ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى الشباب المسلم (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=94)
-   -   المزاح المشروع (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=237813)

ابوالوليد المسلم 07-08-2020 03:09 AM

المزاح المشروع
 
المزاح المشروع
ندا أبو أحمد



كان النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يداعِب مَن حولَه، ولكن لا يقول إلاَّ حقًّا، وقد مرَّ بنا في الحديثِ الذي أخرجه الترمذيُّ في "الشمائل" من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قالوا: يا رسولَ الله، إنَّك تداعِبنا، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((نعم، غير أنِّي لا أقولُ إلا حقًّا))؛ (صححه الألباني في مختصر الشمائل المحمدية: رقم 202) وفي روايةٍ عند الإمام أحمد: ((إنِّي وإِنْ داعبتُكم، فلا أقولُ إلاَّ حقًّا))؛ (صحيح الجامع: 2509)، (الصحيحة: 1726).
• يقول جابر -رضي الله عنه- كما عند البزَّار: "كان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أتاه الوحيُ أو وعظَ، قلت: نذير قومٍ أتَاهم العذاب، فإذا ذهبَ عنه ذلك رأيتَه أطلقَ الناسِ وجهًا، وأكثرَهم ضحكًا[1]، وأحسنَهم بِشرًا".
• يقول الإمام الخطابي رحمه الله: "وسُئِل بعضُ السَّلَف عن مزح الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فقال: كانَت له مهابة، فكان يبسط الناسَ بالدُّعابة". ا.هـ؛ (غريب الحديث: 2/ 163).
ومن صور مزاح النبي -صلى الله عليه وسلم-:
ما أخرجه أبو داود والترمذي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-: أن رجلاً استحمَل[2] رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: ((إنِّي حامِلُك على وَلَدِ النَّاقة))، فقال: يا رسول، ما أصنَع بولد النَّاقة؟ فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: ((وهل تلد الإبلَ إلا النوقُ)).
• قال صاحب عون المعبود رحمه الله: "لمَّا كان المتعارَف عند العامَّة في بادي الرَّأي استعمال ولدِ النَّاقة فيما كان صغيرًا لا يصلُح للركوب، وإنما يقال للصَّالح: الإبلُ - تَوَحَّش الرجلُ على فهم المعنى...، فالإبل ولو كبارًا أولادُ النَّاقة، فيَصْدُق ولد النَّاقة بالكبير والصغير".اهـ؛ (عون المعبود: 13/ 343).
• ويقول علي القارِي -رحمه الله-: "أراد به المباسَطة له والملاطفة".
• ومن مزاح النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: ما ذكره صاحبُ "الإحياء" عن زيد بن أسلم قال: "إن امرأةً يُقال لها: أم أيمن، جاءَت إلى النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فقالت: إنَّ زَوجي يدعوك، قال: ((ومن هو؟ أَهو الذي بعينِه بياضٌ؟))، قالَت: والله ما بعينه بياض، فقال: ((بلى، إنَّ بعينه بَيَاضًا))، فقالت: لا والله، فقال: ((بلى، إنَّ بعينه بياضًا))، فقالت: لا والله، فقال: ((مَا مِن أحدٍ إلاَّ وبعينه بياض))؛ (رواه ابن أبي الدنيا).
فالنبي -صلى الله عليه وسلم- أراد البياض المحيط بالحَدَقة، وهي فهِمَت أنَّه البياضُ الذي على الحدقَة ويسبِّب ضعفَ البصر (الماء على العين).
• ومن مزاح النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: ما أخرجه الإمامُ أحمد وأبو يعلى وابن حبَّان من حديث أنس -رضي الله عنه-: أنَّ رجلاً مِن أهل البادية كان اسمه زَاهِرًا، كان يُهْدِي للنبي -صلى الله عليه وسلم- الهديةَ من البادية، فيجهِّزه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أراد أن يَخرج، فقال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: ((إن زَاهِرًا بَادِيَتُنَا[3]، ونحن حاضروه[4]))، وكان النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يُحبُّهُ، وكان رجلاً دميمًا[5]، فأتاه النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- وهو يبيعُ متاعَه، فاحتضنَه مِن خلفِه وهو لا يُبْصِره، فقال الرجلُ: أَرْسِلْني، مَن هذا؟ فالتفتَ، فعرف النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-، فجعل لا يَألو[6] ما ألصَق ظهرَه بصدرِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- حين عرفَه، وجعل النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((مَن يشتري العبدَ؟))، فقال: يا رسولَ الله، إذًا واللهِ تجدني كاسدًا[7]، فقال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: ((لكن عِند اللهِ لستَ بكاسدٍ))، أو قال: ((لكن عندَ الله أنتَ غالٍ))، وزَاهِرًا -رضي الله عنه- كان حرًّا، وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((مَن يشتري العبدَ؟)) يقصد به أنه عبد لله، فهو يمازِحه ولكن لا يقول إلا حقًّا.
• ومن مزاح النبي -صلى الله عليه وسلم-: ما أخرجه الترمذيُّ في الشَّمائل المحمديَّة عن عائشة -رضي الله عنها-:
أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- أتَتْه عجوزٌ من الأنصار، فقالَت: يا رسولَ الله، ادعُ اللهَ أن يُدخِلني الجَنَّةَ، فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يا أمَّ فلانٍ، إنَّ الجَنَّةَ لا تدخلها عجوزٌ))، تقول عائشة -رضي الله عنها-: فذهب عنِّي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فصلَّى، ثمَّ رجع إلى عائشة، فقالت عائشة: لقد لقيت من كلمتك مشقَّةً وشدَّة، فقال -صلى الله عليه وسلم-: ((إنَّ ذلك كذلِك، إنَّ الله تعالى إذا أدخلهنَّ الجنة حولهنَّ أبكارًا))؛ (حسنه الألباني في مختصر الشمائل: برقم 205، وهو في الصحيحة: 2987).
• وفي رواية عند الترمذي أيضًا من حديث الحسن قال: "أَتَت عجوزٌ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-، فقالت: يا رسولَ الله، ادعُ الله أن يُدخلني الجَنَّة، فقال: ((يا أمَّ فلانٍ، إنَّ الجَنَّة لا تدخلها عجوز))، قالت: فولَّت تبكي، فقال: ((أخبِروها أنَّها لا تدخلها وهي عجوز؛ إن الله تعالى يقول: (إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا * عُرُبًا أَتْرَابًا ) [الواقعة: 35 - 37])).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ
[1] وقوله: "وأكثرهم ضحكًا"؛ أي: تبسُّمًا، كما جاء في مسند الإمام أحمد: "أنَّه -صلى الله عليه وسلم- لا يضحك إلا تبسُّمًا"، وأخرج البخاري ومسلم عن عائشة -رضي الله عنه-ا قالت: "ما رأيتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قط مُستجمعًا ضاحكًا حتى أرى لهواته، إنَّما كان يبتسم"، وعند الإمام مسلم من حديث سماك بن حرب قال: "قلت لجابر بن سمرة -رضي الله عنه-: أكنتَ تجالس رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: نعم، كان طويلَ الصَّمْت، وكان أصحابُه يتناشدون الشِّعرَ عنده، ويذكرون أشياء مِن أَمْر الجاهلية ويضحكون، فيبتسِم معهم إذا ضحكوا".
[2] استحمل: والمراد به أن يعطيه حمولةً يركبها.
[3] بَادِيَتُنَا؛ أي: يستفيد منه ما يستفيد الرجل من باديته.
[4] حاضروه؛ أي: حاضروا المدينة له، وهذا من حُسن المعاملة.
[5] دميمًا: قبيح الصورة مع كونه مليح السيرة.
[6] لا يألو: لا يقصر.
[7] كاسدًا: رخيصًا، لا يَرْغب فيه أحد.





الساعة الآن : 10:50 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 10.46 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 10.37 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.90%)]