ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى القرآن الكريم والتفسير (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=57)
-   -   تفسير: واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=205217)

ابوالوليد المسلم 18-07-2019 06:00 PM

تفسير: واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب
 
تفسير: واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب
الشيخ عبد القادر شيبة الحمد






قال الله تعالى: ﴿ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ * ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ * وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾ [ص: 41 - 44].


المناسبة:
بعد أن ذكرَ الله قِصَّتَيْ داود وسليمان عليهما السلام، المُبْرِزَتَيْنِ آلاءَ الله على عبادِه الصالحين، المبيِّنَتَيْنِ قُرْبَ أمدِ الفتن التي يُفتن بها المرسلون ذكر قصة أيوب عليه السلام؛ لِتَضَمُّنِهَا المعنى السابق في القصتين السابقتين تأكيدًا وتقريرًا.


القراءة:
قرأ الجمهور (أني مَسَّني) بفتح الهمزة، وقرئ (إني مسني) بكسرها، وقرئ (بنُصب) بضم النون وسكون الصاد، وقرئ (بنصب) بضمتين، وقرئ أيضًا (بنصب) بفتحتين.


المفردات:
(أيوب) أحد أنبياء بني إسرائيل، (نادى) دعا، (مسني) أصابني، (بنصب) على جميع القراءات بمعنى: التعب والمشقة، فهي لغات فيها معنى واحد، من قولهم: أنصبني، وقيل: إنها على القراءة الأولى جمع نصب كـ(وُثُن ووَثَن)، (عذاب)؛ أي: ألم، (اركض برجلك) أي اضرب بها، (مغتسل)؛ أي: ماء تغتسل به، (وهبنا) أعطينا، (أهله) زوجته وأولاده الذي كانوا معه فسلَّمهم له وجمع بينهم، (مثلهم) مقدارهم، (ذكرى) عبرة، (ضغثًا) قال ابن عباس: المراد عثكال النخل، وقال الضحاك: حزمة من الحشيش مختلفة، وقال الأخفش: هو الشجر الرطب، وقيل: هو القبضة من الحشيش أو القضبان، ومنه قولهم: ضغث على إبالة، والإبالة الحزمة من الحطب، (تحنث) الحنث هو الخلف في اليمين، (وجدناه) علمناه، (صابرًا) حابسًا نفسه عن الجزع راضيًا كل الرضا بقضاء الله.


التراكيب:
قوله: (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ) الواو لعطف (اذكر عبدنا أيوب) على قوله: (اذكر عبدنا داود)، وإنما لم يصدِّر قصة سليمان بهذا العنوان؛ لكمال الاتصال بينه وبين داود عليه السلام، حتى كأن قضيتهما واحدة، و(أيوب) عطف بيان لعبدنا أو بدل منه "بدل كل من كل"، وقوله: (إذ نادى) بدل اشتمال من عبدنا، وقوله: (أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ) بفتح الهمزة أي: بأني، وعلى قراءة كسر الهمزة فهو مقول لقول مقدر، جواب سؤال مقدر على سبيل الاستئناف البياني، أو في محل نصب على الحال من فاعل دعا، وإسناد مس النصب والعذاب إلى الشيطان؛ تأدبًا مع الله تعالى في عدم إسناد الشر إليه، فأسند إلى الشيطان؛ لأنه سبب كل بلاء يصيب الناس في الدنيا؛ إذ هو الذي تسبب في إخراج أبينا آدم من الجنة، فكل ألَم يلقاه الناس فبسببه، ويجوز إسناده إليه، والتنوين في (نصب) للتفخيم، وقوله: (اركض برجلك) مقول لقول مقدر معطوف على نادى، والتقدير: فقلنا له: اركض، وقوله: (هذا مغتسل بارد وشراب) مقول لقول مقدر معطوف على مقدر أيضًا يفهم من السياق تقديره، فركض بها فنبعت له عين، فقلنا له: هذا مغتسل بارد وشراب، فاغتسل وشرب، فأزلنا ما به، ووهبنا له أهله، والمغتسل اسم مفعول على الحذف والإيصال، والأصل: مغتسل به أو منه، وقال مقاتل: هو اسم مكان أي: هذا مكان تغتسل فيه، وظاهر السياق يشهد للأول.


قوله: (رحمة) مفعول لأجله، (وذكرى) معطوف عليه أي: وهبناهم له؛ لأجل رحمتنا إياه، وليتذكر بحاله أولو الألباب؛ أي: ليصبروا على الشدائد كصبره، ويلجؤوا إلى الله تعالى كلجوئه، فيحسن عاقبتهم كما أحسن عاقبته، وقوله: (وخذ بيدك ضغثًا) عطف على (اركض)، وقوله: (إنا وجدناه صابرًا) تعليل لتفريج كربه، وتيسير أمره، وتهوين الضرب المحلوف عليه، والمخصوص بالمدح في قوله: (نعم العبد) محذوف تقديره: أيوب، وقوله: (إنه أوَّاب) تعليل لمدحه عليه السلام.


المعنى الإجمالي:
وتذكَّر يا محمد قصة عبدنا أيوب، تذكر دعاءه لربه، والتجاءه إليه، لما أصابه الضر ففرجنا كربه، وأزلنا ضره، وقلنا له: اضرب برجلك، فضرب بها، فنبعت له عين ماء، فقلنا له: هذا ماء تغتسل به، وشراب تشرب منه، فاغتسل وشرب، فذهب ما كان يعانيه، وسلمنا له أهله، وزِدناهم إلى الضعف؛ لأجل رحمتنا إياه، وليتذكر بحاله أصحاب العقول فيلجؤوا إلى الله كما لجأ، فيكشف ضرهم، ويفرج كربهم، وقلنا له: تناولْ بيدك حزمة مِن حشيش، فاضربْ بها هذا الحبيب، وبِرَّ بيمينك؛ لأنه اختبر في باب الصبر فنجح، نعم العبد أيوب، إنه رجَّاع إلى مرضاة ربه.



ما ترشد إليه الآيات:
1- ثناءُ الله على أيوب عليه السلام.
2- رحمةُ الله لعباده الصالحين.
3- اختُبر أيوب بأذى في نفسه وأهله فصبر.
4- كشفُ ضُرِّه ومعافاته في نفسه وأهله.
5- منحه مثل أهله معهم.
6- أن الله فعل به هذا ليقتدي به أصحاب العقول.
7- أنه حريٌّ بأهل الصبر أن يخفف عنهم.
8- مدحُ أيوب عليه السلام.
9- أنه قدوةٌ يُقتدى بها.






الساعة الآن : 07:58 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 9.97 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 9.88 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.94%)]