ملتقى الشفاء الإسلامي

ملتقى الشفاء الإسلامي (http://forum.ashefaa.com/index.php)
-   ملتقى مشكلات وحلول (http://forum.ashefaa.com/forumdisplay.php?f=51)
-   -   شخصيتي الغريبة (http://forum.ashefaa.com/showthread.php?t=254233)

ابوالوليد المسلم 03-03-2021 10:58 PM

شخصيتي الغريبة
 
شخصيتي الغريبة


أ. عائشة الحكمي






السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم



أريد التحدث عن شخصيتي، الكلُّ يعتبرها غريبة جدًّا، لا أتأثَّر كثيرًا بالنَّقد، أتعامل مع الناس على أساس الاحترام، وليس المشاعر؛ "بِمَعنى إذا كرهت شخصًا أو أحببتُه، أو حتَّى إذا عرفتُ أشخاصًا يَكْرهونني أو يحبُّونني، الكلُّ له المعاملة اللبقة منِّي"، لا أفكِّر أبدًا في كلام الناس السيِّئ عنِّي؛ سواء وُجِّه لي بطريقةٍ مُباشرة أو بالتَّلميح؛ يعني لو سمعتُ أنا شخصيًّا – وبالصُّدفة - شخصًا يتكلَّم عنِّي بسوء، ويسبُّني، أتعامل معه لو قابلتُه بعد خمس دقائق كما كنتُ أتعامل معه قبل أن أسمع الإساءة، مع أنِّي أُدافع عن نفسي بطريقةٍ منطقيَّة لِمَن يكون موجودًا يستمع، وللشخص نفسه.

تفكيري من النَّوع العقلاني والناقد، لديَّ ثقة كبيرة جدًّا بنفسي وقدراتي وشخصيَّتي ومهاراتي، صامتةٌ في الكثير من الوقت، وأُفضِّل الإنصات، مع أنِّي أتفاعل مع الناس بشكلٍ كبير في المواقف الاجتماعيَّة، لكن أُفضِّل أن أكون بِمُفردي للقراءة والاطِّلاع، أساعد الكل، لديَّ الكثير من الطُّموح، وسوف أحقِّقه، وأحبُّ التخطيط في كلِّ شيء، الكثير يَغار منِّي، ولا أعرف السبب؛ فلست متكبِّرة أو خشنة في التَّعامل، أنا من أصحاب المبادئ، لا يمكن أن أكذب أو أشتم أو أقَع في الغِيبة والنَّميمة، وهي مبادئ ألتَزِمُ بِها؛ لأنِّي مقتنعة بها أكثر من مسألة الحرام والحَلال.

إيجابيَّة في كلِّ شيء، ولديَّ تفاؤلٌ كبير بالحياة، أطوِّر نفسي كثيرًا من جميع النَّواحي، أرى نفسي دائمًا أنِّي أفضَلُ من الكل، مع أنِّي لا أصرِّح بذلك لأحد، حياتي الشخصيَّة أعتبرها خطًّا أحمر.

سؤالي: هل أنا طبيعيَّة؟ ولماذا يَعتبر الناس دائمًا أني غريبة الأطوار؟ (مع أنَّهم دائمًا يُحاولون الاحتكاك بي).



وشكرًا.




الجواب

بِسْمِ اللهِ الهادي للحق

وهو المُستعان



أيَّتها العزيزة،

ذكَّرنِي سُؤالُكِ خَبَرًا قرأتُه في كِتَاب "طَبَقات الأطِبَّاء" لابن أبي أصيْبعَة عند تَرْجَمَته لماسرجويه مُتَطَبِّب البَصْرَةِ، هذه حكايتُه:

"قَالَ يُوسُفُ: وحدَّثني أَيُّوب بن الحَكَم أنَّه كان جَالِسًا عند ماسرجويه، وهو ينْظُر في قَوَارير المَاء، إذْ أتاهُ رجُلٌ من الخُوز، فقالَ له: "إنِّي بُلِيتُ بدَاءٍ لَم يبْلَ أحَدٌ بمِثْله"، فسألَهُ عن دَائِه، فقالَ: "أُصْبِحُ وبَصَري عليّ مُظْلِمٌ، وأنا أَجِدُ مِثْلَ لحْسِ الكِلابِ في مَعِدَتي، فلا تزالُ هذه حَالِي حتَّى أَطْعم شَيْئًا، فإذا طَعِمْتُ سَكنَ عنِّي ما أَجِدُ إلى وَقْتِ انْتِصَاف النَّهَار، ثُمَّ يُعاودِني ما كنْتُ فِيه، فإذا عَاودتُ الأَكْلَ سكَنَ ما بِي إلى وَقْتِ صَلاةِ العَتَمة، ثُمَّ يُعاودُني فلا أجِدُ له دَواءً إلا مُعاودة الأَكْل"، فقال ماسرجويه: "لوَدِدتُ أنَّ هذا الدَّاء يُحوَّل إليّ وإلى صِبْياني، وكنتُ أُعوِّضُكَ مِمَّا نزلَ بكَ مِثْل نِصْف ما أَمْلِك"، فقالَ لهُ: "ما أَفْهمُ عنْكَ!"، فقالَ لهُ ماسرجويه: "هَذِه صِحَّة لا تَسْتَحِقُّها، أَسْألُ اللهَ نَقْلَها عنْكَ إلى مَن هُو أَحَقُّ بِها مِنْكَ!".

وما أنتِ فيه صِحَّة نَفْسيَّة، وقد عِجْبتُ منكِ إذْ تَزْعمين أنَّكِ تثقين بنفسِكِ ثم تَسْألين: "هل أنا طبيعيَّة؟"، ولن أدعوَ عَليكِ كما فعَل ماسرجويه مع الرَّجُل الخُوزِيِّ! إنَّما أُذكِّركِ ونَفْسي بشُكْر النِّعَم قبلَ أنْ تُسْلب باسْتِغْرابها!





فَبَادِرِ الشُّكْرَ وَاسْتَغْلِقْ وَثَائِقَهُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

وَاسْتَدْفِعِ اللهَ مَا تَجْرِي بِهِ النِّقَمُ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif








ردِّدي دائمًا دُعاءَ النَّبيِّ المَلِك سُلَيْمَان بن دَاود - عليهما الصَّلاة والسَّلام -: ﴿ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ ﴾ [النمل: 19].

أمَّا لِمَاذا يَعْتبركِ النَّاسُ غَرِيبةَ الأَطْوار؟ فلا يَحْتاجُ الاسْتِفهامُ إلى جَوابٍ إلا قَوْل ميخَائِيل نُعَيمَة:





يَقُولُونَ فِي عَيْنِي حُسُورٌ فَلاَ تَرَى https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

شُمُوسًا وَأَقْمَارًا بِآفَاقِهِمْ تَجْرِي https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif




فيَا لَيْتَ شِعْرِي مَا عَسَانِي أُجِيبُهُم https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

ولا شَمْسُهُم شَمْسِي، ولا بَدْرُهم بَدْري https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif








وما عسَانا أنْ نُجِيبَ من يَجِد الغَرابَة في أنْ تكونَ النَّخْلةُ بَاسِقةً، والشَّجَرَةُ وارِقةً، والجِبَالُ شَاهِقَةً؟!

طُوبَى لَكِ وَحُسْن مَآبٍ، واللهُ يَحْفظُكِ، ويُديم لكِ النَّعْماء.



واللهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أعْلمُ بالصَّواب، وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحينَ تُظْهِرُون.



الساعة الآن : 01:15 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd By AliMadkour


[حجم الصفحة الأصلي: 12.11 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 12.01 كيلو بايت... تم توفير 0.09 كيلو بايت...بمعدل (0.77%)]