ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى التنمية البشرية وعلم النفس (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=105)
-   -   الخوف عدو الشخصية الحاضر الغائب (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=197374)

ابوالوليد المسلم 22-03-2019 05:34 PM

الخوف عدو الشخصية الحاضر الغائب
 
الخوف عدو الشخصية الحاضر الغائب

عبدالستار المرسومي

الخوف عدو الشخصية الأول، بل هو قاتلها إذا تمكَّن منها، والشخصيةُ القويةُ هي تلك الشخصية التي لا تبالي من الخوف، فتُدافعه وتُصارعه، ومِن أجل تجاوز مسألة الخوف فإن الحلَّ الأمثل هو أن نواجِهَ ما نخاف منه، ونتوغل فيه، ونقتحمه بعد الأخذ بأسباب ذلك.

وقبل كلِّ ذلك فإنالإيمان المطلَق بالله تعالى، والتوكُّل عليه، وحسن الظن به - مِن أهم الركائز للتخلص من الخوف؛ يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [يونس: 62 - 64].

وكما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دخل على شاب وهو في الموت، فقال صلى الله عليه وسلم: ((كيف تجدك؟))، قال: أرجو الله يا رسول الله، وأخاف ذنوبي! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجو، وأمَّنه مما يخاف))[1]، وهذا خوف منطقي، فهو محمود ومشروع.

كما أنه من الضروري أن يَظهَرَ الإنسان بمظهر الواثق من نفسه، فلا يُظهِرُ للآخرين أيَّةَ أحزان، أو هموم، أو ضعف، أو خوف؛ لأن الظهور بمظهر الإنسان الحزين والمهموم يعطي انطباعًا بالضعف لدى الآخرين؛ قال الشاعر:
صن النفسَ واحْمِلْها على ما يَزينُها http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
تَعِشْ سالمًا والقول فيك جميلُ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

ولا ترينَّ الناس إلا تجملاً http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
نبا بك دهرٌ أو جفاك خليلُ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


كما أن هناك طريقة أخرى مهمة في هذا المجال لكسب شخصية قوية، وذلك من خلال التأمل والتفكر والاسترخاء، فبإمكان الإنسان أن يجلس ويسترخي، ويتذكَّر عواقب الخوف الذي يُعاني منه، والتي لا بد من أن تكون سلبية على حياته.

إن التفكُّر في آيات الله تعالى وفيما خلَق، يبعث في النفس قوة؛ يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [آل عمران: 191].

وفي المقابل يتذكَّر المرء فوائد قوة الشخصية وعدم الخوف؛ فهذا سيجعل العقل الباطن للإنسان أكثرَ ميولاً لعدم الخوف، والإيمان بأن الله سبحانه وتعالى يَهَبُ الشخص القوة والرفعة والتمكين، وأن الخوف من الأشياء إنما هو تفكير من الشيطان؛ يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿ إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 175]، ومع هذا الإيمان سوف يشعُر الشخص بالقوة بدون أن يبذل أيَّ جهد فيما بعدُ.

والخوف الذي يمكن أن يتملَّك الإنسان يكون على أنواع:
الخوف الاجتماعي.
الخوف من تعليقات الآخرين السلبية.
الخوف على الرزق.
الخوف والخجل من الرؤساء.
الخوف من الفشل.
الخوف من المجهول.
الخوف من الأماكن.
الخوف من الإصابة بالأمراض.

يقول الشاعر:
إليك عني فليس الخوفُ مِن شِيَمي http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
سيطرد الهم ما يسمو مِن الهِمَمِ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

إذا سررت فما ثَغري بمُبْتسمٍ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وإن جزعت فما دمعي بمنسَجِمِ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif




وكل هذه الأنواع مذمومة، ويبدأ الخوفُ بشكل عام بشعور غير معروف يَنتابُ صاحبه، لا يعرف الشخص هذا الشعور ولا مصدره ولا أسبابه، بعد ذلك يبدأ بالمعاناة مِن زيادة في ضربات قلبه، ويتصبَّبُ جبينُه عرقًا، وترتجف يداه، وتصطك ركبتاه، ويصفرُّ وجهه، وينعَقِد لسانه، ويجفّ فمه، ويضيق نفسه، وربما تتزاحم هذه السلبيات مرة واحدة فتصل بالشخص إلى حالة الانهيار، وربما يحصل جزء منها وربما تأتي منفردة.

إن الإحساس بالخوف يشتدُّ كلما فكَّر الشخص فيه، وصار شغله الشاغل، وكل أنواع الخوف لا بد للشخص مِن أن يتخلَّص منها؛ لأنها سلبية، ولكن أهمها هو الخوف الاجتماعي، وهذا النوع من الخوف شائع عند الناس، فهو وفقًا للإحصائيات المعتبَرة يُصيبُ عشرة أشخاص مِن أصل كلِّ مائة شخص؛ أي: بنسبة 10% من أفراد المجتمع، وهذا الخوف له انعكاسات سلبية كبيرة على صاحبه، خصوصًا من الناحية العلمية، والتعليمية، والاجتماعية، والعَلاقات الشخصيَّة.

والخوف الاجتماعي يبدأ وتكمُن خطورته عادةً في سنِّ المراهقة، وإذا لم يتم علاجُه في حِينِه، فهناك احتمال كبير جدًّا أن يبقى ملتصقًا بصاحبه مدى الحياة؛ فينتج عنه شخصية مهزوزة ومترددة.

عوارض الخوف الاجتماعي:
المصاب بالخوف الاجتماعي تظهر عليه مجموعة من العوارض، فهو يُعمِل كلَّ جهدِه لئلاَّ يكون محطَّ أنظار الآخرين - في الجانب السلبي طبعًا - خصوصًا الجُدُد منهم، وهذا ما يدفعه إلى العزلة؛ فيتعرض للإخفاق والفشل في مجالات مختلفة، فمريض الخوف الاجتماعي يُعاني العوارضَ الآتية:
احمرار الوجه.
لَيَّ الرقبة بأحد الاتجاهين.
الهروب بالبصر باتجاه معين، بعيدًا عن المتحدِّث معه.
الارتباك، وارتعاش اليدين ودلكهما.
قضم أظفار اليدين أو إحداها بالأسنان.
التعرق الشديد، والشعور بالغثيان.
المبالغة غير المنطقية بترتيب ثيابه، والنظر إلى نفسه.
• الحاجة المُلحَّة للذهاب إلى دورة المياه.
أزمة قلق شديد.

إن المؤمن الذي يُعوِّد نفسَه على الخوف من الله تعالى، لن يخاف أيَّ شيء آخر، وإذا أراد أن يقضيَ على أيِّ نوع من الخوف مهما كان كبيرًا، فما عليه إلا أن يستحضر عظمةَ وقدرةَ الله، ويتذكَّرَ قوته وعظمته، ويقارن ذلك بقوة الشخص أو الشيء الذي يخاف منه وحدوده، وسيجدُ أن كلَّ الدنيا لا تساوي شيئًا أمام قوة الله تبارك وتعالى.

وهذه العقيدة ستجعل الإنسان أكثرَ قدرة على المواجهة، وبالتالي تجعله أكثرَ قدرة على درء المخاوف.

إن الثقة بالنفس هي نقيض الخوف، وكلما كان الإنسان قادرًا على تعزيز الثقة بنفسه ابتعد عن الخوف، واستطاع أن يمنح نفسه مَزيدًا من الطمأنينة في حياته، ولو عملنا مقارنة بين الخوف ومنح الثقة من خلال واقع تجارب الناس سنجد:
الخوف منح الثقة يلغي الثقة.
يخفي المشاكل، ويرسخ السلبية، ويُعقِّدُ الأمور، ويزيدها سوءًا.
يمحو أيَّ فائدة للحوار.
يقتل الشعور بالملكية والحماس.
يقتل الإبداع والابتكار. * يُقلِّلُ من تأثير الخوف.
* يُرسِّخُ الإيجابية في التعامل مع الصعوبات، ويحل المشاكل بمواجهتها.
* يُعزِّزُ قنوات الحوار.
* يُعزِّزُ الشعور بالملكية المشتركة.
* يُحفِّزُ المبادرة في إيجاد أفكار جديدة.



[1]رواه ابن ماجه (4402).




الساعة الآن : 03:21 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 14.42 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 14.33 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.65%)]