ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   الملتقى الاسلامي العام (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=3)
-   -   أقسام الحكم الشرعي (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=209691)

ابوالوليد المسلم 06-08-2019 10:21 PM

أقسام الحكم الشرعي
 
أقسام الحكم الشرعي
د. شريف فوزي سلطان






الأحكام سبعة: الواجب، والمندوب، والمباح، والمحظور، والمكروه، والصحيح، والباطل.

يقصد مصنف متن الورقات - رحمه الله - الأحكامَ بنوعيها: التكليفية، والوضعية.
فالتكليفية خمسة: الواجب، والمندوب، والمباح، والمحظور، والمكروه.
والوضعية خمسة: السبب، والشرط، والمانع، والصحة، والبطلان، وذكر المصنف رحمه الله هنا اثنين منها.

فائدة: الفرق بين الأحكام التكليفية والوضعية:
الأحكام التكليفية: هي ما دلَّ عليه خطاب الشرع من طلب فعل، أو ترك أو تخيير، فطلب الفعل: الواجب والمندوب، وطلب الترك: المحظور والمكروه، والتخيير: المباح.

الأحكام الوضعية: هي ما دل عليه خطاب الشرع من أسباب وشروط وموانع، تُعْرف أحكام الشرع التكليفية عند وجودها، فرؤية الهلال سبب وجوب الصيام، والوضوء شرط للصلاة، والحيض مانع منها، ويترتَّب على ذلك كله الصحة والبطلان.

فالواجب: ما يُثاب على فعله، ويُعاقب على تركه.

هذا التعريف الذي ذكره المصنف هو ما يُسمِّيه العلماء بالتعريف بالأثر؛ أي: المترتب عليه، وأكثر الأصوليين يُعرِّفونه بالحدِّ؛ أي: ببيان حقيقته، وهذا بلا شكٍّ أدقُّ وأضبطُ، ولهذا قالوا: الواجب ما أمر به الشارع أمرًا لازمًا؛ كالصلاة، والصدق، وبِرِّ الوالدين، وصلة الرحم، والحب في الله.

ويمكن الجمع بين التعريفين - التعريف بالحَدِّ والتعريف بالأثر- فيكون الواجب: "ما أمر به الشارع أمرًا جازمًا بحيث يُثاب فاعلُه امتثالًا، ويستحقُّ تاركُه العقاب".

فائدة: وإنما قلنا: "يُثاب فاعلُه امتثالًا"؛ لأن النية شرط في صحة العبادة.
وقلنا: "يستحق تاركُه العقاب"؛ لأن الله تعالى قد يعفو ويصفح.

فائدة: الواجب ينقسم باعتبارات متعددة، منها:
♦ الواجب العيني والكفائي:
فالعيني: ما طلبه الشارع من كل مكلف بعينه؛ كالصلوات الخمس، والصيام.
والكفائي: ما طلب الشارع حصوله من جماعة المكلفين، لا من كل فرد منهم؛ كدفن الميت، وصلاة الجنازة، والأذان.

♦ الواجب المطلق والمقيد:
فالمطلق: ما طلبه الشارع دون أن يُحدِّده بوقت معين، ولا إثم مع التأخير، وإن كان ينبغي المبادرة؛ لأن الآجال مجهولة؛ مثل: قضاء الدَّيْن، والكفَّارة الواجبة على من حنث في يمينه.
والمقيد: ما طلبه الشارع مُعَيِّنًا وقته، ويحصل الإثم بالتأخير؛ مثل: الصلوات الخمس، وصوم رمضان.

♦ الواجب المقدَّر وغير المقدَّر:
فالمقدر: ما عيَّن الشارع منه مقدارًا محددًا؛ كالزكاة.
وغير المقدر: مالم يُعيِّن الشارع مقداره؛ كالنفقة على الزوجة، والتعاون على البِرِّ.

♦ الواجب المعين وغير المعين (المخير):
فالمعين: ما طلبه الشارع بعينه؛ كالصلاة، ورد المغصوب إن كان قائمًا.
وغير المعين (المخير): ما خَيَّر الشارع المكلَّف فيه بين أمور معلومة؛ ككفَّارة اليمين، فإن الواجب على المكلف فيها واحد من ثلاثة أشياء: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو عتق رقبة، وذلك عند الاستطاعة، وعند عدمها، فالواجب معيَّن وهو صيام ثلاثة أيام.

والمندوب: ما يُثاب على فعله، ولا يعاقب على تركه.

والمندوب: يُقال فيه ما قيل في الواجب، من أن هذا تعريف بالأثر؛ لكن تعريفه عند الأصوليين: "ما أمر به الشارع أمرًا غير جازم"، ويمكن الزيادة على ذلك جمعًا بين التعريفين، فنقول: الواجب: "ما أمر به الشارع أمرًا غير جازم بحيث يُثاب فاعلُه امتثالًا، ولا يُعاقب تاركه"؛ مثل: ركعتي الضحى، وصيام الاثنين والخميس.

فائدة: معرفة كون الأمر على سبيل الإلزام أو غيره من خلال القرائن، فإذا وُجدت قرينة تصرف الأمر من الإيجاب إلى الندب، أخذنا بها؛ وإلَّا أبقيناه على أصله من الجزم، وسيأتي ذلك في باب الأمر والنهي.

والمباح: ما لا يُثاب على فعله، ولا يُعاقب على تركه.

والمباح كذلك يُقال فيه ما قيل فيما قبله، من أن ما عرَّفه به المصنف رحمه الله تعريفٌ بأثره؛ لكن حده عند أكثر الأصوليين: "ما خُيِّر المكلف بين فعله وتركه"، ويمكن الزيادة على ذلك: "بحيث لا ثواب على فعله، ولا عقاب على تركه"؛ مثل: حل ميتة البحر، والتنزُّه.

فائدة: فإن قيل: كيف دخل المباح في ضمن الأحكام التكليفية مع أنه لم يتعلَّق به طلب؟
الجواب: لأن التخيير خاص بالمكلف، وقيل: لوجوب اعتقاده مُباحًا.

فائدة: يعرف المباح:
أ‌- بالنص على حله؛ قال تعالى: ﴿ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ ﴾ [البقرة: 187].

ب‌- بالنص على نفي الحرج عن فاعله؛ قال تعالى: ﴿ لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ ﴾ [البقرة: 236].

ت‌- باستصحاب البراءة الأصلية، فعند انتقاء الدليل الدال على الإيجاب أو الندب أو الحظر أو الكراهة تكون الإباحة.

ث‌- بالقرائن الصارفة إلى الإباحة؛ قال تعالى: ﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الجمعة: 10].

فائدة: قد يصير المباح واجبًا إذا كان وسيلة إلى واجب؛ كشراء الماء على القادر عند عدم وجوده، للوضوء.
وقد يصير مُحرمًا إذا كان وسيلة إلى محرم؛ كالبيع بعد نداء الجمعة، وكذلك قد يصير مستحبًّا ومكروهًا.

والمحظور: ما يُثاب على تركه ويعاقب على فعله.

ويُقال في المحظور ما قيل في غيره من أن ما عرَّفه به المصنف تعريفٌ بأثره؛ لكن حدَّه عند أكثر الأصوليين: "ما نهى عنه الشارع نهيًا جازمًا، ويمكن الزيادة على ذلك: "بحيث يُثاب تاركه امتثالًا، ويستحق فاعلُه العقاب"؛ مثل: الرياء، وقطيعة الرحم، والعقوق، والغيبة، ونحو ذلك.

فائدة: يعرف المحظور (الحرام):
بالنص على التحريم؛ كحديث: ((كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ؛ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ))؛ [رواه مسلم].
بالنهي المطلق: "قال تعالى: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ﴾ [الإسراء: 32].
بالنص على نفي الحل: قال تعالى: ﴿ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا ﴾ [البقرة: 229].
بالنص على العقوبة على الفعل: قال تعالى: ﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [المائدة: 38].

والمكروه: ما يُثاب على تركه، ولا يُعاقب على فعله.

ويُقال في المكروه ما قيل في غيره من أن تعريف المصنف له تعريف بأثره؛ لكن تعريفه بحقيقته: ما نهى عنه الشارع نهيًا غير جازم، ويمكن الزيادة: "بحيث يُثاب تاركه امتثالًا، ولا يُعاقب فاعله"؛ مثل: الالتفاف في الصلاة، والتبسُّم فيها، ونحوه.

فائدة: ويعرف المكروه: بالنهي المصروف إلى الكراهة: "كنهيه صلى الله عليه وسلم عن الشرب قائمًا"، والحديث رواه مسلم، وقد صُرف هذا النهي إلى الكراهة "بشرب النبي صلى الله عليه وسلم من زمزم قائمًا"؛ [رواه مسلم] كذلك.

فائدة: جمهور العلماء يُطلقون اسم المكروه على ما كُره تنزيهًا، والمتقدِّمون من الفقهاء والسلف كانوا يُطلقون المكروه على المحرَّم ورعًا وحذرًا.

والصحيح: ما يتعلق به النفوذ ويُعتدُّ به، والباطل: ما لا يتعلق به النفوذ ولا يُعتدُّ به.

وما عرفه المصنف رحمه الله للصحيح والباطل هو كذلك تعريف لهما بأثرهما، وما يترتَّب عليهما من اعتداد وعدمه.

أما تعريفهما بحدِّهما:
فالصحيح: ما وافق الشرع مما يقع على وجهين: أحدهما موافق، والآخر مخالف.
والباطل: ما خالف الشرع مما يقع على وجهين: أحدهما موافق، والآخر مخالف.

مثال:

الصلاة إذا اجتمعت شروطُها وأركانها وواجباتها، وانتفت مُبطلاتها، فهي صحيحة، وعلى ذلك يترتَّب أثرُها وهو الاعتداد بها شرعًا، والعكس بالعكس.

البيع إذا اجتمعت شروطُه وأركانُه، وانتفت مبطلاتُه فهو صحيح، وعليه يترتَّب أثرُه وهو نفاذه شرعًا، والعكس بالعكس.






الساعة الآن : 02:11 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 15.38 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 15.29 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.61%)]