز إلى الأربع، وما زاد على عرض الأربع أصابع فهو حرام. ويحل تعليق الحرير بدون جلوس كالستارة التي توضع على الأبواب والنوافذ بدون كراهة.
ويحل كتابة المصحف على الحرير بدون كراهة.
أما ما سداه حرير ولحمته قطن أو صوف أو كتان فالتحقيق أنه مكروه.
أما النساء فيحل لهن لباس الحرير واستعماله.
ويحل اتخاذ الخرقة التي يمسح بها أعضاؤه من الحرير "المنديل" بلا تكبر، أما "البشكير" الخرقة التي توضع على الحجر عند الأكل فيكره اتخاذها من الحرير.
ويحل لبس ما سداه حرير ولحمته قطن أو كتان أو صوف أو غير ذلك، أما ما لحمته حرير وسداه قطن فإنه يحل في حالة الحرب فقط، وكذا ما لحمته وسداه حرير فإنه يحل في حالة الحرب إلا أنه لا يصلي فيه إلا إذا خاف هجوم العدو، وإنما يحل لبس الحرير في الحرب لأمرين: الأول أن يكون صفيقاً "تخيناً" يدفع مضرة السلاح. الثاني أن يوجب الهيبة في نفس العدوفإن لم يتحقق شرط من هذين لا يحل لبسه في حال الحرب كما لا يحل في حال السلم.
ويكره للرجل أن يلبس الثوب المزعفر الأحمر والأصفر على المشهور، وقيل: لا كراهة في الأحمر والأصفر كما لا كراهة في سائر الألوان.
أما النساء فيحل لهن لباس الحرير واستعماله بجميع أنواع الاستعمال كما يحل لهن لباس أي لون



ابوالوليد المسلم 25-08-2020 04:26 AM

رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله
 
الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الثانى
[كتاب الحظر والاباحة]
صـــــ 17 الى صــــــــ29
الحلقة (82)

[مبحث ما يحل لبسه واستعماله من الذهب والفضة وما لا يحل]
يحرم (1) على الرجل والمرأة استعمال الذهب والفضة، وعلة النهي عن استعمال الذهب والفضة للرجال والنساء واضحة، لأن في استعمالها تقليلاً لما يتعامل الناس به من النقدين، وكسراً لقلوب الفقراء الذين لا يجدون منهما ما يحصلون به على قوتهم الضروري إلا بجهد عظيم بينما يرون غيرهم يسرف فيها غاية الأسراف ويحبسها عنده بدون مبالاة فيشعر ذلك قلوبهم ويترك في أنفسهم أسوأ الأثر، لذلك حرمت الشريعة الإسلامية استعمالها على الرجال والنساء إلا في أحوال تقتضيها، فإباحت للنساء ما تتزين به منها، لأن المرأة في حاجة ضرورية إلى الزينة، فلها أن تتحلى بما شاءت من الذهب والفضة، وكذلك أباحت للرجال التختم بالفضة لأنه قد يحتاج إلى أن ينقش عليه اسمه، فيسهل عليه استعماله ويكون آمناً عليه بلبسه في يده كذلك أباحت اليسير الذي لا يضيق النقدين مما سيأتي بيانه.
فيحرم اتخاذ الآنية من الذهب والفضة،
فلا يحل لرجل أوامرأة أن يأكل أو يشرب فيها لقوله صلى الله عليه وسلم:
"لا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافها فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة"، وكذلك لا يحل التطيب أو الادهان أو غير ذلك. وكما يحرم استعمالها يحرم اقتناؤها بدون استعمال، ويستثنى ما إذا قصد باقتنائها تأجيرها لمن يباح له استعمالها وكذلك يحرم الأكل بملعقة الذهب والفضة واتخاذ ميل المكحلة منهما والمرآة وقلم الدواة والمشط والمبخرة والقمقم، وكذا يحرم اتخاذ فنجان القهوة من الذهب والفضة وظرف الساعة وقدرة التمباك "الشيشة" ونحوها. أما ما يباح من ذلك ففيه تفصيل المذاهب.
[مباحث الصيد والذبائح]
ومن الحلال الطيب الذي أباح الله لنا أكله:
الصيد، وهوما يصطاد من يوان مأكول اللحم بالشرائط الآتي بيانها، وهومباح إذا لم يترتب عليه ضرر الناس بإتلاف مزارعهم أو إزعاجهم في منازلهم أو كان الغرض منه اللهو واللعب، وإلا فيحرم.[دليله]وقد ثبت أكله بالكتاب والسنة والإجماع.
فأما الكتاب فقول الله تعالى:
{يسألونك ماذا أحل لهم، قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله، فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه} ،
وقوله تعالى:
{وإذا حللتم فاصطادوا} فالأمر في الآية الكريمة بالاصطياد يفيد حل الصيد.وأما السنة فكثيرة، منها ما رواه البخاري ومسلم أن أبا ثعلبة قال: يا رسول الله، أنا بأرض صيد، أصيد بقوسي أو بكلبي الذي ليس بمعلم أو بكلبي المعلم، فما يصلح لي؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"ما صدت بقوسك فذكرت اسم الله عليه فكل، وما صدت بكلبك المعلم فذكرت اسم الله عليه فكل، وما صدت بكلبك غير المعلم فأدركت ذكاته فكل".
وروى البخاري ومسلم عن عدي بن حاتم قال:
سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيد المعراض - والمعراض "كمحراب" سهم لا ريش له دقيق الطرفين غليظ الوسط يصيب بعرضه دون حده - قال: "إذا أصبت بحده فكل، وإذا أصبت بعرضه فلا تأكل، فإنه وقيذ".
وروى مسلم عن عدي بن حاتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"إذا رميت بسهمك فاذكر اسم الله فإذا وجدته ميتاً فكل، إلا أن تجده قد وقع في الماء فمات، فإنك لا تدري الماء قتله أو سهمك"، ذلك بعض ما ورد في السنة الكريمة في شأن الصيد. وهوكما ترى يشتمل على معظم أحكام الصيد الآتي بيانها.وقد أجمع المسلمون على حل أكل الصيد بالشرائط الآتية.
[شروطه]
يشترط لحل أكل ما يصطاد من الحيوان شروط، بعضها يتعلق بالحيوان الذي يحل صيده وبعضها يتعلق بالصائد، وبعضها يتعلق بآلة الصيد من كلب ونحوه، أو سهم ونحوه.
[الشروط المتعلقة بالحيوان الذي يحل صيده وأكله بالصيد]
الحيوان الذي يحل صيده إما أن يكون مأكول اللحم أو غير مأكول، فإن كان غير مأكول اللحم فإن صيده دفعاً لشره كما يحل قتله لذلك، وكذلك يحل صيده للانتفاع بما يباح الانتفاح به كالسن والشعر.
وإن كان مأكول اللحم فيحل صيده بشروط:منها: أن يكون متوحشاً بطبيعته لا يألف الناس ليلاً ولا نهاراً كالظباء وحمر الوحش وبقره وأرنبه ونحوها فيحل صيدها ولوتأنست إذا عادت لتوحشها، فإن استمرت متأنسة فإنها لا تحل إلا بالذبح؛ أما الحيوانات المتأنسة بطبيعتها كالجمال والبقر والغنم (2) ونحوها فلا تحل بالصيد، بل لا بد في حل أكلها من ذكاتها الذكاة الشرعية، ولوتوحش واحد منها كأن نفر البعير أو الثور، أو شردت الشاة وعجز عن إمساكه فإنه يحل (3) بالعقر، وهو الجرح بالسهم ونحوه في أي موضع من بدنه شرط أن يريق دمه، وأن يقتله بهذا الجرح، وأن يقصد تذكيته، وأن يكون أهلاً للتذكية، ومثل هذا ما إذا سقط حيوان في بئر ونحوها ولم يمكن ذبحه في محل الذبح، فإنه يحل برميه في أي موضع من بدنه كما ذكر، ويسمى هذا ذكاة الضرورة.
ومنها: أن يكون ممتنعاً غير مقدورة عليه، فلا يحل الحيوان المقدور عليه بالصيد كالدجاج والبط الأهلي والأوز والحمام لأنه مستأنس مقدور عليه، بخلاف الحمام الجبلي لأنه متوحش غير مقدور عليه فيحل بالصيد.
ومنها: ألا يكون مملوكاً للغير، فيحرم صيد المملوك للغير ولا يحل بالصيد.
ومنها: أن لا يكون متقوياً بنابه أو مخلبه كالذئب والسبع والنسر وغير ذلك مما لا يحل أكله.
ومنها: أن لا يدلكه وهوحي فإن أدركه وفيه حياة فإنه لا يباح إلا بالذبح، على تفصيل في المذاهب (4) .
وزاد بعضهم على ذلك شرطاً آخر (5)
[الشروط المتعلقة بالصائد]
وأما الصائد فيشترط له شروط،
منها: أن يكون مسلماً أو كتابياً، فلا يحل صيد المجوسي، والوثني، والمرتد، وكل من لا يدين بكتاب، كما لا تحل ذبيحتهم، وإنما يحل صيد الكتابي وذبيحته بشروط مفصلة في المذاهب(6) .
يحل (7) صيد الصبي الذي لا يميز، ومثله المجنون والسكران كما لا يحل ذبيحتهم. ومنها أن يذكر (8) اسم الله عند إرسال ما يصيد به من كلب ونحوه، فإذا ترك التسمية عمداً أو جهلاً فإن صيده لا يحل وكذلك ذبيحته. أما إذا ترك التسمية ناسياً فإن صيده يؤكل كذبيحته، ويشترك للتسمية شروط مبينة في المذاهب (9) .
ومنها: أن يرسل الكلب ونحوه ليصيد له بكيفية مفصله في المذاهب (10) ومنها أن ينوي الصائد أو الذابح حل الحيوان؛ فإذا لم ينوكأن ضرب حيواناً بآلة فأصابت منحره فمات فإنه لا يحل. لأنه لم يقصد حله بهذه الضربة، وفي ذلك تفصيل المذاهب (11) .


(1) الحنفية - قالوا: يجوز له أن يجمل بيته بأواني الذهب والفضة بدون استعمالها بشرط عدم التفاخر، كما يجوز له أن يجلس على الحرير ويتوسد به إذا لم يكن للتفاخر كما تقدم.
المالكية - قالوا: لا بأس بتحلية سيف الرجل بالفضة والذهب، سواء اتصلت الحلية به كأن جعلت قبضة له أوانفصلت عنه كغمده. أما سيف المرأة فيحرم تحليته إذ لا يباح للمرأة إلا الملبوس من الذهب والفضة، وكذلك يحرم تحلية باقي آلات الحرب.
ولا بأس بتحلية جلد المصحف بالذهب أو الفضة تعظيماً له بشرط أن تكون من الخارج، أما تحليته من الداخل أو كتابته أو تجزئته فمكروهة، وأما سائر الكتب سوى المصحف فيحرم تحليتها بهما مطلقاً.
ويجوز لمن سقطت أسنانه أن يتخذ بدلها من الذهب والفضة. وكذلك يجوز لمن قطعت أنفه أن يتخذ بدلها من الفضة والذهب.
ويجوز للرجل أن يلبس خاتماً من الفضة زنة درهمين لأن النبيّ صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتماً من فضة وزن درهمين، فيجوز لنا اتخاذه بشرط قصد الاقتداء به عليه الصلاة والسلام، وبشرط أن يكون واحداً فلا يجوز تعدده وإن كان الجميع درهمين. أما ما زاد عن الدرهمين فإنه محرم. وكذلك ما كان بعضه ذهباً وبعضه فضة ولو كان الذهب قليلاً. ويستحب وضعه في خنصر اليسار ويكره في اليمين. وأما المموه وهو المتخذ من معدن غير الذهب والفضة ثم يطلى بهما ففيه قولان: قول بالمنع، وقول بالإباحة. والقولان متساويان. وأما المغشى وهوما صنع من فضة أو ذهب ثم طلي بالنحاس أو الرصاص عكس المموه ففيه قولان أيضاً: قول بالمنع وقول بالإباحة، والمعتمد المنع. وأما المطبب وهوإناء مأخوذ من خشب ونحوه يكسر فيلحم بسلك من فضة أو ذهب ففيه قولان: قول بالمنع وقول بالكراهة، والقولان متساويان.
ومثله ذوالحلقة - بسكون اللام - إناء يوضع له حلقة ليعلق بها. وأما الآنية المتخذة من الجوهر كالدر والياقوت ففيها قولان أيضاً المنع والجواز، والقولان متساويان. فإذا طلي السرج أو السكين أو الخنجر أو اللجام أو نحوها بالذهب أو الفضة ففيها الخلاف المتقدم أما صنع يد السكين ونحوها من الذهب أو الفضة فحرام قولاً واحداً.
ويكره التختم بالحديد والرصاص والنحاس للرجل والمرأة، ويجوز التختم بالعقيق وغيره.
الشافعية - قالوا: يحل للرجل والمرأة اتخاذ أنف من ذهب أو فضة وكذا يجوز لمن سقطت أسنانه أن يتخذ بدلها من الذهب أو الفضة واتخاذ أنملة من الذهب، ويجوز تحلية المصحف بالفضة للرجل والمرأة. وأما بالذهب فلا يجوز إلا للمرأة. والتحلية وضع قطع رقيقة، أما تمويهه بالذهب والفضة فلا يجوز، والتمويه هو الطلي بهما بعد إذابتهما، ويجوز كتابة المصحف بالذهب والفضة للرجل والمرأة بلا فرق على المعتمد. ويجوز استعمال إناء الذهب والفضة المطلي بنحاس ونحوه طلاء سميكاً بحيث لا يحصل بعرضه على النار شيء منه. وكذا يجوز تحلية آلة الحرب للرجل دون المرأة بفضة وكذا طلاؤها بها، ويجوز إصلاح الإناء بسلسلة أو صفيحة من فضة بشرط أن تكون صغيرة، أما الكبيرة فكروهة إذا كان استعمالها للضرورة، وإلا حرمت، والكبيرة ما تستوعب جانباً من الإناء، والصغيرة ما كانت دون ذلك، وقيل المرجع في الصغر والكبر للعرف، ويجوز للرجل اقتناء حلي الذهب والفضة لتأجيرها لمن تحل له بلا خلاف في المذهب.
ويحل للرجل التختم بالفضة بل يسن ما لم يسرف فيه عرفاً مع اعتبار عادة أمثاله وزناً وعداً ومحلاً، فإذا زاد على عادة أمثاله حرم، والأفضل أن يلبسه في خنصر يده اليمنى ويسن أن يكون فصه من داخل كفه.
أما التختم بالذهب فحرام مطلقاً، وأما خاتم الحديد والنحاس والرصاص فجائز بلا كراهة على الأصح.
الحنفية - قالوا: إذا وضع الطعام ونحوه في آنية الذهب والفضة فلا بأس أن يضع الأكل يده مباشرة أو بملعقة فيه لتناول اللقمة ونحوها. وإنما المكروه تحريماً هوأن يمسك الإناء المأخوذ من الذهب والفضة بيده ثم يستعمله، كما إذا استعمل كوزاً مأخوذاً من الفضة مثلاً في الحمام بأن يعرف به الماء ويصبه على رأسه، ولا بأس بالأكل والشرب من إناء مذهب أو مفضض كالآنية المطعمة بالذهب والفضة، بشرط أن يضع الجزء الذي فيه ذهب أو فضة على فيه وكذلك لا بأس باستعمال المضبب من الأواني والكراسي والأسرة ونحوها بالذهب والفضة إذا لم يباشر الجزء الموضوع فيه الذهب والفضة، والمضبب: هو المكسور الذي يجبر بالذهب والفضة كاللحام، ولا بأس أيضاً باتخاذ حلقة المرأة ونحوها من الذهب والفضة، ولا بأس أيضاً أن يوضع في لجام الفرس ونحوها أو سرجها فضة أو ذهب بشرط أن لا يجلس على الجزء الذي فيه الذهب والفضة.
ويجوز لبس الثياب المنقوشة بالذهب والفضة، وكذلك استعمال كل مموه "مطلي" بالذهب والفضة إذا كان بعد ذوبانه لا يخلص منه شيء له قيمة. ولا يكره وضع الذهب والفضة في نصل السكين أوقبضة السيف بشرط أن لا يضع يده عند استعمالها على موضع الذهب والفضة. ولا بأس بحلية السيف وحمائله "العلاقة التي يعلق بها" ومثله المنطقة، ولكن بالفضة فقط، فيكره تحريماً تحلية ذلك بالذهب. أما تحلية السكين والمقراض "المقص" والمقلمة والدواة والمرآة بالذهب فإنه يكره تحريماً، أما بالفضة ففيه وجهان. ولا بأس باتخاذ مسامير الساعة والباب ونحوهما من الذهب والفضة، اما اتخاذ الباب من الذهب أو الفضة فمكروه تحريماً. ولا بأس بوضع الذهب والفضة في آلة الحرب، وكذا لا بأس بتمويه السلاح "طليه" بالذهب والفضة. وكذلك لا بأس بالانتفاع بالأواني المموهة بالذهب والفضة، ولا بأس باتخاذ الآنية من العقيق والبلور والزجاج والزبرجد والرصاص وباستعمالها أيضاً.
ويجوز للرجل أن يلبس خاتماً من فضة بشرط أن يصنع على الصفة التي اعتاد أن يلبسه عليها الرجال. أما إذا صنع على هيئة خواتم النساء كأن يكون له فصان ونحو ذلك فإنه يكره تحريماً، ويكره أيضاً التختم بما سوى الفضة كالتختم بالحديد والنحاس والرصاص، وهومكروه للرجال والنساء جميعاً. وأما التختم بالعقيق ففيه خلاف، والأصح أنه يجوز. ولا بأس بسد ثقب فص الخاتم بمسمار من الذهب. ولا يصح أن يزيد الخاتم من الفضة على مثقال، ويسن التختم بها للرجل إذا كانت الحاجة ماسة لذلك كالقاضي والحاكم الذي يجعل خاتمه منقوشاً فيه اسمه "ختم" ويلبس خاتمه في خنصر يده اليسرى، ويجوز أن يلبسه في يده اليمنى. ويجوز شد الأسنان بالفضة بلا خوف، أما بالذهب ففي جوازه خلاف. وكذا يجوز إعادة السن إذا خلعت من فضة أو ذهب على الخلاف المذكور.
الحنابلة - قالوا: يباح اتخاذ الآنية من المعادن الطاهرة كما يباح استعمالها ولو كانت ثمينة كالجواهر والبلور والياقوت والزمرد، وكذلك إذا كانت غير ثمينة كالآنية المأخوذة من الخشب والحديد والنحاس، وإنما الذي يحرم من ذلك اتخاذ الآنية من الذهب والفضة. وكذلك يحرم استعمالها إن كانت مأخوذة منهما، ويحرم أيضاً استعمال الآنية المضببة بالذهب والفضة على الذكر والأنثى، وكذا اتخاذ ميل المكحلة منهما، ويحرم استعمال الإناء المموه بالذهب والفضة "المطلي"، وكذا استعمال المطعم بهما، واستعمال الآنية المنقوشة بهما، ويحرم استعمال الذهب ولويسيراً في الثياب وغيرها، وإنما الذي يجوز من ذلك فص الخاتم من الذهب


يتبع

ابوالوليد المسلم 25-08-2020 04:26 AM

رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله
 
(2) الحنفية - قالوا: إذا نفرت الشاة في الصحراء يكون حكمها ما ذكر في غيرها من الجمال والبقر، أما إذا نفرت في المصر فإنها لا تحل بالعقر، لأنها لا يتعسر إمساكها بخلافهما، ولا يلزمه الاستعانة في إمساك المتوحش بجماعة، بل متى ند البعير ونحوه ولم يقدر عليه إلا بجماعة فله أن يرميه
(3) المالكية - قالوا: الحيوان المتأنس أصالة لا يؤكل إلا بالذبح، سواء توحش ثم عاد فتأنس أواستمر على توحشه، فلوند بعير أو ثور أو نحوهما فرماه أحد بسهم فعقره بأن جرحه فقتله بذلك فإنه لا يحل، وكذلك لوتردى حيوان في بئر فإنه لا يحل إلا بالذكاة الشرعية، وبعضهم يستثني البقر إذا توحش فيقول: إنه يحل بالعقر لأن له نظيراً يحل صيده هوبقر الوحش، فإذا توحش البقر الأهلي فعقر فإنه يحل أكله نظير البقر الوحشي الذي يحل صيده، ولوتوحش الحمام البيتي فقيل: يحل بالصيد وقيل لا يحل، والمعتمد أنه لا يحل
(4) الحنفية - قالوا: إذا أدرك الصيد وفيه حياة غير مستقرة بل وجده متحركاً حركة المذبوح فقط فإنه لا يحتاج إلى تذكية، لأن عقره تذكية له، فيحل أكله بشرائط الصيد، وكذا لوأدركه وفيه حياة مستقرة زيادة على حركة المذبوح ولكن لم يتسع الوقت لذبحه، فإنه يحل بالشروط أيضاً. أما إذا أدركه وفيه حياة مستقرة واتسع الوقت لذبحه فإنه لا يحل إلا بالذبح لأنه يكون في هذه الحالة مقدوراً عليه، فهوكغيره من الحيوانات المقدور عليها، وإذا لم يجد معه آلة لذبحه ومات فإنه لا يحل لأنه أصبح كغيره من الحيوانات التي لا تباح إلا بالتذكية، ولو كان معه كلب فأرسله عليه في هذه الحالة فأجهز عليه وقتله فإنه يحل.
الحنفية - قالوا: إذا أدرك الصيد وفيه حياة فوق حركة المذبوح بأن يعيش يوماً أو بعض يوم فإنه لا يحل إلا إذا ضبحه، أما لوأدركه وليس فيه غير حركة المذبوح كأن أخرج الطلب بطنه أو أصمى السهم قلبه فإنه يحل بلا ذبح، حتى ولووقع في الماء بعد هذه الحالة فإنه يحل، لأنه لا يمكن أن يضاف قتله إلى الماء بعد أن يبق فيه غير حركة المذبوح كما يأتي، ولا فرق أن يكون متمكناً من ذبحه في هذه الحالة أولا، بخلاف المتردية فإنها لوذبحت وفيها حركة المذبوح فإنها تحل لأن الحياة فيها لا يشترط أن تكون بينة بل يكتفي فيها بمطلق الحياة، وبعضهم يقول: إن الصيد كذلك لا بد من تذكيته ولو كانت فيه الحياة خفية بحيث لم يبق فيها غير حركة المذبوح، وهذا كله إذا أدركه وأخذه، أما إذا أدركه ولم يأخذه فإن تركه وقتاً يمكنه فيها غير حركة المذبوح، وهذا كله إذا أدركه وأخذه، أما إذا أدركه ولم يأخذه فإن تركه وقتاً يمكنه أن يذبحه فيه ومات فإنه لا يؤكل وإن لا فإنه يؤكل.
الشافعية - قالوا: إذا أدرك صيده حياً فإن لم يجد فيه غير حركة المذبوح بأن قطع حلقومه أو خرجت أمعاؤه فإنه يحل بدون ذبح، ويكون موته بآلة الصيد تذكية له، ولكن يندب إمرار السكين على حلقه ليريحه، أما لوأدركه وفيه حياة مستقرة فوق حركة المذبوح فإنه لا يخلوإما أن لا يتعذر ذبحه فيتركه حتى يموت أو يتعذر بسبب إهماله وتقصيره فيموت فإنه لا يحل، مثال ما يتعذر بغير تقصير أن يشغل بأخذ الآلة ليذبحه بها فيموت قبل إمكان ذبحه، أو يفر الصيد من بين يديه مما فيه من قوة باقية فيموت قبل أن يتمكن من ذبحه، وكذا لولم يجد من الزمن ما يمكن أن يذبح فيه. ومثال ما يتعذر بسبب تقصيره أن لا يكون معه آلة الذبح أو تضيع منه، فإنه في هذه الحالة لا يحل، وكذا إذا اشتغل بتحديد السكين حتى مات الصيد لأنه أهمل تحديدها أولاً، ولووجده منكساً فعدله ليذبحه فمات فإنه يحل، كما إذا أراد أن يوجهه إلى القبلة فمات قبل ذبحه.
المالكية - قالوا: إذا أدرك الصيد حياً فإن كان قد نفذ من مقاتله كأن خرجت حشوته من كبد أو كلية أو طحال، أو ثقبت أمعاؤه. أو خرج شيء من مخه ونحو ذلك مما يفضي إلى الموت حتماً فإنه يؤكل بدون تذكية، أما لوأدركه ولم ينفذ مقتل من مقاتله فإنه لا يباح أكله إلا بالذكاة فلوأهمل في تذكيته كأن وضع السكين في المخرج واشتغل بإخراجها فمات الصيد قبل أن يدرك تذكيته فإنه يحرم، وكذا إذا أعطاها لغيره ليسبقه بها فجاء ولم يجده، ومات الصيد قبل تذكيته، وأيضاً لوأطلق كلباً وتراخى في اتباعه ثم وجد الصيد ميتاً فيحرم لاحتمال أنه لوجد في طلبه لوجده حياً فيذكيه إلا إذا تحقق أنه إذا جد لا يلحقه حياً.
(5) الحنفية - زادوا شرطاً خامساً وهوأن لا يكون من دواب الماء، كإنسان البحر وفرسه وخنزيره ونحوه مما ليس على صورة المسك. فإن ذلك يحرم أكله عندهم، فلا يجوز صيده للأكل إلا ثعبان الماء، فإنه وإن كان على صورة الثعبان البري غير أنه حلال صيده وأكله، فالشروط المتعلقة بالحيوان الذي يحل أكله بالصيد خمسة: أن لا يكون من الحشرات، وأن يكون ممتنعاً بأن يكون له قوائم أن جناحان يمنع نفسه بهما. وأن يكون ذا ناب أو مخلب، وأن يموت بالجارحة أو السهم قبل أن يدركه حياً وإلا وجب ذبحه
(6) المالكية - قالوا: يحل أكل ذبيحة الكتابي، أما صيده فإنه لا يباح إذا مات الصيد من جرحه أو أصابه إصابة أنفذت مقتله. أما إذا أصابه إصابة جرحته ولم تنفذ مقتله ثم أدرك حياً وذكي فإنه يؤكل ولو بذكاة كتابي، وبعضهم يقول: يحل صيد الكتابي كذبحه سواء أماته أولم يمته، وإنما تحل ذبيحة الكتابي بشروط ثلاثة،
الشرط الأول: أن لا يهل بها لغير الله فإذا أهل بها لغير الله بأن ذكر اسم معبود من دون الله كالصليب والصنم وعيسى وجعل ذلك محللاً كاسم الله أو تبرك بذكره كما يتبرك بذكر الإله فإنها لا تؤكل، سواء ذبحها قرباناً للآلهة أو ذبحها ليأكلها، أما إذا ذكر اسم الله عليها وقصد إهداء ثوابها للصنم كما يذبح بعض المسلمين للأولياء فإنها تؤكل مع الكراهة. وإذا ذبحها ولم يذكر عليها اسم الله ولا غيره فإنها تؤكل بدون كراهة، لأن التسمية ليست شرطاً في الكتابي. وبعضهم يقول: إن الذي يحرم أكله من ذبيحة الكتابي هوما ذبح قرباناً للآلهة، وهذا ليس من طعامهم المباح لنا بالآية الكريمة: {وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم} لأنهم لا يأكلونه بل يتركونه لآلهتهم، أما الذي يذبحونه ليأكلوا منه فإنه يحل لنا أكله ولوذكر عليه اسم غير الله تعالى ولكن مع الكراهة.
الشرط الثاني: أن يذبح الكتابي ما يملكه لنفسه. فإذا ذبح حيواناً يمكله مسلم فإنه وإن كان يحل لكن مع الكراهة، على الراجح.
الشرط الثالث: أن لا يذبح ما ثبت تحريمه عليه في شريعتنا، فلا يحل أكل ذي ظفر ذبحه اليهودي كالأبل والبط والأوز والزرافة ونحوها من كل ما ليس بمنفرج الأصابع لأنهم يحرمون أكله، وقد أخبر القرآن بأن الله حرمه عليهم.
أما الذي لم يثبت تحريمه عليهم في شريعتنا كالحمام والدجاج ونحوهما فإنه يحل لنا أكله إذا ذبحوه، وإذا أخبروا بأن هذا الحيوان محرم عليهم ولم يخبرنا شرعنا بتحريمه عليهم فإنه يحل مع الكراهة، فإذا كان الكتابي يستحل أكل الميتة وذبح حيواناً فإنه يحل أكله إذا كان بحضرة مسلم عارف بأحكام الذبح، أما إذا ذبحه وحده فإنه لا يحل أكله، ويستثنى من حل ذبيحه الكتابي المستكملة لشروط الأضحية فإنه يشترط فيها أن يكون الذابح مسلماً تصح منه القربة، فإن استناب عنه رجلاً لا يعرفه ثم تبين له أنه غير مسلم فإنها لا تجزئه، والشرط أن يتولى المسلم الذبح، أما السلخ والقطع ونحوهما فإنه لا يشترط له ذلك، هذا ومما يجمل ذكره هنا أن الذين لا تحل ذبيحتهم عند المالكية يمكن حصرهم في ستة: وهم الصبي الذي لا يميز، والمجنون حال جنونه، والسكران غير المميز، والمجوسي، والمرتد الزنديق. وكذا من تحل ذبيحتهم مع الكراهة فإنهم ستة أيضاً وهم: الصبي المميز، والخنثى، والمرأة، والخصي، والأغلف، والفاسق. وهناك ستة مختلف فيهم، بعضهم يقول بالكراهة، وبعضهم يقول بعدمها وهم: تارك الصلاة، والسكران الذي يخطئ ويصيب، والبدعي المختلف في كفره، والعربي النصراني، والنصراني يذبح للمسلم بإذنه، والأعجمي يجيب للإسلام قبل بلوغه. ولكن المشهور في ذبيحة الصبي المميز والمرأة عدم الكراهة، وما يكره ذبيحته يكره صيده على الظاهر.
الحنفية - قالوا: يشترط لحل ذبيحة الكتابي يهودياً أو نصرانياً أن لا يهل بها لغير الله بأن يذكر عليها اسم المسيح أو الصليب أو العزيز أو نحو ذلك، فإذا حضره المسلم وقت الذبح وسمع منه ذكر المسيح وحده أو ذكره مع اسم الله فإنه يحرم عليه أن يأكل منها، وإذا لم يسمع منه شيئاً فإنه يحل له الأكل على تقدير أن الكتابي ذكر اسم الله في سره تحسيناً للظن له، أما إذا لم يحضره ولم يسمع منه شيئاً؛ فإن التحقيق أن ذبيحته تحل، سواء كان يقول الله ثالث ثلاثة أولا، يعتقد أن العزيز ابن الله أولا. ولكن يستحسن عدم الأكل لغير ضرورة. ولا فرق في النصراني بين أن يكون عربياً أو تغلبياً أو إفرنجياً أو أرمينياً أو صابئياً إذا كان يقر بعيسى عليه السلام، ولا فرق في اليهودي بين أن يكون سامرياً أو غيره. ويكره أكل ما يذبحونه لكنائسهم.
الشافعية - قالوا: ذبيحة أهل الكتاب حلال، سواء ذكروا اسم الله عليها أولا بشرط أن لا يذكروا عليها اسم غير الله كاسم الصليب أو المسيح أو العزيز أو غير ذلك فإنها لا تحل حينئذ ويحرم أكل ما ذبح لكنائسهم.
الحنابلة - قالوا: يشترط في حل ذبيحة الكتابي أن يذكر اسم الله تعالى عليها كالمسلم، فإذا تعمد ترك التسمية أو ذكر اسم غير الله تعالى كالمسيح فإن ذبيحته لا تؤكل، وإذا لم يعلم أنه سمى أولا فإن ذبيحته تحل، ذبح، لعيده أولكنيسته فإن ذبحها مسلم وذكر اسم الله عليها فإنها تحل مع الكراهة، وكذا إن ذبحها كتابي وذكر اسم الله، أما إذا ذكر غيره أو ترك التسمية عمداً فإنها لا تحل
(7) الحنفية والشافعية - قالوا: يحل صيد الصبي غير المميز والمجنون والسكران بشرط أن يكون للجميع نوع قصد كما تحل ذبيحتهم إذا كانوا يعرفون الذبح، إلا أن الحنفية اشترطوا أن يعرف هؤلاء التسمية. وإن لم يعرفوا أنها شرط في حل الذبح فلم يذكروها، ويجوز ذبح الأعمى مع الكراهة دون صيده.
أما الشافعية فإنهم لم يشترطوا ذلك، لأن التسمية ليست بشرط عندهم وقالوا: إن ذبيحتهم مكروهة
(8) الشافعية - قالوا: التسمية ليست شرطاً عند إرسال الجارحة أو إرسال السهم، كما أنها ليست شرطاً في الذبيحة، وإنما تستحب التسمية عند ذلك استحباباً مؤكداً، فإن ترك التسمية عمداً أو سهواً حل الصيد والذبح بلا خلاف عندهم.
الحنفية - قالوا: يشترط للتسمية في الحنفية قالوا: الصبي والمجنون والسكران
(9) الحنفية - قالوا: يشترط للتسمية شروط بعضها يتعلق بالصيد وبعضها يتعلق بالذبح، فيشترط لها في الصيد ثلاثة شروط: أحدها أن تكون من نفس الصائد؛ فإذا سمى غيره فإن صيده لا يحل. ثانيها: أن تكون مقترنة بإرسال الجارحة أو رمي السهم وما أشبه، فإذا ترك التسمية عامداً عند الإرسال فإن صيده لا يؤكل، ولو سمى بعد ذلك وزجره مع السهم فانزجر، ومتى سمى عند رمي السهم أو إرسال الجارحة فقد حل له ما أصابه من صيد، سواء أصاب ما قصد صيده أو أصاب غيره لأن التسمية في الصيد إنما تكون على الآلة وقد وجدت، فالذي تصيبه بعد ذلك يكون حلالاص، فإذا أرسل كلبه وسمى عليه ليصيد له غزالاً فاصطاد له أرنباً فإنه يحل له أكله بخلاف الذبح فإن التسمية فيه إنما تكون على الحيوان المذبوح، فإذا أضجع شاة ليذبحها وسمى ثم أطلقها وأضطجع شاة أخرى فإنها لا تحل بالتسمية الأولى، بل لا بد من أن يسمي عليها، وإذا سمى وألقى السكين التي بيده وأخذ غيرها فإن ذبيحته تحل بدون تسمية، لأن التسمية على الحيوان لا على الآلة أما إذا سمى على سهم فتركه وأخذ سهماً غيره ولم يسم فإن صيده لا يحل. ثالثها أن تكون من نفس الصائد فلوسمى غيره لا يحل صيده، ويشترط للتسمية في الذبح أن تكون من نفس الذابح، ويجزئ التسبيح والتهليل، وأن تكون ذكراً خالصاً بأن تكون بأي اسم من أسمائه سواء كان مقروناً بصفة نحو: الله أكبر، الله أعظم، أو غير مقرون بصفة نحو: الله الرحمن.
ويستحب أن يقول: بسم الله الله أكبر، وأن تكون التسمية من نفس الذابح حال الذبح وأن يكون الذبح عقب التسمية قبل تبدل المجلس، فإن اشتغلوا بأكل أو شراب فإن طال لم يحل الذبح، "وحد الطول ما يستكثره الناظر"، وأن لا يقصد بالتسمية شيئاً آخر كالتبرك في ابتداء الفعل، فإن فعل ذلك فإن ذبيحته لاتحل، وقد تقدم ذلك في كتاب الذكاة.
الشافعية - قالوا: إن التسمية ليست شرطاً كما تقدم وإنما هي سنة، ويشترط أن يذكر مع اسم الله تعالى بدون أن يقرن به اسم غيره، فإن قال: بسم الله واسم محمد مثلاً فإن أراد أن يشرك مع الله غيره فقد كفر وحرمت ذبيحته، وإن لم يرد أن يشرك مع الله غيره حلت الذبيحة ولكن يكره إن قصد التبرك بذكر غير الله، ويحرم إن أطلق ولم يقصد شيئاً لإيهام التشريك بالله كما تقدم في باب الذكاة.
المالكية - قالوا: يشترط التسمية عند إرسال الجارحة ونحوها، وعند تذكية الحيوان والنحر، وإنما تشترط في حَق المسلم؛ أما الكتابي فلا تشترط التسمية في حقه، والمراد بالتسمية ذكر الله تعالى لا خصوص بسم الله، ولكن الأفضل أن يقول: بسم الله الله أكبر.
الحنابلة - قالوا: يشترط أن يقول: بسم الله عند إرسال السهم والجارحة، وعند حركة يده بالذبح أو النحر أو العقر، ولا يقوم مقام التسمية شيء بل لا بد من ذكرها بخصوصها، والأفضل أن يقول: بسم الله والله أكبر كما تقدم، ولا يضر أن يقدمها أو يؤخرها بزمن يسير، وإذا أرسل الجارحة ولم يسم عند إرسالها وتأخر كثيراً ثم سمى وزجر الجارحة فانزجرت؛ فإن صيده يحل، ولا يضر هذا التأخر، وإذا ترك التسمية عمداً حرم صيده وذبيحته، أما إذا تركها سهواً أو جهلاً فإن ذبيحته تحل دون صيده، لأن الذبيحة تكثر ويكثر فيها النسيان، بخلاف الصيد فإنه لا يتسامح فيه، وإذا سمى على صيد وأصاب غيره حل، أما إذا ترك رمي السهم عليه ورمى سهماً آخر لم يسم عليه فإن صيده لا يؤكل؛ لأن التسمية في الذبيحة على الحيوان، وفي الصيد على الآلة
(10) المالكية - لهم رأيان قويان في كيفية إرسال الجارحة للصيد. أحدهما أن يكون الصائد ماسكاً لها بيده أو متعلقة به؛ كأن كانت تحت قدمه أو في حزامه أما إذا لم تكن معلقة به بل مفلوتة فأرسلها فإن صيدها لا يؤكل. ثانيهما أنه لا يشترط ذلك بل لوكانت الجارحة مفلوتة فأرسلها فإن صيدها يؤكل وإذا كانت الجارحة في يد خادمه فأمره بإرسالها فأرسلها فإن صيدها يؤكل لأن يد الخادم كيد سيده في ذلك، وتكفي نية الآمر وتسميته في ذلك، ولا يشترط في الخادم أن يكون مسلماً حينئذ لأن نيته غير لازمة اكتفاء بنية الآمر وهوسيده، فالإرسال منه حكماً، وسيأتي الكلام على النية قريباً.
الحنفية - قالوا: يشترط أن يوجد الإرسال للجارحة من الصائد ولو كانت مفلوتة، فإذا انفلت الكلب ونحوه من صاحبه بدون أن يرسله فأخذ صيداً أوقتله فإنه لا يؤكل، أما إذا انفلت منه فزجره بصوته فانزجر به بأن اشتد عدوه وطلبه للصيد فإن صيده يؤكل. أما إذا لم يزجره أو زجره فلم ينزجر فإن صيده لا يؤكل لعدم تحقق شرط الإرسال؛ وكذا إذا انبعث وحده ولم يزجره صاحبه بل زجره مسلم فانزجر بصوته فإن صيده يحل استحساناً؛ أما إذا لم ينزجر أو زجره مجوسي فإن صيده لا يحل.
الحنابلة - قالوا: يشترط أن يوجد الإرسال من الصائد؛ فإذا انبعث الكلب ونحوه بنفسه فقتل صيداً لم يحل.
الشافعية - قالوا: إذا انبعثت الجارحة وحدها بدون أن يرسلها صاحبها فقتلت صيداً فإنه لا يحل؛ وإذا انبعثت وحدها فزجرها ليستوقفها فوقفت ثم أغراها بعد الوقوف فانطلقت وقتلت صيداً فإنه يحل بلا خلاف، أما إذا استرسلت ولم تقف فإن صيدها لا يؤكل؛ سواء زاد عدوها بزجره أولا؛ وكذا إذا لم يزجرها لتقف بل أغراها فإن لم يزد عدوها بإغرائه فإن صيدها لا يحل قطعاً؛ وإن زاد عدوها بإغرائه فقولان: والصحيح أنه لا يحل؛ وإذا زجرها لتقف فلم تطعه فأغراها فإنه لا يحل
(11) المالكية - قالوا: إن كان الصائد أو الذابح مسلماً فإنه يشترط في حقه أن ينوي حل أكل الحيوان الذي يذبحه أو يصيده إما حقيقة وإما حكماً، والنية الحكمية: هي أن يقصد الذكاة الشرعية وإن لم يلاحظ حل الأكل؛ فإن هذا القصد في حكم قصد حل الأكل؛ إذ لا معنى لكون الذكاة شرعية إلا كونها سبباً لحل أكل الحيوان، وهذا كاف في الجزم بنية التحليل حتى لوشك في إباحة الصيد فإنه لا يحل. أما إذا كان كتابياً فإنه يكفي منه قصد الفعل وإن لم ينو التحليل في قلبه، لأنه إذا اعتقد حل الميتة أكلت ذبيحته إذا كانت بحضرة مسلم عارف بأحكام الذبح كما تقدم، وذلك لأن النية بمعنى اعتقاد الحل بالذبح لا تشترط في الكتابي. ويحرم على المكلف أن يصطاد بغير نية الذكاة كأن لم ينو شيئاً أصلاً أو ينو اللهو واللعب، أما إذا نوى اقتناء الصيد لغرض شرعي كتعليمه إرسال الكلب أو الاتجار فيه توسعة على نفسه وعياله ولوفي الأمور الكمالية كأكل الفاكهة فإنه جائز. أما صيد الحيوان للفرجة عليه واتخاذ ذلك حرفة يعيش منها فقولان: فبعضهم يقول بالجواز، وبعضهم يقول بالمنع.
الحنفية - قالوا: التسمية شرط بالنص، وإنما تتحقق بالقصد فلا بد من النية. ولذا لا تصح ذكاة المجنون المستغرق الذي لا قصد له، أما المعتوه الذي يتأتى منه القصد ويعقل لفظ التسمية ويضبط فعل الذبح الشرعي فإن ذبيحته تحل ولولم يأت بالتسمية لعدم علمه بشرطيتها، فإن الجاهل بها كالناسي، ومثل المعتوه الصبي والسكران في ذلك، وإذا قال: بسم الله ولم تحضره النية فإن ذبيحته تحل حملاً على ظاهر حاله من أنه قصد التسمية على الذبيحة، أما إذا قال: الحمد لله أو سبحان الله أولا إله إلا الله فإنه لا بد من قصد التسمية، لأن هذا كنى به عن التسمية، والكناية لا بد فيها من النية.
الشافعية - قالوا: يشترط أن يقصد الصائد أو الذابح إيقاع الفعل على العين التي يريدها وإن أخطأ في ظنه أو يقصد إيقاع الفعل على واحد من الجنس وإن أخطأ الإصابة، مثال الأول أن يرمى شيئاً يظنه جماداً فيظهر أنه حيوان مات برميته فإنه يؤكل، لأنه كان يقصد عيناً وإن أخطأ في ظنه. ومثال الثاني أن يرمي قطيع ظباء فيصيب واحدة فإن أكلها يحل، لأن قصد الجنس فأخطأ الإصابة، وكذا إذا قصد واحدة فأصاب غيرها، فإذا لم يقصد العين أو الجنس لا يحل الحيوان، كما إذا وقعت منه السكين فأصابت حيواناً فذبح فإنه لا يحل، ولا يشترط قصد الذبح بل الشرط قصد الفعل كما ذكر، فإذا صال حيوان على شخص فضربه بسيفه فقتله فإنه يحل، وإن لم يقصد ذبحه لأن المعتبر قصد الفعل وقد حصل.

الحنابلة - قالوا:
يجب قصد التذكية، فإذا وقع سيف على مذبح حيوان فأماته لا يؤكل لعدم القصد، ولا تشترط إرادة الأكل اكتفاء بإرادة التذكية.



ابوالوليد المسلم 25-08-2020 04:27 AM

رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله
 
الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الثانى
[كتاب الحظر والاباحة]
صـــــ 29 الى صــــــــ39
الحلقة (83)


[الشروط المتعلقة بآلة الصيد]
تنقسم آلة الصيد إلى قسمين: جماد، وحيوان. فالأولى كالسهم يرمي به الصائد صيده والثاني الجوارح وهي كلاب الصيد ونحوها من الحيوانات المفترسة كالنمر والفهد والأسد إذا تعلمت الصيد، ومثلها سباع الطير كالشواهين.
فأما القسم الأول فإنه يشترط له شروط: منها أن يصيب الحيوان بحده أو بنصله، فإذا رماه بسكين أو سيف أو حربة أو سهم فأصابه بحدها أو نصلها فقتله فإنه يحل، أما إذا أصابه بعرضها فقتله ثقلها ولم يدركه حياً ويذبحه فإنه لا يحل، ومثل ذلك ما إذا رماه بعصا أو خشبة أو حجر لاحد له فأماته فإنه لا يحل، وكذلك إذا نصب له شبكة أو شركاً فاختنق بها ومات قبل أن يذبحه فإنه لا يحل، وكذا إذا رماه برصاص البنادق أو رشها فأماته فإنه لا يحل (1) فإذا احتمل الحيوان الرمية كأن كان كبيراً وأدركه وفيه حياة مستقرة وذبحه فإنه يحل. فالاصطياد بالبنادق جائز إذا كان الرامي حاذقاً وكان الحيوان يحتمل الضربة فيقع بها حياً.ومنها أن تجرح آلة الصيد الحيوان وتريق دمه (2) في أي موضع من بدنه ولوأذنه. ومنها أن يتحقق من أن السهم ونحوه هو الذي قتل الحيوان وحده بدون أن يشترك معه سبب آخر فإذا رخى الصيد بسهم فأصابه إصابة يمكن أن يعيش بعدها ثم وقع وهوحي في ماء يغرقه ويميته عادة ومات فإنه لا يحل لاحتمال أن يكون قد مات بسبب الماء،
فقد اجتمع على قتله سببان:
مبيح لأكله وهو الجراحة بالسهم، ومانع وهو الغرق بالماء، فيقدم السبب المانع احتياطاً، ومثل ذلك ما إذا رماه فوقع على جبل أو ربوة ثم تردى من فوقها وكان يقتل مثله بذلك عادة فإنه لا يحل، أما إذا نفذ السهم في عضوعن أعضائه الرئيسية ومزقه وثبت قتله بهذه الرمية بحيث لم يبق فيه بعدها سوى حركة المذبوح ثم سقط بعذ ذلك في الماء، أو تردى من مرتفع يميته عادة فإنه يحل (3) .ويستثنى من ذلك ما لا يمكن الاحتراز عنه إذا رماه وهو يطير في الهواء فسقط على الأرض أو على آجرة مطروحة على الأرض فإنه يحل بدون نظر إلى احتمال أن سقوطه كان سبباً في قتله، إذ لواعتبر ذلك لما حل صيد أبداً، ومثل ذلك ما كان يطير في هواء البحر أو على وجه الماء ورمي فوقع في الماء فإنه يحل (4) ما لم يغمس في الماء وتكون الرمية غير قاضية على حياته وحدها لاحتمال أن يكون قد مات بالغرق حينئذ.
وإذا رمى صيداً فقطعه نصفين فإنه يؤكل بجميع أجزائه، وكذا لورماه فقطع رأسه وحدها أوقطع نصفها أوقطعها مع جزء من جسمه لا يتصور أن يعيش معه الحيوان فإنه يحل أكله وأكل ما قطع منه، أما إذا قطع منه عضواً يتصور أن يعيش بدونه كاليد والرجل والفخذ والثلث الذي يلي العجز ثم مات الحيوان (5) بذلك أو أدركه حياً وذكاه فإنه يحل اكل الحيوان ويحرم أكل ذلك العضوالذي قطع منه لأن الجزء الذي ينفصل من الحي ميتة إلاّ أن يكون قد قطع ولكنه لم ينفصل منه تمام الانفصال، بأن كان متعلقاً بلحمه بحيث يمكن التئامه ورجوعه إلى حالته لوكان حياً فإنه في هذه الحالة تصبح تذكية الحيوان تذكية لذلك العضو المتصل به، بخلاف ما إذا كان متعلقاً به تعلقاً يسيراً، كأن يكون متصلاً بجلده (6) أو بعرق منه بحيث لا يتصور التئامه ورجوعه إلى هيئته الأولى.وأما الشروط المتعلقة بالجوارح فهي مفصلة في المذاهب (7) .
[الوليمة]
تعريفها في اللغة: اسم لطعام العرس خاصة فلا تطلق على غيره حقيقة، والعرس - بضم العين - يطلق على العقد وعلى الدخول، ولكن الفقهاء يريدون منه الدخول، فالمراد بوليمة العرس عندهم الدعوة إلى الطعام الذي يعمل عند الدخول على المرأة والبناء بها، أما الأطعمة الأخرى التي تصنع عند حادث السرور ويدعى إليها الناس عادة فلها أسماء أخرى غير الوليمة، فلا تسمى وليمة تسمية حقيقية.وأنواعها كثيرة،
منه:
الطعام الذي يصنع عند العقد على الزوجة ويسمى طعام الإملاك - بكسر الهمزة -
والإملاك:
التزويج، ويقال له أيضاً شندخ - بضم الشين المعجمة وسكون النون وفتح الدال -
مأخوذ من قولهم:
فرس مشندخ، أي يتقدم غيره، فسمي بذلك هذا الطعام لأنه يتقدم على العقد وعلى الدخول،
ومنها:
الطعام الذي يصنع عند الختان ويسمى إعذاراً - بكسر الهمزة -،
ومنها:
الطعام الذي يعمل لسلامة المرأة من الطلق والولادة ويسمى خرساً - بضم الخاء وسكون الراء،
ومنها:
الطعام الذي يصنع للقدوم من السفر ويسمى نقيعة، مأخوذة من النقع، وهو الغبار،
ومنها:
الطعام الذي يصنع للصبي عند ختم القرآن ونحوه، ويسمى حذاقاً - بكسر الخاء وتخفيف الذال - مشتق من الحذق لأنه يشير إلى حدق الصبي،
ومنها:
الطعام الذي يصنع للمآتم ويسمى وضيمة،
ومنها:
الطعام الذي يصنع لبناء الدار ويسمى وكيرة،
ومنها:
طعام العقيقة.
[حكم الوليمة وغيرها]
أما الوليمة، وهي طعام العرس الذي يدعى إليه الناس كما عرفت، فإنه سنة (8) مؤكدة، فيسن عند الدخول بالمرأة أن يولم الزوج بما تطيب به نفسه ويقدر عليه مثله، فإذا كان يقدر على أن يذبح لهم،
فيسن أن لا ينقص عن شاة لأنها أقل ما يطلب من القادر لقوله عليه الصلاة والسلام لعبد الرحمن بن عوف:
"أولم ولو بشاة" من حديث رواه البخاري، أما إذا لم يقدر فإنه يكتفي منه بما يستطيع، فقد روى البخاري أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم "أولم على بعض نسائه بمدين من شعير".
أما غير الوليمة من الأطعمة التي تصنع عند حادث السرور وهي التي ذكرت أسماؤها آنفاً فإن في حكمها تفصيلاً في المذاهب (9) .
[وقتها]
وفي وقت وليمة العرس المذكور تفصيل في المذاهب (10) .
[إجابة الدعوة إلى الوليمة وغيرها]
إجابة الدعوة إلى الوليمة وهي "طعام العرس خاصة" كما تقدم فرض (11) ، فلا يحل لمن دعي إليها أن يتخلف عنها، أما إجابة الدعوة إلى غير الوليمة من الأطعمة التي ذكرت آنفاً كطعام الختان، والقدوم من السفر وغيرهما فإنها (12) سنة.
وإنما تجب الإجابة أو تسن بشروط:
منها أن لا يكون الداعي فاسقاً مجاهراً أو ظالماً وله غرض فاسد كالمباهاة والمفاخرة أو التأثير على المدعو ليستخدمه في معصية كدعوة القاضي ليحول بينه وبين الحكم بالحق. ومنها أن يكون المدعو معذوراً بعذر شرعي يتيح له التخلف عن الجماعة كمرض ونحوه، وأن يكون معيناً بالدعوة،
فلوقال الداعي للناس:
هلموا إلى الطعام بدون تعيين فإن الإجابة لا تجب. ومنها أن لا تكون الوليمة مشتملة على محرم أو مكروه؛ فإذا لم تستوف الشروط فإن الإجابة لا تفرض ولا تسن، وفي شروط الإجابة تفصيل في المذاهب(13) .
ومتى أجاب الدعوة فقد أدى الفرض أو السنة، فلا يكلف بالأكل من الطعام، وإنما الأكل مستحب (14) فإذا دعي وهوصائم فعليه أن يذهب إلى محل الوليمة ويخبر الداعي بأنه صائم ويدعوله ثم ينصرف، فإن كان يشق ذلك على صاحب الوليمة ويؤلمه عدم الأكل، فإن كان الصيام نفلاً فإنه يستحب للمدعوأن يفطر (15) ، لأن ثواب إدخال السرور على أخيه المسلم وعدم كسر قلبه أكبر من صيام التطوع، أما إن كان الصيام فرضاً فإنه لا يصح له الفطر على أي حال، هذا ومن الأدب أن يقبل الداعي عذره ولا يلح عليه في الأكل.




(1) المالكية - قالوا: إنه لم يوجد نص من المتقدمين في الصيد برصاص البنادق ولكن كثيراً من المتأخرين يوثق بهم قالوا: يحل أكل ما يصطاد به ويميته لأنه يريق الدم ويسرع في القتل أكثر من غيره، والغرض من الذكاة الشرعية إنما هو الإجهاز السريع على الحيوان كي يستريح من التعذيب فكلما كان أسرع في الإجهاز عليه كان استعماله أحسن، ولا يشترط أن يكون الجرح بالشق بل يصح أن يكون بالخرق أيضاً.
الحنفية - قالوا: إن الأصل في ذلك أن يكون شك، شك في أن موت الصيد كان بسبب الجرح لا بسبب الثقل فإذا تحقق أنه مات بالثقل أو شك في ذلك، فإنه لا يحل أكله ما لم يدركه وفيه حياة مستقرة ويذبحه كما تقدم بيانه.
فالصيد الذي يرمى برصاص البنادق فإنه وإن كان الرصاص يريق ويخرق الجسم ولكنه يشك في أن الحيوان هل مات بثقل اندفاع الرصاص أو بالجرح الناشئ من الإصابة؟ فإذا وجد هذا الشك فإنه لا يحل، أما إذا تحقق أنه مات بالجرح لا بالثقل فإنه يحل.
ومثل الرصاص الرش، فإنه إذا رمي به حيوان كبير لا يتصور أن يموت بثقل اندفاع الرش فإنه يحل، لأن موته بسبب الجرح من غير شك، أما إذا رمي به حيوان صغير ضعيف كالعصافير الضعيفة التي يتصور أن تموت بثقل اندفاع الرش فإنها لا تحل إلا بتحقق أنها ماتت بسبب الجرح لا بسبب الثقل
(2) الحنفية - قالوا: اختلفوا في إراقة دم الصيد فقال بعضهم: إنها تشترط مطلقاً سواء أكان الجرح صغيراً أم كبيراً، وقال بعضهم: إن إراقة الدم لا تشترط مطلقاً ويكفي الجرح ولوصغيراً، وفصل بعضهم فقال: إن كان الجرح كبيراً لا تشترط إراقة الدم، وإن كان صغيراً فلا بد من الإراقة
(3) المالكية - قالوا: إن إراقة الدم شرط في حل الصيد حتى ولولم يشق الجلد إلا إذا كان الحيوان مريضاً، فإن إراقة الدم لا تشترط، وإنما الذي يشترط فيه هو الشافعية قالوا: الجلد، فإذا لم يشق جلده فإنه لا يحل
(4) الحنابلة - قالوا: إذا رمي الصيد فوقع في ماء يغرقه ويميته عادة ثم مات فإنه لا يحل على أي حال، ولو كانت الرمية قد مزقت أعضاءه الرئيسية إلا إذا كان يطير على الماء فإنه يعفى عن سقوطه حينئذ كما يعفى عن سقوطه على الأرض من الهواء، وكذا إذا سقط في الماء بجسمه وكان رأسه خارج الماء فإنه يحل على أي حال
(5) الشافعية - قالوا: إذا قطع يده أو رجله أو جزءاً منه يمكنه أن يعيش بدونه ولكنه قد مات الحيوان بهذه الرمية فإنه يؤكل هووما انفصل منه من يد أو رجل بشرط أن يكون الجرح مسرعاً للموت ولم يدركه وبه حياة مستقرة ولم يجرحه جرحاً آخر مات بسببه الخ - أما إذا لم يمت بهذه الرمية فقتله برمية أخرى أكل ما بقي ثابتاً من أعضائه، ولم يؤكل العضوالذي انفصل منه وفيه الحياة وكذا لوأدركه وفيه حياة مستقرة وذبحه
(6) الحنابلة - قالوا: إذا بقي العضو متعلقاً بجلده فيباح أكله بإباحة أكل الحيوان الذي تعلق به، ويصبح كسائر أجزائه
(7) الحنابلة - قالوا: الجوارح نوعان، أحدهما: ما يصيد بنابه كالكلب والفهد وكل ما أمكن الاصطياد به. ثانيهما: ذوالمخلب - بكسر الميم - كالبازي والصقر والعقاب والشاهين وغيرها، ويشترط في إباحة الصيد بالنوعين كونها متعلمة، كما قال تعالى: {وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله، فكلوا مما أمسكن عليكم} وتعليم النوع الأول منها أي الكلب وغيره يكون بثلاثة أشياء،
الأول: أن يطيع صاحبه إذا أرسله،
والثاني: أن ينزجر إذا زجره صاحبه، سواء في حال مشاهدته الصيد أولا،
الثالث: أن لا يأكل مما يصيد. على أن هذه الشروط إنما هي في الكلب خاصة، أما الفهد وغيره فيكفي فيه ترك الأكل لتعذر انزجاره بزجر صاحبه، ولا يلزم تكرار ترك الأكل، بل يجزئ تركه مرة واحدة، فإذا تناول من صيد فيحرم أكل هذا الصيد الذي تناول منه، ولا يخرج بذلك عن كونه متعلماً، فلواصطاد بعدها ولم يأكل حل صيده. وإن شرب الكلب دم الصيد ولم يأكل منه فلا يحرم. أما تعليم النوع الثاني فهوبأمرين،
أحدهما: أن يطيع إذا أرسل، ويرجع إذا دعي؛ أما ترك الأكل فليس شرطاً في حقه، فما اصطاده حلال ولوأكل منه، ويشترط في ذي المخلب أن يجرح الصيد فلوقتله بعد رميه أو خنقه لم يبح.
وهم يقولون بحرمة صيد الكلب الأسود البهيم كما يحرم اقتناؤه لحديث صحيح عملوا بظاهره كما لا يحل صيد الخنزير.
الشافعية - قالوا: يشترط لتحقق كونه معلماً أربعة شروط،
أحدها: أن ينزجر بزجر صاحبه في ابتداء إرساله، فلوزجره فلم يطعه فلا يعد معلماً، وكذا زجره بعد أن يعدوويشتد عدوه فلولم يطعه فلا يعد معلماً على الصحيح.
الثاني: أن يسترسل بإرساله بأن يهيج لوأغراه بالصيد. أن يمسك الصيد فيحبسه على صاحبه ولا يخليه.
الرابع: أن لا يأكل منه. وهذه الشروط الأربعة في الطلب وما في معناه من جوارح السباع. وأما جوارح الطير فيشترط فيها أن تهيج لوأغراها بالصيد، وأن تترك الأكل من الصيد على المعتمد، أما انزجارها بعد أن تطير فليس بشرط، وكذلك منعها عن الطيران في ابتداء أمرها فليس بشرط، ويشترط تكرار حصول هذه الشروط حتى يغلب على الظن أن الجارحة صارت معلمة، ويرجع في ذلك إلى أهل الخبرة بالجوارح، فمتى قالوا: إنها صارت معلمة فإن صيدها يؤكل، فلا يقدر حصولها بمرة أو مرتين على المعتمد، فلوفقد شرط من هذه الشروط فإن الصيد يحرم إلا إذا أدركه حياً فذبحه فيحل حينئذ، ولا يشترط في الجارحة أن تجرح الصيد الذي تضطاده، فلوقتلته بثقلها عليه، أو ضربته في جدار فأماتته، أو صدمته في حجر، أو ضربته بالأرض ونحو ذلك فيحل؛ ولوظهر كون الكلب معلماً ثم أكل صيداً لم يحل ذلك الصيد على أظهر قولي الشافعي، ويشترط تعليم جديد، ولا يضر في كونها معلمة لعق الدم، ومحل عض الكلب يجب غسله بماء وتراب - على الراجح - كجميع النجاسات الكلبية، وقيل يجب تقويره وطرحه، وقيل يعفى عنه فلا يجب غسله، وقيل بطهارته.
الحنفية - قالوا: يشترط لتحقق كون الجارح معلماً أن يمسك الصيد ويحبسه على المالك، وأن يترك الأكل منه، وأن يجيبه إذا دعاه، وأن يجيبه إذا أرسله إلى الصيد، ولا يصبح معلماً إلا إذا حصل ذلك منه ثلاث مرات على الصحيح، ثم يباح الأكل في الرابعة، وقيل يباح في الثالثة أيضاً، هذا في الكلب ونحوه من جوارح السباع. وأما جوارح الطير كالشاهين والصقر والبازي فلا يشترط فيه ترك الأكل، وإنما يعتبر معلماً إذا أجاب صاحبه عند دعوته، فمتى أجابه عند الدعوة الثالثة من غير أن يطمع في اللحم صار معلماً. أما إذا أجابه طمعاً في اللحم فلا يعتبر معلماً، ولا يضر إذا دعاه فلم يجبه في المرة الأولى والثانية، أما لودعاه في الثالثة فلم يجبه فلا يعتبر معلماً.
ويشترط في الجوارح أن تجرح الصيد على المعتمد، فلوخنقت الجارحة الطير أوقتلته بثقلها ونحو ذلك فلا يؤكل. ويستثنى من الجارحة البازي والصقر فإنهما لا يشترط فيهما أن يجرحا الصيد، ويباح أكله لوقتلاه خنقاً أو بثقلهما باتفاق. وفي إراقة الدم الخلاف المتقدم في الصيد بالآلة.
المالكية - قالوا: الجارحة المعلمة هي التي متى أرسلت أطاعت، ومتى زجرت انزجرت، إلا البازي فإنه لا ينزجر، وعصيان المعلم مرة لا يخرجه عن كونه معلماً كما يكون المعلم معلماً بطاعته مرة، إنما المعتبر في التعليم وعدمه العرف.
ويشترط في الجارحة أن تجرح الصيد وتريق دمه، إلا أن يكون المصيد مريضاً فإنه يكتفى بشق جلده وإن لم يرق دمه كما تقدم، فلوقتل الصيد بجسمه أو بضربه بالأرض أو نحو ذلك فلا يحل



يتبع

ابوالوليد المسلم 25-08-2020 04:27 AM

رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله
 
(8) المالكية - قالوا: الوليمة مندوبة لا واجبة ولا سنة على الصحيح
(9) الشافعية - قالوا: يسن صنع الطعام والدعوة إليه عند كل حادث سرور، سواء كان للعرس أوللختان أوللقدوم من السفر إلى غير ذلك مما ذكر، فليست السنة خاصة بوليمة الطعام وكما أن الوليمة تصدق على طعام العرس، فكذلك تصدق على غيره، ولكن صدقها على وليمة العرس أكثر. وإنما يسن عمل الطعام عند القدوم من السفر إذا كان السفر طويلاً عرفاً في بعض النواحي البعيدة، فإن كان يسيراً أو كان في ناحية قريبة فإنه لا يسن. أما الوضيمة وهي الطعام الذي يعمل عند الموت فإنه يسن أن يكون من جيران الميت.
الحنفية - قالوا: السنة هي وليمة العرس، وهي أن الرجل إذا بنى بامرأته فإنه يسن أن يدعو الأقارب والجيران والأصدقاء ويصنع لهم طعاماً ويذبح لهم. أما الدعوة إلى طعام غير العرس كالدعوة إلى طعام الختان ونحوه مما ذكر، فإنها جائزة متى كانت خالية من محظور ديني، أما الطعام الذي يصنع للمأتم فإنه يجوز أن يصنعه لأهل الميت غيرهم ويحمله إليهم ويأكل معهم في اليوم الأول لأنهم مشغولون، أما في اليوم الثاني وما بعده فإنه مكروه. ولا تباح الضيافة ثلاثة أيام في أيام المصيبة، وإذا فعل فلا بأس من الأكل منه. وإن عمل طعام للفقراء كان حسناً بشرط أن لا يكون من مال القاصر.
المالكية - قالوا: إن المندوب هووليمة العرس فقط كما تقدم، وأما غيره كطعام الختان فإنه جائز ليس بواجب ولا مستحب.
الحنابلة - قالوا: إن المسنون هو الدعوة إلى طعام العرس خاصة، أما غيرها من الأنواع التي ذكرت فإن الدعوة إليه جائزة ما عدا الدعوة إلى طعام المأتم فإنها مكروهة، وفي الدعوة إلى الختان قولان: فقيل مكروهة، وقيل جائزة. أما الدعوة إلى طعام العقيقة فإنها سنة
(10) المالكية - قالوا: وقت وليمة العرس عند الدخول بالزوجة سواء كان قبله أو بعده، واستحب بعضهم أن تكون قبل الدخول، لأن الغرض منها إشهار النكاح، فيناسب إشهاره قبل الدخول، وما روي عن مالك من أنها تكون بعد البناء، فإن المراد منه ما إذا فاتته قبل البناء. وتكرارها، فالمندوب هو الدعوة إلى أكلة واحدة، ويصح تكرار المائدة في أوقات مختلفة إذا كان المدعو أولاً غير المدعو ثانياً.
الحنفية - قالوا: وقت وليمة العرس حين البناء، وتستمر الدعوة إلى الطعام بعد البناء واليوم الذي بعده ثم ينقطع العرس والوليمة.
الحنابلة - قالوا: وقت استحباب وليمة الطعام موسع فإنه يكون من بعد حصول عقد النكاح إلى انتهاء العرس بدون تقرير، فلا مانع مما جرت به العادة من أن تكون الوليمة قبل الدخول بزمن يسير.
فإذا شرع في الوليمة فإنها تستمر يومين، اليوم الأول واليوم الثاني، أما اليوم الثالث فإنها تكون مكروهة لقوله عليه الصلاة والسلام: "الوليمة أول يوم حَق، والثاني معروف، والثالث رياء وسمعة". رواه أبوداود وابن ماجة وغيرهما.
الشافعية - قالوا: وقت وليمة العرس سدخل بالعقد ولا يفوت بطول الزمن، وقال بعضهم: تستمر الوليمة إلى سبعة أيام في البكر، وثلاثة في الثيب، وبعدها تكون قضاء، والأفضل فعلَها بعد الدخول

(11) الحنفية - قالوا: لهم رأيان في ذلك:
"أحدهما" أن الإجابة سنة مؤكدة، سواء كانت الدعوة إلى وليمة أو غيرها متى استكملت الشروط.
"ثانيهما" أن الإجابة سنة مؤكدة قريبة من الواجب في وليمة النكاح وهو المشهور. أما الإجابة إلى غير الوليمة فهي أفضل من عدم الإجابة. وبعضهم يقول: إن الإجابة إلى وليمة النكاح واجبة لا يجوز تركها
(12) المالكية - قالوا: إجابة الدعوة إلى الطعام تنقسم إلى خمسة أقسام،
الأول: واجبة وهي إجابة الدعوة إلى طعام وليمة النكاح،
والثاني: مستحبة وهي الإجابة إلى المأدبة "بضم الدال وفتحها" وهي الطعام الذي يصنع للوداد.
الثالث: مباحة وهي الإجابة إلى الطعام الذي يصنع بقصد حسن غير مذموم كالعقيقة للمولود، والنقيعة للقادم من السفر، والولكيرة لبناء الدار، والخرس للنفاس، والإعذار للختان ونحو ذلك.
الرابع: مكروهة وهي الإجابة إلى طعام يعمل بقصد الفخر والمحمدة.
الخامس: محرمة وهي الإجابة إلى طعام يفعله الرجل لمن يحرم عليه هديته كأحد الخصمين للقاضي
(13) الحنابلة - قالوا: يشترط لإجابة الدعوة شروط:
أحدها: أن يكون المدعو معيناً بشخصه فلودعي ضمن أناس كأن قال الداعي لجماعة يا أيها الناس هلموا إلى الطعام فإنه لا تجب الإجابة على واحد منهم، كما إذا قال لرسوله: ادع من شئت أو من لقيته؛ فإن الإجابة لا تجب في هذه الحالة.
ثانياً: أن يكون الداعي مسلماً يحرم هجره، فإذا دعاه ذمي فإن إجابته تكره، وكذا إذا دعاه ظالم أو فاسق أو مبتدع أو متفاخر بها، فإن إجابته لا تلزم بل تكره.
ثالثاً: أن يكون كسب الداعي طيباً، فإن كان كسبه كله خبيثاً فإنه لا تلزم الإجابة بل تحرم وإن كان بعض ماله حلالاً والبعض حراماً ففي إجابة الدعوة والأكل منه أقوال: أحدها الكراهة ورجحه بعضهم. ثانيها الحرمة. ثالثها التفصيل، وهو: إن كان الحرام أكثر حرم الأكل وإلا فلا.
رابعها أن لا يكون المدعوغير قادر على الحضور كأن كان مريضاً أو ممرضاً لغيره أو مشغولاً بحفظ مال نفسه أو غيره، أو كان في شدة حر أو برد أو مطر يبل الثياب أو وحل، فإن الإجابة في كل هذه الأحوال لا تجب، لأنها أعذار تبيح ترك الجماعة، فكذلك تبيح ترك إجابة الدعوة للوليمة.
خامساً: أن لا تكون الوليمة مشتملة على منكر كأن يكون فيها مضحك بفحش أو كلام كاذب، أو يكون فيها مومسات يتهتكن بالرقص ونحوه، أو كانت المائدة مشتملة على خمر أوآنية من ذهب أو فضة أو عود أو مزمار ونحوها، فإن الإجابة في كل ذلك لا تجب بل تحرم، إلا إذا كان قادراً على إزالة المنكر فإنه يجب عليه الحضور والإنكار وبذلك يؤدي واجبين: واجب إزالة المنكر، وواجب إجابة الدعوة، فإذا لم يعلم بهذه المحظورات وحضر وشاهد المنكر فإنه يجب عليه إزالته إن قدر، فإن لم يقدر فإنه يجب عليه الانصراف. أما إذا علم بالمنكر ولم يره بعينه فإن له الجلوس والأكل، وله الانصراف.
سادساً: أن يدعوه في اليوم الأول، فإذا دعاه في اليوم الثاني فإن الإجابة لا تجب بل تستحب وإذا دعاه في اليوم الثالث فإن الإجابة تكره.
المالكية - قالوا: تفترض إجابة الدعوة إلى وليمة النكاح بشرط:
أولاً: أن يكون المدعو معيناً بشخصه صريحاً أو ضمناً،
ومثال الأول: أن يدعوه صاحب الوليمة بنفسه أو برسوله ولو كان غلاماً،
ومثال الثاني: أن يرسل رسولاً ليدعو أهل محل كذا وهم محصورون، فإن كان كل واحد منهم يكون معيناً ضمناً، أما إذا لم يعين المدعو لا صراحة ولا ضمناً كأن يقول لرسوله: ادع من لقيت أوادع الفقراء وهم غير محصورين فإنه لا تجب الدعوة بذلك.
ثانياً: أن يكون في الوليمة من يتأذى بالاجتماع معه من الأرذال والسفلة، كأن يخاف على مروءته ودينه، أو يخشى أن يلحقه أذى منهم، أما إذا كان يتأذى بمجرد رؤية أحد يكرهه لحظ نفسي فإن الإجابة لا تسقط عنه بذلك.
ثالثاً: أن لا تكون الوليمة مشتملة على منكر شرعاً، كفرش حرير يجلس هوعليه أو يرى من يجلس عليه ولو فوق حائل، أو تكون مشتملة على آنية من ذهب أو فضة أو مشتملة على ما يحرم سماعه من الأغاني المشتملة على ما لا يجوز، فإن كان المنكر في محل آخر ولم يسمعه أو يره فإنه لا يبيح له التخلف وإلا أباحه. لأن سماع المعصية حرام كرؤيتها.
رابعاً: أن لا يكون منصوباً في مكان الوليمة صورة حيوان أو إنسان مجسدة كاملة الأعضاء الظاهرة التي لا يمكن أن يعيش بدونها ولها ظلّ، فإن لم تكن كاملة الأعضاء التي لا يعيش بدونها ولا ظل لها كأن كانت مبنية في وسط الحائط فإنها لا تضر، لأن الذي يحرم تصويره من الحيوان العاقل وغيره: وهوما استوفى هذه الشروط، وسيأتي الكلام في ذلك مفصلاً، هذا وقد رخص بعضهم في حضور الوليمة المشتملة على محرم شرعاً إذا كان صاحبها ذا سطوة وسلطان يخشى من شره.
خامساً: أن لا يكون هناك زحام كثير.
سادساً: أن لا يغلق الباب دونه ولو للمشاورة عليه، أما إذا أغلق الباب لمنع الطفيلية أولحفظ النظام فإن إغلاقه لا يبيح له التخلف.
سابعاً: أن يكون الداعي مسلماً وأن لا يكون المدعو معذوراً بعذر شرعي مبيح له التخلف كمرض ونحوه، وأن لا يكون الداعي فاسقاً أو شريراً أو مفاخراً أو تكون امرأة غير حرم أو من تخشى من إجابته ريبة.
الحنفية - قالوا: لا يسن إجابة الدعوة إلا بشروط:
أولاً: أن لا يكون الداعي فاسقاً مجاهراً بالفسق، فلا تسن إجابة الفاسق والظالم بل تكون خلاف الأولى، لأنه ينبغي أن يتورع عن أكل طعام الظلمة وإن كان يحل.
ثانياً: أن لا يكون غالب ماله حراماً فإن علم بذلك فإنه لا تجب عليه الإجابة؛ ولا يأكل ما لم يخبره بأن المال الذي صنع منه الطعام حلال أصابه بالوراثة ونحوها، فإن كان غالب ماله حلالاً فإنه لا بأس بالإجابة والأكل.
ثالثاً: أن لا تكون الوليمة مشتملة على معصية كخمر ونحوه.
فمن دعي إلى وليمة فإن الإجابة لا تسن في حقه إذا علم أنها مشتملة على معصية؛ فإن لم يعلم بها فإن الإجابة لا تسقط عنه؛ فإذا ذهب وهو يعلم ووجد المعصية كشرب الخمر والتماثيل؛ فإن كانت على المائدة فإنه يجب عليه أن لا يجلس بليخرج معرضاً، أما إذا كانت المعصية في مكان بعيد عن المائدة وهو يسمعها أو يراها، فإن قدر على إزالتها وجب عليه أن يفعل، وإن لم يقدر فإن كان ممن يقتدى به فإنه يجب عليه أن يخرج أيضاً؛ وإلا فلا بأس بأن يقعد ويأكل؛ أما إذا كان عالماً قبل أن يذهب فإنه لا يحل له الذهاب إلا إذا كان له تأثير على أنفسهم فيتركون المنكر من أجله، فإنه في هذه الحالة تجب عليه الإجابة، ويجب عليه الذهاب لإزالة المنكر، ولا بأس بإجابة دعوة النصارى واليهود، لأنه لا بأس بالأكل من طعامهم كله، سواء أكان ذبيحة أم غيرها أما المجوس فإنه يحل أكل طعامهم ما عدا الذبيحة فإنها حرام.
رابعاً: أن لا يكون المدعو معذوراً بعذر شرعي كمرض ونحوه.
خامساً: أن يعينه الداعي بشخصه صريحاً أو ضمناً.
سادساً: أن تكون الدعوة في وقت الوليمة المشروع.
الشافعية - قالوا: يشترط لوجوب إجابة الدعوة في وليمة النكاح وسنيتها في غيرها شروط:
أولاً: أن لا يخص الداعي الأغنياء بدعوته بل يدعوهم والفقراء، وليس الغرض من هذا أن يدعوالناس جميعاً، بل الغرض أن لا يقصر دعوته على الأغنياء ملقاً ونفاقاً ومفاخرة ورياء لأن هذه حالة لا يقرها الدين فمن قامت به لا يكون له الحنفية قالوا: على غيره، أما إذا دعا الأغنياء صدفة واتفاقاً كأن كانوا جيراناً له أو أهل حرفته فإنه لا يضر.
ثانياً: أن تكون الدعوة في اليوم الأول من أيام الوليمة، فإن أولم ثلاثة أيام أو أكثر كسبعة لم تجب الإجابة إلا في اليوم الأول وتكون مستحبة في اليوم الثاني، وتكره فيما بعد ذلك.
ثالثاً: أن يكون الداعي مسلماً، فإن كان كافراً فإن الإجابة لا تجب، ولكن تسن إجابة الذمي سنة غير موكدة.
رابعاً: أن يكون الداعي له مطلق التصرف، فإن كان محجوراً عليه تحرم الإجابة إن كانت الوليمة من ماله، أما إذا فعلها وليه من مال نفسه فإن الإجابة إليها تكون واجبة.
خامساً: أن يعين الداعي من يدعوه بنفسه أو برسوله.
سادساً: أن لا يدعوه لخوف منه أولطمع في جاهه أو إعانته على باطل.
سابعاً: أن لا يعتذر المدعو للداعي ويرضى بتخلفه عن طيب نفس لا عن حياء ويعرف ذلك بالقرائن.
ثامناً: أن لا يكون الداعي فاسقاً أو شريراً أو مفاخراً.
تاسعاً: أن لا يكون أكثر مال الداعي حراماً فإن كان كذلك فإن إجابته تكره فلوعلم أن عين الطعام الذي يأكل منه مال حرام يحرم أن يأكل منه، لأن المال المحرم يحرم الأكل منه إلا إذا عم فإنه يجوز استعمال ما يحتاج إليه منه بدون أن يتوقف ذلك على ضرورة فإذا لم يكن أكثر مال الداعي حراماً لكن فيه شبهة لم تجب الإجابة ولم تسن بل تكون مباحة.
عاشراً: أن لا يكون الداعي امرأة أجنبية من غير حصور محرم لها خشية من الخلوة المحرمة وإن لم تقع الخلوة بالفعل.
الحادي عشر: أن تكون الدعوة في وقت الوليمة وهو من حين العقد كما تقدم.
الثاني عشر: أن لا يكون المدعو قاضياً أو ما في معناه من كل ذي ولاية فإنه لا تجب عليه الدعوة في محل ولايته خصوصاً إذا كان الداعي له خصومة ينظر فيها فإن إجابته تحرم.
الثالث عشر: أن لا يكون المدعو معذوراً بعذر يبيح له ترك الجماعة كمرض.
الرابع عشر: أن لا يكون المدعوة امرأة أوغلاماً أمرد يخشى منهما الفتنة أو الطعن على الداعي في عرضه.
الخامس عشر: أن لا يتعدد الداعي، فإن تعدد قدم الأسبق ثم الأقرب رحماً ثم الأقرب داراً، هذا عند المقارنة في الدعوة، وعند الاستواء يقرع بين الداعين
(14) المالكية - قالوا: لهم في ذلك قولان:
أحدهما أن الأكل من الطعام ليس بواجب، وإنما الواجب هو الإجابة وهو الراجح.
ثانيهما: أن الأكل واجب لغير الصائم
(15) الحنفية - قالوا: إن كان يثق من نفسه بقضاء اليوم يفطر دفعاً للأذى عن أخيه المسلم، وإن كان لا يثق من نفسه بالقضاء فإنه لا يفطر وإن كان فيه أذى للداعي، وهذا إذا كان الإفطار قبل الزوال فإنه لا يحل الفطر إلا إذا ترتب على الصيام عقوق الوالدين.
المالكية - قالوا: لا يجوز الفطر ولو كان الصيام تطوعاً، إلا إذا طلب ذلك والد. أب أو أم، حتى ولوحلف عليه بالطلاق الثلاث، إلا إذا ترتب على الحنث فتنة شرعية كأن يكون قلب الحالف معلقاً بامرأته ويخشى من الاتصال بها وهي طالق منه، فإن المدعوفي هذه الحالة يفطر ولا قضاء عليه




ابوالوليد المسلم 25-08-2020 04:28 AM

رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله
 
الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الثانى
[كتاب الحظر والاباحة]
صـــــ 39 الى صــــــــ50
الحلقة (84)

[أحكام التصوير]
ويتعلق بإجابة الدعوى إلى الوليمة مسألة التصوير، فهل تسقط الإجابة إذا علم المدعوأنها مشتملة على صورة أولا تسقط؟ والجواب أنها لا تسقط إلا إذا كانت الصورة محرمة لا يباح التفرج عليها شرعاً، أما إذا كانت جائزة لا تسقط بوجودها في محل الوليمة.وذلك لأن الصورة إما أن تكون صورة لغير حيوان كشمس وقمر وشجر ومسجد، أو تكون صورة حيوان عاقل أو غير عاقل والقسم الأول جائز لا كلام فيه. وأما القسم الثاني فإن فيه تفصيل المذاهب (1) ، على أن المحرم منه إنما حرم في نظر الشارع إذا كان لغرض فاسد كالتماثيل التي تصنع لتعبد من دون الله. فإن فاعل هذا له أسوأ الجزاء. وكذلك إذا ترتب عليها تشبه بالتماثيل أو تذكر لشهوات فاسدة، فإنها في هذه الحالة تكون كبيرة من الكبائر، فلا يحل عملها ولا بقاءها ولا التفرج عليها. أما إذا كانت لغرض صحيح كتعلم وتعليم فإنها تكون مباحة لا إثم فيها، ولهذا استثنى بعض المذاهب لعب البنات "العرائس" الصغيرة الدمى، فإن صنعها جائز، وكذلك بيعها وشراؤها. لأن الغرض من ذلك إنما هو تدريب البنات الصغار على تربية الأولاد، وهذا الغرض كافٍ في إباحتها. وكذلك إذا كانت الصورة مرسومة على ثوب مفروش أو بساط أو مخدة فإنها جائزة، لأنها في هذه الحالة تكون ممتهنة فتكون بعيدة الشبه بالأصنام، وبالجملة فإن غرض الشريعة الإسلامية إنما هو القضاء على الوثنية ومحوآثارها من جميع الجهات، فكل ما يدني منها أو يثير ذكراها فهومحرم، وما عدا ذلك فهوجائز يرشدك إلى ذلك ما ذكرناه لك في أسفل الصحيفة من تفاصيل المذاهب (2) .
[حكم الغناء]
مقدمة: ومما يتعلق بالوليمة الغناء "بكسر الغين والمد" والسماع. فهل تسقط إجابة الدعوى إلى الوليمة إذا كانت مشتملة على غناء ولعب مما جرت به عادة الناس؟ والجواب أن الإجابة لا تسقط إلا إذا كان الغناء أو اللعب غير مباح شرعاً، أما اللعب الخفيف والغناء المباح فإنهما لا يسقطان الإجابة.وذلك لأن أغراض الشريعة السمحة ومقاصدها في تشريعها تنحصر في تهذيب الأخلاق وتطهير النفوس من أدران الشهوات الفاسدة وأوزارها، فأي عمل من الأعمال يترتب عليه اقتراف منكر فهو حرام مهما كان في ذاته حسناً، فالتغني من حيث كونه ترديد الصوت بالألحان مباح لا شيء فيه، ولكن قد يعرض له ما يجعله حراماً أو مكروهاً ومثله اللعب، فيمتنع الغناء إذا ترتب عليه فتنة بامرأة لا تحل أو بغلام أمرد، كما يمتنع إذا ترتب عليه تهيج لشرب الخمر أو تضييع للوقت وانصراف عن أداء الواجبات، أما إذا لم يترتب عليه شيء من ذلك فإنه يكون مباحاً.فلا يحل التغني بالألفاظ التي تشتمل على وصف امرأة معينة باقية على قيد الحياة، لأن ذلك يهيج الشهوة إليها ويبعث على الافتنان بها، فإن كانت قد ماتت فإن وصفها لا يضر لليأس من لقائها ومثلها في ذلك الغلام الأمرد. ولا يحل التغني بالألفاظ الدالة على وصف الخمرة المرغبة فيها لأن ذلك يهيج إلى شرابها وحضور مجالسها، وذلك جريمة في نظر الشريعة. ولا يحل التغني بالألفاظ الدالة على هجاء الناس مسلمين كانوا أو ذميين، لأن ذلك محرم في نظر الدين فلا يحل التغني به ولا سماعه.أما التغني بالألفاظ المشتملة على الحكم والمواعظ، والمشتملة على وصف الأزهار والرياحين والخضر والألوان والماء ونحو ذلك، أو المشتملة على وصف جمال إنسان غير معين إذا لم يترتب عليه فتنة محرمة فإنه مباح لا ضرر فيه.وأما اللعب فإن المباح منه ما كان خالياً من التكلم بالفحش والكذب، وكشف العورة والاستهزاء بالناس، ورقص النساء بحضرة رجال لا يحلون لهن كما جرت عادة بعض السفهاء من إحضار المومسات ليرقصن في ولائمهم، فإن كان مشتملاً على شيء من ذلك كان محرماً لا يحل التفرج عليه ولا إجابة الدعوة للوليمة المشتملة عليه، هذا الذي ذكرناه لك هوما تقتضيه قواعد الدين، ويؤخذ من عبارات كثير من العلماء المفكرين الذين أولوا عبارات الأئمة بذلك التأويل، فلنذكر لك نصوصهم في أسفل الصحيفة (3) .
[[الشعر]]
[حكم إزالة الشعر وقص الأظافر]
في حكم إزالة الشعر وقص الأظافر تفصيل المذاهب (4)
[حكم صباغة الشعر]
في حكم صباغة الشعر تفصيل المذاهب (5) .
[مبحث المسابقة بالخيل وغيرها والرمي بالسهم ونحوه]
نهت الشريعة الإسلامية عن تعذيب الحيوان بغير الذبح للأكل، فلا يحل إرهاق الحيوان بالأحمال الثقيلة التي لا يطيقها، ولا يحل تعذيبه بدفعه إلى السير الزائد عن قدرته، ولكن يستثنى من هذه القاعدة إباحة المسابقة بين الخيل بعضها مع بعض، أو بينها وبين الجمال، أو بين الجمال بعضها مع بعض، لأن المسابقة عليها مران على الجهاد،
ولذا قال بعض الأئمة:
إنها تكون فرضاً إذا كانت طريقاً للجهاد والدفاع عن البلاد كما هومفصل في المذاهب (6) .وكذلك نهت الشريعة نهياً شديداً عن الميسر "القمار" فُحرمته بجميع أنواعه، وسددت في وجه المسلمين سبله ونوافذه، وحذرتهم من الدنو من أي ناحية من نواحيه، ولكنها أباحت أخذ الجعل في المسابقة "الرهان" تغليباً لمنفعتها العامة التي تقتضيها الضرورة في كثير من الأحيان، ذلك لأن الشريعة الإسلامية الكريمة لا غرض لها من التشريع إلا جلب المصلحة ودرء المفسدة على الدوام، وإنما يصح عقد الجعل "الرهان" بشروط مفصلة في المذاهب (7) .
ولا تصح (8) المسابقة بجعل "رهان" في غير الخيل والجمال والرمي، أما بغير رهان فتصح كالسفن والجري على الأقدام وغير ذلك مما هو مفصل في المذاهب(9) .
ويحرم نطاح الكباش وصراع البقر ومهارشة الديكة "مضاربتها" ونحو ذلك مما فيه تعذيب للحيوان وضياع للوقت بدون فائدة تعود على الإنسان، ومن اتخذ ذلك وسيلة لكسب المال من ضعاف العقول، وفاسدي الأمزجة كان كسبه خبيثاً.وكل ما يحل فإن الفرجة عليه تحل، أما ما لا يحل فإنه يحرم مشاهدته والتفرج عليه.

(1) المالكية - قالوا: إنما يحرم التصوير بشروط أربعة:
أحدها: أن تكون الصورة لحيوان سواء كان عاقلاً أو غير عاقل، أما تصوير غير الحيوان كسفينة وجامع ومئذنة فإنه مباح مطلقاً.
ثانيها: أن تكون مجسدة سواء كانت مأخوذة من مادة تبقى كالخشب والحديد والعجين والسكر أولا كقشر البطيخ مثلاً فإنه إذا ترك يذبل ويجف ولا يبقى. وقال بعضهم: إذا صنعت من مادة لا تبقى فإنها تجوز، أما إذا لم تكن مجسدة كصورة الحيوان والإنسان التي ترسم على الورق والثياب والحيطان والسقف ونحو ذلك ففيها خلاف. فبعضهم يقول: إنها مباحة مطلقاً بلا تفصيل وبعضهم يقول: إنها مباحة إذا كانت على الثياب والبسط ونحوهما، وممتنعة إذا كانت على الجدران وبعضهم يرى إباحتها إذا كانت على الثياب التي تستعمل فرشاً، وامتناعها إذا كانت على غيرها وعلى كل حال فالأمر فيها سهل.
ثالثها: أن تكون كاملة الأعضاء الظاهرة التي لا يمكن أن يعيش الحيوان أو الإنسان بدونها فإن ثقبت بطنها أو رأسها أو نحو ذلك فإنها لا تحرم. رابعها: أن يكون لها ظل، فإن كانت مجسدة ولكن لا ظل لها بأن بنيت في الحائط ولم يظهر منها سوى شيء لا ظل له فإنها لا تحرم، ويستثنى من ذلك كله لعب البنات الصغار "العرائس" الصغيرة الدمى، فإنه يجوز تصويرها وبيعها ولو كانت مجسدة، لأن الغرض منها إنما هو تدريب البنات وتعليمهن تربية الأولاد، ومن هذا تعلم أن الغرض من التحريم إنما هو القضاء على ما يشبه الوثنية في جميع الأحوال
(2) الشافعية - قالوا: يجوز تصوير غير الحيوان كالأشجار والسفن والشمس والقمر، أما الحيوان فإنه لا يحل تصويره سواء كان عاقلاً أو غير عاقل ولكن إذا صوره أحد فلا يخلو إما أن يكون غير مجسد أو مجسد فإن كان غير مجسد فإنه يحل التفرج عليه إذا كان مصوراً على أرض أو بساط يداس عليه أو مصوراً على وسادة "مخدة" يتكأ عليها لما في ذلك من الإشعار بتعظيم الصور المقربة من الشبة بالوثنية. وإن كان مجسداً فإنه يحل التفرج عليه إذا كان على هيئة لا يعيش بها، كأن كان مقطوع الرأس أو الوسط أو ببطنه ثقب، ومن هذا يعلم جواز التفرج على خيال الظل "السينما" إذا لم يشتمل على محرم آخر لأنها صورة ناقصة. ويستثنى من ذلك لعب البنات فإنه يجوز تصويرها وشراؤها، وقيده بعضهم بما إذا كانت ناقصة.
الحنابلة - قالوا: يجوز تصوير غير الحيوان من أشجار ونحوها، أما تصوير الحيوان فإنه لا يحل سواء كان عاقلاً أو غير عاقل، إلا إذا كان موضوعاً على ثوب يفرش ويداس عليه، أو موضوعاً على مخدة يتكأ عليهأ، فإذا كان مجسداً ولكن أزيل منه ما لا تبقى معه الحياة كالرأس ونحوها فإنه مباح.
الحنفية - قالوا: تصوير غير الحيوان من شجر ونحوه جائز. أما تصوير الحيوان فإن كان على بساط أو وسادة أو ثوب مفروش أو ورق فإنه جائز لأن الصورة في هذه الحالة تكون ممتهنة، وكذلك يجوز إذا كانت الصورة ناقصة عضواً لا يمكن أن تعيش بدونه كالرأس ونحوها أما إذا كانت موضوعه في مكان محترم أو كانت كاملة الأعضاء فإنها لا تحل
(3) الشافعية - قالوا: قال الإمام الغزالي في الإحياء: النصوص تدل على إباحة الغناء والرقص والضرب بالدف واللعب بالدرق والحراب، والنظر إلى رقص الحبشة والزنوج في أوقات السرور قياساً على يوم العيد فإنه وقت سرور. وفي معناه العرس، والوليمة، والعقيقة، والختان، ويوم القدوم من السفر، وسائر أسباب الفرح، وهوكل ما يجوز به الفرح شرعاً، ويجوز الفرح بزيارة الإخوان ولقائهم واجتماعهم في موضع واحد على طعام أو كلام فهوأيضاً مظنة السماع انتهى. على أنه قسم الغناء إلى أقسام كثيرة فذكر منها ما يترتب عليه فتنة أو محظور ديني، أو كان بألفاظ مستهجنة في نظر الدين وقال: إن القسم وهو الحرام، فمراده بالرقص الحركات التي يفعلها الرجال الذين لا يتصور فيهم شهوة أمام مثلهم، أما رقص النساء أمام من لا يحل لهن فإنه حرام بالإجماع لما يترتب عليه من إثارة الشهوة والافتتنان وما فيه من التهتك والمجون، ومثلهن الغلمان المرد أمام من يشتهيهم ويفتن بهم، وقد استدل الاستاذ الغزالي على إباحة الرقص: برقص الحبشة والزنوج في المسجد النبوي يوم عيد حيث أقرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأباح لزوجه السيدة عائشة رضي الله عنه أن تتفرج عليهم وهي مستترة به صلى الله عليه وسلم، وهوكما تعلم لا يثير أي شهوة، فالنوع المباح من الرقص هو الذي لا يثير شهوة فاسدة.
ونقل في الإحياء أيضاً أن الشافعي قال: لا أعلم أحداً من علماء الحجاز كره السماع إلا ما كان منه في الأوصاف، فأما الحداء وذكر الأطلال والمرابع وتحسين الصوت بألحان الأشعار فمباح. وقال إن الذي نقل عن الإمام الشافعي: من أن الغناء لهو مكروه يشبه الباطل لا ينافي إباحته، لأنه إنما يريد القسم الممنوع منه، على أن مراده باللهو العبث، والعبث ليس بحرام إلا إذا ترتب عليه محظور شرعي، وكذلك ما يشبه الباطل، وقد أطال في الاستدلال على إباحة الغناء فارجع إليه إن شئت.
الحنفية - قالوا: التغني المحرم ما كان مشتملاً على ألفاظ لا تحل كوصف الغلمان، والمرأة المعينة التي على قيد الحياة، ووصف الخمر المهيج لها، ووصف الحانات، وهجاء المسلم أو الذمي إذا كان غرض المتكلم الهجاء، أما إذا كان غرضه الاستشهاد أو معرفة ما فيه من الفصاحة والبلاغة فإنه ليس بحرام، وكذا إذا اشتمل على وصف الزهريات المتضمنة وصف الرياحين والأزهار، أواشتمل على وصف المياه والجبال والسحاب ونحو ذلك فإنه لا وجه لمنعه، انتهى من شهادات فتح القدير.
فما نقل عن أبي حنيفة من أنه كان يكره الغناء ويجعل سماعه من الذنوب، فهومحمول على النوع المحرم منه، ويكره تحريماً عند الحنفية اللعب بالنرد والشطرنج وضرب الأوتار من الطنبور والرباب والقانون والمزمار والبوق ونحو ذلك كما يأتي في المسابقة.
المالكية - قالوا: إن آلات اللهو المشهرة للنكاح يجوز استعمالها فيه خاصة كالدف "الطبل" والغربال "الطار" إذا لم تكن فيه صلاصل، والزمارة والبوق إذا لم يترتب عليهما لهوكثير؛ ويباح ذلك للرجال والنساء. وقال بعضهم: إنه يباح خاصة، وبعضهم يقول: إنه يجوز ذلك في العرص وعند العقد وفي كل سرور حادث فلايختص بوليمة النكاح. أما الغناء فإن الذي يجوز منه هو الرجز الذي يشبه ما جاء في غناء جواري الأنصار:
أتيناكم أتيناكم فحيونا نحييكم
ولولا الحبة السمرا لم نحلل بواديكم
الحنابلة - قالوا: لا يحل شيء من العود والزمر والطبل والرباب ونحو ذلك كما لا يحل النرد والشطرنج ونحوهما، إذا اشتملت الوليمة على شيء منه فإنه لا يحل الإجابة إليها، أما الغناء فإن تحسين الصوت والترنم في ذاته مباح، بل قالوا: إنه مستحب عند تلاوة القرآن إذا لم يفض إلى تغيير حرف منه أو إلى زيادة لفظه، وإلا حرم. فالترنم وتحسين الصوت بعبارات الوعظ والحكم ونحوها كذلك. وقالوا: إن قراءة القرآن باللحان مكروهة، وإن السماع مكروه
(4) (الشافعية - قالوا: من السنن المطلوبة يوم الجمعة قص الشارب حتى تظهر حمرة الشفة، ومعنى ذلك أنه يبالغ في قصه إلى أن يخف شعره ويظهر ما تحته، ولكنه يكره استئصاله بالقص كما يكره حلقه جميعه، وإذا قص بعضه وحلق بعضه فإنه جائز، أما اللحية فإنه يكره حلقها والمبالغة في قصها، فإذا زادت على القبضة فإن الأمر فيه سهل خصوصاً إذا ترتب عليه تسوية للخفة أو تعريض به ونحو ذلك. ومن السنن المطلوبة يوم الجمعة نتف شعر الابطين، ويكره للقادر على النتف أن يحلقه، أما الذي يتألم من النتف فإنه لا يكره له الحلق. وكذلك من السنن المطلوبة يوم الجمعة حلق شعر العانة للرجل ونتفها للمرأة، ويتعين على المرأة إزالتها عند أمر الزوج لها. ويكره نتف شعر الأنف، بل يسن قصه إن طال، وأن يتركه لما فيه من المنفعة الصحية، أما شعر الرأس فإن حلقه مباح، ولا بأس بتركه لمن يتعهده بالنظافة، إلا إذا كان الغرض من تركه التشبه بفئة مخصوصة لِيُلَبّس على الناس، فإن تركه لا يجوز حينئذ.
ومن السنن المطلوبة يوم الجمعة قص الأظافير لغير المحرم متى طالت. ومثل يوم الجمعة الخميس والاثنين. والمعتمد في كيفية قص الأظافير أن يبدأ في اليدين بسبابة يمينه إلى خنصرها، ثم إبهامها ثم خنصر يساره إلى إبهامها، ويبدأ في الرجلين بخنصر الرجل اليمنى إلى خنصر الرجل اليسرى على التوالي.
الحنفية - قالوا: يحرم حلق لحية الرجل، ويسن ألا تزيد في طولها على القبضة، فما زاد على القبضة يقص، ولا بأس بأخذ أطراف اللحية وحلق الشعر الذي تحت الإبطين ونتف الشيب، وتسن المبالغة في قص الشارب حتى يوازي الحرف الأعلى من الشفة العليا. وقال بعضهم: إن السنة حلق الشارب، ونسب ذلك إلى أبي حنيفة وصاحبيه. ويستحب إزالة شعر عانة الرجل بالحلق أو بالنورة. أما عانة المرأة فتسن إزالتها بالنتف. وتسن إزالة شعر الإبطين بالحلق والنتف، والنتف أولى، وأما حلق شعر الظهر والصدر فهوخلاف الأدب.
ويكره تحريماً ترك قص الأظافير وقص الشارب ونتف الإبط أكثر من أربعين ليلة.
واختلف في شعر رأس الرجل، فقيل: يسن حلقها لغير المحرم كل جمعة، وقيل: يجوز حلقها وتركها، وإذا تركها فالسنة أن يفرقها، ولا بأس أن يحلق وسط الرأس ويترك الباقي من غير أن يفتله، لأن فتله مكروه، أما شعر المرأة فيحرم حلقه لغير ضرورة ولو أذن الزوج في ذلك، لأنه لا يحل أن تتمثل المرأة بالرجل، كما لا يحل للرجل أن يتمثل بالمرأة، ولهذا حرم عليه حلق لحيته.
ويستحب قلم أظافيره بغير أسنانه إذا لم يكن محرماً، ولم يثبت في كيفيته شيء ولا في تعيين يوم له، ويستحب أن يدفن الظفر والشعر والدم وخرقة الحيض، ولا يخفى ما في هذا كله من الأدب والنظافة.
المالكية - قالوا: يحرم حلق اللحية. ويسن قص الشارب؛ وليس المراد قصه جميعه، بل السنة أن يقص منه طرف الشعر المستدير النازل على الشفة العليا، فيؤخذ منه حتى يظهر طرف الشفة، وما عدا ذلك فهومكروه، ويسن نتف شعر الإبطين وهو أحسن من الحلق ومن الإزالة بالنورة ونحوها، ويبدأ بالإبط الأيمن، ويسن أن يغسل يديه بعد نتفهما. ويسن حلق شعر العانة أو إزالته بالنورة للرجال والنساء، ويكره نتفه للرجال والنساء، ويباح حلق جميع الشعر الذي على البدن كشعر الصدر واليدين والألية والشعر الذي على حلقة الدبر، أما شعر الرأس فإنه يكره لغير المتعمم، ويباح للمتعمم على المشهور، ويجب على المرأة أن تزيل كل ما ينافي الجمال، فيجب عليها إزالة ما على بدنها من الشعر إن كان لا يرغب فيه الزوج. كما يجب عليها حلق شعر اللحية إن نبتت لها لحية، وكذلك يجب عليها ترك ما فيه الجمال من الشعر، فيحرم عليها إزالة شعر الرأس.
ويسن للرجل والمرأة قص الأظافير إلا في زمن الإحرام. وأقل زمن قصه الجمعة، ويكره قطعها بالأسنان ولا يتعين فيه زمن خاص، كما لا يتعين فيه كيفية مخصوصة.
الحنابلة - قالوا: يحرم حلق اللحية. ولا بأس بأخذ ما زاد على القبضة، فلا يكره قصه كما لا يكره تركه، وكذا لا يكره أخذ ما تحت حلقة الدبر من الشعر، ويكره نتف الشيب.
وتسن المبالغة في قص الشارب. ويسن ترك شعر الراس إذا أمكن أن يتعهده بالنظافة، فإذا تركه فإنه يسن له أن يتعهده بالغسل والتسريح مبتدئاً بشقه الأيمن وبفرقه، فإذا طال حتى نزل عن منكبيه فإنه يجعله ضفيرة، ويكره حلق رأس المرأة أو قصه من غير عذر كقروح برأسها أما حلق رأسها لمصيبة فإنه حرام، ويسن إزالة شعر العانة بالحلق أو القص أو النورة، ويسن نتف الإبط فإن الشافعية قالوا: عليه حلقه. ولا يكره أخذ شيء من شعر عارضه وحاجبيه.
ويسن تقليم الأظفار لغيره بأي حال، ولم يثبت ما ورد من كونها على كيفية مخصوصة، ويكره ترك تقليم الأظفار وحلق العانة أكثر من أربعين يوماً) .


يتبع

ابوالوليد المسلم 25-08-2020 04:29 AM

رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله
 

(5) المالكية - قالوا: يكره تنزيهاً للرجل صباغة شيبه بالسواد، ومحل الكراهة إذا لم يكن ذلك لغرض شرعي كإرهاب عدوفإنه لا حرج فيه، بل يثاب عليه، وأما إذا كان لغرض فاسد كأن يغش امرأة يريد زواجها فإنه يحرم، ولا يكره صباغة الشعر بما يجعله أصفر وذلك كالحناء، فإنه يجوز للرجل صباغة شعر رأسه ولحيته بالحناء ونحوها، ولا يجوز له استعمالها في يديه أو رجليه بدون ضرورة، لأن النساء يستعملنها للزينة، ولا يجوز للرجال أن يتشبهوا بالنساء.
الحنفية - قالوا: يستحب للرجل أن يخضب لحيته ورأسه، ويكره له أن يخضب يديه ورجليه لما فيه من التشبة بالنساء، وكذا يكره له صباغة شعره بالسواد لغير غرض شرعي، فإن كان لغرض شرعي كأن يكون أهيب في نظر العدوفإنه محمود، فإن فعل للتزين للنساء فقيل: مكروه، وقيل: لا. وقال أبويوسف: كما يعجبها أن أتزين لها.
الحنابلة - قالوا: يسن الخضاب الحناء ونحوها كالزعفران، أما الصباغة بالسواد فإنه مكروه ما لم يكن لغرض شرعي فإنه لا يكره، أما إذا كان لغرض فاسد كالتدليس على امرأة يريد زواجها فإنه يحرم.
الشافعية - قالوا: يكره صباغة اللحية والشعر بالسواد، إلا الخضاب بالصفرة والحمرة فإنه جائز إذا كان لغرض شرعي كالظهور بمظهر الشجاع أمام الأعداء في الغزو ونحوه. فإذا كان لغرض فاسد كالتشبه بأهل الدين فهومذموم، وكذلك يكره صبغها بالبياض كي يظهر بمظهر الشيب ليتوصل بذلك إلى الأغراض المذمومة كتوقيره والاحتفاء به وقبول شهادته وغير ذلك وكما يكره تبييض اللحية بالصبغ فإنه يكره نتف شيبها
(6) المالكية - قالوا: المسابقة تارة تكون واجبة إن توقف عليها الجهاد والدفاع عن البلاد، وتارة تكون مندوبة إن توقفت البراعة في الجهاد عليها، وتارة تكون مباحة إن لم يتوقف عليها شيء.
الشافعية - قالوا: تسن المسابقة للرجال، وإذا توقف عليها الجهاد كانت فرضاً، أما إذا قصد بها عمل محرم فإنها تكون حراماً كقطع الطريق مثلاً، وكذا إذا قصد بها عمل مكروه فإنها تكون مكروهة أما إذا لم يقصد بها شيء أوقصد بها مباح فإنها تكون مباحة.
الحنفية - قالوا: المسابقة مندوبة إذا قصد بها الرياضة والتمرين على الجهاد، وإذا لم يقصد بها شيء فهي مباحة.
الحنابلة - قالوا: تجوز المسابقة بعوض وبغير عوض على التفصيل الآتي بعد
(7) المالكية - قالوا: يشترط لصحة عقد المسابقة أمور:
أولاً: أن يعين المكان الذي يبدأ منه والمكان الذي ينتهي إليه، ولا يشترط المساواة في المسافة، بل يصح أن تكون إحدى المسافتين أقصر من الأخرى.
ثانياً: أن يعين المركب من خيل أو إبل، ولا يكفي الوصف بل لا بد من تعيين ما به السبق.
ثالثاً: أن يكون الجعل معلوماً فلا يصح بالجعل المجهول أو بالجعل الذي لا يصح بيعه كالخمر والخنزير والميتة، ويصح بخياطة ثوب، أو عمل معروف، أو عفوعن جناية ونحو ذلك مما فيه معاوضة.
رابعاً: إن كانت المسابقة بالرمي يشترط أن يعين الرامي، وأن يعين عدد إصابة الغرض، وأن يعين نوع الإصابة إن كانت تثقب الهدف وإن لم يثبت فيه السهم أو تثقبه مع ثبوت السهم فيه ونحو ذلك. ولا يشترط تعيين السهم الذي يرمى به رؤية أو وصف، ولا تعيين الوتر، وهوعقد لازم ليس لأحد العاقدين حله، ويشترط فيه ما يشترط في عقد الإجارة من تكليف العاقد ورشده. ولا يشترط تعيين السهام فلكل واحد أن يرمي بما يشاء.
ويشترط أن يجهل كل منهما جري فرس صاحبه، ويشترط أن يكون الجعل من شخص آخر متبرع غير المتسابقين، فإذا عين شخص مالاً أو غيره مكافأة لمن يسبق بفرسه أو جمله فإنه يحل للسابق أخذه، أما الجعل الذي يخرجه أحد المتسابقين دون الآخر كأن يعين أحد المتسابقين مالاً أو غيره ليأخذه الآخر إن سبق ولم يعين الآخر شيئاً، فإن سبق الذي لم يعين شيئاً حل له أخذ الجعل، وإن سبق مخرج الجعل فلا يحل له أخذ ماله الذي أخرجه، بل يأخذه الحاضرون، أما إذا أخرج كل واحد منهما مالاً معيناً يأخذه الثاني إن سبق فإنه لا يصح، لأنه يكون قماراً في هذه الحالة، وإذا أخرج كل من المتسابقين مالاً ليأخذه السابق وكان معهما ثالث لم يخرج شيئاً فلا يخلو: إما أن تكون حالة جري فرسه معلومة وأنه يسبق الاثنين اللذين أخرجا "الرهان" أولم يسبقهما. فإن كان الأول: فلا يصح له أخذ الرهان لحديث: "من أدخل فرساً بين فرسين وهو يعلم أنه يسبقهما فهوقمار، وإن كان الثاني فقد صار مسبوقاً. وأصبح السابق أحد الاثنين اللذين أخرجا الجعل فلايحل له أن يأخذه.
الشافعية - قالوا: يشترط لصحة عقد المسابقة بالعوض "الرهان" شروط عشرة،
أولاً: أن تكون المسافة معلومة. وأن يتساويا فيها وفي المبدأ. فلا يجوز تقدم أحدهما في المبدأ، أو تقدم الغرض لأحدهما عين الغرض للآخر إذا كانت المسابقة بالدواب.
ثانياً: أن تكون صفة المناضلة معلومة إذا كانت بالسهام، كأن يبين المتناضلان كيفية الرمي الذي يصيب الهدف من كون السهم يثبت فيه أولا يثبت أو يثبت أو يمرق من الجانب الآخر وهكذا.
ثالثاً: أن يكون المعقود على المسافة به عدة قتال، وهي الخيل والبغال والجمال والحمير والفيلة، ومحل الحكم بالسبق في الإبل الكتفان لا الأعناق، لأنها ترفعها عند الجري، فلا يمكن تمييز السبق بها، وفي الخيل الأعناق، فالتي يسبق عنقها الأخرى عند وصول الغرض يحكم بسبقها، وهذا في المتلاحقين، أما إذا كان بينهما مسافة واسعة فالأمر واضح.
رابعاً: أن يعينا المركوبين في العقد عيناً كأن يقولا: تسابقنا على هذين الفرسين.
خامساً: أن يعينا المركوبين صفة في الموصوف في الذمة كأن يقولا: تسابقنا على فرسين صفتهما كذا.
سادساً: أن يكون سبق كل منهما للآخر ممكناً، فلوكان أحدهما ضعيفاً بحيث يقطع بتخلفه وكان أحدهما قوياً بحيث يقطع بسبقه لا يصح.
سابعاً: أن يركب المتسابقان فإن أرسلاهما بدون ركوب لا يصح.
ثامناً: أن تكون المسافة معقولة بحيث يمكن قطعها بلا انقطاع ولا تعب.
تاسعاً: أن يكون العوض "الرهان" معيناً جنساً وقدراً وصفة، فلا يصح أن يكون الرهان مالاً مجهولاً كأن يقولا: تسابقنا على شيء من المال فإنه لا يصح.
عاشراً: أن لا يذكر شرطاً مفسداً كأن يقول: إن سبقتني فلك هذا المال بشرط أن تطعمه لأصحابك، ولا يشترط تعيين السهمين أو القوسين في الرمي، فإن عين شيء من ذلك جاز إبداله بمثله من نوعه، ولوشرطا عدم إبداله فسد العقد.
وعقد المسابقة إذا استكمل الشروط لازم يجبر على تنفيذه، وإنما يصح أخذ الجعل "الرهان" إذا كان من جانب واحد بأن يقول
أحدهما: لك كذا من المال إن سبقتني، أما إن سبقتك لم آخذ منك شيئاً، فإن سبق الذي لم يخرج المال أخذ ما شرط له، وإن سبق الذي أخرجه استرد ماله، فإذا أخرج كل منهما مالاً على أن يأخذه من يسبق فإنه لا يحل إلا إذا دخل معهما شخص آخر في المسابقة ويسمى محللاً، فإن سبق المحلل أخذ العوض الذي أخرجاه، أما إذا سبقاه فإنه لا يعطهما شيئاً، ثم إن سبقاه وجاءا معاً فلا شيء لأحدهما وتوسط المحلل بينهما فمال الأول لنفسه ويأخذ مال المتأخر، ولا شيء للمحلل، وكذا إذا جاء المحلل مع المتأخر.
الحنفية - قالوا: عقد المسابقة بالعوض ليس من العقود اللازمة على المشهور؛ وإنما يبيح أخذ المال إذا استكمل الشروط، وإذا امتنع عن الدفع لا يجبر. وقيل هوعقد لازم يجبر على تنفيذه.
ويشترط لحل أخذ رهان المسابقة أن يخرج المال أحد المتسابقين فقط بأن يقول أحدهما: إن سبقتني أعطيتك كذا، وإن سبقتك لم آخذ منك شيئاً، أو يتبرع أجنبي عنهما بأن يقول: من يسبق صاحبه أعطيه كذا، أما إذا أخرج المال كل واحد منهما فإنه لا يحل، لأنه يكون قماراً حينئذ، نعم إذا دخل بينهما ثالث ويسمى محللاً جاز ذلك بشرطين:
أولاً: أن يكون فرسه كفئاً لفرسيهما بحيث يتوهم أن يسبقهما.
ثانياً: أن يقولا له: إن سبق هويأخذ مال الاثنين، وإن سبقاه لا يأخذان منه شيئاً، وفيما بينهما أيهما سبق بأخذ من صاحبه، فإن سبقهما يأخذ منهما ما اشترطاه، وإن لم يسبق لم يعطهما شيئاً، وإن سبق كل منهما الآخر أخذ من صاحبه ما شرطه، وإن سبقاه وجاء معاً فلا شيء لأحدهما على صاحبه، وإن سبق المحلل مع أحدهما ثم جاء الآخر فلا شيء على من جاء مع المحلل، بل له ما شرطه الآخر له، وكذا إذا سبق أحدهما ثم جاء الآخر، فإن الأخير يدفع للسابق، ولا شيء للمحلل، ويشترط في غاية المسافة أن تكون مما تحتمله الفرس، وأن يكون في كل من الفرسين احتمال السبق. وإن كانت المسابقة في الإبل، فالاعتبار في السبق بالكتف، وإن كانت في الخيل فبالعنق.
الحنابلة - قالوا: تصح المسابقة بالعوض "الرهان" وهي عقد جائز لكل واحد من المتعاقدين فسخه ولو بعد الشروع فيها إلا إذا ظهر لأحدهما فضل على صاحبه، مثل أن يسبق بفرسه في بعض المسافة أو يصيب بسهامه أكثر منه، فإنه في هذه الحالة لا يجوز للمفضول فسخ العقد وإنما يجوز فسخه للذي فضل، ويشترط لصحة العقد شروط خمسة
أولاً: تعيين المركوبين بالرؤية وتساويهما في ابتداء العدو وانتهائه وتعيين الرماة،
ثانياً: أن يكون المركوبان والفرسان من نوع واحد، فلا تصح المسابقة بين فرس عربي وهجين وهوما أبوه عربي فقط، ولا تصح المناضلة بين قوس عربية وهي النبل وبين قوس فارسية وهي النشاب.
ثالثاً: تحديد المسافة والغاية بأن يكون لابتداء عدوهما وآخره غاية لا يختلفان فيها، لأن أحدهما قد يكون متأخراً في ابتداء عدوه سريعاً في آخره، فلا بد من تحديد المسافة في الرمي، ويعرف بالعادة أو يقدر بالأذرع، ولا تصح المناضلة على أن يكون السبق لأبعدهما رمياً.
رابعاً: كون العوض معلوماً بالمشاهدة أو بالقدر أو بالصفة، ويجوز أن يكون العوض حالاً ومؤجلاً بشرط أن يكون مباحاً، فلا تصح المسابقة أو المناضلة على خمر أو خنزير.
خامساً: الخروج عن شبه القمار بأن لا يخرج المال جميع المتسابقين بل يخرجه أحدهم، فإن أخرج الجعل الحاكم من بيت المال جاز، لأن فيه مصلحة وحثاً على تعليم الجهاد ونفعاً للمسلمين، وكذا إذا تبرع به أجنبي فإنه يصح، فإذا أخرج المال جميع المتسابقين فإنه لا يحل إلا إذا دخل معهم شخص آخر لم يخرج شيئاً ويسمى محللاً. وحينئذ لأحد المتسابقين أخذ المال وإنما ينفع المحلل بشروط: أن يكون كفئاً لهما في الرمي إن كانت المسابقة فيه، أو فرسه كفئاً لفرسيهما أو بعيره كذلك إن كانت المسابقة في الحيوان.
فإن سبق المحلل أخذ ما أخرجاه من الرهان. وإن سبقاه معاً لم يدفع أحدهما لصاحبه شيئاً ولا شيء للمحلل لأنه لم يسبق ولا شيء عليه أيضاً.
وإن سبق أحد المخرجين للرهان أخذ السبقين ولا شيء للمحلل، وإن سبق المحلل مع أحدهما لا يخرج السابق شيئاً ويدفع المسبوق ما شرط، بحيث يقسم بين المحلل والسابق، لأنهما قد اشتركا في السبق فيشتركان في "الرهان" وإن وصلوا جميعاً ولم يسبق منهم أحد لا يأخذ واحد منهم شيئاً.
ويشترط أيضاً إرسال الفرسين والبعيرين دفعة واحدة. ويكون عند أول المسافة من يشاهد إرسالهما ويرتبهما، وعند الغاية من يضبط السابق منهما لئلا يختلف في ذلك، ويحصل السبق بالرأس في متماثل العنق كالخيل، وأما في مختلف العنق كالمسابقة بين الخيل والجمال فإنها تحصل بالكتف وإن شرط أحد المتسابقين السبق بأقدام معلومة لم يصح ويحرم أن يجنب أحد المتسابقين مع فرسه فرساً أخرى أو يرسل فرساً خلف فرسه تحرضه على سرعة العدو، ويحرم أن يصيح وقت سباقه
(8) الشافعية - قالوا: تصح المسابقة بالرهان أيضاً على البغال والحمير والفيلة على المعتمد
(9) المالكية - قالوا: تحل المسابقة بالسفن ونحوها، وكذا تحل بالجري على الأقدام وبالطير لإيصال الأخبار بسرعة، وكذا تحل المصارعة وحمل الأثقال ونحو ذلك. وكل ذلك مشروط بشرطين:
الأول أن يكون مجاناً بلا "رهان".
الثاني: أن يكون الغرض منه تمرين البدن على الرياضة وتقويته على أداء الواجب والجهاد، أما إذا كان الغرض منه المغالبة والتلهي فإنه حرام، ويحرم اللعب بالنرد والشطرنج ولو بغير عوض.
الشافعية - قالوا: يجوز المسابقة بغير عوض بالبقر والكلاب والطيور، ولا يجوز في السفن الشراعين، وأما غيرها من السفن البخارية والسيارات والغواصات والطائرات فإنه تجوز المسابقة بها إذ القاعدة عند الشافعية جواز المسابقة بكل نافع في الحرب. وتحل المصارعة والمسابقة في السباحة "العوم في الماء". والمشي بالأقدام. والوقوف على رجل واحدة. ولعب الشطرنج والكرة. وحمل الأثقال. والمشابكة بالأصابع. فكل هذا يحل بدون عوض.
وتحل المسابقة بعوض في بندق الرصاص فإنه كالرمي بالسهام.
الحنفية - قالوا: تحل المسابقة بدون عوض في كل ما ذكر عند الشافعية إلا الشطرنج فإنه حرام عندهم، لأنه يشغل صاحبه بالانكباب عليه. وفي المسابقة بالطير عندهم خلاف أما الرمي بالبندق والحجر فهوكالرمي بالسهم عند الحنفية أيضاً. وإنما يجوز كل ذلك بشرط قصد الرياضة وتقوية البدن، لا بقصد التسلية وقطع الوقت.
الحنابلة - قالوا: تجوز المسابقة بلا عوض "رهان" بالمشي على الأقدام. وبين سائر الحيوانات من إبل وخيل وبغال وحمير وفيلة، وتجوز أيضاً بالطيور حتى بالحمام على الصحيح، وتجوز بين السفن برمي الأحجار باليد والمقاليع، وتجوز المصارعة ورفع الأحجار لمعرفة الأشد، وكل ما فيه رياضة للبدن وتقوية على الجهاد لقوله تعالى: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة} وصح من حديث ابن عمر أن النبيّ صلى الله عليه وسلم: "سابق بين الخيل المضمرة" والمضمرة هي المعلوفة القوت بعد السمن.
ويكره الرقص ومجالس الشعر وكل ما يسمى لعباً كاللعب بالطاب والنقيلة "المنقلة" والنرد والشطرنج، وكل ما أفضى إلى محرم فهو حرام إذا لم يكن فيه مصلحة راجحة



ابوالوليد المسلم 03-09-2020 05:39 AM

رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله
 
الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الثانى
[كتاب اليمين]
صـــــ 51 الى صــــــــ60
الحلقة (85)

[[السلام]]
[إفشاء السلام]
السلام معناه السلامة.
فالذي يلقي السلام على غيره كأنه يقول:
ألقيت إليك سلامة وأماناً من كل ما يضيرك. وبديهي أن إفشاء السلام من السنن الإسلامية الجليلة، لما فيه من إعلان الأمن بين الناس. والأمن من ضروريات الإنسان ومميزاته التي يمتاز بها عن الحيوان المفترس الذي لاهم له إلا قضاء شهوته والفتك لفريسته. فالسلام عهد إسلامي يعاهد به الناس بعضهم بعضاً على أن يكف كل واحد منهم عن التعرض لدم أخيه وعرضه وماله بدون حَق. وفي إفشائه بين الناس إيذان بأن الأشرار خارجون على ما تقتضيه قواعد الإسلام، وتتطلبه أحكامه الكريمة من المودة والإخاء والتحابب والتآزر، وضرورة استقرار الأمن بينهم. والسلامة من شرور بعهم بعضاً.فلهذا حث رسول الله صلى الله عليه وسلم في كثير من الأحاديث.
فمن ذلك ما رواه عبد الله بن عمروبن العاص رضي الله عنهما أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الإسلام خير؟
قال:
"تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف" رواه البخاري ومسلم وغيرهما،
وقال عليه الصلاة والسلام:
"لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولن تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتمون تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم" رواه مسلم وغيره.
[حكم البدء بالسلام ورده]
البدء بالسلام (1) سنة عين للمنفرد، وسنة كفاية للجماعة، فإذا سلم واحد منهم سقط عن الباقين، ولكن الأفضل أن يكون السلام منهم جميعاً ليحصل لكل واحد ثواب السنة.
وللبدء بالسلام صيغتان: إحداهما السلام عليكم، والأخرى سلام عليكم، والأفضل أن يكون بالصيغة الأولى، ويكره أن يبدأ بقوله عليك السلام، أو سلام الله عليك، لأن ذلك تحية الأموات لا الأحياء، فالسنة في إقراء السلام لا تحصل إلا بقول السلام عليكم (2) وسلام عليكم. سواء كان المسلم عليه واحداً أو جماعة.أما رد السلام فهوفرد عين على المنفرد، وفرض كفاية على الجماعة؛ فإذا رد واحد منهم أجزأ عن الباقين، ويجب أن يكون الرد فوراً. فلوأخره لغير عذر يأثم. وأن يكون مسموعاً لمن ألقى السلام، فإذا لم يسمعه لا يسقط الفرض. فإن كان أصم فإنه يجب أن يرد عليه بما يفهم من إشارة وتحريك شفة ونحو ذلك، والأفضل في صيغة الرد أن يقول وعليكم السلام، فيأتي بالواو وميم الجماعة.
ويصح أن يقول:
سلام عليكم.
ويسن للمسلم أن يبدأ من لقيه بالسلام قبل كل كلام. فإذا التقى اثنان ونطق كل منهما بالسلام وجب الرد على كل واحد منهما لصاحبه، وأن يرفع صوته به حتى يسمعه من سلم عليهم سماعاً محققاً. ويسن أن يسلم الرجل على أهل بيته كلما دخل عليهم،
وإذا دخل داراً خالياً من الناس فإنه يقول:
السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. ويسن أن يسلم الصغير على الكبير، والراكب على الماشي، والقائم على القاعد، والقليل على الكثير، وإذا حصل عكس ذلك حصلت سنة السلام ووجب الرد، ولكن تفوت أفضلية الترتيب.وإذا أرسل غائب سلامه لآخر فإنه يجب عليه أن يرد السلام،
ويستحب أن يبدأ في رده بالرسول المبلغ فيقول:
وعليك وعليه السلام، وكذا يجب الرد إذا أرسل له سلاماً في كتاب، ويكره (3) للرجل أن يسلم على امرأة أجنبية إلا إذا كانت عجوزاً أو شابة دميمة لا تشتهى، أما المحارم فإنه يسن له أن يسلم عليهن كما يسلم على أهله. ويكره السلام في الحمام، وعلى العاري. وعلى كل مشغول بأمر قد يصرفه عن الإجابة حتى لا يقع في الإثم بترك الرد. فيكره السلام عند تلاوة القرآن جهراً (4) وعند استذكار العلم، وحال الأذان (5) والإقامة، وعلى القاضي في مجلس القضاء، وعلى الواعظ حال إلقاء عظته، ولا يجب عليهم الرد إذا سلم عليهم أحد.
وإذا خص واحداً بعينه بالسلام من بين الجماعة كأن يقول: السلام عليك يامحمد مثلاً، فإن وقع ذلك فإنه يفترض على محمد المسلم عليه أن يرد السلام بنفسه، فلورد أحد الحاضرين لم يسقط عنه الفرض.
أما إذا قال: السلام عليك وأشار إلى محمد بدون تسميته فرد أحد الحاضرين فإن الفرض يسقط لأن الإشارة تحتمل أن تكون لهم جميعاً وكذا إذا قال: السلام عليك بدون إشارة. فإنه إذا رد واحد سقط عن الباقين، لأنه يصح أن يخاطب الجماعة بخطاب الواحد، ويكره أن يسلم على المشتغل بالتدريس أواستماع العلم. وإذا وجد قوماً يأكلون فإنه يسلم عليهم على تفصيل المذاهب (6) .ولا يكره السلام على الصبيان، بل الأفضل أن يسلم عليهم ليعلمهم الأدب، ولا يجب عليهم الرد؛ لأنهم غير مكلفين، أما إذا سلم صبي على مكلف فإنه يجب عليه الرد إذا كان الصبي مميزاً وإذا سلم على مكلفين بينهم صبي فإنه لا يجزئ على الصحيح، بل لا بد من رد أحد المكلفين.ويكره السلام على المجنون والسكران والنائم ومن يلبي، ونهاية السلام عند قوله وبركاته. فيكره للمسلم والمجيب أن يزيد عليها.
[تشميت العاطس]
التشميت بالشين والسين معناه الدعاء بالخير والبركة، وهوأن يقال للعاطس "يرحمك الله" ولا يخفى ما في ذلك من الحكم الإسلامية الجليلة، لأن الغرض من ذلك إنما هوإعلان المودة بين الناس، وتثبيت علائق الألفة والإخاء، وإظهار حرض كل واحد على إيصال الخير لأخيه، وتجنب العداوة والبغضاء والحقد والحسد إلى غير ذلك من المكارم التي يحث عليها الإسلام في عظائم الأمور وصغائرها.أما حكم تشميت العاطس فهوأنه فرض كفاية (7) كرد السلام،
وإنما يفترض بشروط ثلاثة:
الشرط الأول: أن يقول العاطس الحمد لله، أو الحمد لله رب العالمين. أو الحمد لله على كل حال، فإذا لم يقل ذلك فإنه لا يستحق التشميت، ويندب للعاطس أن يحمد الله. الشرط الثاني: أن يسمعه يحمد الله، فإذا لم يسمعه فإنه لا يجب عليه تشميته.
وكما يجب على السامع أن يشمت العاطس فإنه يجب على العاطس أن يرد بقوله: "يغفر الله لي ولكم" أو بقوله: "يهديكم الله ويصلح بالكم". وإذا تكرر العطاس فإنه يشمت في الأولى والثانية والثالثة، وما زاد على ذلك فلا يجب فيه التشميت. وحكم المرأة في العطاس كحكمها في السلام، فإن كانت أجنبية أو شابة تشتهى فلا تشمت، كما لا يرد سلامها. وإن كانت عجوزاً أو شابة فلا تشتهى فإنها تشمت أما النساء المحارم فإنهن يشمتن كالرجال وكذا يشمت بعضهن بعضاً.
[كتاب اليمين]
[تعريفه]
يطلق اليمين في اللغة على اليد اليمنى، وعلى القوة، وعلى القسم، فهومشترك بين هذه الثلاثة ثم استعمل في الحلف، لأنهم كانوا في الجاهلية إذا تحالفوا أخذ كل واحد بيد صاحبه اليمنى أولأن الحالف يتقوى بقسمه، كما أن اليد اليمنى أقوى من اليد اليسرى.
[حكمه]
يختلف حكم الحلف باختلاف الأحوال، فتارة يكون واجباً إذا توقف عليه واجب، كما إذا توقف عليه انقاذ إنسان بريء مصون الدم من الهلاك، وقد يكون حراماً كما إذا حلف على ارتكاب محرم أو حلف بما لا يباح الحلف به، وقد يكون غير ذلك مما هو مفصل بالمذاهب (8) .
[دليله]
فالحلف بالله تعالى أو بصفة من صفاته مشروع، وحكمة مشروعيته الحث على الوفاء بالعقد مع ما فيه من تعظيم الله تعالى. ودليله الكتاب والسنة والإجماع.
أما الكتاب فقوله تعالى: {لا يؤاخذكم الله باللغوفي أيمانكم، ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان} .
وأما السنة فكثيرة منها ما رواه أبوداود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"والله لأغزون قريشاً" قال ذلك ثلاث مرات، ثم قال في الثالثة "إن شاء الله".
ومنها ما روي في الصحيحين من أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحلف بقوله:
"لا ومقلب القلوب"، وربما يحلف بقوله: "والذي نفسي بيده" أي بقدرته يصرفها كيف شاء؛ وقد أجمع المسلمون على أن اليمين مشروعة.
[أقسام اليمين]
تنقسم اليمين إلى لغو لا إثم فيه ولا كفارة عليه، والى منعقدة وهي ما لها كفارة إذا حنث فيها، وغموس (9) وهي ما فيها إثم ولا تنفع فيها الكفارة. وفي كل ذلك تفصيل في المذاهب.
(1) الحنفية - قالوا: قد يكون البدء بالسلام فرضاً وذلك فيما إذا التقى راكب بماش في مفازة فإنه يفترض على الراكب أن يبدأ بالسلام للأمان
(2) المالكية - قالوا: سنة السلام تحصل إلا بقول السلام عليكم، فلوقال: في البدء بالسلام وسلام عليكم لم يكن مسلماً على المعتمد.
الحنابلة - قالوا: تحصل سنة السلام أيضاً بقول السلام عليكم
(3) الشافعية - قالوا: إذا كانت الشابة منفردة في مكان وحدها فإنه يكره أن يلقي عليها الرجل سلاماً كما يحرم عليها أن تجيب أو تلقي سلاماً، سواء كانت دميمة تشتهي أولا، وإنما العجوز هي التي في حكم الرجل، أما إذا كانت المرأة مع غيرها رجالاً أو نساء فإن حكمها كحكم الرجل في السلام والرد
(4) الشافعية والمالكية - قالوا: لا يسن السلام على قارئ القرآن مطلقاً، وكذا المشتغل بالذكر والدعاء والصلاة والأكل والشرب
(5) الشافعية - قالوا: لا يكره السلام حال الأذان والإقامة، ولا على القاضي في مجلس القضاء، ولا غيرهم ممن ذكروا، ولم يستثنوا أحداً من الذين يسن في حقهم البدء بالسلام سوى ما تقدم من الشابة المنفردة، فإنه يحرم السلام منها وعليها، وكما يحرم على الرجل وكذلك الفاسق المجاهر؛ فإنه يحرم بدؤه بالسلام؛ ومثل الشابة: الخنثى المعروف؛ ومن يسمع الخطيب فإن السلام يكره عليه؛ وإذا سلم عليه، فإنه يجب عليه الرد
(6) الحنفية - قالوا: إذا وجد من يأكل فإن كان محتاجاً للأكل معه وعلم أنه يدعوه إذا سلم فإنه يسلم، وإلا فلا يسلم.
الشافعية - قالوا: إنه يسلم ولا تجب الإجابة إذا كان الآكل لا يستطيع الإجابة لوجود اللقمة في فيه.
المالكية - قالوا: يسلم على الآكل مطلقاً كما تقدم.
الحنابلة - قالوا في المسألة قولان:
أحدهما الكراهة لأنه مشغول بالأكل، والمشغول لا يبدأ بالسلام عندهم.
ثانيهما عدم الكراهة.
الشافعية - قالوا: لا يكره السلام على هؤلاء ولا على غيرهم إلا ما استثني فيما تقدم

(7) الشافعية - قالوا: تشميت العاطس سنة
(8) المالكية - قالوا: الأصل في اليمين أن يكون جائزاً متى كان بأسم الله تعالى أو بصفة من صفاته ولولم يطلب منه الحلف، وقد يستحب إذا كان فيه تفخيم أمر من أمور الدين أو حث عليه أو تنفيرٌ من محذور، على أن تكثير الحلف من غير ضرورة من البدع الحادثة بعد السلف، ومتى كان اليمين مباحاً كان الحنث مباحاً وعليه الكفارة، إلا أن يكون الخير في الحنث فإنه حينئذ يتبع ذلك في الحكم، فإن حلف على ترك الواجب وجب الحنث، وإن حلف على فعل معصية وجب الحنث، وينعكس الحكم إذا حلف على فعل وجب أو ترك معصية وهكذا.
الحنابلة - قالوا: الحلف يكون واجباً وحراماً كما ذكر، ويكون مكروهاً إذا كان على فعل مكروه أو على ترك مندوب. ومن الحلف المكروه: الحلف على البيع والشراء لحديث: "الحلف منفق للسلعة ممحق للبركة". رواه ابن ماجة.
ويكون مندوباً إذا تعلقت به مصلحة كإصلاح بين متخاصمين ولو كان الحالف أحد المتخاصمين، أو إزالة حقد من قلب مسلم أو دفع شر عنه أو عن غيره. أما الحلف على فعل الطاعة وترك المعصية فليس بمندوب.
ويكون مباحاً كالحلف على فعل المباح أو تركه، أو على الخبر بشيء هو صادق فيه أو يظن أنه صادق فيه، ومنه الحلف على فعل الطاعة وترك المعصية.
ثم إذا كان الحلف على ارتكاب معصية أو ترك واجب وجب أن يحنث فيه، ولا يرتكب المعصية ولا يترك الواجب، وإن كان بالعكس بأن حلف وهو الصلاة، ويترك الزنا وهو المحرم وكذلك إذا حلف على فعل مندوب وترك مكروه فإنه يندب له البر، وإن كان بالعكس بأن حلف على ترك مندوب وفعل مكروه فإنه يكره له البر باليمين ويندب له الحنث.
أما إذا حلف على فعل مباح أو تركه فيباح له الحنث وعدمه: والبر أولى من الحنث، لأن حفظ اليمين فيه أولى.
الشافعية - قالوا: الأصل في الحلف الكراهة لقوله تعالى: {ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم} وقد يكون مباحاً غير مكروه كما إذا حلف على فعل طاعة أو ترك مكروه، أو في دعوى عند حاكم مع الصدق، أو كان لتأكيد أمر في حاجة إلى التأكيد كقوله صلى الله عليه وسلم: "فوالله لا يمل حتى تملوا"، أو كان لتعظيم شأن أمر كقوله عليه الصلاة والسلام "والله لوتعلمون ما أعلم، لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً".
ويكون مندوباً إذا توقف عليه فعل مندوب أو ترك مكوره، أما الحنث فتعتريه الأحكام الخمسة، فتارة يكون واجباً كما إذا حلف على معصية أو ترك واجب، فمن حلق ليشربن الخمر أولا يصلي فإنه يفترض عليه أن يحنث وعليه الكفارة. وتارة يكون حراماً إذا كان بالعكس، كما إذا حلف أن يقيم الصلاة المفروضة أولا يزني فإنه يفترض عليه البر باليمين ويحرم عليه الحنث وتارة يكون مندوباً كما إذا حلف على ترك مندوب وفعل مكروه. وتارة يكون خلاف الأولى كما إذا حلف على فعل مباح أو تركه كالأكل والشرب، فالولى أن يبر باليمين صوناً لاسم الله تعالى وهوفي جميع الأحوال تجب عليه الكفارة إذا حنث.
الحنفية - قالوا: الأصل في اليمين بالله أو بصفة من صفاته أن يكون جائزاً، ولكن الأولى أن لا يكثر منه. ثم إن كان الحلف على معصية كأن حلف بأن لا يكلم والديه اليوم أو شهراً فإنه يفترض عليه أن يحنث، وإن كان على ترك معصية كأن حلف بأن لا يشرب الخمر فإنه يفترض عليه أن يبر وأن لا يحنث، وكذا إن كان الحلف على فعل واجب فإنه يفترض بر اليمين. وإن كان على ترك واجب فإنه يفترض الحنث ولا يترك الواجب. أما إن حلف على أمر الأولى عدمه، كأن حلف ليأكلن البصل اليوم، أو حلف على أمر فعله أولى من تركه، كأن حلف ليصلين الضحى اليوم أو حلف على أمر فعله وتركه يستويان، كأنحلف بأن لا يأكل هذا الخبز مثلاً، فقد اختلف في ذلك على قولين: الأول: أن يكون الحنث أولى في المثال الأول، وهو الحلف بأن يأكل البصل، والبر أولى في المثال الثاني وهوحلفه بأن يصلي الضحى، وكذلك البر أولى في المثال الثالث في حالتي الفعل والترك. والقول الثاني: أن البر واجب على أي حال لقوله تعالى: {واحفظوا أيمانكم} فالحنث أو البر يجبان أو يحرمان في الواجب المحرم، أما في غيرهما فالبر واجب على القول الثاني وهو وجيه.
ولا يتصور الحنث إلا إذا قيد اليمين بوقت معين كأن يقول: أفعل كذا، أول اليوم أو الشهر، أما إذا لم يقيد فإنه لا يحنث إلا في آخر حياته، فيوصي بالكفارة بموته، وإذا هلك المحلوف عليه قبل ذلك وجبت عليه الكفارة
(9) الحنفية - قالوا: اليمين الغموس هوأن يحلف بالله تعالى كاذباً متعمداً الكذب، ولا يلزم أن يكون المحلوف عليه فعلاً ماضياً في الحال، بل يكون كذلك كقوله: والله ما ضربت محمداً عالماً بأنه ضربه، وقد يكون غير فعل في الحال كقوله: والله إنه ذهب الآن، وهوعالم بأنه فضة، وكقوله: والله ما له علي ألف، وهوعالم بأن له عليه ذلك، ولكن الأكثر في اليمين الغموس أن يكون المحلوف عليه فعلاً ماضياً، فإن الذي يتعمد الكذب يحدث غالباً عن الماضي بقوله فعلت وتركت، ولا يتصور اليمين الغموس في غير الحلف بالله تعالى، لأنه هو الذي لا كفارة له، ويكون صاحبه آثماً تلزمه التوبة، أما الحلف بغير الله تعالى كالحلف بالطلاق كاذباً متعمداً فإنه ينعقد ويقع به الطلاق، وكذلك اللغوفإنه يقع به الطلاق، واختلف في كون اليمين الغموس كبيرة من الكبائر على قولين: أحدهما أنها كبيرة مطلقاً لأن فيها امتهاناً لاسم الله تعالى، وثانيهما أنها تكون كبيرة إذا ترتب عليها قطع حَق أو إيذاء من لا يستحق الإيذاء، أو إدانة بريء أو نحو ذلك، فإن لم يترتب عليها شيء من ذلك تكون صغيرة لا كبيرة.
أما اللغوفي اليمين فإنه يشمل أمرين: الأول: أن يحلف على شيء وهو يعتقد أو يظن أنه صادق ثم يظهر أنه كاذب، كما إذا حلف أنه ما دخل دار فلان أمس معتقداً أو ظاناً صدق نفسه مع أنه دخلها، أو يحلف بأنه لا نقود معه الآن ظاناً أنها ليست معه وهي معه، ولم يفرقوا في ذلك بين الظن القوي والضعيف. الثاني: أن يسبق لسانه إلى الحلف بدون قصد أصلاً أوقصد شيئاً وجرى لسانه إلى غيره كقوله: لا والله؛ وبلى والله.
ولا يكون اللغوعندهم إلا في الماضي أو الحال كما مثل، أما الحلف على المستقبل كقوله: والله لأسافرن غداً فإنه يمين منعقدة تجب الكفارة بالحنث فيه، سواء قصد أولم يقصد، بخلاف الغموس فإنه يكون في المستقبل، لأن المدار فيه على تعمد الكذب، فإذا حلف بأنه لا يدخل دار فلان غدارً وهومصمم على دخولها فقد تعمد الكذب وكانت يمينه غموساً.
وحكم اللغوأن الحالف لا يؤاخذ به في الآخرة، ولا في الدنيا فلا كفارة عليه ولا إثم فيه.
ولا يكون اللغوإلا في اليمين بالله تعالى، أما اليمين بغير الله تعالى فإن أثره يبقى، كما إذا حلف بالطلاق لغواً أو بالعتاق، أو نذر صدقة فإنه يقع به الطلاق، ويلزم العتق والنذر كما تقدم قريباً.
أما المنعقدة فهي الحلف بالله أو صفاته كما يأتي.
المالكية - قالوا: اليمين الغموس تشمل أمرين:
الأول: أن يحلف كاذباً متعمداً الكذب وهذه تغمس صاحبها في النار أو الإثم الذي هوسبب في النار، وليست لها كفارة لأنها أعظم من أن تنفع فيها الكفارة، بل الحالف بها يتوب ويقرب إلى الله تعالى بما قدر عليه من صيام أو صدقة أو نحوهما.
الثاني: أن يحلف على شك أو ظن ضعيف كأن يقول: والله ما لقيت فلاناً أمس وهولا يدري ألقيه أم لا؟، وفي هذه الحالة لا يخلو: إما أن يظهر صدقه بعد ذلك، أو يظهر كذبه، أولم يظهر شيء، فإن ظهر كذبه أولم يظهر شيء وبقي على شكه أو ظنه الضعيف فإنه يكون آثماً كتعمد الكذب تماماً، أما إن ظهر صدقه فقد اختلف فيه قولين:
الأول: أنه يكون حينئذ باراً في يمينه ولا إثم عليه.
الثاني: أنه لم يرتفع عنه الإثم لأن الإثم مترتب على الجرأة والإقدام على الحلف بدون يقين، وهذا لا يكفره إلا التوبة، وإن ظهر أنه مطابق للواقع. على أن إثم الحالف على الشك أو الظن الضعيف أهون من إثم متعمد الكذب. أما إذا حلف جازماً أو على ظن قوية وظهر خلافه فإنه لا يكون غموساً بل يكون لغواً كما يأتي.
ثم إن كان المحلوف عليه ماضياً فإنه لا كفارة فيه اتفاقاً كقوله: والله ما فعلت كذا وهوجازم بأنه فعل، وكذا إذا كان شاكاً أو ظاناً كما تقدم.
أما إذا تعلقت كما إذا حلف على أمر لا يمكن وقوعه، أو على أمر علم أنه لا يوجد فالأول كقوله: والله لأطلعن السماء، والثاني كقوله: والله لأقتلن فلاناً، وهو يعلم أنه ميت، أو والله لا تطلع الشمس غداً أو نحو ذلك، ففيه خلاف، فبعضهم يرى أنه من الغموس الذي لا كفارة له، وبعضهم يرى أن فيه الكفارة، وأن الغموس تتعلق بالماضي، فإذا تعلقت بمستقبل أو حال لم تكن من الغموس وهو المعتمد. والغموس تكون بالطلاق، فإذا حلف بالطلاق متعمداً الكذب يأثم ويقع به الطلاق.
واليمين اللغو هي أن يحلف على شيء يجزم به حال الحلف، أو يظنه ظناً قوياً ثم يظهر أنه خلاف ذلك، كأن يقول: والله لا دراهم معي وهو يجزم بذلك ويظن ظناً قوياً ثم يظهر بعد ذلك أنه معه دراهم، وحكمها أنه لا يؤخر عليها، ثم إن كان المحلوف عليه ماضياً فلا كفارة فيها اتفاقاً كقوله: والله ما جاء محمد، وهو يعتقد أنه لم يجئ حقاً ولكن الواقع أنه يكون قد جاء وإن كان مستقبلاً كقوله: والله ما جاء محمد غداً، وهو يعتقد أنه لا يجيء حقاً، فقد اختلف فيها أيضاً، فبعضهم يرى أن اللغولا يكون في المستقبل، لأن الذي يحلف على المستقبل وهوغيب ذوجرأة يكون جزاؤها الكفارة، بخلاف الذي يحلف على الماضي، لأنه حلف بناء على ما يعلم في الماضي أما المستقبل فلا يتعلق به علم، وبعضهم يرى أنه لا كفارة عليها كالماضي والحال.
ولا يفيد لغو اليمين في الحلف بغير الله تعالى، فإذا حلف بالطلاق أو بالعتق أو نذر صدقة أو نحوها أو كانت يمينه لغواً فإنها تنعقد في هذه الأشياء، ويقع بها الطلاق ويلزم بها العتق والنذر، حتى ولو كان النذر مبهماً.
الشافعية - قالوا: تنقسم اليمين إلى قسمين: لغو، ومنعقدة. فاللغوتشمل أموراً ثلاثة:
الأول: أن يسبق لسانه إلى ما لم يقصده باليمين، كما إذا أراد أن يقول: والله لآكلن غداً فسبق لسانه إلى قول: والله لأضربن محمداً، ويصدق ظاهراً من يدعي عدم قصد اليمين إذا لم تقم قرينة على كذبه إلا في ثلاث، الطلاق والعتاق والإيلاء، فإنه لا يصدق ظاهراً على أي حال لتعلق حَق الغير بذلك،
الثاني: يسبق لسانه إلى لفظ اليمين بدون أن يقصد شيئاً، كما إذا كان غضباناً وسبق لسانه إلى اليمين بأن قال: لا والله. وبلى والله، وهولا يريد سوى هذا اللفظ.
الثالث: أن يكون اليمين زيادة لكلام كأن يقول عقب كلامه: لا والله تارة، وبلى والله تارة أخرى، أو يجمع بين العبارتين فيقول: لا والله وبلى والله، فإنه يكون لغواً على المعتمد.
الثاني: المنعقدة، وهي الحلف باسم من أسمائه تعالى أو بصفة من صفاته لتحقيق المحلوف عليه بالشرائط الآتية، فالمنعقدة لا بد فيها من قصد تحقيق المحلوف عليه بخلاف اللغوكما علمت.
ولا فرق عندهم في اليمين سواء كانت لغواً أو منعقدة بين أن تكون على الماضي أو على المستقبل، فاللغويصح أن تكون في المستقبل كأن يقول: والله لأسافرن غداً وهو يقصد أن يقول: لأدخلن دار محمد، كما يكون في الماضي كقوله: والله ما أكلت التفاح أمس وهو يقصد الرمان مثلاً.
وكذلك المنعقدة تصح على الماضي والمستقبل كقوله: والله إني فعلت كذا أو ما فعلته، وكقوله: والله لأفلعن كذا أولا أفعله، فإذا لم يبر في يمينه تجب عليه الكفارة فيها على أي حال. فاليمين الذي يسميه غيرهم غموساً تجب فيه الكفارة عندهم، سواء تعلق بالماضي أو المستقبل؛ أما اللغوفلا كفارة له، ولا يؤاخذ الحالف به، سواء تعلق بالماضي أو المستقبل.
الحنابلة - قالوا: تنقسم اليمين إلى أقسام ثلاثة: منعقدة، ولغو، وغموس. فالمنعقدة هي الحلف على فعل شيء في المستقبل أو تركه كقوله: والله لأعتكفن غداً، ووالله لا أزني أبداً، وتنعقد اليمين على المستقبل ولو كان المحلوف عليه مستحيلاً كما يأتي.
اللغويشمل أمور ثلاثة:
الأول: أن يسبق اليمين على لسانه من غير قصد كأن يقول في أثناء كلامه: لا والله وبلى والله، ولو كان حلفه كذلك على شيء في المستقبل.
الثاني: أن يحلف على شيء يظن نفسه صادقاً فيه ثم يظهر خلافه، وهذا يكون لغواً في اليمين بالله، والنذر، والظهار. أما الطلاق والعتاق فإنه ينعقد فيهما.
الثالث: أن يحلف على شيء في المستقبل يظن صدقه فلم يحصل، كما إذا حلف على غيره وهو يظن أن يطيعه فلم يطعه، أو فعل ما يقصده الحالف لعدم معرفته غرضه؛ فكل ذلك من لغواليمين، فلا مؤاخذة عليه ولا كفارة.
والغموس وهي التي يحلف بها على شيء مضى متعمداً الكذب عالماً بأنه كاذب وهذه لا كفارة لها، وسميت غموساً لأنها تغمس صاحبها في الإثم ثم في النار

ابوالوليد المسلم 03-09-2020 05:40 AM

رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله
 
الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الثانى
[كتاب اليمين]
صـــــ 61 الى صــــــــ71
الحلقة (86)


[شروط اليمين]
يشترط لانعقاد اليمين شروط منها أن يكون الحالف مكلفاً، فلا ينعقد يمين الصبي والمجنون. ومنها أن يكون مختاراً، فلا ينعقد يمين المكره (1) ولا يحنث إذا أكره على فعل المحلوف عليه، ومثله الناسي والمخطيء فإنهما لا شيء عليهماز ومنها أن يكون قاصداً، فلا ينعقد يمين يسبق بها اللسان بدون قصد. ومنها أن يكون المحلوف به اسماً من أسماء الله تعالى أو صفة من صفاته على التفصيل الآتي في مبحث صيغ الأيمان.
ومنها أن لا يكون المحلوف عليه واجباً في العقل والعادة، أو في العادة فقط، فإن كان كذلك فإن اليمين لا تنعقد بل تكون لغواً.
فمثال الأول أن يقول:
والله هذا الجرم متحيز، فهذا ليس يميناً لأن تحيز الجرم واجب عقلاً وعادة.
ومثال الثاني أن يقول:
والله إن الشمس تطلع من المشرق، أو والله لأموتن، فهذا ليس بيمين أيضاً. لأن طلوع الشمس من المشرق واجب عادة وكذلك الموت،
ومثل هذا ما إذا قال:
والله لا أصعد السماء، أولا أقلب هذا الحجر ذهباً، أولا أرد أمس، لأن عدم صعود السماء وعدم قلب الحجر ذهباً وعدم ردم أمس واجب عادة فلا تنعقد به اليمين،
وينعقد اليمين فيما عدا ذلك وهوأمور أربعة:
الأول: أن يكون ممكناً عقلاً وعادة كقوله والله لأدخلن الدار في حالة الاثبات. أولا أدخل الدار في حالة النفي، فهذا يمين منعقدة، لأن دخول الدار ممكن عقلاً وعادة.
الثاني:
أن يكون مستحيلاً عادة فقط كقوله: والله لأصعدن السماء أولأحملن الجبل، ويحنث في هذا بمجرد الحلف،
وكذا إذا قال:
والله لأقتلن فلاناً وهوميت على تفصيل في المذاهب (2) الثالث: أن يكون ممتنعاً في العقل والعادة كقوله: والله لأجمعن بين حياة فلان وموته، فإن الجمع بين الضدين مستحيل عقلاً وعادة. ويحنث فيه بمجرد الحلف.
الرابع:
أن يكون واجباً شرعاً أو ممتنعاً شرعاً؛
فالأول كقوله:
والله لأصلين الظهر.
والثاني كقوله:
والله لأشربن الخمر، وهذه يمين منعقدة أيضاً.
ومنها خلو اليمين من الاستثناء فلا ينعقد إذا قال: والله لا أفعل كذا إن شاء الله، أو إلا أن يشاء الله، وفي أحكام الاستثناء وشروطه تفصيل في المذاهب (3) . ومنها أن يتلفظ باليمين، فإذا جرى اليمين على قلبه بدون تلفظ لا ينعقد. وقد زاد بعض المذاهب شروطاً أخرى (4)
[وقد زاد بعض المذاهب شروطاً أخرى (5) ]
[مبحث الصيغ التي تنعقد بها اليمين]
تنعقد اليمين باسم الله تعالى كقوله: والله وبالله وتالله. وتنعقد بصفة من صفاته، وفي ذلك تفصيل المذاهب(6) .



(1) الحنفية - قالوا: تنعقد يمين المكره، وتجب عليه الكفارة إذا فعل المحلوف عليه ولوأكره على فعله، أما إذا فعل المحلوف عليه غيره بإكراهه كما إذا حلف لا يشرب هذا الماءفصبه له غيره في حلقه كرهاً فإنه لا يحنث أيضاً إذا فعل المحلوف عليه ناسياً كما إذا حلف لا يحلف ثم نسي وحلف فإنه تلزمه الكفارة في ذلكوكذلك يحنث إذا فعل المحلوف عليه وهومجنون أو مغمى عليه، أما إذا حلف وهومجنون أو مغمى عليه فلا تنعقد يمينه. لأن شرط انعقاد اليمين العقل. وكذلك يقع يمين المخطىئ وهو من حنث ذاهلاً عن اليمين.
المالكية - قالوا: لا تنعقد اليمين بالإكراه، فإذا انعقدت من غير إكراه فلا يخلو:
أما إن تكون على فعل شيء كقوله: والله لآكلن الرغيف ويسمى يمين حنث، أو تكون على ترك شيء كقوله: والله لا أدخل الداروتسمى يمين بر، فإذا أكره على الحنث في صيغة البر كأن أدخل الدار قهراً عنه لا تلزمه الكفارة ولوأكره من غير عاقل كأن كان راكباً على دابة ثم جمحت به وأدخلته الدار قهراً عنه إذا لم يتمكن من النزول عنها أو إمساكها. أما إذا تمكن من النزول عنها بدون ضرورة، أو من إمساك رأسها أو بانشاء رجله عليها ولم يفعل فإنه يحنث وتلزمه الكفارة وكذلك إذا أدخله الدار غيره كرهاً وتمكن من الخروج منها بدون ضرر ولم يفعل فإنه يحنث وتلزمه الكفارة.
أما إذا أكره على الحنث في صيغة الحنث وهي الحلف على الفعل بأن منعه من الفعل مانع قسري ففيه خلاف؛ فقيل: يحنث وتلزمه الكفارة وهو المشهور، وقيل: لا يحنث وهو القياس وإنما لم يحنث إذا أكره في صيغة البر وهي لا أفعل اتفاقاً. لأن الحنث فيها يكون بالفعل لأن من حلف لا يدخل الدار يحنث بدخولها، بخلاف صيغة الحنث، فإن البر فيها يكون بترك الفعل، وأساب الترك كثيرة فضيق فيها، أما أسباب الفعل فهي قليلة فوسع فيها.
ويشترط في عدم الحنث بالإكراه ستة شروط: الأول أن لا يعلم حال اليمين أنه على الفعل. الثاين أن لا يأمر غيره بإكراهه. الثالث أن لا يكون الحالف على شخص هو المكره له، فلوحلف على زوجه أن لا تدخل الدار ثم أكرهها على دخولها حنيث، بخلاف ما إذا أكرهها غيره. الرابع أن لا يكون الإكراه شرعياً، كما إذا حلف لا يدخل السجن ثم حبس فيه لدعوى شرعية فإنه يحنث، وكذا إذا حلف لا يدفع هذا الدين في هذا الشهر فأكرهه القاضي فإنه يحنث. الخامس أن لا تكون يمينه لا أفعله طائعاً ولا مكرهاً، أما إذا حلف بأن لا يدخل دار فلان طائعاً ولا مكرهاً ثم أكره على الدخول فإنه يحنث، السادس أن لا يفعله بعد زوال إكراهه، فإذا أدخل الدار مكرهاً ثم زال الإكراه فدخلها طائعاً حنث وتلزمه الكفارة، ويحنث بالنسيان، فمن حلف لا يأكل كذا ثم نسي فأكله فإنه يحنث ما لم يقيد يمينه بالنسيان كأن يقول: والله لا آكله ناسياً أو ما لم أنس، فإنه إذا أكله في هذه الحالة لا يحنث، لأنه قيد يمينه، ومثل النسيان الخطأ والجهل فمثال الخطأ أن يحلف لا يدخل دار فلان فدخلها معتقداً أنها غيرها فإنه يحنث بذلك، ومثال الجهل أن يحلف ليدخلن هذه الدار الليلة وهو يعتقد جهلاً أنه لا يلزم بالدخول الليلة، فلم يدخل حتى مضت الليلة فإنه يحنث ولا يعذر بجهله
(2) الحنفية - قالوا: إذا كان المحلوف عليه مستحيلاً عادة فإنه يحنث بمجرد الحلف إذا لم يوقت اليمين بوقت، أما إذا وقته بوقت فإنه لا يحنث إذا مضى ذلك الوقت، فلوقال: والله لأصعدن السماء بعد سنة مثلاً لا يحكم بحنثه إلا إذا مضت السنة.
الحنفية - قالوا: إذا حلف ليقتلن فلاناً وهوميت فلا يخلو: إما أن يكون عالماً بموته وقت الحلف أولم يكن عالماً، فإذا لم يكن عالماً بموته وتبين له أنه ميت فإنه لا يحنث، لأنه عقد يمينه على حياة كانت موجودة فيه وهو يعتقد وجودها، أما إذا كان عالماً بموته فإنه يحنث لأنه المحلوف عليه وإن كان مستحيلاً عادة ولكنه ممكن في ذاته يصح وقوعه لجواز أن يعيد الله له الحياة، بخلاف مسألة الكوز، وهي إذا ما حلف ليشربن ماء هذا الكوز بدون أن يقيد بوقت وكان فيه ماء فأراقه الحالف أو غيره، أو سقط الإناء وحده فأريق ماؤه فإنه يحنث، والفرق بين المسألتين: أن الماء في الصورة الثانية لا يمكن إعادته بعينه أصلاً، فإن من الممكن عقلاً إعادة ماء آخر في الكوز، أما الماء الذي اريق وذهب فإنه لا يمكن إعادته عقلاً، فإذا خلق الله ماء في الكوز ثانياً لم يكن هو المحلوف عليه، بل المحلوف عليه ماء مظروف في الكوز وقت الحلف وقد أريق، أما الصورة الأولى فإن الحياة إذا عادت فإن ذات الإنسان لم تتغير، بل تكون هي الأولى بعينها، واعلم أن في مسألة الكوز أربعة أوجه: الأول أن تكون يمينه مؤقتة بوقت ولا ماء فيه كما إذا قال: والله لشربن ماء هذا الكوز اليوم وليس فيه ماء، الثاني أن تكون مؤقتة بوقت وفيه ماء ثم صب وهولا يحنث في هذين الوجهين لعدم انعقاد اليمين أصلاً
في الوجه الأول، ولبطلانها بعد الانعقاد
في الوجه الثاني، لأن اليمين وإن كانت صادفت وجود الماء في الكوز فانعقدت، ولكن بإراقة الماء بطل انعقادها.
الثالث: أن تكون اليمين غير مؤقتة بوقت ولا ماء في الكوز كما إذا قال: والله لأشربن ماء هذا الكوز ولا ماء فيه، وفي هذه الصورة لا يحنث أيضاً، لأن يمينه لم تنعقد أصلاً لعدم وجود الماء، ولا يحنث في الصور الثلاث، سواء علم أن في الكوز ماء أولم يعلم.
الرابع أن تكون اليمين غير مؤقتة بوقت وكان في الكوز ماء كما إذا قال: والله لأشربن ماء هذا الكوز بدون أن يوقت بوقت وكان ف يه ماء كما ذكره في أول المسألة فإنه يحنث، سواء علم بوجود الماء أولم يعلم، وسواء أريق الماء وحده أو أراقه هو أو غيره ويتفرع على هذا مسائل:
منها أنه إذا حلف ليقضين حَق فلان غداً فمات أحدهما قبل الغد فإنه لا يحنث لبطلان اليمين بعد انعقادها، ومنها إذا قال لامرأته: إن لم تصلي غداً فأنت طالق، فجاءها الحيض في الغد قبل أن يمضي وقت يمكن أداء الصلاة فيه، أو بعدما صلت ركعة فإنه يحنث على الأصح؛ وذلك لأن المحلوف عليه وهي الصلاة يمكن وقوعها مع وجود الدم، فحصول الدم لا يبطل اليمين. ألا ترى أن المستحاضة تصح منها الصلاة مع وجود الدم، فلا مانع من أن الشارع يمكن أن يشرع الصلاة مع الحيض، بخلاف مسألة الكوز، فإن المحلوف عليه غير ممكن أصلاً؛ فلذا حكم بحنثه. وكذا إذا قال: والله لأصومن من اليوم بعد أن أكل في النهار؛ فإن يمينه ينعقد ويحنث، لأن الصيام ممكن مع الأكل كما في حالة النسيان. فإن من أكل ناسياً يعد صائماً فيمكن أن يشرع الصيام مع الأكل حينئذ.
ومنها إذا قال لزوجه بعدما اصبح الصباح: إن لم أجامعك الليلة فأنت كذا، فإن لم تكن له نية انصرفت إلى الليلة المقبلة، وإن نوى الليلة الفائتة فإن يمينه لا تنعقد ولا يحنث، وكذا إذا قال بعد طلوع الفجر: والله لا أنام الليلة وهولا يعلم أن الفجر قد طلع فإنه لا يحنث.
ومنهاما إذا قال لامرأته: إن لم تردي المال الذي أخذتيه من مكان كذا فأنت طالق وهي لم تأخذه، بل هوباق في مكانه فإنه لا يحنث لأن المحلوف عليه غير ممكن، فإن رد المال مع عدم أخذه مستحيل.
ومنها أنه إذا حلف لا يعطي فلاناً شيئاً إلا بإذن من زيد فمات زيد فإنه لا يحنث إذا أعطاه، وإذا حلف ليقضين دينه غداً فقضاه اليوم فإنه لا يحنث. وكذا إذا حلف ليأكلن هذا الرغيف غداً فأكله اليوم فإنه لا يحنث، أو حلف ليقتلنه غداً فمات اليوم فإنه لا يحنث؛ ولوجن الحالف في يومه فإنه يحنث.
المالكية - قالوا: إذا منع مانع من فعل المحلوف عليه فلا يخلو: إما أن يكون عقلياً، كما إذا حلف ليقتلن فلاناً فإذا هوميت. أوليذبحن حمامه فوجده مسروقاً. وإما أن يكون المانع شرعياً كما إذا حلف ليطأن امرأته الليلة فوجدها حائضاً، فالمانع ثلاثة أقسام: عقلي، وعادي، وشرعي فإن كان عقلياً فإن الحالف لا يحنث إلا إذا حصل بعد اليمين ولم يوقت بوقت ولم يفرط في الفعل فإذا قال: والله لأذبحن الحمام فمات الحمام بعد الحلف وفرط في ذبحه فإنه يحنث. أما إذا قال: والله لأذبحنه غداً وجاء فبادر إلى ذبحه فوجده ميتاً فإنه لا يحنث. أما إذا حصل الموت قبل اليمين كأن قال: والله لأذبحنه وكان ميتاً قبل ذلك فإنه لا يحنث مطلقاً، سواء وقت أولم يوقت، فرط أولم يفرط.
وإن كان المانع عادياً كما إذا وجد الحمام مسروقاً. فإن كانت السرقة حصلت قبل اليمين فإنه لا يحنث، سواء فرط في الذبح أولم يفرط، وسواء وقت بوقت أولم يوقت، أما إن كانت السرقة حصلت بعد اليمين فإنه يحنث مطلقاً، سواء وقت أولم يوقت، فرط أولم يفرط وإن كان المانع شرعياً كما إذا حلف وهي طاهرة ثم طرأ عليها الحيض بعد اليمين واستمر الليلة كلها؛ أو حلف اليمين وهي حائض قبل حلفه. فالمانع الشرعي يوجب الحنث، سواء تقدم على اليمين أو تأخر، أما إذا حلف ليطأنها ولم يقيد بالليلة ثم وجدها حائضاً فإنه ينتظر رفع الحيض ويفعل المحلوف عليه فلا يحنث. فإذا وطئها وهي حائض ففي بره خلاف: فبعضهم يقول: إنه لا يحنث لأنه فعل المحلوف عليه وهو المدلول اللغوي،وبعضهم يقول: يحنث لمخالفته للمدلول الشرعي. ومحل هذا الخلاف إذا كانت اليمين بعد الحيض، أما إذا كانت قبله وفرط حتى حاضت، فإن القياس الاتفاق على حنثه.
الحنابلة - قالوا: إذا حلف ليقتلن فلاناً فإذا هوميت فإنه يحنث مطلقاً، سواء علم بموته قبل الحلف أولم يعلم، وكذا إذا قال: والله لأشربن ماء هذا الكوز ولا ماء فيه، سواء علم بأن فيه ماء أولم يعلم، وكذا إذا حلف ليضربن هذا الحيوان غداً فمات قبل أن يضربه فإنه يحنث ولولم يمض وقت يتمكن فيه من ضربه، وكذا إذا حلف ليأكلن هذا الطعام غداً فتلف قبل الغد فإنه يحنث، سواء تلف باختياره أو بغير اختياره، وكذا إذا حلف ليشربن هذا الماء اليوم، أوليضربن هذا الغلام فتلف الماء ومات الغلام قبل فعل المحلوف عليه، فإنه يحنث عند موت الغلام وتلف الماء، وكذا إذا أطلق يمينه ولم يقيدها بوقت كما إذا قال. والله لآكلن هذا الرغيف فتلف الرغيف قبل أن يأكله فإنه يحنث عند تلفه، وإذا قال: والله لأضربنه غداً فضربه قبل الغد فإنه لا يبر، كما إذا حلف ليصومن يوم الجمعة فصام يوم الخميس، وإذا مات الحالف قبل الغد أو جن حتى خرج الغد فإنه لا يحنث.
الشافعية - قالوا: إذا حلف ليقتلن فلاناً وهوميت فإنه يحنث مطلقاً، وإذا قال: والله ليأكلن هذا الطعام غداً فتلف الطعام بنفسه أو أتلفه أحد غيره وتمكن منعه عن إتلافه ولم يمنعه فإنه يحنث من الغد إذا مضى زمن يتمكن فيه من الأكل ولم يأكل، فمتى مضى ذلك الزمن حكم بحنثه ولوفسد الطعام في آخر يوم، وكذا إذا مات من الغد فإنه يحنث متى مضى زمن يتمكن فيه من الفعل قبل موته. فيحكم بحنثه عقب مضي ذلك الزمن، وإن مات في آخر النهار. وكذا إذا أتلف الطعام بنفسه قبل الغد فإنه لا يحكم بحنثه وقت الإتلاف، وإنما يحكم بحنثه بعد مضي زمن من الغد يتمكن فيه من الفعل، وإذا قدم فعل المحلوف عليه أو أخره مع تمكنه من الفعل في الوقت المحدد في يمينه فإنه يحنث، فإذا حلف ليقضين حَق فلان عند غروب الشمس فقضاه قبل ذلك مع تمكنه من القضاء في ذلك الوقت فإنه يحنث، وإذا شرع في مقدمة القضاء من وزن أو كيل ونحوهما قبل الوقت فتأخر القضاء عن الوقت فإنه لا يحنث.
الحنفية - قالوا: إذا كان المحلوف عليه مستحيلاً عقلاً وعادة فإن اليمين لا تنعقد ولا تبقى منعقدة
(3) المالكية - قالوا: الاستثناء إما أن يكون المشيئة أو يكون بإلا أو أحد أخواتها، فالاستثناء بالمشيئة لا يفيد إلا في اليمين بالله والنذر المبهم "هوالذي لم يعين فيه المنذور" فإن قال: والله لا أفعل كذا إن شاء الله، أن إلا أن يشاء الله، وفعله لا كفارة عليه بالشروط الآتية وكذا إذا قال: علي نذر لا أفعل كذا إن شاء الله أو إلا أن يشاء الله. أما إن قال عليه الطلاق إن فعل كذا أولم يفعل كذا إن شاء وبعضهم يقول: يحنث لمخالفته للمدلول الشرعي. ومحل هذا الخلاف إذا كانت اليمين بعد الحيض، أما إذا كانت قبله وفرط حتى حاضت، فإن القياس الاتفاق على حنثه.
الحنابلة - قالوا: إذا حلف ليقتلن فلاناً فإذا هوميت فإنه يحنث مطلقاً، سواء علم بموته قبل الحلف أولم يعلم، وكذا إذا قال: والله لأشربن ماء هذا الكوز ولا ماء فيه، سواء علم بأن فيه ماء أولم يعلم، وكذا إذا حلف ليضربن هذا الحيوان غداً فمات قبل أن يضربه فإنه يحنث ولولم يمض وقت يتمكن فيه من ضربه، وكذا إذا حلف ليأكلن هذا الطعام غداً فتلف قبل الغد فإنه يحنث، سواء تلف باختياره أو بغير اختياره، وكذا إذا حلف ليشربن هذا الماء اليوم، أوليضربن هذا الغلام فتلف الماء ومات الغلام قبل فعل المحلوف عليه، فإنه يحنث عند موت الغلام وتلف الماء، وكذا إذا أطلق يمينه ولم يقيدها بوقت كما إذا قال. والله لآكلن هذا الرغيف فتلف الرغيف قبل أن يأكله فإنه يحنث عند تلفه، وإذا قال: والله لأضربنه غداً فضربه قبل الغد فإنه لا يبر، كما إذا حلف ليصومن يوم الجمعة فصام يوم الخميس، وإذا مات الحالف قبل الغد أو جن حتى خرج الغد فإنه لا يحنث.
الشافعية - قالوا: إذا حلف ليقتلن فلاناً وهوميت فإنه يحنث مطلقاً، وإذا قال: والله ليأكلن هذا الطعام غداً فتلف الطعام بنفسه أو أتلفه أحد غيره وتمكن منعه عن إتلافه ولم يمنعه فإنه يحنث من الغد إذا مضى زمن يتمكن فيه من الأكل ولم يأكل، فمتى مضى ذلك الزمن حكم بحنثه ولوفسد الطعام في آخر يوم، وكذا إذا مات من الغد فإنه يحنث متى مضى زمن يتمكن فيه من الفعل قبل موته. فيحكم بحنثه عقب مضي ذلك الزمن، وإن مات في آخر النهار. وكذا إذا أتلف الطعام بنفسه قبل الغد فإنه لا يحكم بحنثه وقت الإتلاف، وإنما يحكم بحنثه بعد مضي زمن من الغد يتمكن فيه من الفعل، وإذا قدم فعل المحلوف عليه أو أخره مع تمكنه من الفعل في الوقت المحدد في يمينه فإنه يحنث، فإذا حلف ليقضين حَق فلان عند غروب الشمس فقضاه قبل ذلك مع تمكنه من القضاء في ذلك الوقت فإنه يحنث، وإذا شرع في مقدمة القضاء من وزن أو كيل ونحوهما قبل الوقت فتأخر القضاء عن الوقت فإنه لا يحنث.
الحنفية - قالوا: إذا كان المحلوف عليه مستحيلاً عقلاً وعادة فإن اليمين لا تنعقد ولا تبقى منعقدة
(4) المالكية - قالوا: الاستثناء إما أن يكون المشيئة أو يكون بإلا أو أحد أخواتها، فالاستثناء بالمشيئة لا يفيد إلا في اليمين بالله والنذر المبهم "هوالذي لم يعين فيه المنذور" فإن قال: والله لا أفعل كذا إن شاء الله، أن إلا أن يشاء الله، وفعله لا كفارة عليه بالشروط الآتية وكذا إذا قال: علي نذر لا أفعل كذا إن شاء الله أو إلا أن يشاء الله. أما إن قال عليه الطلاق إن فعل كذا أولم يفعل كذا إن شاء الله وحنث فإنه يلزمه ولا تنفعه المشيئة. واختلف في الاستثناء بإرادة الله وقضاء الله وقدره، وهل هومثل الاستثناء بمشيئة الله أولا؟ فقال بعضهم: إنه مثل الاستثناء بالمشيئة، فلوقال: والله لا أفعل كذا إن أراد الله، أو إن قدر الله، أو إن قضى الله وحنث لا كفارة عليه وهو الأظهر. وقال بعضهم: إن الذي ينفع هو الاستثناء بالمشيئة فقط.
أما الاستثناء بإلا أو أحد أخواتها فهوينفع في جميع الأيمان، فإذا قال: والله لا أكلم زيداً إلا يوم الخميس، أو ما خلا يوم قدومه، أو ما حاشا يوم عرسه، أو ما عدا يوم حزنه، أو ليس يوم مرضه، أو يكون يوم موته، فإنه يفيده فيما استثناه. وكذا إذا قال لامرأته: أنت طالق ثلاثاً إن دخلت الدار إلا واحدة نفعه الاستثناء بالشروط الآتية.
وينفع الاستثناء في جميع متعلقات اليمين، أي سواء كانت مستقبلة أو ماضية، منعقدة أو غموسا ومعنى نفعه في الغموس أنه يرفع الإثم. فمن حلف أنه يشرب البحر، أو يحمل الجبل، أو يميت الميت، استثنى بالمشيئة أو بإلا أو أحد أخواتها فلا إثم عليه، ومثل الاستثناء بإلا أو أحد أخواتها التقييد بشرط أو صفة أو غاية، فإذا قال: لا أدخل دار زيد إن كان فيها، أولا أدخل داره الكبيرة مثلاً، أولا أدخل داره إلى وقت كذا، أو مدة غيبته أو مرضه، أو في الشهر فإنه يفيده ذلك، ويشترط في صحة الاستثناء خمسة شروط،
الأول: أن يتصل الاستثناء بالمستثنى منه، سواء كان بالمشيئة أو بغيرها إلا لعارض لا يمكن رفعه، كالسعال أو العطاس أوانقطاع النفس أو التثاؤب. أما إذا سكت لتذكر شيء أو رد سلام ونحو ذلك فإن الاستثناء لا ينفع.
الشرط الثاني: أن ينوي النطق بالاستثناء أما إن جرى على لسانه سهواً بدون نية فإنه لا يفيد سواء كان بالمشيئة أو بإلا أو أحد أخواتها.
الثالث: أن يقصد بالاستثناء إبطال اليمين سواء كان القصد من أول التلفظ باليمين؛ أو في أثناء التلفظ به وهذا يفيد باتفاق، أما قصد ذلك بعد الفراغ من التلفظ به فإنه يفيد على المشهور إذا كان الاستثناء متصلاً على الوجه المتقدم، وهو يفيد ولو كان بتذكير الغير كأن يقول للحالف شخص آخر: قل إن شاء الله، فقالها عقب الفراغ من المحلوف عليه امتثالاً بدون فصل قاصداً حل اليمين فإنها تنفع. أما إذا لم يقصد حل اليمين بأن قصد التبرك بإن شاء الله أولم يقصد. فإن الاستثناء لا يفيد.
الرابع: أن ينطق بالاستثناء ولو سراً بحركة لسانه، ومحل كون النطق به سراً يفيد إذا لم يحلف على حَق الغير كبيع أو إجازة أو نحو ذلك لأن اليمين يكون حينئذ على نية المحلف وهولا يرضى بالاستثناء.
الشرط الخامس: أن لا ينوي أولاً ما أخرجه ثانياً بالاستثناء فإذا نوى إدخاله أولاً ثم أخرجه ثانياً لا ينفعه الاستثناء، بل ينبغي أن ينوي إخراجه قبل أن يحلف، فلوقال: كل حلال عليّ حرام لا أفعل كذا ونوى قبل أن يقول ذلك إخراج الزوجة ثم فعل المحلوف عليه لا شيء في الزوجة. أما إذا نوى إدخالها ثم أخرجها بالاستثناء فإنه لا ينفع، ويسمون هذه المسألة بالمحاشاة، لأنه حاشى الزوجة أولاً أي أخرجها من يمينه ومتى خرجت الزوجة كان اليمين لغواً، لأن تحريم الحلال في غير الزوجة والأمة لغو

يتبع

ابوالوليد المسلم 03-09-2020 05:41 AM

رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله
 

(5) الشافعية - قالوا: الاستثناء يفيد في جميع الأيمان والعقود بشروط خمسة:
الأول: أن يتصل المستثنى بالمستثنى منه اتصالاً عرفياًبحيث يعد في العرف كلاماً واحداً، فلا يضر الفصل بسكتة التنفس والعي وانقطاع الصوت والسعال اليسير، بخلاف السعال الطويل فإنه يضر. وكذا يضر الفصل بالكلام الأجنبي ولويسيراً، والسكوت الزائد على سكتة التنفس والعي وانقطاع الصوت.
الثاني: أن يقصد به رفع حكم اليمين، فإن لم يقصد به ذلك لا يفيد.
الثالث: أن ينوي الاستثناء قبل الفراغ من النطق باليمين.
الرابع: أن لا يستغرق المستثنى منه فلوقال: عليه الطلاق ثلاثاً إلا ثلاثاً لا يفيد، لأن المستثنى استغرق جميع المستثنى منه. الخامس: أن يتلفظ به بحيث يسمع نفسه عند اعتدال سمعه حيثلا يكون لغط.
الحنفية - قالوا: يشترط خلواليمين من الاستثناء سواء كان بالمشيئة أو بغيرها. فلوقال: لا أفعل كذا إن شاء الله، أو إلا أن يشاء الله، أو ما شاء الله، أو إلا أن يبدولي غيرهذا، أو إلا أن أرى. أو إلا أن أحب غير هذا، ثم فعله لا يحنث. وكذا إن قال: لا أفعل كذا إن أعانني الله، أو يسر الله، أوقال: بمعونة الله، أو بتيسيره ونحو ذلك ثم قعله لا يحنث ولا كفارة عليه. والاستثناء يفيد عندهم في اليمين بالله تعالى وغيره، إلا أنه إن قال في الطلاق: إن أعانني الله أو بمعونة الله وأراد به الاستثناء فإنه ينفع فيما بينه وبين الله ولا ينفع قضاء.
ويشترط لصحة الاستثناء شروط: الأول: أن يتكلم بالحروف بحيث يسمع نفسه، فإذا لم يسمع نفسه لا يصح الاستثناء على الصحيح إلا إذا كان أصم فإنه يصح استثناءه.
الثاني: أن يكون متصلاً فإذا فصل بين الاستثناء وبين المستثنى منه فاصل من غير ضرورة لا ينفع الاستثناء. أما إذا كان الفصل لضرورة تنفس أو عطاس أو جشاء أو كان بلسانه ثقل فطال تردده ثم قال: إن شاء الله فإنه يصح ولا يشترط قصد الاستثناء، فلوقال لامرأته: أنت طالق فجرى الاستثناء على لسانه بدون قصد لا يقع الطلاق، وهذا هوظاهر المذاهب.
الثالث: أن يزيد المستثنى على المستثنى منه كأن يقول: هي طالق ثلاثاً إلا أربعاً.
الرابع: أن يكون مساوياً كأن يقول: هي طالق ثلاثاً إلا ثلاثاً، فإذا استثنى الكل من الكل بغير لفظه صح الاستثناء كما إذا قال: نسائي طوالق إلا زينب وفاطمة وسلمى وليس له غيرهن. فإنه استثناء الكل من الكل بغير لفظه فيصح.
الحنابلة - قالوا: يفيد الاستثناء في كل يمين تدخلها الكفارة، كاليمين بالله تعالى، والظهار، والنذر، فلا يفيد في الطلاق، فإذا قال: والله لا أفعل كذا إن شاء الله، أو علي نذر إن فعلت كذا إلا أن يشاء الله، فإن يمينه لا تنعقد، ومثل مشيئة الله إرادة الله إن قصد بها المشيئة؛ أما إن قصد بإرادة الله محبة الله أوامره فإنها لا تفيده. وكذلك إذا أراد بالمشيئة أو الإرادة تحقيق المحلوف عليه لا التعليق، فإن الاستثناء حينئذ لا يفيد. ويشترط لصحة الاستثناء شروط:
الأول: أن يكون متصلاً بالمستثنى منه، فلا ينفع إذا انقطع عنه إلا إذا كان الانقطاع يسيراً كانقطاعه بتنفس أو سعال أو عطاس أوقيء أو تثاؤب فإنه في هذه الحالة يكون متصلاً حكماً.
الثاني: أن ينطق الحالف بالاستثناء بأن يتلفظ به، فلا ينفع أن يتكلم به في نفسه إلا إذا كان مظلوماً.
الثالث: أن يقصد الاستثناء قبل تمام النطق بالمستثنى منه، فلوحلف غير قاصد الاستثناء ثم عرض له الاستثناء بعد فراغه من اليمين لم ينفعه كذلك إذا أراد الجزم بيمينه فسبق لسانه إلى الاستثناء من غير قصد، أو كانت عادته جارية بالاستثناء فجرى على لسانه من غير قصد فإنه لا ينفعه.
الحنفية - زادوا في شروط اليمين: أن لا يفصل بينه وبين المحلوف عليه فاصل من سكوت ونحوه، فإذا أراد شخص أن يحلف آخر فقال: قل والله فقال مثله، ثم قال له: قل ما فعلت كذا فقال مثله، فإنه لا يكون ذلك يميناً منعقدة، لأنه حكى كلام غيره، والسكوت فاصل بين اسم الله وبين المحلوف عليه. وكذا لوقال عليّ عهد الله وعهد الرسول لأفعلن كذا ولم يفعل فإنه لا يحنث لأن عهد الرسول فاصل بين القسم وهوعهد الله، وبين المحلوف عليه، وعهد الرسول غير قسم.
وزاوا أيضاً الإسلام، وهوشرط اليمين الموجبة للعبادة من كفارة أو صلاة أو صيام
(6) الحنفية - قالوا: ينعقد اليمين بنوعين:
النوع الأول: أن يحلف بذكر اسم الله الكريم كأن يقول: والله وبالله، وينقسم هذا إلى قسمين: مختص به تعالى فلا يسمى به غيره كالله والرحمن والحكم هذا أن اليمين ينعقد به مطلقاً أي بدون نية أو حاجة إلى نظر إلى عرف، وغير مختص به بل يطلق عليه وعلى غيره كالعليم والحليم والمالك ونحو ذلك، وحكم هذا أن الحالف به إما أن يقصد اليمين، أو يقصد غير اليمين، أو لا يقصد شيئاً، فإن قصد اليمين انعقد يمينه بلا خلاف، وإن قصد غير اليمين لا ينعقد يمينه، لأنه نوى ما يحتمله كلامه، ويصدق في قوله إلا فيما يتعلق به حَق الغير، كالطلاق والإيلاء، فلو قال: إن حلفت يميناً فامرأتي طالق، أو لا أقرب زوجتي فوق أربعة أشهر ثم حلف بهذا وقال لم أقصد اليمين: لا يصدق قضاء ويصدق فيما بينه وبين الله، أما إذا لم يقصد شيئاً فإنه ينعقد على الراجح، لأن دلالة القسم تعين اليمين، وإذا قال: بسم الله لا أقوم، أو قال: واسم الله أعطيك درهماً كما يحلف به بعض النصارى، فقيل: ليس بيمين لعدم تعارض الحلف به واختاره بعضهم، وقيل إنه يمين لأن الاسم والمسمى واحد ورجحه بعضهم.
النوع الثاني: أن يحلف بصفة من صفاته تعالى، والمراد بالصفة هنا الصفة المحضة، كقدرة الله وعزته وعظمته. أما التي تدل على ذات وصفة كالعليم ونحوه فقد تقدم حكمها في النوع الأول، ولا فرق بين أن تكون الصفة صفة ذات أو صفة فعل، ولكن يشترط في انعقاد اليمين بالصفة أن يتعارف الناس الحلف بها، فإن الأيمان مبنية على العرف وهذا هو الصحيح.
والحلف بالقرآن وبكلام الله ينعقد به اليمين؛ لأنه صفة من صفات الله تعالى كعزة الله وجلاله وقد تعورف الحلف به بقطع النظر عن كونه النفسي أو اللفظي، أما الحلف بالمصحف كما يفعله العامة من وضع أيديهم على المصحف وقولهم: وحق هذا المصحف فإنه ليس بيمين، أما إذا قال: أقسم بما في هذا المصحف فإنه يكون يميناً. ولا ينعقد اليمين بصفة لم يتعارف الحلف بها كرحمة الله وعلمه ورضائه وغضبه وسخطه وعذابه ونفسه وشريعته ودينه وحدوده وصفته وسبحان الله ونحو ذلك.
الشافعية - قالوا: الصيغ التي تنعقد بها اليمين أربعة أنواع:
النوع الأول: أن يحلف بما اختص الله تعالى به بحيث لا يجوز إطلاقه على غيره. سواء كان مشتقاً كرب العالمين، أو غير مشتق كلفظ الله وسواء كان من أسماء الله الحسنى كالرحمن الرحيم، أو من غيرها كخالق الخلق، ومن نفسي بيده.
النوع الثاني: أن يحلف بما يطلق على الله تعالى وعلى غيره، ولكن الغالب فيه إطلاقه على الله كالرحيم والرازق والرب والخالق بدون إضافة إلى الخلق، فإن هذه تستعمل في غيره تعالى مقيدة فيقال: خالق الإفك ورحيم القلب ورازق الجيش ورب الدار ونحو ذلك.
النوع الثالث: أن يحلف بما يطلق على الله وعلى غيره بالتساوي كالموجود والعالم والحي، فإن هذه الأشياء تطلق على غير الله تعالى بلا قيد، وإنما ينعقد اليمين بهذه الأنواع الثلاثة إذا أراد اليمين، أما إذا لم يرد اليمين فإنها لا تنعقد، وفي ذلك ثلاث صور، لأنه لا يخلو: إما أن يقصد اليمين أو يقصد عدم اليمين، أو لا يقصد شيئاً بل يطلق، فإن اراد اليمين أو أطلقه تنعقد يميناً في الأنواع الثلاثة. أما إذا أراد عدم اليمين فإنها لا تنعقد في جميعها، ويقبل منه ذلك، فإذا قال: والله ما فعلت كذا وهو يريد أن يقول: وهو الله لم ينعقد يميناً، ويقبل قوله في ذلك إلا في الطلاق والعتاق والإيلاء ظاهراً، فلو قال: إن حلفت بالله فأنت طالق أو لا أطأ زوجي فوق أربعة أشهر، ثم حلف بعد ذلك بالله وقال: لم أرد اليمين لا يصدق ظاهراً وإن لم يكن آثماً باطناً، وهناك ثلاث صور أخرى وهي: أن يقصد بالصيغة الله تعالى، أو يقصد غيره. أو لم يقصد شيئاً، فإذا قصد بها الله تعالى انعقد اليمين في جميع الأنواع، وإن قصد غيره انعقد في
النوع الأول دون الأخيرين، لأن ما يختص بالله تعالى ينصرف إليه ولو قصد به غيره بخلاف المشترك بينه وبين غيره، فإن اليمين لا ينعقد إلا إذا قصد به الله تعالى. أما إذا لم يقصد شيئاً فإن اليمين تنعقد في النوعين الأولين، وهما ما يطلق على الله فقط، وما يطلق عليه وعلى غيره، ولكن الغالب إطلاقه على الله،
أما النوع الثالث، وهو ما يطلق عليه وعلى غيره بالتساوي، فإنه لا ينعقد إلا إذا قصد به الله تعالى فقط. لأنه لما أطلق عليهما بالتساوي أشبه الكناية فلا ينعقد إلا بالنية.
النوع الرابع: أن يحلف بصفة من صفاته الذاتية كعلمه وقدرته وعزته وكلامه ومشيئته وحقه وعظمته، أما صفات الأفعال كالخلق والرزق فليست بيمين، أما الصفات السلبية ففيها خلاف.
وإذا أراد بالصفة معنى آخر يحتمله اللفظ لا ينعقد اليمين كأن يريد بالعلم المعلوم. وبالقدرة المقدور، وبالباقي ظهور آثارها، فأثر العظمة والكبرياء هلاك الجبابرة، وأثر العزة العجز عن إيصال مكروه إليه، وأثر الكلام الحروف والأصوات وما أشبه ذلك.
وتنعقد اليمين بقوله: وكتاب الله ويمين الله والقرآن والمصحف والتوراة والإنجيل، إلا إذا أراد بالقرآن الخطبة والصلاة. فإنه يطلق عليهما لقوله تعالى: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له} فإن المراد به الخطبة، وقوله تعالى: {وقرآن الفجر} فإن المراد به صلاة الفجر فإنه في هذه الحالة لا ينعقد به اليمين، وكذلك لا ينعقد إذا أراد بالمصحف الورق أو الجلد، كما لا ينعقد إذا أراد بكلام الله الحروف والأصوات، أو بالقرآن الألفاظ أو النقوش.
وتنعقد بقوله: أقسم بالله، أو أحلف بالله، أو أقسمت بالله، أو حلفت بالله. إلا إذا أراد الإخبار بأنه فعل ذلك في الماضي وسيفعل في المستقبل فإنه لا ينعقد وهذا هو الراجح، وبعضهم يرى أنه إذا صرح بلفظ أحلف أو بأقسم فإنه لا يكون يميناً.
المالكية - قالوا: صيغة اليمين المنعقدة يلزم أن تكون بذكر اسم من أسماء الله الحسنى سواء كان موضوعاً للذات فقط كالله، أو موضوعاً لها ولصفة من الصفات كالرحمن الرحيم. وكذلك تنعقد بذكر صفة من صفاته، سواء كانت تلك الصفة نفسية وهي الوجود، أو كانت من صفات المعاني كقدرة الله وحياته وعلمه، أما الصفة السلبية كقدمه وبقائه ووحدانيته ففيها خلاف عندهم، فمن يرى أنها صفة حقيقة يقول: إنها يمين. ومن يرى أنها أمر اعتباري يقول: إنها ليست بيمين وأما صفات الأفعال كالخلق والرزق والإماتة ونحوها فإن الحلف بها لا ينعقد اتفاقاً، ولا بد من ذكر اللفظ، فلا ينعقد اليمين بالكلام النفسي على الراجح، ويكفي ذكره حكماً كما إذا قال: أحلف أو أقسم أو أشهد ولم يذكر الاسم الكريم فإنه يكتفي بتقدير لفظ بالله إذا نوى اليمين، وينعقد اليمين بقول الله وها الله وايم الله وحق الله وعظمته وجلاله وإرادته وكفالته بمعنى كلامه القديم، وكلامه والقرآن والمصحف إذا نوى به الكلام القديم، أما إذا نوى به الورق والكتابة، أو لم ينو شيئاً فإنه ليس بيمين، وكذا ينعقد بقوله: وعزة الله إن أراد به صفته تعالى وهي القوة والمنعة، أما إن أراد بها المعنى الذي يخلقه الله في عباده فإنها لا تكون يميناً، ولا يجوز الحلف بها.
ومثلها وأمانة الله وعهده وعلى عهد الله، فإن أراد بالأمانة كلام الله تعالى وبالعهد كذلك فيمين، أما إن أراد بالأمانة الأمانة المعروفة المشار لها بقوله تعالى: {إنا عرضنا الأمانة} وأراد بالعهد العهد المعروف، فإنه لا ينعقد بها اليمين، ولا يجوز الحلف بها حينئذ.
وينعقد بقوله: أعزم بالله لأن معناه أقصد، فلا بد من ذكر الاسم بعده لفظاً بخلاف أحلف، أو أقسم، أو أشهد، فإنه يكفي فيها نية تقدير الاسم كما سبق. ولا تنعقد اليمين بقوله: لك عليّ عهد لا فعلت كذا أو لأفعلن كذا. وكذا لا تنعقد بقوله: أعطيك عهداً علي بأن أفعل كذا أو أتركه، ولا تنعقد بقوله: عزمت عليك بالله لا تقل كذا أو لا تفعلن كذا ولا تنعقد بقول: حاشا لله ما فعلت كذا ولا بقول: معاذ الله ما فعلت كذا أو لأفعلن كذا، ومعنى معاذ الله: الاعتصام والتحصن به تعالى: ويصح أن يكون بالدال أي معاد الله ومعناه العود والرجوع إليه تعالى.
ولا تنعقد بقوله: الله راع أو كفيل إن قصد بذلك الإخبار، أما إن نوى بها اليمين فتنعقد وكذلك تنعقد إذا جر لفظ الجلالة ونوى تقدير حرف القسم فإنها تكون يميناً ولو لم يقصد اليمين ولا يضر الفصل بين القسم وهو الله وبين المحلوف عليه بكلمة كفيل أو راع لأن الفصل عندهم بهذا لا يضر في انعقاد اليمين.
وإذا قال: يعلم الله إن قصد بها اليمين انعقدت وإلا فلا.
الحنابلة - قالوا: تنعقد اليمين بأمرين: الأول باسم الله تعالى كقوله: والله وبالله وتالله، وهذا تنعقد به اليمين مطلقاً وإن نوى غيره، لأنه مختص به تعالى، وأما ما يسمى به غيره - ولكن إذا أطلق ينصرف إلى الله، كالعظيم والرحيم والرب والمولى؛ فإن نوى به الله تعالى أو لم ينو شيئاً انعقد يميناً، وإن نوى به غير الله تعالى لا ينعقد يميناً، وإن حلف بشيء لا نصرف إلى الله إذا أطلق ولكن يحتمل إطلاقه على الله، كالشيء الموجود والحي والعالم والمؤمن والواحد والمكرم والشاكر، فإنه ينعقد يميناً إذا نوى به الله تعالى لأنه نوى باللفظ ما يحتمله، أما إذا نوى غير الله تعالى أو لم ينو شيئاً فإنه لا ينعقد يميناً.
وإذا حلف بشيء مضاف إلى اسم الله تعالى ينعقد يميناً كقوله: وحق الله وعهد الله واسم الله وأيمن الله "جمع يمين". وميثاق الله، وكبرياء الله، وجلال الله، ونحو ذلك، وتجب عليه الكفارة في ذلك إذا حنث. وكذا إذا قال: عليّ عهد الله وميثاقه فإنه ينعقد يميناً لإضافته إلى الله وينعقد اليمين بأمانة الله ولكن يكره، وقد اختلف في الكراهة فقيل: تحريمية وقيل: تنزيهية وإذا قال: والعهد والميثاق والأمانة ونحو ذلك بدون إضافة إلى اسم الله تعالى لا ينعقد بها اليمين إلا إذا أراد صفة الله تعالى. وينعقد اليمين بقوله: لعمر الله وإن لم ينوبه اليمين، ومعناه الحلف ببقاء الله تعالى وحياته.
الثاني: الحلف بصفة من صفاته تعالى نحو والرحمن والقديم والأزلي وخالق الخلق ورازق العالمين، ورب العالمين، والعالم بكل شيء، ورب السموات والأرض، والحي الذي لا يموت، والأول الذي ليس قبله شيء، ومالك يوم الدين، وعظمة الله وقدرته وعزته وإرادته، وعلمه وجبروته ووجهه. فينعقد الخلف بهذه الصفات وإن لم ينو اليمين، أو نوى بها غير الله تعالى كأن نوى بالقدرة المقدور، وبالعلم المعلوم ونحو ذلك، لأنها صريحة في المقصود فلم تفتقر إلى نية.
وينعقد الحلف بكلام الله لأنه صفة من صفاته تعالى: وينعقد بالمصحف بدون كراهة لأن الحالف إنما يقصد الحلف بالمكتوب فيه وهو القرآن. وكذلك الخلف بالقرآن أو بسورة منه أو بآية أو بحق القرآن فإنه ينعقد يميناً، وكذلك ينعقد الحلف بالتوراة أو الإنجيل أو الزبور أو الفرقان أو صحف إبراهيم وموسى، فهي كلام الله تعالى وينصرف اليمين إلى غير المبدل منها.
وينعقد اليمين بقول: أحلف بالله، أو أشهد أو أقسم أو أعزم، كما ينعقد بقوله: أقسمت أو شهدت أو حلفت أو آليت أو عزمت بالله، وإذا لم يذكر اسم الله لم يكن يميناً إلا إذا نوى الإضافة إلى الله تعالى.
وإن قال: نويت بقول أقسمت بالله ونحوه الخبر عن قسم ماضي يقبل قوله قضاء.
ولا ينعقد اليمين بقول: أستعين بالله، أو أعتصم بالله، أو أتوكل على الله، أو علم الله، أو عز الله، أو تبارك الله، أو الحمد لله، أو سبحان الله، ونحوه ولو نوى به اليمين


الساعة الآن : 09:56 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 228.85 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 228.35 كيلو بايت... تم توفير 0.50 كيلو بايت...بمعدل (0.22%)]