ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى القرآن الكريم والتفسير (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=57)
-   -   فإن مع العسر يسرا (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=217740)

ابوالوليد المسلم 25-11-2019 11:53 PM

فإن مع العسر يسرا
 
فإن مع العسر يسرا


د. أحمد خضر حسنين الحسن

قال الله تعالى: ﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾ [الشرح: 5، 6].

أولًا: سبب النزول:
قال القرطبي رحمه الله تعالى: (والصحيح أن يقال: إن الله بعث نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم مُقلًّا مُخِفًّا، فعيَّره المشركون بفقره، حتى قالوا له: نجمع لك مالًا فاغتمَّ وظن أنهم كذبوه لفقره فعزاه الله، وعدَّد نعمه عليه، ووعده الغنى بقوله: فإن مع العسر يسرًا).
ثانيًا: تضمنت الآيات بحسب ما ورد في سبب النزول وقوع المشركين في تعيير النبي صلى الله عليه وسلم بالفقر، وهذا النوع من التعيير يدل على عدم التأدب منهم، وأن الحيلة قد أعيتهم عن أن يجدوا ما يعيبون به الرسول صلى الله عليه وسلم؛ ليردوا الحق بباطلهم.
ثالثًا: جاء دفاع الله تعالى عن نبيه صلى الله عليه وسلم، وردَّ على هؤلاء المفترين وسلَّى سيد المرسلين بإخباره بما سيؤول إليه أمره من الغنى والتمكين، وذلك بأجمل عبارة وألطف إشارة، فقال سبحانه: بعد أن ذكره بما أنعم به عليه في الماضي:
1- ﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾ [الشرح: 5]، هذا مما يدخل السرور على قلبه صلى الله عليه وسلم، وما يبعث الأمل في نفسه وفي نفوس أصحابه، بأن بيَّن لهم سنة من سننه التي لا تتخلف، فقال: ﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾، المعنى: إذا تقرر عندك ما أخبرناك به من شرح الصدر، ووضع الوزر، ورفع الذكر، فاعلم أنه ما من عسر إلا ويعقبه يسرٌ، وما من شدة إلا ويأتي يبعدها الفرج، وما مِن غَمٍّ أو هم، إلا وينكشف، وتحل محله المسرة... وما دام الأمر كذلك، فتذرَّع أنت وأصحابك بالصبر، واعتصموا بالتوكل على الله، فإن العاقبة لكم.
2- في هاتين الآيتين ما فيهما من تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم ولأتباعه، ومن وعد صادق بأن كل صعب يلين، وكل شديد يهون، وكل عسير يتيسر، متى صبر الإنسان الصبر الجميل، وتسلح بالعزيمة القوية، وبالإيمان العميق بقضاء الله تعالى وقدره؛ أي: لا يحزنك ما عيَّروك به من الفقر، فإن مع ذلك العسر يسرًا عاجلًا؛ أي: في الدنيا، فأنجز له ما وعده فلم يمت حتى فتح عليه الحجاز واليمن، ووسع ذات يده، حتى كان يعطي الرجل المائتين من الإبل، ويهب الهبات السَّنية، ويعد لأهله قوت سنة، فهذا الفضل كله من أمر الدنيا وإن كان خاصًّا بالنبي صلى الله عليه وسلم، فقد يدخل فيه بعض أمته إن شاء الله تعالى.
3- وورد في كتب التفسير قول ابن عباس: يقول الله تعالى خلقت عسرًا واحدًا، وخلقت يسرين، ولن يغلب عسر يسرين.
4- وليس هناك تكرار في الآية الثانية، بل قال القرطبي: (ثم ابتدأ فضلًا آخرَ من الآخرة، وفيه تأسية وتعزية له صلى الله عليه وسلم، فقال مبتدئًا: إن مع العسر يسرًا فهو شيء آخر، والدليل على ابتدائه، تعريه من فاء أو واو، أو غيرها من حروف النسق التي تدل على العطف، فهذا وعد عام لجميع المؤمنين، لا يخرج أحد منه؛ أي: إن مع العسر في الدنيا للمؤمنين يسرًا في الآخرة لا محالة، وربما اجتمع يسر الدنيا ويسر الآخرة.
5- إن تعيير المشركين له صلى الله عليه وسلم بالفقر، كان سببًا في نزول هذه الآيات التي كشفت عن المستقبل الذي ينتظره صلى الله عليه وسلم، وينتظر أتباعه، وهو مستقبل يَسُرُّ المؤمنين ويُحزن الكافرين، أما كان الأولى بأولئك المفترين ألا يتعرَّضوا لخاتم النبيين، وأن يمسكوا ألسنتهم عن تعييره، ثم بعد الذي حصل منهم وبعد نزول الآيات، أما كان الأجدر بهم - لو كان لهم ذرة من عقل - أن يؤمنوا به ويتبعوه، لكن أنى لهم أن يتبعوه والعقول فارغة من الفهم والصدور ممتلئة بالحقد؟!







الساعة الآن : 05:26 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 6.83 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 6.74 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (1.37%)]