ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى الأمومة والطفل (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=16)
-   -   أهمية مقاصد الزواج في تحقيق الأمن المجتمعي (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=205309)

ابوالوليد المسلم 21-07-2019 11:03 PM

أهمية مقاصد الزواج في تحقيق الأمن المجتمعي
 
أهمية مقاصد الزواج في تحقيق الأمن المجتمعي


زهراء الشرفي


إن الرسول صلى الله عليه وسلم ربط الزواج بغايات وأهداف ومقاصد، من بينها: مقصد تحقيق السكينة، ومقصد إنشاء الجيل الذي يُكاثِر به الرسولُ صلى الله عليه وسلم الأممَ، ثم مقصد النقاوة الاجتماعية؛ مما أدَّى إلى نشر الأمن في أوساط الأُسَر، وفيما يلي بعض مظاهر الأمن في هذه المقاصد:
1- مظهر الأمن من خلال مقصد تحقيق السكينة:
من المعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم بيَّن لهم الغاية من الزواج، فهو ينبغي أن يكون رمزًا للأمن والاستقرار والأنس والمحبة، والآية توضح ذلك ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾ [الروم: 21].
إن الناظر لتفسير المراغي لهذه الآية يجد أنه فسَّرها بما يلي: "من آياته الدالة على البعث والإعادة: أن خلق لكم أزواجًا من جنسكم لتأنسوا بها، وجعل بينكم المودة والرحمة؛ لتدوم الحياة المنزلية على أتم نظام"[1]؛ أي: إن المقصد من الزواج تحقيق الأنس والأُلفة ما بين الزوجين، فالآية إذًا تشير لنا - كما أكَّد لنا د/راغب السرجاني في كتابه الأخلاق في الحضارة الإسلامية - إلى أركان ثلاثة تتحقق بها السعادة الزوجية: المودة، والرحمة، والأنس، وفي قول آخر له أكَّد لنا أن الإسلام قد هدف "من وراء الزواج حصول السكن النفسي للفرد"[2]، والناظر لمظهر الأمن في هذا المقصد يتبيَّن له أنه يتجلى لنا في كونه يعتبر حافزًا لسعي الأسر لتحقيق هذه السكينة والمحافظة على المودة والرحمة التي جعلها الله غاية من الزواج لتحقيق أمن نفسي للأسرة.
خلاصة القول: إن مقصد السكينة يحقق لنا أمنًا نفسيًّا للأزواج، فينتج عنه أمن نفسي للأبناء؛ مما ينتج عنه أمن اجتماعي، وبهذا يمكن اعتبار هذا المقصد من بين المقاصد المهمة التي ينبغي أن يأخذها الأزواج كمبدأ أساسي في حياتهم الزوجية، خصوصًا في هذا العصر الذي أصبحت فيه العلاقات الزوجية تنخرم لمجرد أيسر الأشياء؛ للمحافظة على استقرار وأمن الأسر.
2- مظهر الأمن من خلال مقصد النسل الذي يكاثر به الرسولُ صلى الله عليه وسلم الأممَ:
مما ينبغي الإشارة إليه هو أن الرسول صلى الله عليه وسلم ربط كذلك الزواج بمقصد آخر ضابط لهذه العلاقة الزوجية، متعلق بإنشاء النسل الذي يباهي به الرسول صلى الله عليه وسلم الأمم، دل على ذلك الحديث التالي الذي يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: "عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((انْكِحُوا، فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ))[3] ، والمتأمل لشرح محمد فؤاد عبدالباقي لكلمة مكاثر يجد أنها تدل على ما يلي: "مفاخر بكثرتكم"[4].
إن ربط الزواج بهذه الغاية السامية يحتم على الأزواج ضرورة تربية أولادهم تربية صالحة؛ من أجل أن يكون هذا النسل في المقام الذي يباهي به الرسول صلى الله عليه وسلم، ويتجلَّى لنا مظهر الأمن هنا في كون هذه التربية سيكون لها أثر كبير في تحقيق الأمن الاجتماعي في المجتمع، كما أن ربط الزواج بهذا النوع من النسل يحتم على الأجيال والمجتمعات أن تكون أجيالًا صالحة متدينة ومصلحة، تربطها علاقات الوحدة والتعاون وحب الخير، وهذا من بين العوامل المهمة كذلك في نشر الأمن الروحي والاجتماعي، والمتأمل كذلك في مظهر الأمن المتمثل في هذا المقصد يتبيَّن له أنه يوجهنا أيضًا إلى ضرورة الاعتناء بالحالة الصحية والنفسية للأبناء؛ أي: إن تحقيق هذا المقصد يفضي بنا إلى تحقيق أمن اجتماعي وصحي ونفسي وروحي.
3 - مظهر الأمن من خلال مقصد النقاوة الاجتماعية:
مما لا شك فيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم عمل على منع الأنكحة الفاسدة التي كانت متفشية في المجتمع المدني، وحرم كل العلاقات غير الشرعية، واستبدل بها الزواج الشرعي، ويتجلى لنا مظهر الأمن في هذه الخطوات العملية التي قام بها صلى الله عليه وسلم في كون استبدال الزواج بهذه الأنكحة الفاسدة أدَّى إلى نقاوة المجتمع، وتطهير البيوت والأسر من النسل الفاسد الذي كان منتشرًا في الجاهلية، وأدَّى إلى صفاء العلاقات الاجتماعية وسلامة المجتمع، بالإضافة إلى أن أثر الأمن في هذا المقصد يتَّضح لنا من خلاله أنه يسهم لنا في نقاوة الأخلاق؛ نتيجة سلامة المجتمع من الفساد الأخلاقي.
والخلاصة: أن ربط الزواج بمقصد النقاوة يؤدي إلى أمن اجتماعي كنتيجة للنقاوة الاجتماعية والأخلاقية ونقاوة الأنساب، وأمن صحي نتيجة للنقاوة من الأمراض الناتجة عن هذه الأنكحة الفاسدة والعلاقات غير الشرعية.
تلمس بعض المناهج الآمنة من خلال هذه المقاصد التي ربط الرسول صلى الله عليه وسلم بها الزواج:
ربط الرسول صلى الله عليه وسلم الزواج بغاية وهي حصول السكينة للأزواج:
يوجهنا إلى أن الإنسان ينبغي أن يحدد أهدافًا وغايات في حياته تحقِّق له السكينة والمودَّة والأُلْفة بين الناس.
هذا المقصد يدفعنا إلى محاولة إيجاد أهداف مشتركة بين الناس، تُحقِّق لنا أمنًا نفسيًّا واجتماعيًّا لنا وللآخرين؛ لأن السكينة هي هدف مشترك بين الزوجين.

مقصد إنشاء النسل الذي يُباهي به الرسول صلى الله عليه وسلم، يدعونا إلى التساؤل: هل نحن نكتسب من الأخلاق والقيم والصفات ما يؤهِّلنا لنكون ممَّن يُباهي ويُكاثر بهم الرسول صلى الله عليه وسلم؟ أي: إنها توجهنا إلى مبدأ "اسأل نفسك، وحاسب نفسك".

[1] تفسير المراغي؛ أحمد مصطفى المراغي، مصطفى الحلبي بمصر، ط 1 1365هـ، ج 21، ص 37.

[2] الأخلاق والقيم في الحضارة الإسلامية، د/ راغب السرجاني، ص 46.

[3] سنن ابن ماجه، النكاح، ج1، ص599، رقم 1863.

[4] المرجع نفسه، ج1، ص592.







الساعة الآن : 11:23 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 10.55 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 10.45 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.89%)]