ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى الأخت المسلمة (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=45)
-   -   زوجي فارقني وأريد أن أتواصل معه من جديد !! (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=232054)

ابوالوليد المسلم 05-04-2020 03:56 PM

زوجي فارقني وأريد أن أتواصل معه من جديد !!
 
زوجي فارقني وأريد أن أتواصل معه من جديد !!
أجاب عنها : صفية الودغيري

السؤال:


أنا متزوجة منذ سنة ونصف ومقيمة بالخُبر، وحياتي مع زوجي فيها بعض المشاكل البسيطة، التي تحدث مع أي زوجين حديثي الزواج، ومررنا في بداية زواجنا بظروف صعبة، ثم مرضت والدته وتوفيت، فصدم زوجي صدمة شديدة، وحدثت بيننا فجوة كبيرة وانقطع التواصل بيننا، بعدها قرر زوجي الانتقال إلي الرياض والإقامة مع والده بحكم أنه أصبح وحيداً، ومنذ شهر حضر إلى بيت أهلي وفاجأني بقرار رحيله وأن ما كان بيننا انتهي، حتى لم يترك لي فرصة مناقشته في هذا الموضوع، وبعدها بأسبوع أحضر جميع أغراضي، ثم بعد أسبوعين انتقل إلي الرياض، رافضا التواصل معي، لا أريد أن أعلل تصرفاته هذه بأسباب العين والسحر بحكم أن أمه كانت مريضة بالسحر والعين، وعلاقتنا كانت طيبة مبنية على الحب والمودة، ولكنني أبحث عن حل لهذه المشكلة، وكيف أحافظ على علاقتي بزوجي وكيف أتواصل معه من جديد؟ نصيحتكم لي وجزاكم الله عني الجنة.





الجواب:


بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: أختي السائلة الكريمة، أشكر جهودك في السعي لحل مشاكلك مع زوجك والحفاظ على بيتك، وأسأل الله أن يوفقني إلى مساعدتك.
أما عن مشكلتك فتتلخص في أمور منها:
_ تعرض حياتك الزوجية في بدايتها لعواصف وظروف صعبة
_ صدمة زوجك لفراق والدته ووفاتها
_ تدهور علاقتك بزوجك بعد وفاة والدته وحصول فجوة كبيرة بينكما
_ اتخاذ زوجك قرار الرحيل والانفصال عنك والاستقرار مع والده
وقبل أن أقدم لك أختي الكريمة بعض الحلول لمشكلتك أرغب في أن تختلي بنفسك في مكان هادئ، وتفكري في كل الاحتمالات التي دفعت زوجك فجأة ومن غير مقدمات إلى أن يتخذ قرار الابتعاد عنك والتواصل معك، والانتقال لمكان آخر حيث يسكن والده، ليبدأ حياته من جديد.
للأسف لم تقدمي في رسالتك أية تفاصيل حول طبيعة المشاكل التي كانت بينك وبين زوجك وأسبابها، وطبيعة الأزمة التي تعرضت لها حياتك الزوجية في بدايتها، فهذا كان سيساعدني في حل مشكلتك بصورة أدق وأكثر واقعية، ومع هذا فالذي فهمته من مجمل حكايتك هو اتساع الهوة بينك وبين زوجك لدرجة تمنعك من التواصل معه مع كل المودة والحب الذي كان بينكما، والذي أثار استغرابي هو: ما علاقة وفاة والدته بما حصل بينكما من مشاكل؟ وكيف يمكن أن تؤثر على استقراركما وارتباطكما ببعض بهذه الصورة؟ وكيف يتناقض أداء الحق والواجب اتجاه الوالد مع أداء الحق والواجب اتجاه الزوجة؟ ولماذا اختار زوجك أن تكوني أنت كبش الفداء ويضحي بك؟ هل لينتقم لنفسه أم لأمه أم منك؟ ولماذا يرفض التواصل معك على الرغم من كل محاولاتك، ويكره وجودك بجانبه لمساندته بعد وفاة والدته؟ وما هي مبرراته وأسبابه التي دفعته للرحيل وإنهاء علاقته بك في هذا التوقيت تحديدا وليس قبل ذلك؟ ثم ألا تلاحظين معي بأن جهلك بالأسباب والدوافع التي قادت حياتك الزوجية للانهيار في بدايتها، هو مشكلة من بين المشاكل الموجودة بحياتك، التي تنظرين إليها بعاطفتك لا بعقلك، فتقيمينها من بوتقة ضيقة وبصورة غير صحيحة، فيتهيأ لك أنها بسيطة وتافهة وهي عظيمة وضخمة؟
هذه كانت بعض الأسئلة التي يطرحها العقل في قراءته لرسالتك، ولكن بالنهاية تظل مفاتيح الحقيقة كلها بين يديك.
أما الحلول التي أقدمها لك فتتلخص في أمور أساسية وهي:
ـ مشكلتك أختي الكريمة قد يكون سببها الرئيسي هو الملل المفاجئ الذي يُصيب كثيرا من البيوت، فيتسلل إليها الجمود، والرتابة، والصمت، والخرس، وفقدان الحوار، فتصير العلاقة بين الزوجين تعيسة وكئيبة أشبه بالثلج لا روح تحييها، ولا عاطفة تقويها، ولا شوق يدفئها، ولا حنان يسكنها، ولعل هذه المشكلة ظهرت عند زوجك بشكل أقوى بعد وفاة والدته، لأنها كانت بطلة قصة حياته، وأفكاره وعواطفه كانت معها، وهي سبب سعادته وفرحته واستقراره النفسي، فلما ماتت هذه البطلة انتهت القصة، لأنه لم يكن هناك وجود لبطلة أخرى في حياته إلا هي، ولا مكان لشخصية مؤثرة بمستوى تأثير شخصية والدته بحياته، وهذا هو محور المشكل الذي ضرب أواصر حياتكما الزوجية فوصل بها إلى النهاية، وأنت أختي الكريمة قد فشلت في أن تستحوذي على قلب وعقل زوجك وتكوني بطلة قصة بحياة زوجك، وفشلت في أن تقدمي له أسباب السعادة ليتمسك بك على الرغم من كل المشاكل التي بينكما، ولهذا لما توفيت والدته انهار كل شيء أمامه، ولم يتردد أن يرحل من حياتك، ومن بيتك، ومن المنطقة كلها التي أنت بها، وأن يقطع كل خيوط التواصل بينكما.
فهل أنت مستعدة لترحلي إليه بكل عاطفتك وحكمتك وقوتك، وتطلبي منه الصفح والعفو عنك لو كنت أخطأت بحقه أو بحق والدته أو أحد أفراد أسرته، وتعترفي أمامه بحبك واحتياجك لوجوده وارتباطك به، ورغبتك الملحة في العودة إليه، والاستقرار معه حيثما يريد ولو كان ببيت والده، وأنك مستعدة لتضحي لأجله بكل ما يسعده لأنك لا تـتصورين استمرار حياتك ولا سعادتك بدون وجوده بجانبك؟
أعتقد بأنك شخصية قوية بما فيه الكفاية لمواجهة مشكلتك وحلها، فقط عليك أولا أن تبادري بحلها قبل فوات الأوان، وتتصلي بزوجك وتجلسي معه جلسة مصارحة ومكاشفة، حتى تصلان إلى حلول مرضية، واقتراحات سبل تجدد حياتكما وتخلصكما من هذه الفجوة التي بينكما، ولا شك أنه ما في زوج سيرفض زوجة تقدم له كل عروض الطاعة والولاء والحب والرغبة في التغيير ويرفضها، إلا لو وصلت علاقتكما إلى حالة خطيرة من الكراهية، أو ليس لك أي مكان لا بقلبه ولا عقله.
ثانيا: حاولي أن توجهي له خطابًا عاطفيًا، وكلامًا يحرك المشاعر، وأسلوبا راقيا وجميلا ومشوقا، وما أجمل أن تدللينه وتلاطفينه كما كنت في سابق زواجك، فتشعرينه وكأنه ينصت إليك من جديد ولأول مرة، وكأنه أمام شخصية مختلفة تماما عن التي كان يعرفها، وغيري وبدلي في نبرة صوتك ولا مانع من البكاء بين يديه فهو زوجك ونفسك وسبب سعادتك، والبكاء في مثل حالتك قد يكون له تأثير أقوى وأبلغ تعبيرا عن حبك لزوجك وتمسكك به، وليس فيه إذلالا لكرامتك ولا لكبريائك.
ثالثا: حاولي أن تقنعي زوجك بخطورة قراره، وأنه سيرتكب ظلما في حق نفسه وفي حقك لو أقدم على طلاقك ومفارقتك، من غير أن تكون لديه أية مبررات ولا أسباب وجيهة، وأنه لا يجوز له أن يتخذ قرارا كهذا في حالته التي يمر خلالها بمحنة شديدة هي محنة وفاة والدته، وإلا سيرتكب في حق نفسه ما هو أشبه بالانتحار والانتقام من النفس بتدميرها وتدمير حياته، والهروب للماضي ولمكان ذكرياته مع والدته.
رابعا: اعرضي عليه أن يبتعد لفترة ويختلي مع نفسه، ويفكر مجددا وبروية في علاقتكما وحياتكما معا، ويحاول أن يصل لحلول وفق ميزان عادل منصف، وعظيه موعظة تأخذ بمجامع قلبه ولبه فتهدأ نفسه وتستقر، وتعود إلى رشدها واتزانها.
خامسا: حاولي أن تنتقلي به لمرحلة جميلة في حياتكما، تذكرينه بلحظات البهجة والسرور، وبالمواقف السعيدة والمثيرة لعاطفته، فلعله يحن لتجديدها معك.
سادسا: اقترحيِ عليه أن يسمح لك بأن تكوني إلى جانبه، تساندينه وتساعدينه في حل مشاكله، والعناية بوالده، وتوفري له الجو المريح والهادئ ليتفرع لعمله وينجح في مهمته، وحسسيه بأنك الآن صرت الأم والأخت والزوجة الحبيبة، تخافين عليه وعلى مصالحه، وتبحثين عن إسعاده وإرضائه، فقد يبادل عطاءك وحبك الكبير بعطاء وحب مماثل، فقد أثبتت التجارب أن من أراد أن يكسب عاطفة الذي أمامه وينفذ إلى قلبه، عليه أن يحدثه كما يحب وعما يحب، لا كما يحب هو وعما يحبه فقط.
سابعا: كوني أختي الكريمة لبقة وماهرة في إدارة دفة الحوار بينك وبين زوجك، وليكن زوجك محور حديثك وبطل حوارك، وكامرتك بكل إضاءاتها مركزة عليه، وكل إمكاناتك وكفاءاتك كأنثى مخصصة لخدمته، واستمالته بما يحبه ويعشقه وينجذب إليه.
ثامنا: إذا فشلت كل محاولاتك في الحوار معه، أرى أن تلجئي لحَكَم من أهلك أو أهله، أو تعتمدي على بعض من تثقين بهم من معارفكم، أو من لهم سلطان تأثير عليه وكلمة مسموعة لديه من أصدقائه أو جيرانه أو المقربين إليه، أو تستشيري أحد علماء وشيوخ المنطقة وتطلبي مساعدته ليصلح ما بينكما، ويجلس إليه وينصت لحديثه فقد يكون لموعظته أثرا أبلغ ما يجعله يغير رأيه ويعرض عن قراره.
تاسعا: إذا ضاقت عليك الدنيا بما رحبت واشتد كربك، فتيقني بأن رحمة الله واسعة، وبابه مفتوح أمامك فتوجهي إليه بالدعاء، وخذي بأسباب وعوامل استجابته، وتقربي إليه بالطاعات والإكثار من ذكره آناء الليل وأطراف النهار، وقومي لله في أول الليل وأوسطه وفي الثلث الأخير منه، وأقبلي على الله وألحي في طلبك أن يُصلح ما بينك وبين زوجك، وأن يصرف عنكما هذه الغمة، وأن يزيح هذه الكربة.
وختاما: أنصح أختي الكريمة فأقول لها: هذا بيتك يستحق منك الكثير من التضحيات والتنازلات حتى تحافظي عليه بكل ما تملكينه، فدافعي عن حقك وعن حبك لزوجك، وجاهدي وابذلي أقصى ما في وسعك حتى تتجاوزي هذه المحنة، فهذا هو تصرف الزوجة الصالحة المطيعة لربها بطاعة زوجها. وتأكدي بأنك حتى لو فشلت كل محاولاتك فهذا قدرك وهو اختيار الله لك، وعليك بالرضا بقضاء الله وقدره خيره وشره، فقد يكون من الأصلح لكما أن ينفصل كلاكما عن الآخر، وقبل إنجاب الأولاد حتى لا تكون مصيبتك أعظم ومحنتك أشد، وأنت لا تدرين كيف سيكون وضعك معه في المستقبل في حالة الاستمرار معه، فالذي تخلى عنك بهذه السهولة ومن غير مقدمات ولا مبررات، وقطع كل سبل التواصل في أولى سنوات الزواج ماذا يمكن أن يصدر عنه بعد ذلك، وتذكري كيفما تكون النتيجة وفي كل حالاتك قول الله تعالى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: من الآية216]، وأن الله سبحانه كريم لن يمنعك أو يحرمك من شيء إلا وسيعطيك ويهبك ما هو أفضل ويعوضك خيراً.
أسأل الله العلي القدير أن يفرج كربتك، وأن يقضي حاجتك، وأن يجعل لك من لدنه وليًّا ونصيرًا، وأن يصلح ما بينك وبين زوجك، وأن يهديه سبل الرشاد، ويصرف عنه سوء الفهم ويفتح بصيرته للحق، إنه ولي ذلك والقادر عليه.




الساعة الآن : 10:37 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 11.73 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 11.64 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.80%)]