ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى الشباب المسلم (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=94)
-   -   هل أنا محسود؟ (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=222746)

ابوالوليد المسلم 19-01-2020 05:50 AM

هل أنا محسود؟
 
هل أنا محسود؟


الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي





السؤال
السلام عليكم.

أعيشُ معاناةً منذ قرابة السنتين، وهي سوءُ توفيقٍ غريبٍ مريبٍ في إيجاد وظيفة، ولكنَّ الأمر ليس مجردَ أني لا أَجِدُ وظيفةً في ظل ظروفٍ اقتصاديَّة سيِّئة، فلقد أتَتْني فُرَصٌ كثيرة، ولكِنْ بشكلٍ غامضٍ وغريبٍ، وبعد أنْ ألْقَى قبُولاً، فجأة وبدون أسبابٍ يَتَوَقَّفُ كلُّ شيءٍ، ويَفْشَلُ المسعى، ويَتَحَوَّلُ إلى رفض، عَلَى الرغم من خبرتي الواسعة في مجالي وقُدرتي التي شَهِدَ لها الكثيرون فيما مضى في عملي الذي فقدتُهُ بشكل (دراماتيكيٍّ)، بعد أن كان يُضرَب بي المثلُ في التميُّزِ من رُؤَسائي بلا أيِّ مُبالَغة، الأمر الذي صَنَعَ لي عَداوات دُون قصدٍ ولا تَعَمُّدٍ منِّي، كنت ميسورَ الحال، وأَتَقَاضَى راتبًا يُؤهِّلني لحياةٍ كريمة، وكنت أشترى أجهزة وأَثَاثًا للمنزل بشكلٍ قد يبدو لافتًا لسكَّان العقار والشارع، بالإضافة إلى أنِّي كنت ناجحًا جدًّا في عملي، ولكِنْ فَجْأَةً تهاوَى كلُّ شيء على رأسي، وأصبحتُ بلا عَمَلٍ، وكلَّما تقدمتُ لوظيفةٍ يتوقَّفُ كلُّ شيء دُون أيِّ مبرِّرٍ واضِحٍ، وصِرْتُ أَشُكُّ الآن أنَّ في الأمر شيئًا مريبًا، أو (بارانورمال) كما يُطلِقون عليه، هل أنا محسود؟ لا أدرى، ولكنِّي صرتُ مقتنعًا بهذه الفكرة، بعد كلِّ ما عاصرتُهُ من سوء توفيق لا يَلْقَى نصفَهُ إلا بائسٌ، أنا أعلم أنَّ الحسد هو تمنِّي زَوال النعمة، وهو ما حَدَثَ تمامًا لي ولأسرتي الصغيرة.



حسنًا، لا أريد أنْ أبدو كمَن يريدُ أن يُقْنِعَ نفسَهُ بشيءٍ يُبرِّرُ فشَلَهُ في إيجاد وظيفة؛ فإنَّ الأمر حقًّا لا يمكن تبريرُهُ، أو وصفُهُ إلا بالمريب، أرجو الإفادة، وكيف أتخلَّص من هذا الداء اللعين، بالله عليكم، آسف على الإطالة.


الجواب
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:

فإنَّ الحسد حقٌّ، وله تأثيرٌ بإذن الله - تعالى - ويُعالَجُ، وَيَذْهَبُ أَثَرُهُ بالرُّقية الشرعيَّة، فاستَعِنْ بالله في حُصول مُرادك، ولا تعجِزْ، وأَكْثِرْ من الدُّعاء ساعاتِ الإجابة، واحرِصْ عَلَى الأسباب المباحة، وابتعدْ عن الحرام؛ فإنَّه من أسباب الحِرمان.



والرقية الشرعيَّة؛ كالتالي:

1- أنْ تقرأ على نفسِكَ الفاتِحة، وما تيسَّر من سورة البقرة، والإخلاص والمعوِّذتين، والآيات التِي يُذكَر فيها إبطال السحر؛ كقوله - تعالى -: ﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانقَلَبُوا صَاغِرِينَ * وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُوا آمَنَّا بِرِبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ ﴾ [الأعراف: 117 - 122].



﴿ فَلَمَّا أَلْقَوا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ * إِنَّ اللهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ * وَيُحِقُّ اللهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ ﴾ [يونس: 81 - 82].



﴿ وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ﴾ [طه: 69].



وقد ذكَر ابنُ القيِّم أثَرًا عن أبي حاتمٍ عن ليث بن أبي سليم قال: "بلغني أنَّ هؤلاءِ الآياتِ شفاءٌ من السِّحر بإذْنِ الله، تُقرَأ في إناء فيه ماءٌ، ثُمَّ يُصَبُّ على رأس المسحور".



وقال سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحِمه الله -: "ثَبَتَ في سُنَنِ أبي داود أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قَرَأَ في ماءٍ في إناءٍ، وصبَّه على المريض، وبِهذا يُعلَمُ أنَّ التَّداوي بالقِراءة في الماء وصبِّه على المريض ليس محذورًا من جهة الشَّرع، إذا كانت القراءة سليمة"، اهـ.



2- قراءة قوله - تعالى -: ﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا ﴾ [الفرقان: 23]، ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ * وَمَن يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المؤمنون: 115 - 118]، وأوَّلَ سورةِ الصافَّاتِ، وسورةَ الدُّخَان، والزلزلة، والإخلاص، والمعوِّذتَيْنِ، ولو تُكرِّرُ قِراءةَ تلك السُّوَرِ لكان أفضل، مع النَّفْثِ في يديْك، ومسحِ الجسدِ بِهما، وكذلك تقرأ ما صَحَّ عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - من أحاديث الرُّقية؛ كحديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إِذَا أَتَى المريضَ، فَدَعَا له قال: ((أَذْهِبِ الباسَ ربَّ الناسِ، وَاشْفِ أنتَ الشَّافي؛ لا شفاءَ إلا شفاؤُك، شفاءً لا يُغادر سقمًا))؛ متَّفق عليه.



إضافةً إلى التعوُّذ بالله، مثل: "أعوذُ بكلمات الله التَّامَّة، من كلِّ شيطانٍ وهامَّة، ومن كُلِّ عَيْنٍ لامَّة"، و"أعوذُ بكلماتِ الله التَّامَّات من شَرِّ ما خلق"، و"بِسم الله الذي لا يَضُرُّ مع اسْمِه شيْءٌ في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم".



فإن لم تتحسَّنْ حالتُكَ، فَلاَ بَأْسَ بأن تَذْهَبَ إلى أَحَدِ الْمُعالِجِينَ من أهْلِ السُّنَّة الموثوقين؛ ليقرأ عليكَ الرُّقية ويعينَكَ.



واعلم أنَّ الرزق له أسبابٌ يَحْصُلُ بها؛ فمنها: تقوى الله - تعالى - قال الله - عزَّ وجلَّ -: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2، 3].



ومنها: المحافظة على الصلاة، وَأَمْرِ الأهل بها؛ قال - تعالى -: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾ [طه: 132].



ومنها: بذْل الأسباب الممكنة، والثقة بالله، والبُعد عمَّن يقنط من رحمة الله، والأخْذ بأسباب الرزق، والسعي في تحصيله، واللُّجوء إلى الله في ذلك، والرضا بما قَسَمَ لكم، ولا يضرُّكُمْ ما فاتَكم بعد ذلك؛ فالنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((مَن أَصْبَحَ آمِنًا في سِرْبِهِ، مُعافًى في بَدَنِهِ، عنده قُوتُ يومِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ له الدنيا بِحَذافيرها))؛ رواه الترمذي.



والتوكُّلُ عَلَى الله - عزَّ وجلَّ - قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لو تَوَكَّلْتُمْ عَلَى الله حَقَّ تَوَكُّلِهِ، لرَزَقَكم كما يرزُق الطير؛ تغدو خِماصًا وتَرُوحُ بِطانًا))؛ رواه الترمذي.



فهذه الطير تُرْزَقُ، ولكنَّها تَأْخُذُ بالأسباب، وربما كان ضيقُ الحالِ وقلةُ الرزق بسبب كثْرة الذنوب والمعاصي، أو المجاهرة بها مع عدم التوبة، وقد أخبر الله - تعالى - أنَّ التقوى تجلب البركة؛ فقال: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الأعراف: 96].



وقد حرَّم الله على اليهود طيِّباتٍ أحلَّت لهم بسبب ظُلمهم واعتدائهم؛ فقال: ﴿ فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا * وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ [النساء: 160-161].



وقال الله - تعالى - لبني إسرائيل: ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ ﴾ [المائدة: 66].



3- عليكَ بصلة الرَّحِم؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَنْ سَرَّهُ أن يُبْسَطَ له في رِزْقِهِ، ويُنسَأَ له في أَثَرِهِ، فَلْيَصِل رَحِمَهُ))؛ رواه البخاري ومسلم؛ فصلة الرَّحِمِ من أسباب سَعَةِ الرِّزق، والبركة في العمر.



4- عليكَ بالأخْذِ بأسباب الكسب، والبحثِ عن عَمَلٍ مُناسِبٍ، فإذا فعلتَ ذلك، وابتعدت عن الأعمال المحرمة والمشبوهة، وَسَلَكْتَ سبيل الصالحين - فَيُرْجَى أن يُوَسِّعَ اللهُ عليكَ، لكِنِ الواجِبُ في جميع الأحوال الرِّضا بقضاء الله وقدَره، خيرِهِ وشرِّهِ، فهو من أركان الإيمان الستَّة؛ كما في حديث جبريل: ((الإيمانُ أنْ تؤمن بالله وملائكتِهِ، وكُتُبِهِ، ورُسُلِهِ، واليوم الآخِر، وتؤمِنَ بالقَدَرِ خيرِهِ وشرِّهِ))؛ رواه مسلمٌ، والترمذيُّ، والنسائيُّ عن عمر.



وفي الحديث: قال الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((اتَّقِ المحارم تَكُنْ أَعْبَدَ الناس، وارض بِمَا قَسَمَ اللهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنى الناس))؛ رواه أحمدُ، والترمذيُّ، عن أبي هريرة بسندٍ ضعيف.



الساعة الآن : 09:09 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 12.97 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 12.88 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.72%)]