ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى القرآن الكريم والتفسير (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=57)
-   -   وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْـنَعَ عَـلَى عَـيْنِي (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=214020)

ابوالوليد المسلم 10-10-2019 03:49 AM

وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْـنَعَ عَـلَى عَـيْنِي
 
وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْـنَعَ عَـلَى عَـيْنِي


الشيخ عبد الله الغامدي




قـوله تعالى :﴿ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْـنَعَ عَـلَى عَـيْنِي ﴾-( سورة طـه: آية : 39) .

معاني الكلمات في الآية :
قَولُهُ‏﴿ وأَلْقَيْتُ﴾: الخطاب لموسى ـ عليه السلام ـ أي‏:‏ وضعتها عليك فأحببتك وحببتك إلى خلقي(1)‏.
وقيل في تفسيرها أيضا‏:‏﴿ وألقيت ﴾أي وَصَنعتُ ‏‏﴿ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي﴾: أي إنَّ اللهَ أحبَّه وحبَّبهُ إلى خلقِه.
قَولُهُ ﴿ وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي﴾: أي بِمَرأى ومنظرٍ منِّي، والمعنى أنَّ اللهَ أحبَّ موسى وحبَّبه إلى خلقِه، وربَّاه بِمَرأى منه سُبْحَانَهُ(2) .
قال العلامة محمد بن إبراهيم في تفسيرها :"« عَيْنِي » مفردٌ مضافٌ جارٍ على ما تقول العرب في كلامهم:« رعيتك بعَيْنِي » ونحو ذلك ، والمراد المثنى .
وكذلك الثلاث فيها تشوُّه ، وكذلك الواحدة ، فإن في الحديث :« إن ربكم ليس بأعور »(3) نؤمن به ونَكِلُ كيفيته " . اهـ من تقريراته على الواسطية .
قلت : وهذا بنحو كلام لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .
معنى الآية الثالة إجمالا: لما ذكر سبحانه منته على عبده ورسوله موسى ابن عمران في الدين والوحي والرسالة وإجابة سؤاله ذكر نعمته عليه وقت التربية فقال ﴿ وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي﴾ أي ولتتربى على نظري وفي حفظي وكلاءتي.
ومن فوائد الآية الثالثة : فيها :
إثباتُ محبَّةِ الله -سُبْحَانَهُ- لعبدِه موسى، وتحبيبِه لخلقِه .
وفيها عنايةُ اللهِ -سُبْحَانَهُ وتعالَى- بعبدِه موسى وتربيتُه على مَرأًى منه، وهذه عنايةٌ خاصَّةٌ ومعيَّةٌ لعبدِه موسى تَقْتَضي حفظَه وكلاءتَه وعنايتَه .
وفي هذه الآياتِ –أيضا- إثباتُ صفةِ العَينينِ للهِ -سُبْحَانَهُ وتعالَى-، كما يليقُبجلالِه وعظمتِه، فيجبُ على المؤمنِ أنْ يُثبتَ لخالقِه وبارئِه ما أثبتَه لنفسِه من العَينينِ والسَّمْعِ والبصرِ وغيرِها، وغيرُ المؤمنِ مَن ينفِي عن اللهِ ما أثبَتَه في مُحكمِ تنـزيلِه، وكذلك أثبَتَه له رسولُه -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-.
مسألة : قال ابنُ القيِّمِ رحمه اللهُ تعالى: والفرقُ بين قَولِهِ‏:‏﴿ وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي﴾وقَولِهِ: (تَجْرِي بِأَعْيُنِنا) أنَّ الآيةَ الأولى وردَتْ في إظهارِ أمرٍكان خفيًّا، وإبداءِ ما كانَ مكتُومًا، فإنَّ الأطفالَ إذْ ذاك كانوا يتغذَّون ويُصنعُونَ سِرًّا، فلمَّا أرادَ أنْ يُصنعَ موسى ويُغذَّى ويُربَّى على حالِ أمْنٍ وظهورٍ دخلت(على)في اللفظِ تَنبيهًا على المعنى، لأنَّها تُعطي الاستعلاءَ، والاستعلاءُ ظهورٌ وإبداءٌ، فكأنَّه يقولُ: وتُصنعُ على أمْنٍ لا تحتَ خوفٍ، وذَكرَ العينَ لتضمُّنِها معنى الرِّعايةِ والكلاءةِ، وأمَّا قَولُهُ:(تَجْرِي بِأَعْيُنِنا) فإنَّه يريدُ برعايةٍ منَّا وحفظٍ، ولا يريدُ إبداءَ شيءٍ ولا إظهارَه بعد كتمٍ، فلم يحتجْ في الكلامِ إلى مَعنى(على)بخلافِ ما تقدَّمَ(4).اهـ
قلت : ليس هذا من التأويل في شيء دل عليه السياق والسباق والله أعلم . اهـ
دلالة الآيات الثلاث السابقة وماجاء في الباب من الأحاديث الصحيحة على صفة العينين لله تعالى :
دل القرآن العظيم على إثبات العين صفة لله تعالى لائقة بجلاله وعظمته. قال الله تعالى ﴿ تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا﴾، وكذلك السنة الصحيحة ...وقال – صلى الله عليه وسلم -:«إِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ»(5) وهما عينان حقيقتان لائقتان بجلال الله وعظمته فوجب إثباتهما له تعالى من غير تمثيل، فهما من الصفات الذاتية التي لا تنفك عن الله(6).
وقال الشيخ صالح آل الشيخ حول هذا الحديث :"قال أهل اللغة ( إن الأعور هو من فقد أحد عينيه ) وذلك لأن مخلوقات الله المعروفة لدى العرب من الإنسان كذلك الحيوان كلها لها عينان فوضعت العرب هذا الاسم ( العَوَر ) لمن فقد أحد عينيه فهو خاص بذلك وليس العور هو ذهاب البصر ، لهذا دل هذا الحديث " إن ربكم ليس بأعور "(7) على إثبات صفة ( العينين ) لله جل وعلا بدلالة الوضع اللغوي من أن ( العَوَر) في اللغة عند العرب هو فقد أحد العينين"(8).
الإفراد والتثنية والجمع للعينين
ما جاء في النصوص من إفراد العين فيراد به إثبات الجنس والتثنية يراد بهما العدد وأنهما عينان اثنتان والجمع من أجل التعظيم وأقل الجمع اثنتان(9).
وقال الشيخ الفوزان : ولغة العرب جاءت بإفراد المضاف وتثنيته وجمعه بحسب أحوال المضاف إليه‏.‏ فإن أضافوا الواحد المتصل إلى مفرد أفردوه، وإن أضافوا إلى جمع ظاهرًا أو مضمرًا فالأحسن جمعه مشاكلة للفظ كقوله سبحانه‏:‏﴿ تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا﴾، وكقوله‏:‏﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا﴾ وإن أضافوه إلى اسم مثنى فالأفصح في لغتهم جمعه كقوله‏:‏﴿ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ وإنما هما قلبان فلا يلتبس على السامع قول المتكلم نراك بأعيننا ونأخذك بأيدينا ولا يفهم منه بشر على وجه الأرض عيونًا كثيرة على وجه الأرض عيونًا كثيرة على وجه واحد، والله أعلم‏(10).‏اهـ
تفسير المؤولة للعينين :
قلت : تؤولوا بل حـرفوا معنى العينين إلى العلم أو الرؤية ونفوا الصفة عياذاً بالله .
تفصيل لما سبق :
المعتزلة ينفون صفـة البصر لله جل وعلا وينفون صفة العين والعينين لله جل وعلا فعندهم أن الله جل وعلا ليس له عين وليس له بصر جل وعلا ،والأشاعرة تناقضـوا فأثبتوا صفة البصر لدلالة لعقل على ذلك ونفوا صفة العينين لله جل وعلا ، وأهل السنة أعملوا النصوص فأثبتوا البصر لله جل وعلا وأثبتوا ( العينين ) لله جل وعلا ، وأبو الحسن الأشعري - رحمه الله - في كتابه " الإبانة " أثبت صفة ( العينين ) لله جل وعلا ، ولا شك أن في هذا مخالفة لقول المعتزلة وكذلك قول الكلابية وأصحاب أبي الحسن الأشعرية(11).
الرد على المؤولة : لا يجوز تفسير العينين بالعلم ولا بالرؤية مع نفي الصفة وذلك لأمور منها :
1- مخالفته لظاهر النصوص.
2-ثم إن تأويلها وردها هو من جملة التحريف الذي هو كفر بالصفات كما قال جل وعلا ﴿ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي ﴾ لما أنكروا اسم الرحمن لله جل وعلا وقالوا لا نعرفإلا رحمان اليمامة فكل من أنكر صفة من صفات الله جل وعلا فهو كافر بها(12).
3- وفيه مخالفته لإجماع السلف على إثبات العين.
4- لا دليل عليه.
5- أما تفسير بعض السلف لقوله تعالى ﴿ تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا﴾، أي بمرأى منا فجوابه :
أ – أنهم لم يريدوا بذلك نفي حقيقة معنى صفة العين.
ب- أنه تفسير باللازم مع إثبات الصفة(13).





1- شرح الواسطية للفوزان ( ص : 68 ) .
2- التنبيهات السنية ( ص : 95 ) .
3- متفق عليه : البخاري ( 4141 ) مسلم ( 2933 ) .
4- التنبيهات السنية ( ص : 95 ) .
5- متفق عليه : سبق تخريجه .
6- انظر بنحوه : التنبيهات السنية ، والكواشف الجلية ، وشرح الواسطية للشيخ صالح آل الشيخ .
7- متفق عليه : سبق تخريجه .
8- شرح الواسطية للشيخ صالح آل الشيخ .
9- انظر بنحوه : التنبيهات السنية ، والكواشف الجلية ، وشرح الواسطية للشيخ صالح آل الشيخ .
10- شرح الواسطية للفوزان ( ص : 68 ) .

11- شرح الواسطية للشيخ صالح آل الشيخ .
12- شرح الواسطية للشيخ صالح آل الشيخ .

13- بنحوه من شرح الواسطية للشيخ صالح آل الشيخ .



الساعة الآن : 01:39 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 10.34 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 10.25 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.91%)]