ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى مشكلات وحلول (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=51)
-   -   نحافتي وخوفي من السمنة (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=254310)

ابوالوليد المسلم 04-03-2021 10:10 PM

نحافتي وخوفي من السمنة
 
نحافتي وخوفي من السمنة


د. ياسر بكار



السؤال
السلام عليكم،
أنا فتاة عَزْباء ومُتعلِّمة، مصابةٌ بِهاجس النَّحافة، فأنا أَعْشق إنقاص وَزْنِي بدون أسباب، أرغب دائمًا في أنْ أكون الأنحف، أشعر بالخجل إذا ازداد وزني، أو اقتربتُ من حدود الوزن المثالي، وزني الآن 46 كغم، وطولي 169سم، مع العلم أني أرغب في أن أَصِل إلى 42 كغم؛ لأني أشعر أنني ممتلئة، وأكره سِمْنتي، وفي الأيام الأخيرة بسبب كَثْرة تفكيري في موضوع السِّمنة، أصبحتُ أخاف الطعام، فلا آكلُ في اليوم زيادةً عن ال500 سُعْر حراري، وأمارس بعض التمارين؛ حتَّى أحرق السُّعرات الحرارية، وأُصاب ما يُقارِب مرَّة إلى اثنتين في الأسبوع بنَوْباتِ شَرَه كبيرة آكل بها ما أشاء، ثم أفرغ معدتي بالترجيع، وأذهب مسرعةً لالتهام الأعشاب المسبِّبة للإسهال، لا أستطيع التوقُّف عن ذلك، وأنا بهذه الحلقة منذ أكثرَ من 3 سنوات، زرْتُ طبيبًا نفسيًّا سابقًا، وكان يركِّز على زيادة وزني، وعلى موضوع وزني، فكرهتُ الطبيب، والآن أُخْبِر أهلي أنني بخير، وأخبِّئ طعامي، أو أقوم بالترجيع سرًّا، وأرتدي الكثير من الملابس؛ حتَّى لا يُلاحظ أهلي أنني عدتُ لإنقاص وزني.
واليوم أصبحتُ متعَبة من كثرة تفكيري في هذا الموضوع، ولا أدري ما أفعل؟ ولا أعرف كيفيَّة الخلاص، أو طلب المساعدة؟ وبدأت أُلاحظ أنَّ أصابعي ويدَيَّ نحفَتْ بشكلٍ كبير، وما زالت السِّمنة بالوركين والبَطْن؛ فأنا مُصابة بالإمساك والدُّوار، أشتاق إلى الحياة العادية، لكني أعلم أن الحياة العادية ستكون مع الجسم الممتلئ، ماذا أفعل؟ مع العلم لا أملك طريقةً لأُخْبِر أهلي، لكن أمي قالت لي: يجب أن نعود إلى طبيب نفسي قريبًا، وأخبرتُها أنَّني لا أريد؛ فأنا أشتاق إلى إنقاص وزني، وأحيانًا أُفكِّر أن وزني المفروض يكون تحت ال40 كغم، خاصَّة أنني عندما أعود للطعام آكل كافَّة الأصناف، وأُنْهِي اليوم بالمرحاض والاستفراغ، أكرمكم الله.

وآسفة على الإطالة.


الجواب
الأخت الكريمة، وعليكم السَّلام ورحمة الله.
مرحبًا بك في شبكة الألوكة، وأهلاً وسهلاً بك.
قرأتُ رسالتك، وأشعر بِمَشاعرك، وأسأل الله لك المعونة والشِّفاء.

بدايةً: يجب أن نُقرِّر أمرًا مهمًّا؛ ما تُعانين منه بكلِّ التفاصيل التي ذكَرْتِها هو مرضٌ كسائر الأمراض، (يسمَّى هذا المرض القهم العصَبِي Anorexia Nervosa)، نحتاج في البداية إلى الاعتراف بوجوده، والتوكُّل على الله في الخَلاص منه، والمُوافَقة على الدُّخول في العمليَّة العلاجيَّة للشفاء منه - بإذن الله - ما لَم تَخْطي هذه الخطوة، فلا يُمكن لأحدٍ أن يُساعدك، ولا يمكنك الخروجُ من هذه الدوَّامة، أنا أعلم أنَّك تَخافين من زيادة الوَزْن، لكنَّ الحقيقة أنَّ زيادة الوزن هو الذي سيُخْرِجك من هذه المشكلة، ويُعافيك منها - بِمَشيئة الله.

هناك بعض الأمور المهمة هنا:
أولاً: هناك رابطٌ مهم يَجِب أن تفهميه جيِّدًا: الرَّابط بين الأفكار والمَشاعر والسُّلوك؛ عندما نقوم بالأكل (سُلوك)، نشعر بالألَم والضيق، مِن أين أتى هذا الألَم؟ هذا الألَم يأتي من الأفكار التي تلعب دورًا أساسيًّا في توجيه حياتنا؛ أي: سلوك يؤدِّي إلى فكرة، يؤدِّي إلى مشاعر.
فالمسبِّب للضيق ليس الأكل، بل الأفكار التي تأتي إلينا، وهي بالضَّبط ما نُحدِّث به أنفُسَنا طوال الوقت، وما يشغل ذِهنَنا، وما نُعيد التفكير فيه طوال الوقت، أوَدُّ منك الوقوفَ لِلَحظة، والتأمُّلَ، وهنا ستَجِدين أنَّ مصدر القلق وعدم الارتياح هو الأفكار التي تَنْشأ حول الأكل، وليس الأكل نفسه، هذا يَعْني أنَّنا لو استطَعْنا أن نُخفِّف من هذه الأفكار، أو نُبعدها عنك لسَارت الأمور بخير، ولعِشْت حياتك بشكل طبيعي.
إذًا فمَعْركتنا مع الأفكار؛ ولذا أوَدُّ منك أن تَعْزليها وتُشكِّكي فيها، ولا تُعْطيها أيَّ تسلُّط على سلوكك أو على قراراتك، انظري إلى هذه الأفكار وكأنَّها كائنٌ غريب عنك، وضَعِيها بعيدةً عنك، واستَمِرِّي في السُّلوك دون أن تتأثَّري بها.
مع الوقت والمُحاولة ستَجِدين أنَّك قادرةٌ على التحكُّم في هذه الأفكار، وتَسْيِير حياتك رغم شعورك بالضيق.

ثانيًا: أعطي الفرصةَ لوالدتك لِمُساعدتك للعودة للحالة الطبيعيَّة، لا يمكنك مُواجهة هذا الأمر وَحْدَك، اطلُبِي منها الدَّعْم لِتَخطِّي الخوف والقلق من زيادة الوَزْن.

ثالثًا: في بعض الأحيان يَلْعب العلاج الدوائيُّ دورًا إيجابيًّا في الارتِيَاح والطُّمَأنينة، والتَّقليل من التفكير، إذا قرَّر لك الطبيبُ دواءً فخُذيه؛ خاصَّة أنه أصبح لدينا أدويةٌ حديثة، ليس لها أعراضٌ جانبيَّة خطيرة، ولا تُسبِّب الإدمان أو التعوُّد، وتُعطي مفعولاً جيدًا.

رابعًا: ما أوَدُّ منك أن تقومي به الآن هو أن تضَعي جدولاً تُحدِّدين فيه كميَّة الطَّعام الذي تأكلينه الآن، ومِن ثَمَّ تَزيدين هذه الكميَّة شيئًا قليلاً لمدَّة أسبوع، ثم زيادة في الكمية لمدَّة أسبوع آخَر، وهكذا.
ستُهاجمك الأفكارُ من كلِّ جانبٍ بأنَّ وزنك سيَزيد، وأنَّ سِمْنتك في أماكن معيَّنة سيَكون قُبحًا، لا تَستمعي لهذه الأفكار، ولا تتَضايقي منها، وتَجاهليها، وكأنَّك تسمعين أصواتَ أشخاصٍ يتحدَّثون عند الجيران، فتُهْملينها؛ لأنَّ الأمر لا يَعْنيك، اطلُبِي من أيِّ شخص أن يُساعدك في مراقبة ذلك، كافئي نَفْسك عند أيِّ زيادة، الهدف هو أن تَصِلي إلى الحدِّ المثالي من الوَزْن، وهو وفق الأبحاثِ العِلميَّة الرَّصينة يُساوي (52 كلغم)، على الأقل.




الساعة الآن : 09:28 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 10.36 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 10.27 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.90%)]