ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=91)
-   -   حديث عن رد المظالم إلى أهلها (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=253934)

ابوالوليد المسلم 28-02-2021 07:18 PM

حديث عن رد المظالم إلى أهلها
 
حديث عن رد المظالم إلى أهلها



د. محمد سيد شحاته





عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَنْ كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلَّلْه منها، فإنه ليس ثمَّ دينار ولا درهم من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته، فإن لم يكن له حسنات، أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه)) [1].

المفردات:
قوله: ((من كانت عنده))؛ أي: من كانت عليه مظلمة لأخيه.
قوله: ((مظلمة)): بفتح اللام وكسرها، والكسر أشهر، وقد روي بالضمِّ أيضًا.
قوله: ((فليتحلله)): معناه يستوهبه، ويقطع دعواه عنه؛ لأن ما حرم الله من الغيبة لا يمكن تحليله، ويقال: معنى فليتحلله: إذا سأله أن يجعله في حل؛ يُقال: تحللته واستحللته.
قوله: ((فإنه ليس ثم دينار ولا درهم)): يعني: يوم القيامة [2].
قوله: ((أُخِذ)): بالبناء للمفعول.
قوله: ((من سيئات أخيه))؛ أي: صاحب المظلمة.
قوله: ((فطرحت عليه))؛ أي: على الظالم [3].

أقسام الظلم:
ينقسم قسمين:
أحدهما: منع ما يجب من الحقوق، وهو التفريط.
الثاني: فعل ما يضرُّ، وهو العدوان.
التوفيق بين الحديث وبين قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾ [الأنعام: 164، والإسراء: 15، وفاطر: 18، والزمر: 7].

وجه الإشكال: أخذ الحسنات والسيئات بأن يجعل ثوابها لصاحب المظلمة، ويجعل على الظالم عقوبة سيئاته.
الجواب: "لا تعارض بينهما؛ لأنه إنما يعاقب بسبب فعله وظلمه، ولم يعاقب بغير جناية منه؛ لأنه لما توجهت عليه حقوق للغرماء، دُفِعت إليهم حسناتُه، ولما لم يبْقَ منها بقية قوبل على حسب ما اقتضاه عدل الله تعالى في عباده، فأخذوها من سيئاته فعوقب بها"[4].
وقد استشكل إعطاء الثواب وهو لا يتناهى في مقابلة العقاب وهو متناهٍ.

وأجيب بأنه محمول على أن الذي يعطاه صاحب الحق من أصل الثواب ما يوازي العقوبة عن السيئة، وأما ما زاد على ذلك بفضل الله، فإنه يبقى لصاحبه [5].

كيفية التحلل من الناس:
إذا اغتاب رجلٌ رجلًا، فإن كان بلغ القول منه ذلك فلا بد أن يستحل، وإن لم يبلغه استغفر الله ولا يخبره.
وأما التحلل في المال فإنما يصحُّ ذلك في أمر معلوم، وقال بعض أهل العلم: إنما يصحُّ ذلك في المنافع التي هي أعراض، مثل أن يكون قد غصبه دارًا فسكنها، أو دابة فركبها، أو ثوبًا فلبسه، أو يكون أعيانًا فتلفت، فإذا تحلل منها صحَّ التحلل، فإن كانت الدار قائمة والدراهم في يده حاصلة، لم يصح التحلُّل منها إلا أن يهب أعيانها منه، فتكون هبة مستأنفة [6].

أنواع الحقوق:
الحقوق نوعان: حق الله، وحق الآدمي:
فحق الله لا مدخل للصلح فيه؛ كالحدود، والزكوات، والكفَّارات، ونحوها؛ وإنما الصلح بين العبد وبين ربِّه في إقامتها لا في إهمالها؛ ولهذا لا يقبل بالحدود.

وأما حقوق الآدميين، فهي التي تقبل الصلح والإسقاط والمعاوضة عليها، والصلح العادل هو الذي أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم [7].

ما يستفاد من الحديث:
(1) حرمة الظلم.
(2) حرمة الدماء والأموال والأعراض.
(3) أن أفضل الأعمال أن يأتي المسلم يوم القيامة سالِمًا من الظُّلْم.
(4) أن المسلم ينبغي أن يبادر بالتوبة.
(5) على المسلم أن يتحلَّل من مظالم الناس.

الآثار المترتبة على امتثال توجيهات الحديث:
(1) نزع فتيل الغيبة والنميمة.
(2) نزع الغل والحسد.
(3) الشغل الدائم بيوم الحساب، فلا يعمل إلا ما يرضي الله ورسوله.





[1] أخرجه البخاري في كتاب المظالم، باب: من كانت له مظلمة عند الرجل فحللها له، هل يبين مظلمته (2/ 865) ح (2317)، وفي كتاب الرقاق، باب: القصاص يوم القيامة (8 /111) ح (6534) سنن الترمذي في كتاب صفة القيامة والرقاق والورع، باب: شأن الحساب والقصاص (4/ 613) ح (2419)، وقال: حسن صحيح غريب، وأحمد في المسند (16 /337) ح (10573).




[2] عمدة القاري شرح صحيح البخاري (19 /254).



[3] دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (2 /243).



[4] عمدة القاري شرح صحيح البخاري (19 /254).



[5] فتح الباري؛ لابن حجر (11 /397).



[6] عمدة القاري شرح صحيح البخاري (12 /294).



[7] إعلام الموقعين عن رب العالمين (1 /108).





الساعة الآن : 05:02 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 12.84 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 12.75 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.73%)]