ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى الفتاوى الشرعية (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=43)
-   -   هل أطفال المشركين في الدنيا كفار حقيقةً أم حكماً ؟ (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=219257)

ابوالوليد المسلم 12-12-2019 10:01 PM

هل أطفال المشركين في الدنيا كفار حقيقةً أم حكماً ؟
 
هل أطفال المشركين في الدنيا كفار حقيقةً أم حكماً ؟


الاسلام سؤال وجواب

السؤال:
قال ابن القيم الجوزية رحمه الله تعالى أوﻻد المشركين مشركين تبعاً لآبائهم في أحكام الدنيا. هل يأثم من يقول إنهم كفار كفر مجازي وليس كفر حقيقي ؟


الجواب :
الحمد لله
أولاً :
اختلف العلماء في حكم أطفال المشركين في الآخرة ، وقد سبق بيان أنهم يمتحنون كما يمتحن أهل الفترة ونحوهم ، فمن أطاع منهم دخل الجنة ، ومن عصى منهم دخل النار .
وينظر جواب السؤال رقم: (6496) .
ثانياً :
أما في الدنيا فأطفال المشركين تبعٌ لآبائهم في الأحكام ، كالإرث والنكاح والقصاص والديات وغير ذلك ، فلا يغسلون ولا يصلى عليهم ولا يدفنون في مقابر المسلمين .
قال ابن القيم رحمه الله : " قد علم بالاضطرار من شرع الرسول صلى الله عليه وسلم أن أولاد الكفار تبع لآبائهم في أحكام الدنيا " انتهى من "شفاء العليل" (ص 298).
وكون أطفال المشركين يتبعون آبائهم في أحكام الدنيا لا يعني أنهم في حقيقة الأمر كفار ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ ) رواه البخاري (1385) ، ومسلم (2658).
فهم كلهم مولودون على الفطرة ، ومنهم من يدخل الجنة حتماً.
وإنما يقال : هم كفار حكماً تبعا لآبائهم ، لا حقيقة.
قال ابن القيم رحمه الله : " وَكَوْنُ الصَّغِيرِ يَتْبَعُ أَبَاهُ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا هُوَ لِضَرُورَةِ حَيَاتِهِ فِي الدُّنْيَا ، فَإِنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُرَبٍّ يُرَبِّيهِ ، وَإِنَّمَا يُرَبِّيهِ أَبَوَاهُ ، فَكَانَ تَابِعًا لَهُمَا ضَرُورَةً " انتهى من "أحكام أهل الذمة" (2/1047).
قال : " فَإِذَا سُبِيَ الطِّفْلُ مُنْفَرِدًا عَنْ أَبَوَيْهِ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ ؛ لِأَنَّهُ صَارَ تَحْتَ وِلَايَتِهِ [ أي ولاية الإسلام ] ، وَانْقَطَعَتْ وِلَايَةُ الْأَبَوَيْنِ عَنْهُ ، هَذَا مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ " انتهى من "أحكام أهل الذمة" (2/924).
وقال : " وَاحْتَجَّ الْفُقَهَاءُ وَالْأَئِمَّةُ بِهَذَا الْحَدِيثِ - يعني حديث : ( كل مولود يولد على الفطرة ) - وَوَجْهُ الْحُجَّةِ مِنْهُ : أَنَّهُ إِذَا وُلِدَ عَلَى الْمِلَّةِ فَإِنَّمَا يَنْقُلُهُ عَنْهَا الْأَبَوَانِ اللَّذَانِ يُغَيِّرَانِهِ عَنِ الْفِطْرَة ِ، فَمَتَى سَبَاهُ الْمُسْلِمُونَ مُنْفَرِدًا عَنْهُمَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ يُغَيِّرُ دِينَهُ ، وَهُوَ مَوْلُودٌ عَلَى الْمِلَّةِ الْحَنِيفِيَّةِ ، فَيَصِيرُ مُسْلِمًا بِالْمُقْتَضي السَّالِمِ عَنِ الْمُعَارِضِ .
وَلَوْ كَانَ الْأَبَوَانِ يَجْعَلَانِهِ كَافِرًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِدُونِ تَعْلِيمٍ وَتَلْقِينٍ لَكَانَ الصَّبِيُّ الْمَسْبِيُّ بِمَنْزِلَةِ الْبَالِغِ الْكَافِرِ ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَافِرَ الْبَالِغَ إِذَا سَبَاهُ الْمُسْلِمُونَ لَمْ يَصِرْ مُسْلِمًا ؛ لِأَنَّهُ صَارَ كَافِرًا حَقِيقَةً ، فَلَوْ كَانَ الصَّبِيُّ التَّابِعُ لِأَبَوَيْهِ كَافِرًا حَقِيقَةً لَمْ يَنْتَقِلْ عَنِ الْكُفْرِ بِالسِّبَاءِ، فَعُلِمَ أَنَّهُ كَانَ يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الْكُفْرِ فِي الدُّنْيَا تَبَعًا لِأَبَوَيْهِ ، لَا لِأَنَّهُ صَارَ كَافِرًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ " انتهى من "أحكام أهل الذمة" (2/1047).
وقال أيضا :
" قال شيخنا - يعني ابن تيمية - : " والإجماع والآثار المنقولة عن السلف لا تدل إلا على القول الذي رجحناه ، وهو أنهم على الفطرة ، ثم صاروا إلى ما سبق في علم الله فيهم من سعادة وشقاوة " انتهى من "شفاء العليل" (ص 292).
وقد عرضنا هذه المسألة على شيخنا عبد الرحمن البراك حفظه الله تعالى ، فقال : " أطفال المشركين كفار حكماً لا حقيقةً ، ومعنى الكفر الحكمي : أنهم يتبعون آبائهم في أحكام الدنيا" انتهى .
ثالثاً :
من فقه المسلم انشغاله بأمر نفسه ، وما يهمه من أمر دينه ، وعدم انشغاله بمسائل الخلاف التي لا ينفعه الانشغال بها ، ولا يضره ترك الانشغال بها .
ومسألة أطفال المشركين مما ينبغي على عموم المسلمين ألا يستكثروا من السؤال عنها ، وقد صح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : " لَا يَزَالُ أَمْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ قِوَامًا أَوْ مُقَارِبًا مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا فِي الْوِلْدَانِ وَالْقَدَرِ " ، رواه عبد الله بن أحمد في "كتاب السنة" (2/401).
قال ابن حبان في صحيحه (6724): " الْوِلْدَانُ: أراد به أطفال المشركين " .
والله أعلم .




الساعة الآن : 11:53 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 8.09 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 8.00 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (1.16%)]