ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى الإنشاء (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=76)
-   -   الإنشاء الطلبي وأنواعه (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=211323)

ابوالوليد المسلم 05-09-2019 07:11 PM

الإنشاء الطلبي وأنواعه
 
الإنشاء الطلبي وأنواعه


حسين لون بللو




مفهوم الإنشاء الطلبي:
عرَّف العلماء الإنشاء الطلبي تعريفات كثيرة، متفقة في الفكرة، ومختلفة في العبارة، فمن هذه التعريفات ما يأتي:
قال الخطيب القزويني: "والطلب يستدعي مطلوبًا غير حاصل وقت الطلب"[1].
قال السيد أحمد الهاشمي: "إن الإنشاء الطلبي هو الذي يستدعي مطلوبًا غير حاصل"[2].
قال عبدالعزيز عتيق: "هو ما يستدعي مطلوبًا غير حاصل وقت الطلب"[3].
قال بسيوني: " هو ما يستدعي مطلوبًا غير حاصلٍ وقت الطلب"[4].
فإذا تأمَّلت هذه التعريفات ودقَّقت النظر في صياغتها ومضامينها، تجدها مختلفة في أنماط الصياغة، ومتقاربة في نساقة الفكرة والمضمون، كأن العلماء نقلوا هذه التعريفات جيلًا عن جيل من دون الزيادة فيه ولا النقصان..
أنواع الإنشاء الطلبي خمسة، وهي:
1- الأمر: نحو قوله صلى الله عليه وسلم: (ما نهيتُكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم)[5]، وقوله صلى الله عليه وسلم: (احفظ الله يَحْفَظْك، احفظ الله تَجِدْهُ تُجَاهَك) [6].
2- النهي: نحو قوله صلى الله عليه وسلم: (إني حَرَّمْتُ الظُّلْمَ على نَفْسي وجعلته بينكم محرمًا، فلا تَظَالموا)[7]، وقوله صلى الله عليه وسلم: (أن تعبد الله ولا تشرك به شيئًا)[8].
3- الاستفهام: نحو قوله صلى الله عليه وسلم: (أتَدْرِى مَنِ السَّائِلُ؟)[9]، وقوله صلى الله عليه وسلم: (فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لَهُ)[10]، وقوله صلى الله عليه وسلم: (الدِّينُ النَّصِيحةُ)، قلنا: لِمَنْ؟[11].

4- النداء: نحو قوله صلى الله عليه وسلم: "يا رسول الله ذَهَبَ أهلُ الدُّثورِ بالأجور..."[12]، وقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ [المؤمنون: 51][13].

5- التمني: نحو قوله تعالى: ﴿ يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ ﴾ [القصص: 79]، هو نوع الذي لم يرد في الأربعين النووية.
تأمل هذه الأحاديث المذكورة تأملًا فنيًّا، تجدها تشتمل على أساليب الإنشاء الطلبي، وكلها يُطلَبُ بها أمرٌ غير حاصل قبل النطق به، فالنبي يأمرنا بقوله: (فاجتنبوه)، وقوله: (فأتوا منه)، وقوله في حديث آخر: (احفظ الله)، وكل هذه الصيغ تفيد الأمر، والأمر من الطلب، وانظر كيف ينهانا بقوله: (فلا تَظَالموا)، وقوله: (ولا تشرك به شيئًا)؛ فالنهي من الطلب؛ لأنه طلب الكف عن فعل، وانظر كيف صِيغَ الاستفهام في قوله صلى الله عليه وسلم: (أَتَدْرِى مَنِ السَّائِلُ؟) وقوله صلى الله عليه وسلم: (فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لَهُ؟)، وقوله صلى الله عليه وسلم: (قلنا لمن؟)، وكل هذه الأحاديث يُطلَبُ بها معرفةُ أمرٍ مجهول، والنداء طلب الإقبال؛ نحو: قوله صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله) وقوله: (يا أيها)، ويبرز التمني في قوله تعالى:﴿ يَا لَيْتَ لَنَا ﴾، وكل هذه الصيغ يُستدَعى بها مطلوبًا غير حاصل وقت الطلب في اعتقاد المتكلم.
فقد اهتم البلاغيون والأصوليون بالإنشاء الطلبي، لوجود الأمر والنهي اللذين تُبنى أحكام الشريعة عليهما، وإن كان الأصوليون درسوا الأمر والنهي من زاوية غير زاوية جمال النص وشفافيته البلاغية.

[1] الخطيب القزويني، أبو عبدالله محمد بن عبدالرحمن، الإيضاح في علوم البلاغة، ط1424هـ - 2004م، المكتبة العصرية، بيروت ص 134.

[2] الهاشمي، المصدر السابق، 64.

[3] عبدالعزيز عتيق، المصدر السابق، 54.

[4] بسيوني، المصدر السابق، ص 284.

[5] النووي، ح9، ص9، أخرجه المسلم في صحيحه (باب معرفة الركعتين اللتين كان....) ج، ص 1830، والبزار في مسنده، ج2، ص374.

[6] النووي، ح 19، ص 13، والترمذي في سننه، ج4، ص 667.

[7] النووي ح 24، ص 16، أخرجه الترمذي، في سننه، ج4، ص 1793.

[8] سبق تخريجه.

[9] النووي، ح2، ص4، أخرجه المسلم في صحيحه (باب معرفة الركعتين اللتين كان.....)ج2، ص703.

[10] النووي، ح10، 9، أخرجه البيهقي في سننه (باب الخروج من المظالم والتقرب...)، ج3، ص346.

[11] النووي، ح7، ص8، أخرجه الدارمي في سننه (باب الدين النصيحة)، ج2، ص402.

[12] النووي، ح25، ص 18، أخرجه المسلم في (باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف)، ج2، ص698.

[13] سبق تخريجه.







الساعة الآن : 05:18 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 10.84 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 10.75 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.86%)]